اشمعنى.. كلمة أصبحت على كل لسان وللأسف تقال لما يحدث داخل الإعلام الرياضى فى مصر، فالمحطات تتنافس خارجياً، ولم نسمع عن خناقة أو تطاول بين الجزيرة الرياضية وأبوظبى أو بين قناة A.R.T وقناة السعودية الرياضية، والصراع على أشده بين الشوتايم وقنوات أخرى مثل الجزيرة وغيرها، ورغم ذلك لم نر كلمة واحدة فى حق إحدى القنوات من معلق أو مذيع، بل الأكثر من ذلك..
إن التنافس فى مصر نفسها على أشده بين كل القنوات فى برامج التوك شو كما يقولون، فلدينا عدد لا حصر له من هذه البرامج مثل البيت بيتك والقاهرة اليوم والحياة اليوم والعاشرة مساء و90 دقيقة وبلدنا، وغيرها الكثير من البرامج ومقدميها الكبار، ومع ذلك لم نشهد حتى وقتنا هذا خناقة بين اثنين من المقدمين أو صراعاً يصل إلى حد التطاول والسباب.
نعم هناك منافسة شرسة وعنيفة، وهناك صراع لكسب المشاهد ولكن فى النهاية يوجد خط لا يتجاوزه أحد فى الكلام عن الزملاء، لأنهم جميعاً فى النهاية زملاء مهنة واحدة إلا فى البرامج الرياضية، التى أصبحت -وبكل أسف- مجالاً خصباً للصراعات بين الزملاء ومنابر للجميع للهجوم على الزملاء، ولن أبرئ نفسى أو أحاول أن أبدو بمظهر الحكيم الذى ينصح، لسبب بسيط، هو أننى -شئت أم أبيت- ضمن هذه المنظومة، التى كان يجب أن تصبح المنظومة الأكثر نجاحاً وانضباطاً والتزاماً، لأننا -وكما يقولون- على الأقل روحنا رياضية، فكيف نطلب من الجماهير أن تتمتع بالروح الرياضية وهى غائبة عنا نحن أصحاب البرامج الرياضية؟ وكيف نطلب من اللاعبين ألا يعترضوا على الحكام والمدربين ونحن أول من يخرج عن كل القواعد والتقاليد؟
وكيف نطلب من الحكام الحياد ونحن أول من يضرب بالحياد عرض الحائط؟ وكيف نطلب من كل المنظومة أن تتمتع بالخلق الرياضى القويم ونحن أول من يكسر ويحطم كل قواعد الأخلاق الرياضية.. فكيف نسمح لأنفسنا بأن يهاجم بعضنا البعض بهذه الطريقة عبر الشاشات والقنوات، بل كيف نسمح بأن يصل العراك والشجار بين زملاء المهنة الواحدة إلى حد تقديم البلاغات ورفع قضايا لمجرد الاختلاف فى الرأى، الذى أصبح بكل أسف وأسى فضيحة أمام العالم أجمع؟
وكيف نسمح بأن نغتال بعضنا البعض على شاشات التليفزيون حتى فى نفس القناة الواحدة وكأننا أصبحنا مثل حماس وفتح نختلف ونقسم ألا نتفق وكأنهم أصبحوا دولتين وفى النهاية الضحية واضحة وهى الشعب الفلسطينى، وهذه المرة الضحية واضحة وهى الجماهير العريضة التى تتابع البرامج الرياضية لعلها تخرج بخبر أو تشاهد هدفاً جميلاً أو تستمتع بمناقشة قضية رياضية نصل فيها إلى حلول فى النهاية.
بالله عليكم هل شاهدتم يوماً أوبرا وينفرى وهى تهاجم لارى كنج هجوماً عنيفاً يصل إلى السباب فى مجتمع يحلو لنا أحياناً أن نطلق عليه المجتمع اللاأخلاقى، بحجة أنهم يشربون ويدخنون، فهل شاهدتم يوماً من نطلق عليهم هذه الأوصاف بهذا الانفلات الرهيب الذى نراه عبر شاشاتنا الرياضية..
هل شاهدتم يوماً أحد مذيعى قناة الجزيرة، التى نشكو منها يومياً، هل شاهدتموه وهو يسب زميله فى قناة العربية أو أى قناة أخرى، فقط يحاول أن يقدم إعلاماً قوياً أو مثيراً أو أن يحقق انفراداً، أو يناقش قضية بطريقة تستفز أحياناً كثيرة جداً مشاعرى ولكن فى النهاية يُبقى هو أو غيره فى أى لحظة على مساحة الاحترام التى فقدناها أخيراً فى الإعلام الرياضى فى مصر، خصوصاً الإعلام الفضائى،
والغريب أن أحداً لا يتحرك ولا يحاول أن يحتوى ويضع حلولاً لما يحدث داخل البيت الواحد، وأقصد هنا بالبيت الواحد كل الإعلام الرياضى، سواء المرئى أو المسموع أو المقروء، فنحن أسرة واحدة فى النهاية تزاملنا جميعاً عبر الملاعب أو عبر الإعلام، والعلاقة ستظل دائماً بيننا طيبة مهما حدث من اختلاف فى وجهات النظر لأنها كلها قابلة للنقاش والوصول إلى حلول، وليس معقولاً أن نسعى جميعاً للتهدئة بين الإعلام المصرى والجزائرى فنطلق المبادرات ونستضيف الشخصيات من هنا وهناك،
وفى الوقت نفسه لا نحاول أن نرأب الصدع بيننا، فهل من رجل رشيد يسعى إلى فض الاشتباك وعودة الوئام والاحترام بين زملاء المهنة الواحدة، أم أننا سنظل نسكت ونطنش حتى نفاجأ بأننا إلى مرحلة اللاعودة ويصبح حتى مجرد السلام بين الزملاء مستحيلاً، لذلك أدعو أحد الكبار فى الوسط الإعلامى، وليكن الخال فهمى عمر وهو كبيرنا العظيم الذى يحترمه ويقدره الجميع، إلى أن يدعو لجلسة يقول فيها ما شاء ويضع حلولاً وميثاقاً لنا جميعاً نسير عليه نطبقه بحذافيره، وفى الوقت نفسه نتعلم منه كيف نختلف وكيف نصنع إعلاماً جيداً، يحترمنا العالم من خلاله ونجعل العالم يتفرج علينا بدلاً من أن نفرّح العالم فينا، هذه مبادرتى أرجو أن تجد صدى لدى الجميع.
نكتب ونقول ونصرخ بأعلى صوت ولكن وبكل أسف لا نجد صدى لما نكتبه ثم نعود ونولول ونصوت من أن العنف أصبح ظاهرة فى المجتمع ولا أحد يستطيع أن يتصدى له أو يوقفه.. ورغم أن كثيرين حذرونى من معاودة الكتابة فى هذا الموضوع إلا أننى صممت على الكتابة من جديد أياً كانت العواقب والمحاذير، فقد سبق أن حذرت من ظاهرة الألتراس وقلت بأعلى صوتى إنها ظاهرة مستوردة من الخارج،
ونبهت من أن الملاعب فى مصر ستتحول إلى كتلة من اللغم قد تنفجر فى أى وقت فى وجوهنا جميعاً، وضربت الأمثلة ببعض الجماهير فى مختلف أنحاء مصر، ولم أتناول جمهوراً بعينه هذه المرة بل قلت إن الظاهرة أصبحت جماعية وقلت إن الأمن وحده ليس مسؤولاً عن ذلك بل إن إدارات الأندية عليها دور كبير لإيقاف المهازل التى تحدث فى المدرجات، بل إننى ضربت مثالاً لما حدث فى تونس حيث تم حل هذه الروابط السيئة، بل الأكثر من ذلك أن بعضهم يقضى عقوبات بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و3 سنوات فى تونس،
والأكثر من ذلك أن الدولة نفسها تصدت بقانون يحارب هذه الروابط ومنعت أى وجود لها داخل الملاعب وعلقت صورهم فى الملاعب، مما أدى إلى تنظيف المدرجات هناك من أى شوائب كانت تسىء إلى كرة القدم التونسية، ولا ينسى أحد أن الاتحاد الدولى قد فرض عقوبة قدرها 20 ألف دولار على الاتحاد الجزائرى بسبب الصواريخ والشماريخ التى اشتعلت أثناء مباراة مصر والجزائر هناك، وهدد الاتحاد الدولى نظيره الجزائرى بعقوبات فى حالة تكرار هذه الأحداث،
ومن يومها لم يعد للظاهرة وجود فى الملاعب الجزائرية، أما نحن فى مصر فبعد أن اعتقدنا أن الظاهرة انتهت فى ملاعبنا إذا بنا نفاجأ بعودتها بصورة أكثر خطورة وأشد ضراوة، مما دعا الشرطة إلى التحرك من جديد والضرب بيد من حديد، فى محاولة لإعادة الانضباط الغائب تماماً عن ملاعبنا، وأنا هنا أحذر وأصرخ بأعلى صوتى من أن مباراة مصر والجزائر قادمة، وهناك حالة من التحفز يصنعها بعض الإخوة الإعلاميين، ونحن نحاول بكل الطرق إيقاف هذا التوجه الغريب،
ولكن فى النهاية ستكون العواقب وخيمة وصعبة على مستقبل الكرة المصرية، إذا لم نلحق أنفسنا ونتصد لكل من يحاول أن يسكب الزيت على النار أو يحاول أن يصنع أزمة داخل المدرجات فالمباراة ستنتهى بفوز فريق نتمنى أن يكون مصر وخسارة آخر، ولكنها فى النهاية كرة قدم ولا نريد أبداً أن تتحول إلى معركة فى ظل حالة العنف التى تشهدها ملاعبنا.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.