x

صاحب القبعة.. زارع «القلوب» و«العنب»

السبت 25-04-2015 12:08 | كتب: أحمد شلبي |
حلمي حلمي تصوير : اخبار

يجد نفسه ومتعته في إنقاذ «القلوب المريضة».. له مهنتان ترتبطان بـ«الزراعة».. إحداهما مهنته الأصلية.. والثانية أراد أن تكون متعته الوحيدة، فأجبرته على أن تكون مهنته الثانية.. نجح عالميا في كلتيهما.. لا يحب الأضواء إلا في غرفة العمليات.. لا يحب أن يقترن اسمه بالسياسة، ومع ذلك دفعه «شرف المهنة» إلى نزول ميدان التحرير في أحداث ثورة 25 يناير، بغرض إنقاذ مصابى الميدان.. أحلامه ليس لها حدود.. إنه جراح القلب العالمى، وفى رواية أخرى «المزارع»، صاحب القبعة، طارق حلمى.

رغم انشغاله بالعمليات الجراحية والمؤتمرات الطبية التي يحضرها متحدثا، فإنه قرر الاستمتاع براحة أسبوعية بعيدا عن القاهرة، ونحن متوجهون إليه ظننا أنه سيقضى تلك الإجازة في مصيف أو مكان معزول يتسم بالهدوء، لكن المفاجأة كانت عندما عرفنا أن الإجازة يقضيها في العمل أيضا، ولكنه عمل من نوع مختلف.. عمل محبب إلى قلبه لا يقل أهمية عن جراحة القلب.. وجدناه قد استصلح قطعة من الأرض بطريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى. «يزرع ويقلع» بيديه اللتين يقلع بهما المرض من القلوب، وأحيانا أخرى يزرع قلوبا أخرى، وكما هو معتاد على العالمية، نجح في تصدير زراعته إلى الخارج.. ليكتب حكاية طبيب شهير ومزارع ناجح.

على بعد 30 كيلومترا تقريبا من القاهرة، وتحديدا في اتجاه طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى، عليك فقط أن تنعطف قليلا إلى اليمين، سترى قطعة أرض، كانت قبل 8 سنوات تقريبا صحراء جرداء، أما اليوم فتحولت إلى قطعة أرض زراعية، أشجارها محملة بأغلب ثمرات الفواكه، لكن الجزء الأكبر عبارة عن مزرعة من العنب، سترى عمالا يباشرون عملهم في الأرض، بينهم شخص يرتدى قميصا وبنطلونا وقبعة كبيرة.. للوهلة الأولى، ربما تعتقد أن هذا الشخص هو المشرف عليهم، ولكن سرعان ما تراه يعمل بيده ويقطع الحشيش ويقلم الشجر.

إذا ما جلست لفترة في قطعة الأرض، فستشعر بالسعادة والفخر بهذا الرجل الذي يرتدى القبعة، ولن تصدق نفسك عندما تعرف أنه طبيب القلب العالمى «الدكتور طارق حلمى». لن تصدق أيضا عندما تراه يصعد إلى الجرار الزراعى ليحرث الأرض الزراعية أو ينقل بعض المتعلقات.

عندما تراه يجلس وقت الظهيرة تحت الشجرة وإلى جواره العمال يتناولون جميعا الغداء، ويشربون من القلل القديمة، ستشعر بأن هذا الرجل ربما من عالم آخر، يتحدث إلى العمال ويحكى لهم عن دراسته والعمليات الجراحية التي يجريها وسفرياته و«حكمة» ربنا في إنقاذ حياة المواطنين.

الدكتور طارق حلمى ينتمى لعائلة كان الأب فيها جراح مسالك بولية، بينما الأم طبيبة نساء وتوليد، وكان من الطبيعى أن يعمل في مهنة الطب، ولكنه يقول: «أنا لست طبيباً ابن طبيب، لأننى حلمت أن أكون جراح قلب، وزارعا له أيضاً، منذ أن كان عمرى 8 سنوات، بعد الإعلان عن نجاح أول عملية زراعة قلب، في جنوب أفريقيا، بعد التخرج في عام 1983، تخصصت في الجراحة العامة التي جاءت رسالة الماجستير فيها عام 1988، وقتها كنت متخصصاً في جراحات قلب الأطفال، حتى جاءتنى فرصة للسفر في بعثة لليابان عام 1989، حيث تدربت على جراحات قلب الأطفال لمدة عام كامل على يد أشهر طبيب في العالم في هذا المجال، وهو دكتور «إيماى». وفى نهاية العام- وقبل سفرى بساعات- قال لى إننى أمتلك أصابع جراح متميز، ولكنه أقنعنى بتغيير تخصصى لجراحة قلب الأطفال،

يعتقد حلمى أن عام 1997 كان عاماً فاصلاً بالنسبة له في إجراء تلك العمليات، حينما أجرى عملية لرجل مسن كان يبلغ 77 عاماً بطريقة القلب النابض، وفى ذات اليوم أجرى جراحة في القلب لشاب يبلغ 46 سنة، ولكن بطريقة القلب الصناعى، وفى اليوم التالى ذهب لمتابعة حالتيهما في مستشفى قصر العينى الفرنساوى، فوجد الرجل المسن يجلس ويقرأ الجريدة بجوار فراشه في العناية المركزة، بينما الشاب الآخر تبدو عليه علامات الإجهاد الشديد.

أما عن مهنته الثانية «الزراعة» فيقول «حلمى»: «بعض الناس لديها طاقة إيجابية تتجلى في النجاح في أي مشروع أو مهنة يتولونها. مصر بها إمكانات تؤهلها لتكون دولة عظمى، إذا ما أحب كل منا عمله، أهوى الزراعة، وأكره الفشل، ولذا قررت أن أنافس بالعنب المصرى، وبالفعل نجحت في ذلك، وصَدَّرت هذا العام 600 طن عنب من أجود أنواع العنب في العالم».

وقبل أن تهم بالخروج من مزرعة الطبيب طارق حلمى.. تجده ينظر إليك نظرة الناجح المتفائل ببلده وأبنائها دائما.. ولسان حاله يقول: «قد نلتقى في مكان نجاح آخر قريبا».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية