تعيد «المصري اليوم»، نشر أخر قصيدة نشرها الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي بـ«المصري اليوم»، والذي توفي، الثلاثاء، بعد صراع طويل مع المرض.
تم نشر هذه القصيدة بعدد 4 ديسمبر 2014:
1_ لـ... مصر
ويا مصر.. وان خيّرونى.. ما اسكن الَّاكى
ولاجْل تْتبسِّـمى.. يا ما بابات.. باكى
تسقينى كاس المرار.. وبرضْـه باهواكى
بلدى..!!.. ومالى الّا إنتى.. ولو ظلمتينى
مقبولة منِّك جراح قلبى ودموع عينى..
الجرح يشْـفَى.. إذا بإيدِك لمستينى
كُلِّك حلاوة.. وكلمة «مصر».. أحلاكى!!
2_ ياللِّى تِصدَّقها
قالَّك ياريت الزَّمن ماعشِّـمَك يومها
ولا قالَّك اسعى وروح واهى قومة وتقومها
إيه خدت مِ الدنيا إلا لؤمها.. ولُومْها؟!
ياللِّى تِصدَّقها.. ادفع حق تصديقك
أحزانك المُرَّة ماشى معاها من ضِـيقك
إنت تِلَمْلِمْها.. هية غاوية تفريقك
إنت تنوَّرْها.. صاحى اللى يضلِّمْها
وانت الأصيل اللى مش بِتعوم على عُومْها
كترت عليك الهموم وِمْنَشِّـفَة ريقك
تابع طريقك.. تطيقك وَالَّا ما تطيقك..
هل شُـفت فيه شمس وِحْلتْ مرَّة في غيومها؟!
3_ في الحلم
في الحلم.. جانى الوطن.. قاللّى: «حتعمل كيف
وانت بليد.. والزمن ماضى وزىّ السيف؟
عُمْر الزمن ما أْتَمَر.. ولا مشى ع الكيف»
أنا قلت له: «يا وطن.. أمرى ماهوش بِيِدى
وبين ميعاد وميعاد.. خانتنى مواعيدى
لا طِلِع ميعادى.. ولا عيدى صبح عيدى
وكام ماغدّارة يادِنيا.. وبتكيدى
أنا كنت سِيد الزمن وادى الزمن سيدى
عملت ثورة ورا ثورة.. وادينى ضيف
كشف غطايا الهوا.. والحلم كان تخريف
أحلامى رجعتْ لى تسكن في تجاعيدى
لا هانيلى لقمةْ طعام.. ولا شاى يردّ الكيف!!»
4_ حارس السجن
يا حارس السجن يا قارص على اقْفَالُه
ياللّى حبست الولد.. ماسألتهوش: «مالُه»؟!
لا تكون فاكرنى حاوصِّـى واقول: «على مهلك»..
أو.. «خِفّ إيدك عليه خوف لا الولد يهلك
الواد دا حِتِّةْ بطل.. مسجون وعارف ليه..
وراضى عن سجنُه يا سجَّان.. وساعى إليه
إنت اللى غلبان.. ومحتاج من يوصِّـى عليه
إنت اللّى في الأصل كان السجن يستاهلك
وهوّه زنزانته أمُّه... والليمان خاُله»!!
5_ سايق الهِجْن..!!
وانت غريم الزمن.. حالف ما تتصالح
الضحكة عايمة تَمَلِّى فْ دمْعَك المالح
عمرك.. وبِتْعِيشُـه مُدَّة.. مودَّعه مُدَّة
أحلى ما في الريح.. بِتديك فُرصة تِتْحَدَّى
ويوماتى تِفْـطَر مع موتك.. وتِتْغَدَّى
والأصل في الشِّـدَّة.. تطلع مِنَّها فالح!!
■ ■
وانا سايق الهِجْن.. ناقتى مش مطاوعانى
تُبصِّ لى بغربة زىّ ما اكون واحد تانى
ولا مُوَنِّسْها حِسِّـى.. زى ماكُنَّا..
عِشْـرة طويلة انطوت.. وكإننا هُنَّا
مين اللّى زرع الَجفا والفُرقة.. مابينَّا..؟
ولا عاد حُدَايا يخليها.. مِهاوْدانى!!
6_ تاجر الحُبّ..!!
ويا تاجر الحُبّ.. كَيِّل لِى تلات قناطير..
يتفرقوا ع الحبايب.. من كبير.. لصغير
أرُشّ رشَّـة هِنا ورشَّة هِناك.. وأطير
ودا عِشْق لا يلْزَمُه تزويق ولا تحضير
سوق المودَّة جَبَرْ.. وِاتفرّقوا العُشّاق
واحد يشُـوفُه صباح.. واحد يشوفه مساء
بس الوطن أَلمعى.. وبيفرز الأسماء
وانا.. في حب الوطن.. ساذج ماليش آراء
وهافرَّق الحُب حتى ع اللى مِشْ مشتاق
وبكره.. ربك لوحدُه يسَدِّدِ الفواتير..!!
7_ تاجر الصبر
يا تاجر الصبر.. ماتْخِلِّش في ميزانَك..
مِن حُوجْتى للصبر ساكن جنْب دُكَّانَك
قلبى يمامة تِهجّ تهجّ.. وتجينى
لا يهمها مِنْ أنينى أوْ دموع عينى
فاعمل لّى تحويجة.. من صبرك وإحسانك!!
■ ■
يا تاجر الصبر ما انت شايفنى مش صابر
الكسر بِيدِى.. أنا المكسور وانا الجابِر
الحلم خدنى صحيت وأخدنى من تانى
كإنى لا نمت ولا فيه حدّ.. صحَّانى
الصبر مايفوتْش على اللى دمعهم حاضر!!
■ ■
سامع دموعهم سَمَع.. دمع الفقير ليه صوت
دمْعَه بطول السنين. من الميلاد.. للموت
الفقرا.. ربك عشانهم بسّ.. خلَق الصبر
والصبر زاد الفقير.. من وَلْدِتُه.. للقبر
ما هو لولا صبر الفقير.. إزاى حياتُه تفوت؟!
■ ■
يا تاجر الصبر.. أُمَّه بتنتِظر ع الباب
كوِّم وكوِّم.. ولا تسألش ع الأسباب
الصبر لوْجِهْ بفايدة نبوسوا أجفانك
ونسوق محّبتنا ودُعانا.. لِدُكَّانك
يا تاجر الصبر إطلع مَره مش كداب!!
■ ■
صابر على الجرح لا باعانى عطش ولا جوع
وإنْ ما شافتنى عينيك.. صوت الدموع مسموع
مال النخيل ع المصاطب خُد مكان في الضِّـل
علمنى أصبر على الغريمين عدو أو خِلّ
واذا ما شوفناش نتيجة.. نغير الموضوع..!!
8_ عشان الحبايب
فرَّعْت يا شوق عيدانك من عيون ناِيِيى
وانا باملك إيه غير مودَّة وحِزن وِنَوايِيى
والقلب ساقيةْ بُكا.. فاضى.. وملاَّييى
وعامل ايه يا غزال؟!
■■■■
صياد.. لفعْت السهام والقوس على كتفى
شارد لقيتك.. عينيك صيّاد.. وبرَّيَة
رميتنى.. سهم العيون جاب قلبى من كِتفى
واتارى للِّيلِ قوس.. وسهام.. وكراهيَّة
صابنى وصابك!!
■■■■
والليلِ شرّانى.. وقّع منى بُستانى
وقطّع الخيط وشحَتْر تحتى مُرجانى
نُصّين بقيت يا قمر مين يُلْضُمك تانى
ومين يِرَوَّقْ عَكَار الكلمه في لسانى
ويا هلترى تعود تجود بالودّ يا زمانى
واقعد مع الوِلْف اكمّل لقمتى وشاييى؟!!
9_ بانام براحتى
الحمد للّه خلقنى فقير رقيق الحال...
لاطْلِعت تاجر ولاطلعتِش رجُل أعمال
لا مْسَاوَمَة.. ولا غش
ولا باشوف الدنيا من خُرْم قرش
ولا باشيل الميَّه في الغربال!!
■ ■
والحمد للّه.. خلقنى حِتَّة من ناسى
وبانام براحتى.. لإنّ فراشى بمقاسى
مكفىِّ بيتى حلال
وكلّ من شافنى يقول: «يا خال»
عابر سبيل.. ورأيى من راسى!!
■ ■
سنين تجرجر سنين عدِّت وانا منّى
وعمرى ماخُـنت ولا حتى اللّى خاينينى
وأسرة متخنَدقَة متشالة في النِنِّى
وبيت.. جيرانى تزيد في محبِّتْه عنى!!
■ ■
والحمد لله.. وهبنى قلم مابيخونِّيش
عُمره ما يمدح ومستنِّى طلوع العيش
قلم واخدها جدّ
ساعة ماتشتد الهموم.. يشتدّ
وساعة الضّنْك بينام ع البُروش والخيش!!
■ ■
وعملت قُبة جميلة... وتحتَها مَرْقَد
في آخر الرحلة هافرش فيه واتمدَّدْ
لِنُوم بلا صحوة
ماحاخدش في إيد الزمن غَلْوة
وكل ألوان هتهرب.. ماعَدَا الأسْوَدْ..!!
10_ صوتى
أنا باشكر اللى خلق لى الصوت وأوصانى
أقول كلام حُرّ.. مايقبلْش لون تانى..
مااسكتش ع الضيم واهشّ الغيم بقولة آه..
وإن سَـرَقُوا صوتى بيْنسُـوا ياخدوا قولة آه..
في الفرْح.. في الجرح إيه حيلتى الّا قولة آه
يحميك يا ولدى.. وكنت اسكت وتتكلِّم
يحميك يا ولدى واكون مجروح.. وتتألِّم
ياما حَرَسْت النهار.. آدى النهار.. ضَلِّم
وإن شفت جرح الوطن جوَّه الفؤاد عَلِّم
تقول كلام.. يا سلام.. يحيينى من تانى..!!