في كل مكان تقريباً في القارة السمراء، كانت أعلام مصر ترفرف، على مستشفيات ومدارس ومبانٍ حكومية ولجان تعاون، ومقار وفود وسفارات، كانت مصر هناك تساعد وتعالج وتدرب وتخوض معارك تحرير القارة من الاستعمار.. تحررت القارة، وابتعدت مصر، وانكمش دورها، لتتمدد إسرائيل وتمد نفوذها في غالبية دول أفريقيا، بعد أن كان حليفها الأفريقى الأكبر هو دولة «الأبارتاهيد» المعزولة عالمياً في جنوب أفريقيا.
تقول الأرقام إن نحو 15% من سكان الكرة الأرضية يعيشون في أفريقيا، أي ما يعادل 800 مليون نسمة، وتمتلك على سطحها وفى باطنها موارد معدنية وطبيعية هائلة، إذ إنها تملك 12% من احتياطى النفط العالمى، كما تبلغ احتياطيات الغاز الطبيعى ما يقدر بحوالى 10% من إجمالى الاحتياطى العالمى. وتمتلك القارة الأفريقية ما يقدر بحوالى 80% من البلاتين في العالم، و40% من إنتاج الماس، و25% من إنتاج الذهب، و27% من الكوبالت، كما أنها تنتج 9% من الحديد، ويتراوح احتياطها من الحديد والمنجنيز والفوسفات واليورانيوم بين 15 و30% من إجمالى الاحتياطى العالمى من هذه المعادن والموارد الطبيعية.
من هنا يمكن تفهم استثمارات الصين في أفريقيا التي تقدر بنحو 200 مليار دولار، يقال إنها ستصل إلى 400 مليار دولار بنهاية العقد الحالى. وهناك صراع شبه معلن بين الولايات المتحدة والصين في أفريقيا على مناطق الاستثمار والثروات. وهناك النفوذ الفرنسى، بل حتى تركيا بلغت استثماراتها في أفريقيا 3 مليارات دولار، وفقاً لبعض التقارير، وتتسارع وتيرة الوجود التركى في القارة، ولاسيما في منطقة القرن الأفريقى، الصومال وإثيوبيا وإريتريا، بشكل مدهش يدعو للتوقف والتساؤل. ورغم كل ذلك يأتى الوجود الإسرائيلى في أفريقيا بمثابة قصة اختراق ناجحة، قادتها دولة صغيرة، قفزت فوق حواجز العزلة العربية، وأصبحت رقماً صعباً في أفريقيا. فهمت تل أبيب مبكراً أهمية أفريقيا، ووعت للمكاسب الاقتصادية قبل السياسية، التي يمكن أن تجنيها من التقدم نحو القارة السمراء، وفى هذا الملف ترصد «المصرى اليوم» كيف أن إسرائيل حققت أرباحاً اقتصادية هائلة من تواجدها في أفريقيا، فضلاً عن أرباحها السياسية. ويكشف الملف أسرار التغلغل الإسرائيلى في القارة السمراء، وكيف أصبح القطاع الخاص جسراً لاختراق إسرائيل للقارة السمراء، وهو الدور الذي أوضحه أحد رجال الأعمال الإسرائيليين قائلاً: «مهمتنا (كرجال أعمال) أن نصل إلى الأماكن التي لا يصل إليها الدبلوماسيون والعسكريون».
يكشف الملف دور مؤسسة «الماشاف» ورحلة تأسيسها ونشر فروعها في أفريقيا، وكيف تعاون رجال الأعمال مع قادة الدول، وكيف استفادت خزانة تل أبيب من صفقات السلاح واحتكارات الماس وحصص النفط، ولماذا تحولت كرة القدم لسلاح إسرائيلى وصلت به تل أبيب لعمق المجتمعات الأفريقية.
وترصد «المصرى اليوم» في الملف قصص الأقليات اليهودية في أفريقيا، وكيف تتعامل معها إسرائيل، وأيضاً قصص رحلات اللجوء إلى تل أبيب، وكيف تتعامل دولة الاحتلال معهم.
في أفريقيا لم يكن التواجد الإسرائيلى في أفريقيا عبئاً على الخزانة الإسرائيلية، وإنما كان رافداً لها يغذيها.
ولذلك ليس غريباً أن نجد 6 من قيادات الموساد يعملون في أفريقيا، مثل شبتاى شافيت، رئيس الموساد الأسبق، الذي ينشط في المجال الأمنى في نيجيريا، وينشط في الطاقة والزراعة بأنجولا، وهناك دانى ياتوم، رئيس الموساد السابق، الذي يعمل بمجالات الأمن والتسليح، فضلاً عن شركات النفط والطاقة والثروة المعدنية، وهناك رافى إيتان، ضابط الموساد الكبير السابق، ووزير الزراعة السابق، ويدير شبكة من الأعمال في المجالات الأمنية والزراعية بأوغندا، التي يرتبط بعلاقة وطيدة مع رئيسها يورى موسيفينى، وهناك أيضاً حجاى هداس، مسؤول العمليات الخارجية في الموساد، الذي خطط لاغتيال مدير المكتب السياسى لحركة حماس، خالد مشعل، في الأردن عام 1997، فهو يمتلك عدة شركات في أوغندا، وهو تاجر السلاح المسؤول عن تسليح الجيش الأوغندى بأسلحة إسرائيلية، بل يعمل مستشاراً للرئيس الأوغندى «موسيفينى».
ولم تقتصر مظاهر التوغل الإسرائيلى في أفريقيا على العسكريين ورجال الموساد فقط، وإنما امتدت إلى الأطباء والعلماء ورجال الأعمال والسماسرة ومجال كرة القدم، بل إن المجرمين الأعضاء في عصابات المافيا الإسرائيلية كان لهم دورهم الخاص في أفريقيا أيضاً.
كل هذه الأمور التي سنعرض تفاصيل بعض جوانبها في هذا الملف تدفعنا إلى التساؤل: إذا كانت هذا ما تفعله إسرائيل ولا يوجد لها سوى 10 سفارات في أفريقيا، فأين مصر بسفاراتها التي تبلغ نحو 45 سفارة في القارة السمراء؟.
كان من الطبيعى أن تعانى إسرائيل من العزلة الإقليمية، على الأقل من جانب جيرانها العرب، من أجل إقامة كيان لا علاقة له بالمنطقة، لذلك لم تجد إسرائيل وسيلة لمواجهة هذه العزلة سوى الخروج إلى آفاق أرحب بعيدا عن محيطها الإقليمى، فكان توجهها إلى قارة أفريقيا، بعد أن عانت من فشل كبير في آسيا. المزيد
تتعاون «الماشاف» مع عدد كبیر من المؤسسات والمنظمات في إسرائیل، علاوة على الفروع التي أنشأها بنفسه، كما تتعاون مع الدول المانحة والمنظمات الدولیة، بهدف زيادة نفوذ تل أبيب في القارة السمراء الواعدة بإمكانياتها وكنوزها، واستغلال تراجع الاهتمام العربى بالقارة الأفريقية. وتضم أفرع «الماشاف» مؤسستين رئيسيتين تعتبران من أكبر فروع الماشاف وأكثرها نفوذا، وهما المعهد الأفرو- آسیوى، والمركز الدولى للتأهیل «كرمل». المزيد
حظيت منطقة حوض النيل باهتمام إسرائيلى بالغ، نظرا للأهمية الاستراتيجية التي تمثلها، سواء على الصعيد الاقتصادى أو العسكرى أو السياسى. المزيد
في يونيو 2004، كانت طائرة الملياردير الإسرائيلى الشهير ليف ليفاييف، تحمل معه مجموعة من ضيوفه من نخبة رجال المال والسياسة، حين هبطت ذات مساء في عنتيبى بأوغندا، لبعض الراحة قبل مواصلة الطريق إلى ناميبيا لحضور حفل افتتاح مصنع جديد لصقل الألماس، أقامه ليفاييف هناك. المزيد
كان المجال الصحى واحدًا من أبرز البوابات التي تسللت إسرائيل من خلالها إلى أعماق أفريقيا، التي كانت، ولا تزال، أغلب دولها تعانى من تخلف كبير على صعيد الرعاية الطبية وقطاع الصحة بشكل عام. المزيد
رغم نفوذه القوى، وأمواله الطائلة، وعلاقاته بقيادات تل أبيب، يصفونه في إسرائيل بـ«المجنون»، و«يعانى الشعور بالاضطهاد»، ورغم هذا الوصف، كان رجل الأعمال الإسرائيلى دان يخطط مع جنرالات الجيش الإسرائيلى لاحتلال الكونغو للسطو على الماس وثرواتها الأخرى، مقابل أدوات القتل التي يتقن الإسرائيليون صنعها.. السلاح. المزيد
بدأت العلاقات العسكرية بين إسرائيل وجنوب أفريقيا في ستينيات القرن العشرين، بل أن الدولة العبرية كانت الدولة الوحيدة التي كانت تبيع السلاح لجنوب أفريقيا في الثمانينات من القرن العشرين حين كانت معروفة بنظام الفصل العنصري، الذي كانت فيه الأقلية البيضاء، ذات الأصول الاستعمارية، تحكم الأغلبية السوداء التي هي السكان الأصليين للدولة. المزيد
بدأت العلاقات الإسرائيلية الأنجولية في ستينيات القرن العشرين، من خلال صفقات سلاح باعتها إسرائيل للحركة الشعبية لتحرير أنجولا، في مواجهة الاستعمار البرتغالى، وهو ما تعبر عنه الدولة العبرية عبر الادعاء بأنها ساعدت في استقلال أنجولا، خاصة أن إسرائيل دربت لديها العشرات من مقاتلى حركة تحرير أنجولا، بل إن رئيس الحركة نفسه هولد روبرتو زار إسرائيل. المزيد
كان رجل أعمال ناضجا ومستقيما وملتزما بالقانون، بحسب تقرير بالقناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلى، حتى فوجئ في مرحلة معينة بأن إحدى عصابات المافيا في النقب تطالبه بدفع «إتاوة» مقابل حماية أعماله، أو بمعنى أوضح مقابل عدم إفسادها. رفض آفى، ولجأ إلى مجرم في عصابة منافسة طالبا حمايتها، ولكنه أدرك بسرعة أنه سقط في براثن العالم السفلى للجريمة في إسرائيل. فوجد نفسه هدفا للتصفية، وحاولت عصابة المافيا الأولى اغتياله مرتين، الأولى أمام منزله، والثانية بالقرب من مقر عمله، وكانت الرصاصات تخطئه بمعجزة في المرتين، فينجو من الموت. وفى مرة ثالثة انفجرت سيارته قبل لحظات من دخوله إليها. ولم تفلح محاولات استغاثته بالشرطة الإسرائيلية، التي اعتبرته متورطا هو الآخر مع المافيا. المزيد
تملك الكثير من عصابات المافيا الإسرائيلية معامل خاصة لتزوير جوازات السفر والوثائق الرسمية المختلفة، بما في ذلك بطاقات الهوية. وتتم عمليات التزوير بدقة واحترافية عالية تجعل من الصعب اكتشاف تزويرها. وبالتالى يتوجه المجرمون إلى المطار مع أسماء مستعارة وجوازات سفر مزورة ويسافرون بالفعل. ويتراوح سعر جواز السفر الواحد بين 3 و5 آلاف دولار. المزيد
18 ألف سودانى وإريترى يطلبون اللجوء.. وإسرائيل تقبل 45 طلباً فقط تحت وطأة الأوضاع الداخلية السيئة لبعض الدول الأفريقية، وتحت وطأة الدعاية المضللة، وبتأثير اليأس تارة، وحب المغامرة تارة أخرى، زحف آلاف الأفارقة إلى إسرائيل، طالبين الحصول على حق اللجوء فيها، توهما بأنهم سيدخلون الجنة، حتى يواجهون الواقع الصادم، فيعرفون الوجه الصهيونى على حقيقته. المزيد
يشتهرون باسم يهود الإيجبو، بينما يسميهم البعض «إيبو بنى إسرائيل» للإشارة إلى طائفة دينية تعيش داخل مجموعة «الإيجبو» العرقية في نيجيريا، ويتبع أفرادها العقيدة اليهودية، ويؤمنون أن أجدادهم كانوا يهوداً هاجروا من فلسطين إلى غرب أفريقيا منذ 1500 سنة. المزيد
أكثر من 70 ألف نسمة، يعيشون في أفريقيا، ويقومون بأغلب الطقوس التوراتية، ويعتبرون أنفسهم يهوداً، هم طائفة الليمبا التي تقول إنها جاءت من أصول يهودية وانتشرت في أفريقيا منذ قرون طويلة. المزيد
استخدمت إسرائيل كرة القدم لغزو أفريقيا، ومحاولة صبغها باللون العبرى، في ظل انشغال مصر بشؤونها الداخلية، وفى سعى لاستغلال الظروف السائدة في الكثير من الدول الأفريقية من فقر وجهل. المزيد
ولد في 6 مايو 1955 في بتاح تكفا، وهو مدرب كرة قدم إسرائيلى من أب بولندى وأم يهودية عراقية، شغل بين الأعوام 2002 و2006 منصب مدرب منتخب إسرائيل لكرة القدم، قبل أن يصبح مديرا فنيا لمنتخب غانا، ويصبح أول مدير فنى إسرائيلى يتولى تدريب منتخب أفريقى. المزيد
6 من قيادات الموساد يعملون في أفريقيا، منهم شبتاى شافيت رئيس الموساد الأسبق. ودانى ياتوم رئيس الموساد السابق، الذي يعمل بمجال التسليح. ورافى إيتان ضابط الموساد السابق ووزير الزراعة الأسبق، وحجاى هداس، مسؤول العمليات الخارجية في الموساد. المزيد
قالت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية، مدير مركز الأبحاث الأفريقية في الجامعة البريطانية، إن غياب مصر عن أفريقيا ساهم في بروز دور إسرائيل في القارة، لافتة إلى أن إسرائيل اعتمدت على الجماعات اليهودية لنشر أفكارها في دول القارة السمراء. وأضافت «عمر» في حوارها مع «المصرى اليوم» أن التوجه السياسى للرئيس السيسى إيجابى للغاية، لكنه يحتاج لرؤية واقعية لتنفيذه وتكاتف من كل مؤسسات الدولة.. وفيما يلى نص الحوار: المزيد