x

ضياء رشوان إلى أين وصلت التشريعات الصحفية والإعلامية؟ ضياء رشوان الأحد 19-04-2015 21:06


نجح المصريون- والصحفيون فى قلبهم- فى تضمين التعديلات الدستورية التى أقرها الشعب فى يناير 2014، المواد التى تضمن لهم ولجموع المصريين حقوقاً غير مسبوقة فى التاريخ الدستورى والقانونى المصرى.

فالمادة (70) حققت حلم إصدار الصحف بمجرد الإخطار، وجعلت للمصريين كافة من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمى. وأتت المادة (71) لكى تحظر دستورياً، بأى وجه، فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ولو حتى بحكم قضائى، لتكون المادة الوحيدة فى كل دساتير العالم تقريباً التى تنص على هذا الحظر المطلق.

وجاءت الفقرة الثانية من نفس المادة لكى تتوج نضال المصريين الطويل، وفى مقدمتهم الصحفيون، لإلغاء العقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر، بل تضيف إليه العلانية، حيث نصت على ألا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، بينما استجابت للمنطق القانونى والحفاظ على الأرواح والقيم المجتمعية المستقرة ووحدة فئات المجتمع وطوائفه، لكى تترك للقانون تحديد العقوبات الخاصة بالجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد. وللمرة الأولى فى أى وثيقة دستورية مصرية، أتت المادة (72) لكى تلزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام. ثم تكفلت المواد (211) و(212) و(213) بوضع الملامح الأساسية للكيانات القانونية الجديدة التى ستتكفل بإعادة تنظيم وترتيب الأوضاع الصحفية والإعلامية المصرية، بما يتفق مع الحرية والاستقلال اللصيقين بالنظم الصحفية والإعلامية فى المجتمعات الديمقراطية الحديثة.

ولتحويل تلك النصوص الدستورية غير المسبوقة فى التاريخ الدستورى المصرى إلى تشريعات قانونية بادرت نقابة الصحفيين، منذ شهر يونيو من العام الماضى، بالتشاور مع أبناء المهنة ورموزها والهيئات الممثلة للصحافة المصرية وممثلى كل وسائل الإعلام المصرى، بتشكيل «اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية» التى أنيط بها، دون غيرها، وبتشكيلها المستقل تماماً وضع مسودات كل القوانين اللازمة لإعادة تنظيم المجال الصحفى والإعلامى المصرى. وعلى الرغم من المحاولات التى بذلتها بعض الجهات الحكومية من جهة وبعض أصحاب المصالح والأوزان المالية لتشكيل كيانات أخرى موازية خاضعة للحكومة أو تابعة لهذه المصالح، من جهة أخرى، فقد نجح الصحفيون والإعلاميون فى الحفاظ على انفراد لجنتهم المستقلة دون غيرها بإعداد جميع التشريعات الصحفية والإعلامية الجديدة، وحصلوا على ضمانات بهذا من كل مستويات الدولة وأعلاها، على أن يلتزموا بإنهاء صياغتها بأفضل طريقة وبالسرعة التى تستلزمها الأوضاع الحالية المضطربة للصحافة والإعلام فى البلاد.

وقد بدأت الاجتماعات التحضيرية لتشكيل اللجنة وتحديد أسلوب عملها، بدءاً من الأسبوع الأول من شهر أغسطس 2014. وقد استقر الرأى بعد التشاور مع الأطراف والجهات المختلفة الممثلة للصحفيين والإعلاميين على تشكيل نواة تلك اللجنة من 24 عضواً، يمثل الصحفيين منهم 12 عضواً هم ستة من مجلس نقابة الصحفيين وستة من المجلس الأعلى للصحافة، بينما يمثل الإعلاميين 12 آخرون هم أربعة من اتحاد الإذاعة والتليفزيون ومثلهم من الإعلام الخاص، وأربعة من نقابة الإعلاميين تحت التأسيس. واجتمعت لجنة الأربعة والعشرين بمقر نقابة الصحفيين يوم 22/10/2014 لكى تقرر توسيع عضويتها إلى خمسين عضواً بالتصويت من جانب الأعضاء الأربعة والعشرين، يمثلون أساتذة وخبراء قانون، أساتذة صحافة وإعلام، ذوى خبرات من الصحفيين والإعلاميين، شباب صحفيين وإعلاميين، النقابة العامة لعمال الصحافة والطباعة والنشر والإعلام، غرفة الإعلام المرئى والمسموع، رؤساء مجالس إدارة الصحف القومية، الصحف الخاصة، نقابة الصحفيين الإلكترونيين تحت التأسيس، الشخصيات العامة.

وبعد الاستقرار على التشكيل النهائى للجنة من خمسين عضواً يمثلون كل أصحاب الشأن فى تلك التشريعات، تفرعت إلى خمس لجان نوعية فرعية تختص كل منها بأحد الموضوعات الرئيسية المتعلقة بعملها، وهى: لجنة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ولجنة الهيئة الوطنية للصحافة، ولجنة الهيئة الوطنية للإعلام، ولجنة الحريات الصحفية والإعلامية ومراجعة تشريعات قضايا النشر والعلانية، ولجنة الاتصال والاستماع. وواصلت هذه اللجان النوعية اجتماعاتها المتواصلة بصورة منتظمة طوال شهور ثلاثة لتنتهى من أعمالها فى منتصف يناير 2015 بإعداد المسودات الأولى للقوانين الأربعة المطلوبة منها، وتمت إحالتها إلى اللجنة العامة للحوار حولها وإقرارها نهائياً. وقد أقرت الهيئة التنسيقية للجنة التى اختارتها بعد اكتمال تشكيلها من 17 عضواً لإدارة عملها، فى اجتماعها يوم 7 مارس الماضى، الانتهاء من جميع مسودات المشروعات التى اختصت بها اللجان الفرعية الأربع، وتمت إحالتها إلى لجنة مصغرة مهنية- قانونية لصياغتها بصورة نهائية فى مسودة واحدة لقانون موحد لحرية الصحافة والإعلام والكيانات المنظمة لهما.

ويبقى اليوم، وبعد كل هذه التطورات والجهود الكبيرة التى بذلتها «اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية» ومعها جموع الصحفيين والإعلاميين، أن تتم المسارعة بعودة اجتماعاتها لإقرار الصياغة الأخيرة للجنة المهنية- القانونية المصغرة، والبدء فى وضع الصياغات النهائية للتشريعات الصحفية والإعلامية. ولكى يتم هذا بالصورة الواجبة، فعلى اللجنة، قبل إقرارها نهائياً بها، أن تشرك جموع الصحفيين والإعلاميين والعاملين فى المجالين الصحفى والإعلامى فى أوسع حوار ممكن حولها، على أن يتم بصورة سريعة ومنجزة ولا يضيع مزيداً من الوقت. وسيكون السبيل إلى هذا هو وضع هذه المسودات على موقع إلكترونى خاص وعلى أكبر عدد ممكن من المواقع الصحفية والإعلامية، مع طبعها وتوزيعها على الزملاء بمختلف المؤسسات الصحفية والإعلامية، بحيث تتلقى اللجنة جميع المقترحات والتعديلات عليها خلال فترة قصيرة محددة قبل قيامها بإقرار صياغتها الأخيرة.

وحسب الاتفاق الذى تم مع السيد رئيس مجلس الوزراء ورئيس اللجنة، الأستاذ جلال عارف، وأمينها العام ضياء رشوان يوم 18 أكتوبر 2014، وأقرته اللجنة الوطنية، فسوف تتم مناقشة تلك الصياغة الأخيرة من لجنة تضم ممثلى الحكومة برئاسة السيد رئيس الوزراء ووزير العدل ووزير العدالة الانتقالية وأحد مساعدى وزير العدل، وأربعة من ممثلى اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية يتم اختيارهم منها. وفور انتهاء هذه اللجنة الأخيرة من أعمالها، ترفع الصياغة النهائية المتفق عليها بين الطرفين إلى السيد رئيس الجمهورية لإصدار قرار بقانون بها.

فى ظل تطلعنا جميعاً نحو مستقبل الصحافة والإعلام فى مصر والتشريعات المنظمة لهما فى ظل الدستور الجديد، فقد كان واجباَ وضرورياً إطلاع أصحاب الشأن والرأى العام المصرى على الجهود التى بذلت، خلال الشهور الماضية، من أجل إنجازها، حتى يستطيعوا متابعتها وبذل مزيد من الجهود حتى يتم استكمالها لتصدر القوانين الجديدة التى تليق بالمصريين ودستورهم ومهنتى الصحافة والإعلام الساميتين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية