منذ اليوم الأول لاحتلال الشق الشرقى من مدينة القدس عام 1967 سعت إسرائيل، من خلال أدواتها العسكرية و«القانونية»، إلى الاستيلاء على المدينة وتهويدها، واتخذت هذه العملية صورًا متعددة من أهمها سن القوانين التى تضمن الاستيلاء على العقارات والمبانى والأراضى، وطرد أكبر عدد ممكن من السكان الفلسطينيين.
يقول الباحث المختص فى شؤون القدس د. إبراهيم أبوجابر، مدير مركز الدراسات المعاصرة، إن إسرائيل ومنذ اليوم الأول لاحتلال ما تبقى من المدينة عمدت إلى القوانين وسيلة أساسية لتهويد المدينة والسيطرة عليها، ورصد الباحث جملة من القوانين التى استخدمتها إسرائيل فى مدينة القدس، والتى كان من أهمها قانون ضم القدس لعام 2000، حيث أصدر الكنيست قراراً على شكل إضافة فقرة إلى قانون إسرائيلى اسمه (قانون الإدارة والنظام) خولت الحكومة فى ضم مدينة القدس إليها.
والقانون الثانى هو قانون أساس «القدس عاصمة إسرائيل» وينص على أن القدس الكاملة والموحدة هى عاصمة «إسرائيل» ومكان إقامة رئيس الدولة،والكنيست، والحكومة، والمحكمة العليا.
وبحسب د. أبوجابر فإن أهم ما فى هذا القانون هو «تسميته قانون أساس»، وهو يشكل مع ثلاثة عشر قانوناً أساسياً آخر مشروعاً لدستور مكتوب للدولة العبرية التى- كما هو معروف- لم تسن دستوراً مكتوباً متكاملاً. والقانون الثالث هو قانون المحافظة على الأماكن المقدسة ويقضى بأن من حق كل شخص من أبناء الطوائف الوصول إلى الأماكن المقدسة له دون المساس بأحاسيسه ومشاعره.
ورغم سماحة هذا القانون الظاهرية، فإنه أتاح المجال لبعض الإسرائيليين لإقامة الدعاوى لدى محكمة العدل العليا طلباً للإشراف على جبل الهيكل «أى على جميع الأراضى التى يقوم عليها الحرم القدسى الشريف»، بحيث يكون فى أيدٍ تهتم بحراسته كمكان مقدس لأبناء الطائفة اليهودية.
والقانون الخامس هو قانون «أملاك الغائبين»، ففى عام 1967 قامت إسرائيل بإحصاء السكان الفلسطينيين، وسجلت خلاله جميع الموجودين فيها من مواطنين وأجبرتهم خلال ثلاثة أشهر على الحصول على بطاقات هوية إسرائيلية، واعتبرت غير الموجودين منهم فى حكم الغائب.
فوضعت يدها على مساحات واسعة مما تبقى للفلسطينيين من أراض وأملاك.
وعلى النقيض، أصدرت قانون استرجاع اليهود لعقاراتهم فى البلدة القديمة، فقد أوكلت الحكومة الأردنية دائرة سمتها «حارس أملاك العدو» بالمحافظة على أملاك اليهود وإدارتها منذ عام 1948، وبعد احتلال المدينة بالكامل صدر قانون يمكن اليهود من استعادة المنازل التى كانت مملوكة أو مؤجرة لهم من الفلسطينيين.
وفى عام 1994، وبموجب الاتفاق غزة- أريحا، والذى يمنع خلاله السلطة الفلسطينية من أى نشاط فى القدس باعتبارها جزءاً من «إسرائيل» استغلت الدولة العبرية هذا القانون بإغلاق العديد من المؤسسات الرسمية فى القدس والتى كانت تعمل بها.
ومن القوانين الأخرى كان قانون الاستملاك الذى يهدف إلى نزع ملكية الأفراد بغرض تحقيق المنفعة العامة، وقد سخرت إسرائيل هذا القانون لإخلاء المساكن العربية وطرد المواطنين العرب منها ثم ترميمها أو إقامة أبنية جديدة مكانها وإسكان مهاجرين يهود.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد سنت قوانين مدنية أخرى طبقت فقط فى مدينة القدس، منها قانون «الدخول إلى إسرائيل» لسنة 1952، بموجبه يعتبر مواطن القدس مواطناً دائماً ولكن دون الجنسية الإسرائيلية، إلا إذا تقدم بطلب، ويفقد حق الإقامة إذا حصل على جنسية أخرى، أو على حق الإقامة فى دولة أخرى، أو إذا بقى خارج «إسرائيل» سبع سنوات متواصلة.
والقانون الثانى هو قانون العودة بموجب هذا القانون فإن لوزير الداخلية الحق أن يسحب من المواطن المقدسى حقوق المواطنة فى القدس باعتبار أن القدس جزء من «إسرائيل» بالطبع.