لم يكن يتصور عبدالله باشا وهبى أن يصبح ولده، سليل الأسرة العريقة ومرموقة المكانة، أن يصبح ابنه مشخصاتى ليصبح عارًا على العائلة حسب اعتقاد الناس فى ذلك الوقت، غير أن ابنه يوسف فارق هذا التوقع وسلك الطريق الذى لم يرده له أبوه، مما شكل صدمة للعائلة بأكملها، غير أن يوسف لم يعبأ واتخذ قراره والسلام.
وُلد يوسف عبدالله وهبى (وهذا اسمه كاملاً) فى 14 يوليو 1898، بمدينة الفيوم، فى بيت من بيوت علية القوم ذوى الشأن المادى والأدبى فى مصر، فوالده عبدالله باشا وهبى، كان يعمل مفتشاً للرى بالفيوم، وبدأ تعليمه فى كُتاب العسيلى بمدينة الفيوم، ثم تلقى تعليمه بالمدرسة السعيدية، ثم بالمدرسة الزراعية بمشتهر، وبدأ شغفه بالتمثيل لأول مرة فى حياته، عندما شاهد فرقة الفنان اللبنانى (سليم القرداحى) فى سوهاج، وسافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى،
وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى (كيا نتونى)، إذن فقد انتقل يوسف وهبى من أعلى طبقة فى المجتمع إلى أدنى طبقة وهى طبقة «المشخصاتية»، التى لم يكن معترفًا بشهادتها أمام محاكم الدولة فى ذلك الوقت، ولكى يهرب من ملاحقة عائلته غير اسمه إلى «رمسيس»، ولم يعد إلى مصر إلا بعد أن وصله خبر وفاة والده الباشا، وقرر أن يقدم شيئا مختلفا عما يقدمه مشاهير المسرح فى ذلك الوقت (على الكسار ونجيب الريحانى)، بدأ يوسف وهبى مسيرته المسرحية فى فرقة عزيز عيد، ولأنه كان يهدف إلى تأسيس مسرح جاد، أنشأ شركة مسرح باسم فرقة رمسيس فى نهاية العشرينيات،
وشارك فى الفرقة (حسين رياض- أحمد علام- فتوح نشاطى- مختار عثمان- عزيز عيد- زينب صدقى أمينة رزق- فاطمة رشدى- علوية جميل) وقدموا للفن المسرحى أكثر من 300 رواية مؤلفة ومعربة ومقتبسة، مما جعل مسرحه معهداً ممتازاً للفن صعد بمواهبه إلى القمة، وصار من ألمع أساتذة المسرح العربى، وبعد شوط قوى وناجح قطعه يوسف وهبى فى المسرح، اقتحم مجال السينما.
وإثر نهاية عاصفة فيلم النبى محمد، التى شنتها عليه الصحافة 1930، أنشأ شركة سينمائية باسم رمسيس فيلم بالتعاون مع محمد كريم، وبدأ فى الإعداد لفيلم روائى طويل مع المخرج محمد كريم «زينب»، على أن يقوم هو بإنتاجه ويتولى محمد كريم الإخراج، واتفق مع محمد كريم بعد ذلك على صناعة أول فيلم مصرى ناطق «أولاد الذوات» الذى حقق نجاحًا ساحقًا، أخرج فيلم «غرام وانتقام»، وحصل بسبب إحدى أغانى هذا الفيلم على لقب «بك» لأنها كانت تمجد فى ذات العائلة المالكة،
كما حصل على وسام تقدير من مجلس قيادة الثورة ودرجة الدكتوراه الفخرية عن مجمل عطائه للفن المصرى، وفى 1979 قدم دور اليهودى العجوز الذى يعشق مصر بعد أن عاش كل حياته بها، فى فيلم «إسكندرية.. ليه؟»، وحظى يوسف وهبى بالكثير من مظاهر التقدير، ومنها رتبة البكوية من الملك فاروق، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى 1960، وجائزة الدولة التقديرية 1970، كما انتخب نقيبًا للممثلين 1953، وعمل مستشارًا فنيًا للمسرح بوزارة الإرشاد،
وحاز جائزة الدولة التقديرية والدكتوراه الفخرية 1975 من الرئيس أنور السادات، إلى أن توفى فى 17 أكتوبر 1982 بعد دخوله مستشفى «المقاولين العرب» اثر إصابته بكسر فى عظام الحوض نتيجة سقوطه فى الحمام، وتوفى أثناء العلاج إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة.