x

عبد اللطيف المناوي مشاهد من السودان و«انتخاباته» عبد اللطيف المناوي الأربعاء 15-04-2015 21:23


ولاية رئاسية خامسة يستعد الرئيس السودانى عمر البشير لدخولها، بعد الفوز الذى تقول حسابات اللعبة السياسية بالسودان إنه مؤكد فى الانتخابات الأخيرة فى السودان، قاطعتها قوى المعارضة، وتغيب عن مراقبتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، هذه المرحلة الجديدة التى سيمتد فيها جلوس البشير على كرسى الحكم لواحد وثلاثين عاما بحكمه خمس سنوات أخرى، تفرض واقعا جديدا على السودان، واقعا لا تنقصه الضبابية فى ظل حروب تمتد من دارفور غربا، مرورا بجنوب كردفان والنيل الأزرق جنوبا، كما ستفرض أيضا واقعا فى العلاقات الخارجية مع جوار السودان العربى والأفريقى، وفى المقدمة الجارة الشمالية مصر.

هذه الانتخابات تقاطعها المعارضة السودانية، وبقوة، ربما استمدتها بصف يبدو أكثر تماسكا بصورة تعتبر الأكبر، إذ تكون مؤخرا تحالف (نداء السودان)، وهو تحالف يضم تحته لواء معارضة الداخل، ويقودها حزب الأمة، بزعامة الصادق المهدى، إضافة إلى تحالف الجبهة الثورية، الذى يضم الحركات المتمردة فى دارفور، إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان، التى تقاتل الحكومة فى النيل الأزرق وجنوب كردفان، وما يزيد من تأثيرات هذا الموقف الرافض للانتخابات هو ضمه أحزاباً تعتبر الأقرب للمؤتمر الوطنى الحاكم مثل المؤتمر الشعبى، بزعامة الترابى، وحركة الإصلاح الآن التى يقودها المفاوض الحكومى السابق غازى صلاح الدين، إضافة إلى منبر السلام العادل الذى يرأسه الطيب مصطفى، (خال الرئيس).

كل هذا الحشد ضد الانتخابات كانت له تأثيراته على مواقف مبكرة جدا من المجتمع الدولى برفض هذه الانتخابات، وهو ما أدى إلى مقاطعتها من قِبَل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى الذى قال إن هذه الانتخابات تجرى فى بيئة منقوصة، وهو ما يعتبر موقفا مسبقا رافضا لنتائجها.

المؤتمر الوطنى الحاكم برر تمسكه بإقامة الانتخابات فى موعدها قائلا إنها استحقاق دستورى مقرر منذ انتخابات 2010 التى انفصل بعدها جنوب السودان، رغم أنه كان بإمكانه إجراء تعديلات على الدستور الانتقالى، بحكم استحواذه على مقادير البرلمان وتمديد فترة انتقالية تهيئ الأجواء لإجراء انتخابات وفق معايير طالبت بها المعارضة، وربما حصلت على تأييد من المجتمع الدولى.

لكن فى المقابل يبدو أن المؤتمر الوطنى كان يتجنب حدوث فراغ دستورى يمهد الطريق للمعارضة لإعلان حكومة أمر واقع، أو حكومة موازية فى المنفى، فرصة حصولها على تأييد من قوى دولية كبيرة كانت واردة بدرجة كبيرة.

أوراق التصويت هذه التى أدلى بها الرئيس السودانى تمثل بداية مرحلة جديدة يدخلها المشهد السياسى فى السودان، مرحلة فرض فيها المؤتمر الوطنى الحاكم أمرا واقعا بتمسكه بقيام الانتخابات فى موعدها، وهو ما تعارضه معارضة الداخل والخارج بجميع تياراتها السلمية والمسلحة، المعارضة تمسكت بموقفها الرافض للمشاركة فى انتخابات تقول إن الراهن السياسى بالبلاد لا يسمح بقيامها.

لكن فى المقابل لا يبدو الطريق مفروشاً بالورود أمام المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان فى فترة حكمه التى تجاوزت ربع القرن من الزمان، وبدت لغة التهدئة بائنة من قياداته فى مواجهة دعوات المقاطعة التى تقودها المعارضة.

مراكز الاقتراع قاطعتها الأمم المتحدة، وغاب عنها الاتحاد الأوروبى، الذى استبق نتائج الانتخابات بما يشبه عدم الاعتراف بها، بوصفه لها بـ«المنقوصة»، لكن الجامعة العربية والاتحاد الأفريقى حضرا بمراقبيهما الانتخابات، بحكم عضوية السودان فيهما.

اعتبرت قوى «نداء السودان» المعارِضة الإقبال الضعيف على عملية الاقتراع التى تجرى فى البلاد حاليا «ثمرة» لحملة «ارحل» التى أطلقتها لمقاطعة الانتخابات، وطالبت جهاز الأمن بإطلاق سراح ناشطين فى الحملة اعتقلتهم السلطات.

يبقى تأثير هذه الانتخابات على العلاقة مع الجارة الشمالية، العلاقات مع مصر هى علاقة تعتمد على واقع يفرض التعاون بين الحكومتين، المصرية التى تعمل على ملاحقة الإخوان المسلمين، حيث عاش البلدان أسوأ أيام علاقاتهما عقب سقوط مرسى، وبدت القاهرة أكثر تشددا فى التعامل مع ما تعتبره آخر خندق للإخوان المسلمين، وهو السودان، وفى المقابل بدأ الخناق الاقتصادى يضيق حول عنق الخرطوم، خاصة من الحليف السياسى لمصر- دول الخليج- ومرت فصول من الشد والجذب إلى أن وصل السودان ومصر خلال الأشهر الستة الماضية إلى تقارب عززته زيارات متبادلة للرؤساء، تقارب تقول كل الدلائل إنه مفروض على الطرفين، ويمكن أن تضاف إليها التنازلات التى قدمتها الخرطوم للخليج- الحليف الأساسى لمصر- بتخليها عن آخر حلفائها، إيران، وانضمامها إلى «عاصفة الحزم».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية