x

مي عزام حديث الثلاثاء.. الحاضر يٌغير الماضي مي عزام الثلاثاء 14-04-2015 00:43


مقال الثلاثاء من كل أسبوع سأخصصه للحديث عن تفاصيل حياتنا الخاصة التي تصنع الفارق رغم أنها لاتلفت الأنظار ولاتهتم بها وسائل الاعلام ،
ستكون مساحة تواصل بينى وبين القراء تسمح بتأسيس جسور المحبة بيننا، فلقد وصل بنا الحال إلى الاعتزال والانكفاء على الذات بعد مامر بمصر من أحداث متلاحقة منذ ثورة 25 يناير.

منذ بضعة أيام حضرت صفاء لزيارتى ،كانت تريد أن تفضفض معى كعادتها، وهى من صديقات الطفولة وعلاقتنا تسمح بالمصارحة والصدق وعائلتينا مازالا على تواصل،ما أن جلست وتناولت فنجان القهوة حتى وجدتها تجهش في البكاء وقالت بصوت مخنوق: تتصورى يامي طول عمرى اتصور أننى أم مثالية ،تركت مستقبلى المهنى كمهندسة ديكور بعد ولادتى لياسمين وأحمد واستمريت في رعايتهما حتى الآن، حاولت ان لااكرر أخطاء أمى ،كانت تعود من عملها مرهقة ليس لديها وقت أو قوة لتسمع مشاكلنا، فكانت دائمة تعاقبنى أو تعاقب وجدان عند حدوث أي مشاجرة بيننا حتى تريح نفسها، عندما كبرت كنت كثيرة اللوم لها، واتحدث معها بطريقة مستفزة بعدما أصبح الضرب والحرمان من المصروف والنادى فعل ماضى، وحين كانت تنصحنى كنت أرفض نصائحها وأذكرها بأيام كنت بحاجة لتلك النصائح وكانت تضن على بها، العلاقة بينى وبين ماما متوترة كما تعلمين.

*قاطعتها قائلة: وأنا كنت قول لكِ دائما ،أن عمل طنط سميرة كان ضرورى وليس رفاهية أو حب في الوظيفة، فمرتب عمى أسامة وحده لم يكن يكفى متطلبات حياة لائقة لكِ ولوجدان.

- ردت بحدة بعد أن جففت دموعها: كثير من أمهات أصحابنا كن عاملات وفى نفس الوقت بيهتممن بأولادهن، كنت أفضل أن أحرم من الملابس الجديدة ولا أحرم من حنان الأم ورعايتها،على العموم أنا أحدثكِ عن الحاضر، هل يمكن أن تتخيلى رغم كل مابذلته من مجهود مع ياسمين وأحمد أن يعاملانى تماما مثلما كنت أعامل ماما وأسوأ، كنت اتهمها بالإهمال في حقى، وهما يتهمانى بالسيطرة على حياتهما، ويرفضان أن اشاركهما الخروج أو جلساتهما مع الأصدقاء ،بل أن ياسمين أحرجتنى مرات عديدة أمام زميلاتها في الجامعة.

عادت عيون صفاء تدمع وهى تنطق بجملتها الأخيرة، كنت أشعر بألمها ولكننى كنت متأكدة منذ زمن طويل أن شىء مثل ذلك سيحدث، فرق كبير بين الاهتمام بأولادك ومحاصرتهم بالرعاية، وفى علاقة الأبناء بالوالدين دائما يكون العقاب من جنس العمل ،أنا أحب طنط سميرة وأقدرها وكنت أرى المجهود الكبير الذي تبذله في رعاية صفاء ووجدان، بالإضافة إلى شغل البيت، فلم يكن لديها خادمة ولاحتى مرة واحدة في الأسبوع، لكن صفاء لم تقتنع يوما بذلك وتصورت أنها اتخذت طريق مختلف عنها وأن النتائج ستكون لصالحها ما دامت البدايات مختلفة.

* قلت لها اطيب خاطرها: الجيل كله أصبح كده، أنها لا تحرجك ولكن تعرب عن رأيها في سلوكك بصراحة تزعجك، وتجديها انتقادلكِ وانتقاص منك.
- رددت بيأس وحزن: ما معنى كلامك ؟، ليس هناك فائدة ....ربيت وتعبت وفى النهاية نصيبى الجحود .
*قلت بود: أقول الحقيقة ولا أسكت؟
- ابتسمت وقالت: لأ، قولى، أنا حضرت اليوم لأسمعها منك.

*قلت :الحقيقة أنكِ تجنى ما حصدتيه في معاملتكِ لطنط سميرة، أنتِ ايضا لم تقدرى تعبها والمجهود الذي بذلته في رعايتكما أنتِ ووجدان، وعبء شغل البيت الذي تحملته وحدها، وكنت شاهدة على تدليلها لكما، توأمك يفعل ما فعلتيه، لم تعذريها فيما أهملت فيه على حد تصورك، هما ايضا لايعزروكِ في حرصكِ عليهما.
نظرت للأرض محرجة وقالت: أقولك الحق، عندما احرجتنى ياسمين أمام زميلاتها تذكرت فورا موقف مماثل فعلته مع ماما من 20سنة، نفس العبارات والحدة، وقلت في نفسى أكيد ماما شعرت بنفس الألم الذي شعرت به، ولكن ماذا يمكن أن افعل الآن ؟، لم يعد بالإمكان تغيير الماضى.

انتقلت إلى حيث تجلس على الأريكة وحضنتها وقلت لها: سبحان الله، ربنا فطر الأم على التسامح مع اولادها ونسيان عقوقهم لوتابوا وغيروا طريقتهم في التعامل، لديك الحاضر والمستقبل انسى الماضى، كل يوم جديد فرصة لبداية جديدة في الحياة، وبالنسبة لياسمين وأحمد يجب ان تبدأى معهما مرحلة جديدة، فهما ليسا طفلين ،خففى من تدخلك في حياتهما، وكونى حازمة وقت اللزوم، ولو تجاوزا معك عاقبيهما بما يناسب سنهما.
فجأة هبت صفاء من مجلسها وأمسكت بحقيبة يدها.
* قلت :إلى أين بهذه السرعة !!
- قالت: سأذهب لأمى، كانت تريد أن تشترى حقيبة سفر من دانتى مول، سآخذها إلى هناك، أريد أن ابدأ مشوار الألف ميل .
*ضحكت وقلت: بالسلامة، خير البر عاجله.
[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية