x

هاني السلاموني سلامة غذاء المصريين خط أحمر هاني السلاموني الإثنين 13-04-2015 21:14


بمناسبة شم النسيم كل سنة وكل الشعب المصرى بخير مضطر أتوقف مؤقتاً عن الإبحار معكم فى بحر التنمية ونقل تجارب الدول التى سبقتنا وركبت قطار التنمية لأتكلم عن مسألة قديمة ومتجددة فى ذات الوقت تهدد الأمن القومى المصرى وتهدد صحة ملايين المصريين ألا وهى سلامة الغذاء ، ويقصد بسلامة الأغذية مدى صلاحية الغذاء للأستهلاك وخلوه من جميع عوامل التلوث الميكروبيولوجي أو الكيميائى أو الفيزيائى الذي يحولها إلى أغذية ضارة بصحة المستهلك، ويتضمن ذلك عوامل التلف والانحلال الذاتي ، وتعتبر وعادة تعتبر الأغذية غير صالحة للاستهلاك الآدمي إذا كانت ضارة بالصحة أو فاسدة أو تالفة أومغشوشة أو إنتهت فترة صلاحيتها للتسويق.

الوضع الحالى فى مصر لدينا تشريعات وقوانين عفا عليها الزمن (2600 تشريع واخر تشريع خاص بالغذاء صدر فى عام 1966) تخص صناعة وتداول الغذاء بالإضافة إلى 16 هيئة رقابية و8 وزارات تراقب سلامة الغذاء بشكل غير فعالولا يوجد جهاز مسئول عن التعامل مع المخاطر والكوارث التى تهدد سلامة الغذاء وصحة المصريين حيث أن 70% من غذاء المصريين مجهول المصدر (مصانع بير السلم) ، كما أن معظم مصانع المخلل والزيتون الأسود تمثل كارثة كبرى على الصحة العامة وهذه الشركات لا تمتلك اى اوراق وتراخيص وبالتالى لايوجد عليها أى شكل من أشكال الرقابة الحكومية. كما تحتل مصر مركزا متقدما طبقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية فى الدول التى تعانى من أمراض الكبد والتى تحدث بسبب الكميات الكبيرة من متبقيات الكيماويات والمبيدات التى يحتوى عليها غذاء المصريين، كما أن الصادرات المصرية والتى تتراوح ما بين 1.5 إلى 2 مليار دولار سنوياً تتأثر بشدة بسبب غياب منظومة مصر فعالة للرقابة على الغذاء ولعلنا مازلنا نذكر مشكلة اتهام الحلبة المصرية عام 2011 فى التسبب فى وفاة 50 أوروبيا وإصابة 4 الاف آخرين بسبب تلوثها بسلالة جديدة من بكتريا E. Coli وسواء كان الأمر حقيقة أو مؤامرة على مصر فإن غياب قانون موحد للغذاء وجهة رقابية موحدة على الغذاء ومعامل معتمدة متخصصة فى تحليل الأغذية (أدى تصريح وزير الصحة بأن معامل الوزارة تأكدت بأن مصر خالية من هذه السلالة من البكتريا بموجة من السخرية فى الاتحاد الأوروبى نظراً لأن مصر لا تملك أصلاً تقنيات الكشف عن هذا النوع من البكتريا) كل هذه العوامل أدت إلى صعوبة إثبات براءة مصر وتسبب فى أضرار شديدة للصادرات المصرية للأسواق الأوروبية.

دول العالم وبعض الدول العربية (السعودية والإمارات والكويت والسودان والمغرب) قامت بإنشاء هيئة موحدة للإشراف على سلامة الغذاء وقانون موحد لصناعة وتداول الأغذية أما فى مصر ورغم إنشاء وحدة بوزارة الصناعة مسئولة عن إنشاء جهاز مصرى لسلامة الغذاء فى عام 2007 ورغم أن الوحدة المذكورة تحت إشراف دكتور حسين منصور انتهت من إعداد قانون موحد للغذاء وهيكل للجهاز المقترح إنشاؤه إلا أن الحكومات المتعاقبة بدءا من حكومة نظيف وانتهاء بالحكومة الحالية لم تلتفت لأهمية سلامة الغذاء وتأثيرها على صحة المصريين على الرغم من أنه فى عيد شم النسيم على سبيل المثال يتناول أغلب المصريين الفسيخ وهى أكلة شعبية يتناولها المصريون من الاف السنين ولكن فى السنوات الأخيرة ونتيجة لغياب منظومة سلامة الغذاء وانعدام الرقابة والممارسات السيئة لتصنيع وتداول الفسيخ بالإضافة إلى الجشع والجهل كل هذه العوامل أدت إلى ظهور بكتريا لاهوائية تسمى Botulinum Clostridium تسبب التسمم الغذائى حيث تسبب الشلل الرخو للعضلات وتؤثر على الأعصاب إضافة إلى كبحها لإفرازات “الأستيل كولين” التي تلعب دورا هاما في الصفائح المحركة الرابطة بين الأعصاب والألياف العضلية، الشيء الذي قد يؤدي إلى الوفاة جراء فشل في الجهاز التنفسي ، وتعالج بحقنة مضادة يقدر ثمنها بحوالى مائة ألف جنيه وتباع فى هيئة المصل واللقاح .

فى الوقت الذى يصرف فيه المصريون 250 مليار جنيه لشراء غذائهم (من المتوقع أن تصل إلى 500 مليار عام 2020) وهو ما يمثل من 45 إلى 50% من دخل المصريين تنفق وزارة الصحة 20% من ميزانيتها لعلاج أمراض ناتجة عن تناول أغذية ملوثة مما يوضح لنا أن انشاء جهاز سلامة الغذاء أصبح أمراً حتمياً للحفاظ علي صحة المواطن المصرى والسائح الأجنبى وللحفاظ على سمعة السلع الغذائية المصرية في الاسواق المحلية والاجنبية وهذا سيساعد ايضاً على توفير بيئة جاذبة للاستثمارات تساعد على تطوير قطاع الصناعات الغذائية حيث يعد هذا القطاع من أكثر القطاعات تشغيلا للعمالة ومن المعروف أن كل فرصة عمل في قطاع الصناعات الغذائية يقابلها 10 فرص عمل غير مباشرة فى قطاعات أخرى ، إن مؤسسة الرئاسة أصدرت منذ يوليو 2013 وحتى الآن عدد 319 قانوناً جديداً وأعتقد أن قانون الغذاء الموحد والذى يؤثر على صحة المواطن ويخفض من فاتورة العلاج الذى تتحمله ميزانية الدولة والموجود فى أدراج وزراء 8 وزارات مختلفة بالإضافة إلى مجلس الوزراء ومؤسسة الرئاسة قد آن له أن يخرج إلى النور إذا كانت صحة المواطن المصرى على رأس أولويات الدولة فعلاً لا قولاً . تقول الحكمة المأثورة «أنت تستطيع أن تهزم شعباً مهما كانت قوته إذا أفسدت غذائه» فالغذاء الفاسد هو أقوي سلاح لتدمير البشر، ولذلك يجب أن يعلم الجميع أن غذاء المصريين أمن قومي وخط أحمر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية