x

«إعادة النظر فى أفغانستان».. فيلم وثائقى و«حملة» لسحب القوات الأمريكية

الثلاثاء 13-10-2009 23:00 |
تصوير : other

«لماذا لاتزال القوات الأمريكية فى أفغانستان؟.. ألا يجب إعادة النظر فى مسألة استمرارها هناك؟.. وربما سحبها وإعادة الجنود إلى ديارهم؟»..

أسئلة تؤرق الكثير من الأمريكيين، الذين يعارضون استمرار الولايات المتحدة فى جبال وكهوف أفغانستان بحثاً عن «وهم» أسامة بن لادن الذى روجت له إدارة الرئيس الأمريكى السابق «جورج دبليو بوش» منذ ثمانية أعوام، حين وقعت هجمات الحادى عشر من سبتمبر،

إلا أن المخرج «روبرت جرينولد» اختار طرح الأسئلة بطريقة مختلفة من خلال تقديم فيلم وثائقى وحملة إعلامية تحت الاسم نفسه «إعادة النظر فى أفغانستان»، يستعرض «جرينولد» فى الفيلم مجموعة من المقابلات مع متخصصين سياسيين وتاريخيين أمريكيين إلى جانب لقاءات مع عدد من المجاهدين الأفغان- ما آل إليه المجتمع الأفغانى بعد الاحتلال الأمريكى للبلاد، والخراب الذى حل بها ووقع ضحيته المدنيون والأبرياء، حيث ازدادت الأوضاع فقرا وتخلفا، وتهدمت المنازل التى يستعرض «جرينولد» عبر كاميرته آثار الدمار بها، ويبحث كذلك فى الأضرار التى لحقت بأفغانستان نتيجة سياسات الإدارة الأمريكية وحلف الناتو والمؤيدين لهما، حيث لا يزال العنف سيد الموقف، ولم يحل الاشتباك العسكرى الأمريكى فى المنطقة أى شىء .

ويرصد «جرينولد» ميزانية الوجود الأمريكى فى أفغانستان حتى الآن، وفقا لتقدير عدد من الاقتصاديين الأمريكيين بنحو 228.9 مليار دولار حتى الآن طوال السنوات الثمانى، وذلك فى ركن يحمل اسم «تكلفة الحرب فى أفغانستان»، بينما زوّد موقعه بـ«عداد» يحسب ارتفاع تلك الميزانية مع مرور كل ثانية على تواجد الأمريكيين فى أفغانستان.

ويطالب «جرينولد» فى موقع إلكترونى مخصص لبث حملته المواطن الأمريكى بالتصويت لصالح الحملة ودعمها، والضغط على الكونجرس الأمريكى للوقوف على الدمار الذى ألحقته القوات العسكرية بتلك البلاد من مشاكل اقتصادية واجتماعية وتدمير للبنية الأساسية، كما حث المواطنين الأمريكيين للتأثير على أعضاء الكونجرس لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، من خلال تنزيل مقطع مدته دقيقة من الفيلم عبر الموبايل، وتقديم أعداد الزائرين الذين حملوه كبيان على ازدياد الرفض الشعبى لاستمرار السياسات الخارجية وممارسات القوات الأمريكية فى حربها على أفغانستان، والتى تدعمها الضرائب المحصلة من المواطنين- على حد قوله، فى حين يطالب زائرى الموقع بالتبرع بـ15 دولارا فقط لضحايا التواجد الأمريكى هناك ودعم مدنيى أفغانستان ومحاولة تعويضهم عن ممارسات الإدارة الأمريكية.

ويكشف الفيلم عن فشل جهود المنظمات الحقوقية والإنسانية فى تقديم أى مساعدات للمدنيين خاصة النساء والأطفال، وعبر مشاهد ولقطات حية، تتساقط جثث النساء إثر تفجرها بألغام مزروعة فى الأراضى الوعرة أو عبر القنابل التى تنفجر فى أى وقت فى وجوه الأبرياء، ويهاجم المخرج ممارسات القادة العسكريين الأمريكيين والسياسيين، ويتهم بعض عضوات المنظمات الحقوقية فى الولايات المتحدة باستغلال مآسى النساء الأفغانيات ومعاناتهن فى تبرير مزيد من أوجه الإنفاق وزيادة الميزانية المخصصة للوجود الأمريكى فى أفغانستان دون أن تذهب هذه الأموال الكثيرة إلى مستحقيها فعلا، بل الاستفادة من الرصاص والقنابل وجثث النساء لانتزاع الأموال من ميزانية الدولة لصالح آخرين.

وعبر مقابلات مع بعض الأفغانيات العاملات فى الجمعيات النسائية هناك، تؤكد غالبيتهن أن الوضع المتردى خلال حكم طالبان لم يختلف كثيرا بالنسبة للمرأة الأفغانية، بل ازداد سوءا، كما أن كثيراً من الأفغانيات تشبثن فى بداية الاحتلال الأمريكى للبلاد بما روجته الإدارة الأمريكية بأن الأحوال ستتحسن، مع تولى حامد قرضاى شؤون البلاد، وأن الأمريكيين سيركزون على إحلال الأمن أولاً، ثم تحسين الأوضاع المعيشية، لكن الأمريكيين اهتموا بالأمن على حساب الأوضاع الإنسانية التى لم تحسن قوات التحالف أياً منها- على حد قول النساء الأفغانيات، وهنا يقترح المخرج حلاً للخروج من تلك الأزمة، وهو خوض مفاوضات تنتهى إلى تسوية بخروج تلك القوات من البلاد.

وبين كهوف ووديان أفغانستان، يجوب المخرج بكاميرته فى العديد من القرى فى العاصمة كابول التى يبث أهلها مخاوفهم من وقوعهم بين تربص أعضاء حركة «طالبان» وجحيم القنابل الأمريكية التى لا تفرق بين المدنيين والعسكريين، بينما يستعرض أحد القرويين آثار قصف منزله عبر الصواريخ الأمريكية التى ساوت المنزل بالأرض، ويسترجع مكان حجرة نومه وحجرة أطفاله التى أصبحت أطلالاً، كما يظهر آخر وهو يعلن بيع ابنته التى لم تتجاوز الثالثة من عمرها لعدم مقدرته على إطعامها، بينما يذكر فى أسىً أنه لا يجد مشترياً لها، بينما وقف أطفال بملابس مزرية جائعين يبحثون عن طعام يسد جوعهم، وتولول العجائز على أولادهن الذين قتلوا، أو الذين تناثرت أشلاؤهم وأصيبوا بعاهات وإعاقات لما تبقى من أعمارهم.

يعد «روبرت جرينولد»، 64 عاما، من المخرجين والمنتجين الأمريكيين المعارضين للسياسات الخارجية فى عهد الرئيس السابق «جورج دبليو بوش»، وسبق له تقديم العديد من الأعمال التى تدعم موقفه الرافض لاحتلال أفغانستان وأيضا العراق، وقد تحمس لإنتاج هذه الأعمال عبر شركة «بريف نيو فونديشن» الإنتاجية التى يشارك فيها، ولم يكتف بإخراجها، وكان أبرزها الفيلم الوثائقى «العراق للبيع.. المستفيدون من الحرب»- 2006، و«على المكشوف.. الحرب على العراق»-2004.

استغرق إعداد الفيلم 9 أشهر منذ يناير الماضى، ويجرى عرضه بدءاً من الجمعة المقبل فى عدد محدود من دور العرض الأمريكية، وبينما يرى بعض النقاد أن «جرينولد» ليس المخرج الوثائقى الشهير «مايكل مور» الذى قدم فيلم «فهرنهايت 11/9» عن الحرب على العراق، والذى تجاوزت إيراداته مائة مليون دولار، فإنهم يأملون أن يصل صوت «جرينولد» إلى الجمهور الأمريكى كما وصل «مور» قبل خمسة أعوام كاشفا ممارسات الإدارة الأمريكية ومصالحها فى غزو العراق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية