x

أنور الهواري مُخيم اليرموك: نهاية الشتات الفلسطينى وبدايةُ الشتات العربى أنور الهواري الأحد 12-04-2015 21:43


«دَعُوا النَّومَ إنّى خائِفٌ، أن تدوسَكُم دَوَاهٍ، وأنتُم فى الأمانى مع الحُلمِ».

من ميميّة ابن حمديس الصقلَى، من مواليد [447 هجرية- 1055م] بمسقط رأسه، جزيرة سرقوسة، فى صقلية، عندما كانت- هى والأندلس- تحت حكم العرب.

مخطط الإبادة مستمر: بدأ محطته الأولى من الحروب الصليبية، إلى الاستعمار، إلى الصهيونية، وهاهو يصل إلى محطته الأخيرة فى الحرب على اليمن. وفى المقابل، فإن إدمان الغفلة- من جانبنا- مُستمرٌّ. إيران ليست مُبرأةً من الغرض، ومشاريع التشيع ليست منزهةً عن المكيدة، ولكن لاهذه ولاتلك، تصلح مُبرراً لأن نزج بالباقى من الدول العربية- دول الخليج- على أول طريق الفوضى الذى ينتهى- حتماً - بالتفكيك.

اسمع كلامى: مخيم اليرموك هو نهاية الشتات الفلسطينى وبداية الشتات العربى. نهاية الشتات الفلسطينى بمعنى أن اللاجئ الفلسطينى لن يجد له موضع قدم حتى فى مخيم إلى جوار عاصمة عربية، مثل دمشق أو غير دمشق، لسبب بسيط، فالعواصم العربية نفسها تتساقط مثل الجراد. وهو بدايةُ الشتات العربى، لأن الظروف نضجت واكتملت لتجريد كل العرب من حصن الدولة، من حصن المدينة، من حصن القرية، من حصن المنزل.

مخطط الإبادة الأخير، بدأ بالقدس الشريف، وها هو يصلُ إلى صنعاء، والعرب- كل العرب- منغمسون فى تنفيذ المخطط بأعلى درجات الهمة المأفونة والحماس المريض، تدمير الذات لحساب الأعداء وبالإنابة عنهم فى أداء المهمة.

وهذا هو التحول الخطير الذى يجرى أمام أعيننا: التحول من القضية الفلسطينية إلى القضية العربية، من اللجوء الفلسطينى إلى اللجوء العربى، من الشتات الفلسطينى إلى الشتات العربى، من المخيمات الفلسطينية إلى مخيمات لكل العرب.

باختصارٍ شديد: ماهى حكاية مخيم اليرموك؟

هو مخيم تأسس عام 1957م، على مقربة من العاصمة دمشق، على مساحة اثنين من الكيلو مترات المربعة، يأوى إليه أكثر من مائتى ألف من عرب فلسطين، الذين اغتصبت الصهيونيةُ وطنهم 1948م، بتواطؤ من العالم الذى خذلهم، وبضعف من العربى الذى تاجر بقضيتهم دون أن ينصرهم، ومع الحرب الأهلية فى سوريا، انقسم أهلُ المخيم بين مؤيد للنظام السورى ومعارض له، امتدت الحربُ الأهلية إلى داخل المخيم، مات فيه من مات، وجاع فيه من جاع، وهرب منه من هرب، حتى لم يعد فيه أكثر من عشرين ألفاً من ساكنيه، بعضهم من فقراء سوريا الذين لجأوا إليه كمأوى أخير، وبعضهم من المقاتلين مع هذا الطرف أو ذاك. ومثلما تفرج العالمُ عليهم وهم ينزحون عن فلسطين 1948م، وقف العالم يتفرج عليهم وهم يُقتلون ثم ينزحون عن المخيم منذ اندلعت الحرب السورية 2012م.

الجديد، من أول إبريل الجارى: هو غزو داعش- بمساعدة عدوها جبهة النصرة- واقتحام المخيم، وارتكاب كل الموبقات والفظائع، التى يندى لها جبينُ الإنسانية- إن كان قد بقى فى هذا العالم إنسانية- لدرجة أن داعش ذبحت 25 رأساً، كما تُذبح خرافُ الأضاحى فى وضح النهار، أمام ذويهم، وعلى مرأى ومسمع ممن بقى من أهل المخيم. وفى هذه اللحظة، فإن المخيم يتقاتل فيه وعليه أكثر من اثنى عشر تنظيماً إسلامياً، بعضها مع وبعضها ضد النظام السورى، هذا النظام الذى أرهق المخيم حصاراً زاد على مائتى يوم، مهدت الطريق لهؤلاء الوحوش الذين يحاربون باسم الرب.

المؤكد أن الفلسطينيين- وقضيتهم- هم الخاسر الأكبر، فى حقبة القتال العربى- العربى، وفى حقبة الاقتتال الأهلى- الأهلى، فلم يعُد فى الفكر العربى، ولا فى القرار العربى، ولا فى الأرض العربية، مُتسعٌ لفلسطين وأهلها.

لكن الأخطر من ذلك هو: تعميم الحالة الفلسطينية فى عموم العالم العربى، السورى يبحث عن مأوى فى مخيم داخل بلده أو خارجها، الليبى يبحث عن مأوى آمن داخل بلده الواسعة أو خارجها، اليمنى يبحث عن مبيت آمن يؤويه من قصف الشقيق اليمنى أو يؤويه من قصف الشقيق العربى، وقُل مثل ذلك عن هذه الطائفة أو تلك من أبناء العراق العزيز.

آخرُ الكلام: أخشى أن تكون الحربُ- غير المبررة بأى معيار عقلى- فى اليمن، هى المرحلة الأخيرة، من مخطط إبادة العرب، لنتحول من أصحاب دول ومدن وقرى وأوطان، إلى مشردين ولاجئين وسكان خيام، ثم نُفاجأ بأن داعش- أو مايشبهها- تتحالف مع النصرة أو ما يماثلها، ثم تغزونا فى عقر المخيم، ثم تقطع رؤوسنا على الملأ.

أفيقوا، صحّوا النوم، أوقفوا كل الحروب العربية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية