x

رفعت السعيد أمريكا وإيران عودة للصداقة أم متاجرة بالخصومة؟ (1) رفعت السعيد الجمعة 10-04-2015 21:10


وكلمة «عودة» مقصودة بذاتها. فتاريخ الدولة الفارسية منذ نشأتها الحديثة فى مطلع القرن الماضى ظل ولأمد طويل مرتبطا بصداقة حميمة مع أمريكا. وتخفى الوسائل التعليمية الإيرانية اسمين لأمريكيين كانا سندا للدولة الفارسية وهما هوارد باسكرفيل والذى اغتيل فى 1909 على يدى خصوم الديمقراطية، وأيضا وليام مورجان الذى أشرف على كل الشؤون المالية فى الفترة 1902-1911 معارضا التدخل البريطانى- الروسى الذى حاول تدمير دولة فارس ماليا. واستمرت العلاقة الإيرانية- الأمريكية حميمة حتى أصدر مصدق رئيس الوزراء الإيرانى فى 1953 قرارا بتأميم البترول، وهنا نشأ تحالف جديد أمريكى- بريطانى تآمر لعزل مصدق وإعادة رضا بهلوى إلى العرش. وانحنى بهلوى للتدخل الأمريكى الذى تصاعد حتى منح العسكريين الأمريكيين العاملين فى إيران الحصانة الدبلوماسية، فتصاعد الغضب الشعبى ضده وازداد الشاه انتشاء بالمساندة الأمريكية التى كانت متورطة فى فيتنام بحيث اعتمد نيكسون خطة سماها الركيزتين لتصبح السعودية وإيران مسؤولتين عن أمن منطقة الخليج لكن إيران انفردت واقعيا بالطموح لأداء هذه المهمة. حتى شعر الأمريكيون بخطر الطموح الامبراطورى للشاه الذى بدأ يفقد شعبيته هو وأمريكا بصورة متسارعة، وعندما قامت الثورة وهرب الشاه لم يبق أمام الثوار سوى العدو الأمريكى، وكان احتلال الطلاب للسفارة الأمريكية فى طهران (نوفمبر 1979) واحتجاز رهائن، لكن إيران الخومينى واصلت الطموح الامبراطورى مغلفا بالإسلام الشيعى. وكان غزو صدام حسين لإيران مصحوبا بالرضاء الأمريكى بما زاد من حدة الكراهية لأمريكا.

وحتى التوجه النووى الإيرانى ظل ولم يزل يحظى بتأييد غير معلن من بعض الدوائر السياسية العربية. فإسرائيل تمتلك سلاحا نوويا لتهدد العرب فلم لا تمتلكه إيران لتهدد إسرائيل؟ لكن البعض لم يدرك إلا بعد فوات الأوان أن التهديد النووى الإيرانى يتجه بالأساس ضد الجيران العرب ويزداد خطر هذا التهديد عندما يستند إلى موقف أمريكى مغلف بالحنان تجاه إيران. كما نجحت إيران فى توظيف المشكلات المتفاقمة فى عديد من البلدان العربية لصالحها. فبحجة مواجهة داعش أصبحت إيران تقريبا هى المتحكم فى العراق، والأزمة السورية تحولت إلى سبيل لسيطرتها على الأمور فى سوريا، وتحت ستار مساندة بشار أصبحت إيران لاعبا أساسيا لا يمكن تغافله. وأتت إيران برجالها فى حزب الله اللبنانى ليحاربوا نيابة عنها فى سوريا، وتنشر وكالة «آكي» الإيطالية أن الحرس الثورى الإيرانى يحضر إلى سوريا دفعات من مقاتلى الحوثيين للتدريب فى سوريا والمشاركة فى القتال بحجة اكتساب خبرة عملياتية، ثم كان الانقلاب الحوثى باليمن.

ونتأمل قوس التمدد الإيرانى: العراق- سوريا- جنوب لبنان- غزة (حماس)- ليبيا- إريتريا التى أصبحت نقطة ارتكاز للعمل لحساب الحوثيين- باب المندب- اليمن مع نفوذ طائفى فى البحرين- الكويت- السعودية- الخليج- وفى ظل هذا التمدد مدت أمريكا يدها لإيران لحسابات اعتقد أنها غبية، وحاول كيرى عبثا طمأنة السعودية والخليج مؤكدا أن التقارب مع إيران ليس ضد مصالحهم. ومع التقلب الإيرانى المعتاد وانتهاز فرصة التفاوض النووى انتهزت إيران الفرصة بأكثر مما يجب وتمدد نفوذها فى اليمن بأكثر مما يجب فكانت عاصفة الحزم صرخة شجاعة ضد التلاعب الإيرانى والخداع الأمريكى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية