x

المهندس يوسف ندا المفوض الدولى للإخوان بعد رفع اسمه من قوائم تمويل الإرهاب: سأعود إلى السياسة والمنطقة ستشهد مفاجآت العام المقبل

السبت 10-10-2009 23:00 |
تصوير : other

بعد يوم عمل شاق وطويل ومساء يوم خريفى اتصل بى صديقى الإعلامى الشهير من محموله الذى ظهر من رقمه أنه فى القاهرة.. وقال لى: «كنت أتابع الجزيرة نت وقرأت للتو خبرا يقول: (رُفع اسم يوسف ندا من قائمة الإرهاب).. وأعلم أنك أجريت معه حواراً مطولاً من قبل، وأن جريدتكم مهتمة بنشر أخباره ورأيت أن أعلمك بالأمر».

شكرت الزميل العزيز واطلعت على الخبر، وفى اليوم التالى اتصلت بالمهندس يوسف ندا مهنئا وطالبا فى الوقت نفسه حوارا لـ«المصرى اليوم».

شكرنى الرجل واعداً إياى بأن يلبى طلبى فور ورود الأسئلة إليه. وبالفعل أرسلت له الأسئلة وجاءت إجاباته مثيرة كعادته، وهو الذى عندما سألت عنه مهدى عاكف، مرشد الجماعة، عما إذا كان لا يزال يوسف ندا فى موقعه كمفوض للعلاقات السياسية الدولية فجاء رده: «إذا أراد».

وإلى نص الحوار مع مفوض العلاقات السياسية الدولية فى جماعة الإخوان المسلمين المهندس يوسف ندا..

■ ما قصة رفع اسمك من قوائم الإرهاب، وما علاقة السيناتور السويسرى ديك مارتى بذلك الأمر، خاصة أنه قيل إنه هو الذى رفع اسمك من القوائم؟

- السيناتور السويسرى ديك مارتى، وهو المقرر الخاص لمجلس أوروبا، لا يقوم بشطب الأسماء من أى قائمة سواء قائمة مجلس الأمن أو القائمة السويسرية أو غيرهما.

والصحيح أن هذا الرجل أيضاً رئيس هيئة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السويسرى، ورئيس الهيئة القانونية بالمجلس الأوروبى، والمقرر الخاص به لحقوق الإنسان، وهو الذى كشف التعاون السرى بين الحكومات الأوروبية مع الـ«سى. آى. إيه» الأمريكية فى خطف ونقل المشتبه فيهم أمريكياً بنسبتهم للإرهاب إلى سجون سرية وتعذيبهم، وهى السجون المصرية والأردنية والرومانية والبلغارية والعراقية والأفغانية وغيرها.

ورغم أنه سياسى مخضرم فإن اهتمامه يرتكز على صيانة حقوق الإنسان عند تطبيق القانون، وباعتبار أن قضيتنا هى الوحيدة فى أوروبا التى تعاونت فى تحقيقاتها 12 دولة بقيادة المدعى العام السويسرى بطلب من أمريكا وبإشرافها منذ سبتمبر2001، ولم يجدوا أى دليل يثبت الاتهام الأمريكى لنا بتمويل الإرهاب، ثم أقمنا دعوى على المدعى العام فأنبته المحكمة العليا السويسرية على تأخيره وعدم إخطارنا بأى تهمة فأغلق ملف التحقيقات فى 31 مايو 2005، واعترف بعدم وجود أدلة.

رغم ذلك رفضت أمريكا شطب أسمائنا من قائمتها ومن قائمة مجلس الأمن وبالتالى قائمة الاتحاد الأوروبى وقائمة إنجلترا، وأعلنت سويسرا أنها كعضو فى هيئة الأمم ملزمة بقرار مجلس الأمن ولا تستطيع شطب أسمائنا من قائمتها وهنا تحرك السيناتور السويسرى ديك مارتى وأقام الدنيا وأقعدها وطالب بإرسال طاقم التليفزيون الخاص بالبرلمان الأوروبى ليأخذ أقوالى باعتبار أنى لا أستطيع السفر، وقام بعرضها بالصوت والصورة فى البرلمان الأوروبى، وطلب التصويت على تقريره فوافق كل أعضاء البرلمان الأوروبى عليه فيما عدا بلغاريا ورومانيا، ثم قدم مشروعه لمجلس الشيوخ السويسرى

وقال بالنص: «إن قضية يوسف ندا لا تشرف سويسرا»، وشرح موضوع ووضع يوسف ندا، وطالب الحكومة السويسرية بإخطار مجلس الأمن بأن سويسرا بعد آخر ديسمبر لن تلتزم بقائمة مجلس الأمن بخصوص أى اسم مضى على وجوده بالقائمة أكثر من ثلاث سنوات ولم يحاكم أو يثبت عليه شىء.

■ هل هناك من اعترض على مارتى؟

- اعترضت وزيرة الخارجية نيابة عن الحكومة على مشروعه وطالبت المجلس برفضه، وعندما صوّت المجلس جاءت النتيجة بالإجماع وتبنى مشروعه ولم تكسب الوزيرة صوتاً واحداً.

■ هل هناك دول من التى شاركت فى التحقيق تدخلت لوقف ذلك الأمر؟

- نعم تحركت أمريكا خشية تطبيق الحكومة السويسرية القرار وتبدأ عدوى عدم الانصياع لقرارات مجلس الأمن من دول أخرى، فرفعت الفيتو عن اسمى ووافقت على شطبه من قائمة المجلس، ولكن لم تشطبه من القائمة الأمريكية ومازال الموقف كذلك حتى الآن.

■ هل تبرئتكم ورفع اسمكم من قوائم الإرهاب يعطى مشروعية لجماعة الإخوان المسلمين، وقد قيل إن الجماعة طالبت بمشروعية أكبر؟

- لم يحدث ولا يعقل أن يحدث، لأن هذه الجماعة والمؤمنين بأفكارها يحتسبون ما يصيبهم عند الله ولا يقايضون عليه، ومشروعيتهم يستمدونها من الله وليس من غيره.

■ جاء فى جريدة «القدس العربى» خبر يقول: «إن شخصيات نافذة فى جماعة الإخوان المسلمين تدعم بقوة مساعى رجل الأعمال المصرى المقيم فى سويسرا بهدف ملاحقة النظام المصرى، وقالت - والكلام لايزال لللصحيفة - مصادر بارزة فى الجماعة إن مكتب الإرشاد عقد مؤخراً اجتماعاً ضم عدداً من القيادات انتهى إلى أن الظلم الذى وقع على ندا ينبغى أن تتضافر الجهود من أجل رفعه وتعويضه من خلال مباركة مساعيه لإعادة جزء كبير من ثرواته التى تعرضت للخسائر، بسبب ملاحقة الأمريكيين له طيلة أعوام».. ما رأيك؟

- هذا الكلام كله غير صحيح، فيوسف ندا لا يقبل أن يشغل مكتب إرشاد الجماعة بأموره الشخصية ومكتب إرشاد الجماعة عنده ما هو أهم من قضايا يوسف ندا ليهتم بها ويضحى من أجلها للمساهمة فى خدمة هذا الشعب، سواء من الشؤون الدعوية أو الاجتماعية أو الصحية أو السياسية الداخلية والخارجية أو المشاكل التى تفتعلها الدولة فى قسوة وعنف وحقد وخروج على القانون وسوء استعمال السلطة.

■ هل دعمتكم الجماعة معنوياً ومادياً؟

- دعم الجماعة المعنوى والأخوى قائم لكل مضطهد، سواء كان من الإخوان مثل يوسف ندا أو من غيرهم، ولله الحمد لم أحتج إليه ولم أهبط عن مستواى خلال السنوات الثمانى الماضية.

أما ما قيل من أن يوسف ندا يفكر فى ملاحقة النظام المصرى فالعكس صحيح، فالنظام هو الذى يلاحق يوسف ندا قبل أن يغادر مصر عام 1960 وبعد أن غادر مصر، وظل يحرض عليه الدول الأخرى بتقارير كاذبة وظالمة، بل إنه فى عام 1966 حكمت عليه محكمة النظام غيابياً بعشر سنوات سجناً، ثم فى 2008 قدمته السلطة القائمة للمحاكمة العسكرية وحُكم عليه العام الماضى غيابياً بالسجن عشر سنوات واحتسب ذلك عند الله مثل باقى إخوانه المأسورين، وكل ما قاله يوسف ندا مثل إخوانه رداً على ذلك: حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم اهدِ قومى فإنهم لا يعلمون.

■ هل تخشى النظام المصرى حالياً؟

- أنا لا أخشى هذا النظام ولا غيره ولا أخشى إلا الله، ورغم محاولتهم حصارى خلال الخمسين سنة الماضية بحمد الله وفضله لم يتوقف نشاطى السياسى والمالى والصناعى والاجتماعى والخيرى والدعوى، ورغم أنى كنت قد اخترت العمل الصامت ولكنى خرجت إلى العلن لأثبت أنهم فشلوا فيما أرادوا، ومن كان مع الله فلن يتره عمله وهو حسبه ونعم المولى ونعم النصير.

■ هل ستعود إلى العمل مرة أخرى؟

- لقد تم إكراه مصفى بنك التقوى ومصفى سبع شركات أخرى أملكها فى بلاد متعددة للتصفية بخسارة كاملة منذ سنوات وشطبت من السجلات ولا نستطيع قانوناً أن نرجع على المدينين أو المصفين أو نطالب بأوراق أو مستندات لمرور الزمن المحدد قانوناً للاحتفاظ بها وهو خمس سنوات، ولم يكن هناك أى إمكانية لنا للتدخل خلال ثمانى سنوات تحددت إقامتنا فى كيلومتر مربع وكنا ممنوعين من السفر وأسماؤنا معممة على بنوك العالم لا تتعامل معنا، ورغم أننا كنا أكبر المساهمين والمستثمرين فى بنك التقوى فقد احتسبنا كل شىء عند الله ولا يؤلمنا إلا من تضرر معنا من المساهمين أو المستثمرين الآخرين وحسبنا الله ونعم الوكيل.

■ هل سيردون لكم أموالكم التى قدرها البعض بـ200 مليون دولار وقت وضعكم على القوائم السوداء فى 2001 ؟ وما هى حقيقة أرقام خسائركم المادية؟

- لقد تحدثت الصحف هنا فى أوروبا وأمريكا عن حجم خسائرنا خلال هذه السنوات الثمانى، وبعضهم قال إنها 350 مليون فرنك سويسرى وبعضهم قال 200 مليون يورو، وآخرون قالوا غير ذلك أما أنا فما زلت لا أعرف ولا أستطيع أن أعرف، فليس عندى أى وسيلة حتى الآن لكى أعرف ماذا كان عندى اللهم إلا بعض العقارات والبعض الآخر حجزت عليه الضرائب وغيرها فى غيبتنا وتم بيعه ولا نعرف بأى رقم ولا أين أوراقهم التى مرت المدة القانونية المفروضة على المديرين والمصفين للاحتفاظ بها ونحن تحت الحصار الظالم، وحسبنا الله ونعم الوكيل

■ هل ستطالب برفع اسم البنك والشركات من القوائم؟

- نعم سنظل نطالب برفع أسماء البنك والشركات من القوائم لأمور معنوية وليست مادية، حيث قيل إننا استعملناها فى تمويل الإرهاب.

■ أنت مطلوب فى مصر لتنفيذ حكم بالسجن عشر سنوات، ورفع اسمك من القوائم السوداء يعنى أنك أصبحت حر الحركة ويمكنك أن تسافر إلى أى بلد.. هل ذلك يشكل خطورة عليك خاصة أنه يمكن تسليمك إلى مصر حال سفرك إلى دولة لها مع مصر اتفاقية تبادل مجرمين؟

-موضوع القرار الظالم- ولا أقول الحكم علىّ- فى مصر، وإمكانية تسليمى من الدول التى لها اتفاقية تبادل جنائى مع مصر، فإن هذا الأمر وارد فى دول «الغاب»، ويجب أن أتفادى السفر إليها ولا يعنى ذلك عدم حدوث مفاجآت من هبوط طائرة أستقلها اضطرارياً فى مصر عندما أمر فى سمائها لخلل فى الطائرة أو مصاعب جوية، وقد حدث ذلك عام 1966 وتحدثت مع قائد الطائرة وشرحت له فهبط فى مطار أثينا بدلاً من القاهرة.. كل هذه الأمور لم تعقنى من قبل ولن تعوقنى بإذن الله، فمصيرى بيده –الله- وليس بيد أى ظالم، وقد تربيت فى الجماعة على أن أؤمن بالقدر وأرضى بالخير وغيره مما هو مكتوب، وما علىّ إلا أن أعقلها وأتوكل.

■ ماذا يعنى شطب اسمك من قوائم تمويل الإرهاب بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين؟

- يعنى شطب اسمى بالنسبة للإخوان المسلمين مثلما يعنى خروج أى أخ من المسجونين أو تبرئته فى محاكم عادلة.

■ ماذا عن القضايا التى رفعتها أمام القضاء السويسرى؟

- بخصوص القضايا وما أصابنى فى هذه السنوات الثمانى فمازالت أمام المحاكم السويسرية قضيتان، وأخرى فى المحكمة الأوروبية رفعتها ويصر المحامون على أن أستمر فيها لأسباب معنوية لعائلتى من بعدى.

■ هل ستعود إلى عالم المال والأعمال مرة ثانية؟

- سأعود إلى عوالم المال والأعمال والسياسة، وسوف «ترجع ريمة لعادتها القديمة» إلى أن يشاء الله غير ذلك، وهذه لم تكن الجولة الأولى فى حياتى ولن تكون الأخيرة بإذن الله.

■ وماذا يعنى ذلك أيضاً بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين ووضعك فيها؟

- عشت منذ صباى مؤمناً بأفكارها –الجماعة - ملتزماً بخطها أكثر من 60 عاما ولم أشغل أى موقع فيها غير ما أمرتنى به قياداتها وهو موقع واحد سمى مفوض العلاقات السياسية الدولية، وأعتقد أنى بحمد الله أنتجت ووفقت فى إنجاز الكثير فى هذا الموقع وأنا لا يمكن أن أقبل ولا أصلح لأى موقع آخر حتى ولو كان موقعاً استشارياً، وحسب لائحة الجماعة فإن المرشد من حقه ومن صلاحياته أن يكلف من يشاء بأى مهمة ولا يستدعى ذلك موافقة مكتب الإرشاد أو غيره، ولا أملك ولا أستطيع أن أرفض هذه المهمة إن ألقاها علىّ هو فى المدة الباقية له كما حددها أو من يخلفه إن كان لى بقية من عمر أو جهد ومادام الأمر فقط من صلاحيته فعليك توجيه السؤال له وليس لى.

■ ما تعليقكم على براءتكم؟

- طلبك أن أعلق على تبرئتى فى الخارج وإدانتى فى مصر فأقول بصوت حزين «بلادى وإن جارت علىّ عزيزة.. وأهلى وإن ضنّوا علىّ كرام»

■ دائما ما يتجدد بين الحين والآخر فى الجماعة الاعتراض على ترشيح المرأة والأقباط لرئاسة الدولة.. هل مازلت عند رأيك؟

- الاعتراض على ترشيح المرأة والمسيحيين المصريين (لا أقول الأقباط لأن كثيراً من المسلمين المصريين أقباط)، فإن الإخوان قالوا إنه فى الفقه الاسلامى توجد آراء مختلفة وأنهم اختاروا من بينها هذا الرأى فقامت الدنيا ولم تقعد، وكأن الإخوان ارتكبوا جريمة تستحق أن يتم نفيهم من الأرض أو تنصب لهم محكمة أخرى تضعهم جميعاً فى معسكرات الاعتقال، ثم إن الحديث كله يدور على الترشيح لا على نتائج الانتخاب أو التصويت.

وما هو ملزم لكل أفراد أى شعب هى نتائج انتخابات حرة نزيهة، أما الترشيح أو التصويت فكلاهما من الحقوق الشخصية التى لا يجوز التدخل فيها وهما مكفولان، وهما فى كل أشكال الديمقراطيات لكل مكونات المجتمع سواء كانوا أفرادًا أو أحزاباً أو جمعيات.

وأقوال الدكتور محمد حبيب، نائب المرشد، توضح ذلك، حيث قال: الإخوان اتفقوا فيما بينهم فى حال قرروا ترشيح أحد أعضاء الجماعة للرئاسة أو تم تأسيس حزب للإخوان قام بدعم مرشح فلن يكون إلا ذكراً مسلماً ولن يكون قبطياً أو امرأة ولكن انطلاقا من إيماننا بمبدأ الديمقراطية القائمة فمن حق أى فصيل سياسى لا ينتمى إلينا أن يرشح نفسه أياً كان دينه أو جنسه أو مذهبه، ولسنا ملزمين بتأييده أو بدعمه وفى حالة أن اختار الشعب رئيساً قبطياً فإن الإخوان سيتعاملون معه أيا كان اسمه، ورغم أنى وكثيراً من الإخوان فى الداخل وفى الخارج (ونحن أقلية) لا نميل لهذا الاختيار ولكن رأى الأغلبية فى هذا الوقت هو الذى أعلن.

■ هل هذا الرأى قابل للتغيير أم لا؟

- إذا نظرنا بموضوعية لهذا الرأى نجد الآتى:

1- هذا الرأى الفقهى تبناه كثير من الإخوان الآن، وليس معنى هذا أنه قرار أبدى أو آية قرآنية غير قابلة للتغيير، ولعلهم يقتنعون بغيره فيعدلون عنه ويختارون عكسه مما هو موجود أيضاً فى آراء فقهية أخرى والآراء الفقهية كلها صناعة بشرية وليست منزلة ويمكن تغيير الفتوى فى ظروف كثيرة تحدث عنها العلامة القرضاوى فى كتابه (تغير الفتوى).

2- لعل القواعد تأتى بغيرهم ممن لهم قناعات بآراء فقهية أخرى فتتغير قراراتهم أيضاً من المنظور الشرعى الذى يلزمنا جميعاً.

3-الإخوان شريحة من شرائح الشعب المصرى وليست غالبيته، فإن تبنت الغالبية غير رأيهم فلابد أن يلتزموا بقرار الأغلبية ولن يستطيعوا تطبيق اختيارهم بل سيعلنون التزامهم بالنتائج، كما قال الدكتور محمد حبيب، نائب المرشد.

4- إن كنّا ننادى بالديمقراطية فعلى المخالفين فى الرأى من الإخوان مثلى أن يستمروا فى الحوار ويتحركوا لتوليد قناعة عند الأغلبية من الإخوان برأى فقهى مختلف فتضطر قيادة الجماعة لتبنى الرأى الآخر وليس عيباً أن يكون هناك حوار داخلى، خاصة فى المسائل الحساسة أو المصيرية ولا يعنى هذا الانقسام ولكن الإبداع رغم أنه فى حالة تبنى أغلبية الإخوان قراراً فالكل ملزم به.

5- إن كنا نتحدث عن ترشيح وانتخابات فهذا يعنى أننا نتحدث عن نظام ديمقراطى وليس عن نظام شمولى وأرى أن هناك خلطاً بين مفهوم أمير المؤمنين الذى سمى موقعه فقهيا بالولاية العظمى وصلاحياته وهذا غير موجود فى أى دولة الآن ( سواء كان كل أو غالبية مواطنيها أو أقلية منهم مسلمين) وبين ما هو مقرر فى رئاسة النظم الديمقراطية وصلاحيات رؤسائها.

وقد رضينا بأن نحكم بما لا يخالف الشريعة الإسلامية فى نظام ديمقراطى لا يتنافى مع المساواة بين المحكومين والتعامل معهم من منطلق العدل والمواطنة التى تساوى بينهم فى الحقوق والواجبات فى أى موقع ولو كان رئاسة الدولة الديمقراطية الذى ليس فقط تأتى به الأغلبية ولكن تعزله إن لم يلتزم بما تراه.

وكما لا ينتظر من شيوعى أو ممن لا يؤمن بالأديان أن يرشح أو ينتخب شخصاً من الإخوان ويعتبر ذلك من أبواب حرية الرأى فلماذا يحرم غيرهم من هذه الحرية؟!

■ ما رأيك فى ما يقوله أحمد رائف ضدك؟ وهل هو من القيادات فى الإخوان؟

- الواقع أنى تعجبت عندما كتب عنه أنه قيادى سابق فى الإخوان وكأنها قيادة عربة بحصان كل من علا صوته واسمع المارّة سمى بقائد عربة (ولا أحب أن أذكر مسمى السائق بالعامية حتى لا يظن أنى أقصده).

والعالم كله يعلم أن قيادات الإخوان (التى لم أتشرف فى يوم ما أن أكون منها) لها مواصفات ومقاييس معينة تنسب إلى الالتزام الدينى والخلقى والصدق فى القول والعمل والمعاملة وبدون قدح فى الرجل وبكل صراحة وأدب أقول إنه ليس فى مواصفاته الشخصية أو سلوكه ما يؤهله لهذا الموقع.

وليس المقصود أن أقدحه أو أهجوه وما يسرى عليه يسرى على المليجى وعلى عفيفى وغيرهما ممن ظنوا أنهم سيثيرون زوبعة ولمّا انتهوا منها وجدوها لم تتعد فنجانا وقذفت فى سلال المهملات مع قصاصات الصحف والمجلات.

وبصفتى أحد الإخوان من حقى أن أعترض على من يدعى أنه كان من قيادات الجماعة التى أخضع لها.

وعندما أعود بذاكرتى إلى البداية أذكر أن الدكتور توفيق الشاوى رحمه الله اهتم بنشر كتابين لمسجونين كانا فى السجن لأسباب لا علاقة لها بالإخوان، وخرجا قبل بداية خروج الإخوان الأول لبنانى اسمه روكسى معكرون وهو لبنانى مارونى كان يقضى حكماً فى قضية مخدرات ومن هول ما رأى من تعذيب الإخوان، عاهد نفسه أن يسجل كل ما رأى وينشره وبمجرد خروجه من السجن كتب الكتاب وسماه «أقسمت أن أروى» وقص فيه ما شاهد من تعذيب الإخوان، والثانى كان أحمد رائف الذى كتب كتابا سماه «البوابة السوداء» وعندما عرضت مسودات الكتابين على الدكتور توفيق الشاوى رحمه الله والذى كان فى هذا الوقت ملقى على كاهله كثير من المسؤوليات الإخوانية فى الخارج قرر تبنيهما وتولى نشرهما بداية من بيروت،

ولأن الكتابين نقلا صور تعذيب الإخوان فى السجون بوضوح فقدر الإخوان كاتبيهما وعناوينهما فى نشر كتبهما على نطاق واسع ورفض معكرون أن يستفيد مادياً من نشر كتابه واعتبره واجباً برّ به قسمه أما أحمد رائف فقد استفاد مادياً وتقرب للإخوان واستفاد من قربه منهم وعلاقاته معهم وكان رأس ماله فى علاقته معهم وبداية ظهور اسمه هو هذا الكتاب، ووافق بعض أفراد الإخوان أن يستثمروا معه فى دار النشر رغم أنه كانت سكرتيرته فيها زوجة أحد أهم ضباط أمن الدولة ودارت الأيام وزارنى هنا فى سويسرا ثم أرسل لى مراسلات مازلت محتفظاً بها لأسباب إثباتات قانونية ولا أريد الحديث عنها الآن إلا إذا اضطررت.

■ هل أنت مستعد للحوار مع الأمريكان؟

- أقول إنى أحاور العدو والصديق وليس فى ذلك عيب أو خطأ أو محظور شرعى أو وطنى والأصدقاء والأعداء فى كل مكان يتحاورون والله جل جلاله تحاور مع إبليس وسيدنا إبراهيم تحاور مع من أرادوا حرقه وأمر الله موسى بأن يذهب إلى فرعون ويحاوره ليخلص قومه من العذاب، والرسول صلى الله عليه وسلم تحاور ليس فقط مع اليهود والنصارى بل مع المجوس والذين أشركوا وكل من آمن به كان كذلك قبل أن يحاورهم ويؤمنوا ولهذا أقول إن المانع الشرعى لأى حوار مع أى جهة غير موجود أما الأسباب المحلية من مكان إلى آخر خاصة إن كانت تهديدية فلا علاقة لها لا بدين ولا بسياسة أو وطنية والأبحاث لا يجب أن توقف وأن أهم ما يجمع المجتمعات البشرية هو حوارهم وتبادلهم المصالح والخبرات وحل المنازعات أو شرح الحقوق والدفاع عنها وكيف أستطيع أن أدافع عن حقى إن امتنعت عن إيضاحه وإثباته للصديق والعدو ومغتصب هذا الحق أو المساهم والمدعم لاغتصابه أو من يمكن أن يدعمنى لاسترداده.

أما الموانع النفسية أو السياسية الانتقائية فلا علاقة لها بالدين ولا بالوطنية ولكن بالسلطة التنفيذية التى تغير المصطلحات وتفعل الشىء وتلقى تهم الخيانة على من يفعله غيرها.

«الإخوان المسلمين» لم يعودوا جمعية فى حى من أحياء أى دولة إسلامية، ولكنهم الآن فى كل مكان فى العالم، وليس هناك أى تجمع دينى أو سياسى فى أى دولة إسلامية أكبر من تجمعاتهم هم والمتعاطفين معهم فكيف يطلب منهم أن يوقعوا أنفسهم ويتحركوا طائعين فى الحيز الذى يرسمه لهم من يريدون إبادتهم.

تتصل بعض السلطات الديكتاتورية المذلة لشعوبها بالأمريكان وإسرائيل والغرب بل وبكل من لا يريد الخير لهذه الشعوب وتتعاون معهم ضدها ولكن تحرك أى فصيل من هذه الشعوب ليشرح حقوقه أو موقفه أو يتفاوض مع هذه الجهات من أجل حقوقه وحقوق الشعوب المستضعفة وصفته هذه السلطات الديكتاتورية بالخيانة كأنما حرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس.

■ لكن هناك قراراً من الجماعة بعدم التعامل مع الأمريكان إلا فى وجود ممثل للدولة!

- إن قرار الإخوان فى مصر عدم لقاء أى مسؤول أمريكى يحضر إلى مصر أو مقيم فى مصر إلا بوجود مندوب رسمى مفوض من السلطة التنفيذية هو قرار محلى للإخوان فى مصر مفصل ومحسوب على مقياس الوسائل التى يتبناها الإخوان فى مصر فى ظل الاضطهاد والقسوة والظلم والإعلام الرسمى المسيطر عليه والموجه لاختلاق تهم وإلصاقها بهم وهذا القرار سواء كان حكيما أو غير ذلك أو مؤقتاً أو غير ذلك لا يسرى إلا على الإخوان فى مصر، أما الحاجز النفسى المضلل أو المفروض الذى وجد فى المنطقة ليعزز الاحتكار الديكتاتورى للحوار والاتصال والانفتاح على الآخر أياً كان ولو كان الشيطان أو فرعون هذا الحاجز قد سقط من قواميس حركة الإخوان فى خارج مصر وأرجو أن يسقط قريباً من قاموس الإخوان أيضاً فى مصر.

■ ماذا عنك بشكل شخصى؟

- سؤالك عنى أرد عليه بالقول بأعلى صوت لم أكن فى أى يوم ولن أكون خاضعاً لهذه القيود الظالمة وكنت أتحرك بحرية فى اتصالاتى وحوارى بلا قيود إلا الحدود الشرعية والوطنية والمستلزمات السياسية فى أوقات حريتى وأيضاً فى وقت تحديد إقامتى ووضعى على القوائم الدولية خلال الثمانى سنوات الماضية، وسأظل كذلك إن شاء الله وقد تسمع المنطقة بمفاجآت أوائل العام المقبل إن أحيانى الله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية