يمتلك التاريخ رونقًا خاصًا لا يضاهي متعة الغوص فيه أي شيء آخر، فالكل يدرك أن الأهلي هو سيد الكرة المصرية بالبطولات والأرقام والتاريخ، تفوق على الجميع بلا استثناء، ومنهم دراويش الإسماعيلية المهرة، إلا أن التنقل بين سنوات التاريخ القديم، يكشف الكثير والكثير من اللمحات الغريبة، التي تجذب الأنظار وتثير الاهتمام دومًا، فيما يخص كلاسيكو الكرة المصرية.
المؤكد أن الأهلي يتفوق رقميًا على الإسماعيلي في كل شيء، مع الاحتفاظ بحق الفريق البرتقالي في الاحتفاظ بلقب فارس الغزوة الأفريقية الأولى على حساب كل الفرق المصرية، ولكن أثناء التجول بين صفحات التاريخ، كان من المثير أن نقرأ عن سيطرة الأهلي المطلقة على بطولة الدوري في فترة الخمسينات من القرن الماضي، والإسماعيلي ضمن تلك الفرق التي اعترفت بسطوة المارد الأحمر وقتها، فتواجه الفريقان في 18 مباراة خلال بطولات الدوري آنذاك، فاز الأهلي في 12 منها بنسبة «66.6%»، وبالمناسبة هي ليست النسبة الأعلى له أمام الدراويش، الذين حققوا الفوز في 3 مباريات، وتعادل الفريقان في مثلها. المثير أن الأهلي سجل أهدافًا، مزقت شباك الدراويش بعنف خلال تلك الفترة، خلال هذا العقد «10 سنوات» ما بين 1948-1949 و1957-1958فقط بسبب هبوط الإسماعيلي بعدها إلى دوري الدرجة الثانية حتى عاد في موسم 1963-1964، وأحرز أبناء القلعة الحمراء 40 هدفا بمعدل 2.2 هدف في كل مباراة، وهو المعدل الأغزر والأكبر للفريقين طوال كل مواجهاتهما عبر تاريخ الدوري، وكان رد الدراويش بـ 18 هدفا فقط .
خلال تلك الفترة، حقق الأهلي أفضل معدلاته الرقمية أيضا من حيث عدد مرات الفوز المتتالي على حساب الدراويش، وفاز فريق صالح سليم وقتها بـ 6 مباريات متتالية بدأها بانتصار في الدور الأول من موسم 55-56 بنتيجة 3-2، قبل أن ينهيها في الدور الثاني من موسم 57-58 بالفوز التاريخي 8-0 ليدفع بالدراويش نحو الهبوط، وسجل الأهلي ثاني أفضل أرقامه بعدم الهزيمة أمام الدراويش في 10 مباريات من الدوري خلال 5 أعوام تقريبا. بعد ابتعاد الإسماعيلي عن الدوري الممتاز، عاد في موسم 62-63 ليتجنب مواجهة الأهلي بسبب دوري المجموعتين وقتها، قبل أن يواجه الشياطين الحمر في الموسم التالي، 63-64، لأول مرة بعد 5 سنوات تقريبا، محققا أكبر فوز له في تاريخ مبارياته أمام الأهلي «4-1» في الدور الأول قبل أن يعاود الفوز في الدوري الثاني بنتيجة 2-1، لتبدأ حقبة الستينات بداية رائعة لأبناء الدراويش.
الإسماعيلي نجح في تحقيق الفوز في ثلاث مباريات متتالية على الأهلي بعد فوزه الثالث في الدور الأول من موسم 64-65، وهو الرقم الأفضل للدراويش، حيث لم ينجح الإسماعيلي في تحقيق الفوز في 3 مواجهات متعاقبة أبدًا أمام المارد الأحمر، وحرمت الحروب المصرية الإسرائيلية أبناء القناة من استكمال نتائجهم الجيدة في فترة الستينيات أمام الأهلي، حيث تواجه الفريقان في 8 مباريات فقط، فاز الدراويش في 5 منها بنسبة «62.5%» وهو الأفضل لهم على الإطلاق عبر التاريخ، سجلوا وقتها 14 هدفا في أفضل معدلاتهم «1.75 هدف / مباراة» التي لم تتكرر قط، مقابل فوزين للأهلي وتعادل واحد، وأحرز الاهلي 10 أهداف، كلها خلال 4 مواسم فقط، بعدما توقفت بطولة الدوري منذ عام 1967 حتى 1971 ثم إلغاء البطولة في موسم 71-72 بسبب شغب جماهيرهما ومعها جماهير الزمالك أيضا .
في السبعينيات، ظهر جيل الأهلي الخرافي، الذي منح دراويش الإسماعيلي وقتًا عصيبًا، بعدما لعبا سويًا منذ موسم 72-73 حتى موسم 79-80، 14 مباراة، فاز الخطيب ورفاقه في 10 منها، بنسبة «71.4%» وهى الأفضل على الإطلاق، مقابل فوز يتيم للإسماعيلي والتعادل 3 مرات، هز لاعبو الأهلي خلالها شباك الدراويش 21 مرة مقابل 4 أهداف برتقالية فقط، والطريف أن فوز الإسماعيلي الوحيد كان في الموسم الذي سبق حرب أكتوبر 1973، وبعدها لم يتذوق أبناء السمسمية طعم الفوز إلا في عام 1983! تلك الفترة مع بداية حقبة الثمانينيات، شهدت 10 سنوات سمان لفريق الأهلي أمام الإسماعيلي في بطولة الدوري، لم يعرف خلالها الشياطين الحمر معنى الهزيمة في 18 مباراة متتالية، وهو الرقم الأكبر والتاريخي في مواجهات الفريقين، وما بين عامي 73 و83، حقق الأهلي الفوز في 13 مباراة وتعادلا في خمس أخرى، وفشل أبناء الدراويش في هز الشباك الحمراء خلال 12 مباراة منها .
عقد الثمانينيات «1980 – 1990» لم يشهد اختلافًا كبيرًا في سيطرة الأهلي على مجريات أمور مبارياته أمام الإسماعيلي، حيث لعبا سويا 19 مباراة، فاز الأهلي في 12 منها «63%» مقابل فوزين للدراويش وخمس تعادلات، وسجل الأهلي 26 هدفا فيها مقابل 12 هدفا إسماعيلاويًا .
وعقب عودة الدوري لاستئناف نشاطه بعد مونديال إيطاليا 1990، نجح الدراويش في تحقيق بداية قوية أمام أبناء القلعة الحمراء، بعدما تمكنوا من الصمود بلا هزيمة في خمس مباريات متتالية خلال موسمين، بل وانتزعوا لقب الدوري بمباراة فاصلة في موسم 90-91، محققين رقمهم السابق بالفوز على الأهلي في 3 مباريات متتالية في بطولة الدوري، وشهدت مبارياتهما 10 تعادلات من إجمالي 21 مواجهة، وهي النسبة الأكبر على الإطلاق أيضا «التعادل في نصف عدد المواجهات تقريبا».
تلك الفترة «1990 – 2000»، شهدت فوز الأهلي في 6 مباريات فقط، مقابل 5 للإسماعيلي، والـ 10 تعادلات المذكورة، أحرز فيها رفاق حسام حسن 24 هدفا مقابل 17 هدفا لزملاء أبوجريشه، وهى الفترة الأقوى والأكثر ندية وصعوبة في مواجهات الفريقين في مختلف البطولات. ومثلما كان الحال في بدايات التسعينات، انطلقت الألفية الجديدة بصعود للدراويش مجددا على حساب الأهلي، ولم يتمكن الاخير من هزيمة الإسماعيلي خلال عامين «2000 – 2002» وفاز أبناء القناة بدوري جديد على حساب الفريق الأحمر، حتى أتت فترة الجيل الأسطوري الذهبي الأهلاوي مع مديرهم الفني الكبير، البرتغالي مانويل جوزيه، ليرجح كفة المارد الأحمر في النهاية، بعدما حقق ثاني أفضل معدلاتهم أمام الإسماعيلي، بالفوز في خمس مباريات متتالية «بينها ثاني أكبر هزيمة للبرتقالي، بسداسية نظيفة، مثلما كان الحال في موسم 96-97». وخلال المواسم من 2000 حتى 2010، لعب الفريقان 21 مباراة أيضا في الدوري، فاز الأهلي في 9 منها، وفاز الإسماعيلي 5 مرات، مقابل 7 تعادلات، سجل أبناء جوزيه وزملاء أبوتريكة 29 هدفا مقابل 18، في ثاني أفضل حقبة لمواجهات الفريقين، وخلالها لعبا سويا أجمل مباريات الدوري المصري عبر تاريخه، في موسم 2001-2002، والتي انتهت بالتعادل 4-4، بالإضافة إلى مباراة فاصلة جديدة قوية جمعتهما في ختام موسم 2008-2009 وحسمها الأنجولي الأسمر، فلافيو، برأسه وهدف وحيد منح الأهلي بطولة جديدة.
أخيرا، وعقب توقفات كثيرة وإلغاء للبطولات وإقامة الدوري من مجموعتين، ووسط الكثير من حالات الشغب والدماء والعنف والفشل في إدارة اللعبة في مصر، لم يتواجه الفريقان منذ موسم 2010-2011 وحتى الآن سوى في 4 مباريات، فاز الاهلي في 2 وخسر واحدة وتعادلا في أخرى، وسيكون علينا الانتظار إذا أطال الله العمر حتى موسم 2019-2020 لمعرفة لمن دانت تلك الحقبة؟ الجدير بالذكر أن هذا اللقاء يحمل الرقم 106 في تاريخ مواجهات الفريقين في الدورى، بما فيها المباريات التي أقيمت خلال المواسم الملغية أو حتى المباريات التي لم تكتمل بينهما بسبب أحداث الشغب، وحقق الأهلى الفوز في 53 مباراة من إجمالى 105، بينما انتصر الدراويش على المارد الاحمر في 22 مواجهة سابقة، وتعادل الفريقان في 30 مباراة، هز الأهلى شباك الإسماعيلى 154 مرة مقابل 87 هدفا لصالح الدراويش.
وشهدت ثلاث مباريات بين الفريقين أزمات كبيرة، الأولى في موسم 56-57، وبسبب عدم احتساب ركلة جزاء للإسماعيلي، ثارت جماهيره، لتنتهي المباراة عند الدقيقة 87 وقت تقدم الأهلي 3-2 وانتهت إلى تلك النتيجة.. والمرة الثانية خلال موسم 71-72 وتم إيقاف مباراة الأسبوع الثالث بينهما بسبب شغب الجماهير في الدقيقة 31، وتقرر إقامتها بعد شهرين، إلا ان البطولة كلها لم تستكمل بعد شغب جماهير الأهلي والزمالك في الأسبوع التاسع .
المباراة الثالثة التي أثارت أزمة أيضا كانت خلال موسم 79-80، وأثارت جماهير الأسماعيلي شغبًا كبيرًا بعدما أحرز الأهلي هدفه الأول في الدقيقة 72 عن طريق لاعبه وقتها، جمال عبدالحميد، لتلغى المباراة وتحتسب النتيجة 2-0 لصالح الأهلي اعتباريًا. التاريخ يشير إلى أن أولى مباريات الفريقين كانت في موسم 1948/1949 مع بداية مسابقة الدورى المصرى الممتاز، وفاز الاهلى يومها بهدفين نظيفين، رد عليهما الإسماعيلى في لقاء الدور الثانى من نفس الموسم بفوز بنتيجة «2/1».. وآخر مبارياتهما انتهت بالتعادل السلبي في الدور الأول من البطولة الحالية على ملعب الجونة أيضا الذي يحتضن المواجهة الحالية .
آخر فوز للأهلي كان خلال الأسبوع السابع من بطولة الدورى التي لم تكتمل موسم 2011/2012 بسبب أحداث ملعب بورسعيد، وأقيمت تلك المباراة في السابع والعشرين من ديسمبر 2011 وفاز بها الأهلى بهدف لعبدالله السعيد في المباراة التي شهدت استخدام 7 بطاقات صفراء وطُرِد فيها مدير الكرة الحالى بالأهلى، وائل جمعة. وآخر فوز للإسماعيلى كان في لقاء الأسبوع الحادى عشر من موسم 2010/2011 والذى انتهى بنتيجة «3/1»، وكانت أكبر نتائج مواجهات الفريقين لصالح الأهلى بالفوز بثمانية أهداف تاريخية في الأسبوع الثانى عشر من موسم 1957-1958 والتى أحرز فيها المايسترو الراحل، صالح سليم، سبعة أهداف بمفرده.