x

قطار انفصال جنوب السودان انطلق.. والحركة الشعبية تحشد المعارضة الشمالية لتعزيزه

الخميس 08-10-2009 23:00 |

مؤتمرات ضخمة صاخبة.. زيارات على أعلى المستويات الدبلوماسية.. صفقات عسكرية ونفطية.. تغيير مناهج وصك عملات.. كل ذلك أمر عادى فى أى عواصم العالم، ولكن أن يجرى فى عاصمة إقليم جنوب السودان فهذا يعنى أن إرهاصات انفصال جنوب السودان عن الشمال باتت أمرًا واقعًا وليس محتملًا.

أخر تلك الإرهاصات مؤتمر جوبا الذى نظمته الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة السابقة فى الجنوب والذى وصفه الخبراء والمراقبون بأنه انقلاب سياسى لقوى المعارضة الشمالية ضد نظام الرئيس عمر حسن البشير الذى يواجه ضغوطًا دولية متصاعدة بسبب قضية ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية له بتهم ارتكاب جرائم حرب فى إقليم دارفور، وتعالت الأصوات بتنحيه عن السلطة.

وعقد المؤتمر فى هذا التوقيت يحمل دلالات مهمة، فعلى مستوى الحراك الديمقراطى هو «انقلاب سياسى أبيض»، من قبل الأحزاب الكبرى فى الشمال وزعمائها على رأسهم الصادق المهدى وحسن الترابى، يسعى لخنق حزب المؤتمر الوطنى الحاكم.

 كما أن المؤتمر ناقش قضايا محورية سيتحدد عليها مصير البلاد فى الفترة المقبلة مثل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة والتنمية والوضع فى دارفور والاستفتاء على الوحدة وكذلك تعديل اتفاق نيفاشا للسلام مع الجنوب، والذى ترى القوى السياسية الشمالية والجنوبية أنهما أقصيا منه، وخاصة مبدأ توزيع الثروة. كما طالبت المعارضة السودانية بإدخال تغييرات على قوانين قالت إنها تعرقل حرية دعايتها للانتخابات القادمة وقالت إنها ستقاطع الانتخابات إذا ظل الأمر على ما هو عليه.

ثانى هذه الدلالات وأهمها أن الحركة الشعبية استغلت المؤتمر لحشد القوى السياسية فى الشمال لصالح خيار الانفصال، وبرز ذلك من خلال الأوراق التى تقدم بها المشاركون فى المؤتمر، وأبرزها ورقة حزب الأمة القومى حيث طالب زعيم الحزب الصادق المهدى بأن يكون للجنوبيين المنتخبين الحق فى تقرير المصير بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وكان حزب الأمة وقع مؤخرًا فى جوبا إعلان مبادئ مع الحركة الشعبية يقضى بأن يُحترَم «انفصال الجنوب وتكوين دولتين جارتين.

وبعيدًا عن مؤتمر جوبا ودلالاته، فإن الحركة الشعبية أطلقت إرهاصات الاستقلال، وأولها تصريحات الناطق الرسمى باسم الحركة، يين ماثيو، حيث قال «إن شعب الجنوب أقرب إلى الانفصال بسبب ما يعانيه من التفرقة وسوء المعاملة من الشمال».

كما قامت حكومة الجنوب بفتح 18 مكتبًا فى عدد من الدول الأفريقية والأوروبية والعربية، على رأسها «قنصلية» فى الولايات المتحدة الأمريكية، منحت الأخيرة وضعًا دبلوماسيًا مميزًا كذلك الحال بالنسبة لتايوان وتيمور الشرقية. وأنشأت بنكًا مركزيًا جديدًا وصكت عملة خاصة بها.

وبجانب ذلك قامت الحركة بتغيير المناهج التعليمية بجنوب السودان، من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، ومنعت ارتداء الحجاب فى بعض مدارس ولايات الجنوب.

وبجانب الإرهاصات يبدو أن دول الجوار على استعداد لقبول انفصال الجنوب، فقد أعربت القاهرة أنها استعدت للسيناريو المحتمل بانفصال الجنوب عن الشمال، مؤكدة أنها تتمتع بوجود قوى فى الجنوب. كما أعلن الزعيم الليبى معمر القذافى أنه يؤيد انفصال جنوب السودان عن شماله.

وبعد مؤتمر جوبا فإنه يبدو أن قطار انفصال الجنوب انطلق حتى دون أن يتم وضع القضبان السياسية والأمنية لتسهيل حركته، حيث تتواصل تحرشات قوات الجيش الشعبى بالمواطنين غير المنتمين للحركة، فضلا عن غياب الحريات السياسية والديمقراطية واستفحال الصراع الجنوبى الجنوبى والذى تجاوز 17 صراعاً خلال العالم الجارى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية