كرة القدم شاهدة على إيران الجديدة ياسر أيوب السبت 04-04-2015 21:09

لأنى أحب كرة القدم بصدق واقتناع واحترام ورومانسية.. لا أقبل تغييبها مهما تغيرت الأحداث والحسابات، وراحت الأضواء تجرى وراء أحداث وأخبار أخرى سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.. ويدفعنى الحب الحقيقى لكرة القدم للتفتيش لها عن مكان ودور ووجود فى كل وأى قضية أو حكاية.. وإذا كانت مصر الآن مضطرة لأن تعيد كل حساباتها السياسية والاقتصادية بعد توقيع الاتفاق النووى بين الولايات المتحدة وإيران بكل ما سينتج عن ذلك من بعثرة لكل أوراق اللعب على كل موائد الشرق الأوسط.. فإنه يرقى إلى مرتبة الجريمة أو الخيانة ألا نسعى كلنا إلى استغلال كل وسيلة وشاشة وكلمة وأى نقطة ضوء للفت انتباه الجميع فى مصر لما سيجرى حولها وداخلها بعد هذا الاتفاق.. فقد بدأنا زمن الغرام الإيرانى الغربى.. وستنفتح خلال أيام وأسابيع مقبلة كل الأبواب أمام إيران لتصبح القوة الأكبر والأهم سياسياً واقتصادياً فى الشرق الأوسط.. وبدورها بدأت إيران تتنازل عن كثير من قواعدها وملامحها القديمة لتحافظ على هذا الغرام الجديد.. وقد كانت كرة القدم هى أول شاهدة على هذا التغيير.. فقد فاجأت إيران العالم بقرارها فتح أبواب ملاعبها أمام النساء أخيرا بعد ستة وثلاثين عاما من منع أى امرأة أو فتاة من دخول أى ملعب كرة.. كان ذلك حراما فى إيران حين قامت الثورة الإسلامية عام 1979، أما الآن وفى إيران الجديدة فلم يعد من الضرورى منع النساء من الفرجة على كرة القدم.. وقد ترى أنت الآن هذا مجرد خبر عادى لا قيمة حقيقية له.. وأنه لا يعنى أى شىء وسط الانشغال بالاتفاق النووى مع الغرب وإلغاء الحظر والعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران منذ سنين.. لكن ذلك ليس صحيحاً.. ففتح أبواب الملاعب الإيرانية للنساء وفى هذا التوقيت بالتحديد يعنى أن إيران بدأت بالفعل التنازل عن أحلام الثورية والخروج من قمقم تصدير المد الشيعى والاستقالة من كل الاتهامات سابقة التجهيز التى اعتدنا سماعها وترديدها هنا فى مصر لتصبح الدولة الأكبر والأقوى والأهم بمفاهيم الزمن الحالى، وأنها ستلعب مع الغرب بأوراق السياسة والاقتصاد والمجتمع تاركة إسرائيل خائفة ومرتبكة وحائرة وكارهة لواشنطن وحكومتها والعرب ومعهم المصريون لايزالون يبنون كل أحلامهم وطموحاتهم وفق أسس وحسابات انتهت صلاحيتها تماما منذ لحظة توقيع هذا الاتفاق والإعلان عنه والاحتفال به أيضا فى طهران، التى احتفلت بالأعلام الأمريكية لأول مرة.. صحيح أن إيران لم تسمح إلا للنساء غير الإيرانيات بدخول الملاعب، لكنها قريباً جداً ستسمح بذلك للإيرانيات أيضا، سواء كان ملعب كرة أو أى لعبة أخرى.. بل إن إيران أسقطت أيضا الحكم بالحبس سنة عن الفتاة الإيرانية جنجا كوامى، التى تم القبض عليها متلبسة بالفرجة على مباراة للكرة الطائرة، فكان عقابها القضائى هو الحبس لمدة سنة.. وبعد خمسة أشهر فى السجن خرجت كوامى بإطلاق سراح مشروط.. إلا أن إيران أسقطت الحكم كله ولم تعد الرياضة والفرجة عليها من الجرائم التى تستوجب المحاكمة والسجن فى إيران.