x

لماذا الرعب.. ولماذا تطفيش السياح؟

الأحد 04-10-2009 23:00 |

لماذا هذا الرعب؟! أولادنا فى البيوت لا حديث لهم إلا عن أنفلونزا الخنازير، فهم ذهبوا إلى مدارسهم وهم يضعون أيديهم على قلوبهم.. صحيح أن العالم يحذر من وباء الأنفلونزا، ولكن ليس بالصورة التى تحذرنا بها حكومتنا، فالمفروض أن نأخذ حذرنا لكن ليس بهذا الحجم الذى يتحول إلى رعب مخيف يهدد السياحة فى بلدنا.

بلدنا نظيف وليس من البلاد الموبوءة حتى نطفش السائح منه، أو أن نغلق أبواب السياحة بأيدينا.. فلماذا تتحول حملات التوعية والتحذير إلى حملات للتخويف والتهويل.. ثم ما قصة المقابر الجماعية التى أعدتها الحكومة وكأنها على يقين بأن فيروس أنفلونزا الخنازير لا يقل خطورة عن فيروس الكوليرا؟!

أنا شخصياً مع التوعية التى لا تسبب الرعب ولا الاكتئاب، لماذا لا نكون مثل العالم، نحمل الدعوة إلى الناس دون تهديد، ندعوهم إلى تجنب الفيروس وعدم التواجد فى التجمعات أو فى الأماكن المغلقة التى ينتشر فيها أى فيروس سواء كان للأنفلونزا العادية أو أنفلونزا الخنازير؟!

المهم أن تكون دعوتنا هى لحمايتهم وليست لإصابتهم بالهلع، ثم ما الذى يمنع من أن تكون الدعوة جادة وعن قناعة بخطورة هذا الفيروس، وأن تكون دعوتنا لتجنب آثاره أو انتشاره بين أفراد الأسرة.. ثم لماذا لا نفرض حزاماً أمنياً على الأماكن السياحية التى لا تعرف فصل الشتاء طالما أن هذا الفيروس لا ينشط إلا فى الشتاء.. عندنا الأقصر وأسوان وشرم الشيخ والبحر الأحمر وكلها مناطق سياحية مفتوحة لا تعرف البرودة التى يعانى منها سكان القاهرة أو الإسكندرية فى فصل الشتاء.. فلماذا ندخل مثل هذه المناطق فى دائرة الاشتباه؟!

المفروض أن تكون دعايتنا مقصورة على إغراء السائح بقضاء الشتاء على أراضينا، على اعتبار أننا بلد نظيف، وإذا كنا ننظم حملات للتوعية، فهذه الحملات ليست غريبة عليهم، لأنهم فى بلادهم يتبنون مثل هذه الحملات.. المهم أن نشترط على السائح الذى يأتى إلينا أن يكون حاملاً شهادة من موطنه تؤكد سلامته صحياً من الإصابة بأى فيروس، وهو مطلب شرعى فى جميع أنحاء العالم، على الأقل، يطمئن هو أننا نحميه ونحمى بلادنا من أى فيروس..

وأعتقد أن هذا الدور هو دور وزارة السياحة التى لم تظهر بصماتها حتى الآن على صدر السياحة الخارجية، ولا أعرف لماذا صبت الوزارة نشاطها على الحج وكأنها وزارة السياحة الدينية.. صحيح أن موسم الحج هو الآخر من المواسم المعلقة ولا أعرف إن كان باقياً أم سوف يتم إلغاؤه، فالصورة لم تتضح حتى الآن، لأن كل الأجهزة موقفها «مايع»، كل جهاز متردد، لا يريد أن يأخذ قراراً وكأنهم تركوا هذه القضية للظروف.

ثم أين كانت وزارة التربية والتعليم فى إجازة الصيف حتى تؤجل الدراسة وتحدث ارتباكاً عند الأولاد وأولياء الأمور؟! الوزارة كانت على علم بقضية أنفلونزا الطيور، والوزير كان شاهداً على قرار الحكومة بالنسبة لإجراءات العمرة وقصر السفر على من هم فوق الخامسة والعشرين.. ولم نسمع أن وزير التربية صنع شيئاً فى إجازة الصيف.

الوزير والوزارة تحركا بعد بيان وزارة الصحة، على اعتبار أن فيروس أنفلونزا الخنازير سوف ينشط مع دخول الشتاء، ولأن أولادنا فى المدارس هم الأرض الخصبة لهذا الفيروس، فقد وجد الوزير نفسه فى مأزق، فاتخذ قرار التأجيل وأغلق مدارس اللغات التى بدأت فى موعدها حتى لا يتحمل المسؤولية.. وكانت حجته فى التأجيل هى رفع درجة الاستعداد لمواجهة هذا الفيروس مع بدء الدراسة..

وهنا يحضرنى سؤال للسيد وزير التربية والتعليم: ماذا أعددت يا سيدى الوزير للمدارس طوال فترة تأجيل الدراسة حتى نضمن سلامة أولادنا.. هل قمت بتأمين هذه المدارس؟! أنا شخصياً كنت أشفق عليك يا سيدى وأنت تعلن فى المؤتمر الصحفى أنه لا تأجيل للدراسة عن يوم 3 أكتوبر، وكأن هذا اليوم هو يوم الأمان، وأنك تحمل فى جيبك وثيقة ضمان تؤكد لك أن إجراءات الوقاية التى اتخذتها تضمن لك عدم اقتراب أنفلونزا الخنازير من مدارسنا.

سيدى الوزير.. أنت أدرى الناس بمدارسنا.. ونعلم أن بعض المدارس فى صعيد مصر تشكو من عدم وجود دورات مياه، لأن المياه لم تدخل هذه المدارس.. وتعلم أيضاً أن كثافة الفصول فى معظم مدارس مصر وصلت إلى 80 تلميذا فى الفصل، وقد سمعناك وأنت تطالب بألا تزيد كثافة الفصل على 30 أو 40 تلميذاً، فكيف يحدث هذا ومعظم المدارس تواجه عجزاً فى عدد المدرسين عندما تنوى تقسيم مرحلة الدراسة إلى مرحلتين أو ثلاث؟! ثم هل رصدت ميزانية لتعويض المدرسين عن ساعات العمل الإضافية؟! إنك تطالب بمنع الدروس الخصوصية، والمدرسون على ضوء سياستك بتشغيلهم مرحلتين أو ثلاث ستقطع عليهم الطريق أمام لقمة عيش كانت تأتى لهم من الدروس الخصوصية.

على أى حال.. توعية أولادنا وتثقيفهم مطلوب، لكن أن نخيفهم وندخل الرعب إلى نفوسهم غير مطلوب.. ثم إن تحذيرات الوزير بحرمان الطالب الذى يغيب عن الامتحانات كان من المفروض ألا تأتى فى هذه الظروف، فهناك أعداد كبيرة من أولياء الأمور فى قلق على أولادهم، وسوف يزداد هذا القلق كلما دخلنا فى شهور الشتاء، لن تنتظم الدراسة تلقائياً، فكيف يستطيع الوزير تنفيذ تهديداته ويحرم كل هذه الأعداد من الامتحانات بسبب الغياب؟!

ولذلك أقول للسيد وزير التربية والتعليم.. إنها فرصة لاستبعاد الحشو من المناهج، وقصر الدراسة على الموضوعات الجادة، التى يستفيد منها أولادنا فى حياتهم الجامعية.. أما الحشو الذى يزحم العقول دون داع فمن الممكن استئصاله.. وهذا لا يأتى إلا بتكليف المشرفين على جميع المواد بمراجعة المناهج فوراً والوصول إلى حلول لا تزحم العقول.

مرة أخرى، خففوا على أولادنا فى حملات التوعية والتوجيه.. ولا داعى للحديث عن الوفيات التى تتوقعها الحكومة، لأننا لم نسمع هذه النغمة فى أى دولة من الدول التى تعانى من ارتفاع نسبة الإصابات.. ولتكن الصين قدوة لنا.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية