أكد شيخ الأزهر الشريف، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أن سياسات الولايات المتحدة في المنطقة تسهم بشكل كبير في اضطراب المنطقة وتقف عائقًا في وجه إحلال السلم العالمي بالازدواجية والكيل بمكيالين في كثير من القضايا الإقليمية والدولية، وفي الوقت الذي تعلن دعمها للتحالف العربي ضد الجماعات الحوثية، تدعم على الجانب الآخر قوى إقليمية تمول وتساند هذه الجماعات، وتعبث بأمن منطقة الخليج، ولن يقابل هذا العبث إلا بالمقاومة مهما كان الثمن، متسائلا إن كانت الولايات المتحدة على استعداد أن تغير سياساتها، وتستمتع إلى رأي الحكمة؟
وأعلن فضيلة الإمام أن الأزهر على استعداد للتعاون الثقافي والعلمي، لإيصال صوت الأزهر الشريف إلى الشعب الأمريكي وإلى العالم كافة، مضيفًا أن الأزهر سوف يقوم قريبًا بإطلاق فضائية تحمل صوت الأزهر الشريف وفكره المعتدل إلى العالم أجمع، موجهًا الشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعمها لجهود الأزهر الشريف في هذا الصدد.
جاء ذلك خلال استقبال الإمام الأكبر، اليوم الأربعاء، لوفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي، للاستماع إلى رؤية الأزهر الشريف حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، والتعرف على جهود الأزهر في مواجهة التطرف والإرهاب.
وأضاف الإمام الأكبر أن الرؤية الشاملة للأزهر تعمل على إقرار السلام على كافة المستويات، كما أن فلسفة الأزهر تقوم على إيجاد صيغة تفاهمية لإزالة الخلافات بين السنة والشيعة، إضافة للحفاظ على تراث المسلمين، الذي يتسم بالوسطية والاعتدال، من خلال مؤسساته التعليمية والدعوية.
كما أكد فضيلة الإمام الأكبر أن منهج الأزهر ورسالته قائمة على التعددية الفكرية والمذهبية، لذلك لا يوجد من بين المتطرفين والمتشددين مَن تخرج من الأزهر الشريف، لأن فكر هذه الجماعات يعتمد على الإقصاء والتكفير، بينما يعتمد المنهج الأزهري على التعدد وقبول الآخر، ومزج التراث القديم بالنظريات الحديثة.
وأشار فضيلته إلى أن الأزهر الشريف قام في ديسمبر الماضي بعقد مؤتمره العالمي في مواجهة التطرف والإرهاب، والذي دعا إليه رموز علماء السنة والشيعة، ورؤساء الكنائس الشرقية، وبعض الطوائف الأخرى، حيث أعلن الأزهر موقفه الواضح والرافض لتهجير الأقليات، مؤكدًا أن المسلمين وغيرهم على أرض الشرق متساوون في الحقوق والواجبات.
كما أكد فضيلته أن الإسلام بريء من الإرهاب ومن الجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية التي تمارس القتل والذبح، فسيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- لم يبعث بالسكين، بل بعث رحمة للعالمين، موضحًا أن الأزهر سيحضر مؤتمرًا يجمع بين حكماء الشرق والغرب في مدينة فلورنسا الإيطالية خلال مايو المقبل، لبحث حلول للمشاكل العالمية القائمة، وإيجاد صيغة للتعاون بين الحضارتين الشرقية والغربية.
وأشار الإمام الأكبر إلى جهود بيت العائلة المصري في نشر ثقافة السلام والتعايش بين المسلمين وغير المسلمين في مصر، حيث تنبثق منه عدة لجان، منها لجنة تقوم بتنقيح مناهج التربية والتعليم لاستبعاد ما يمكن أن يثير الفتنة، ولجنة للمصالحة تعمل على معالجة المشاكل بين كافة أطياف المجتمع، وقد تم رصد بعض التدخلات الخارجية المقصودة لإحداث الاضطراب في الداخل المصري، ونجح بيت العائلة في مواجهتها.
من جهته أعرب الوفد الأمريكي عن سعادته بوجوده في أعرق مؤسسة إسلامية في العالم، مؤكدًا حرص الولايات المتحدة على الاستماع إلى صوت الأزهر.