فقدت الثقافة المصرية مساء الجمعة الماضى الرسام والناقد والمفكر أحمد فؤاد سليم «1936 - 2009»، وكان من أعمدة الإبداع المصرى فى العقود الأربعة الأخيرة، وفقدتُ شخصياً أحد أصدقاء العمر الأعزاء. فقد عرفته عام 1966 بعد سنة واحدة من إتمام دراستى للمسرح.
كان يحب السينما مثلى، وكنت أحب الرسم والنحت مثله، وكما جئت إلى السينما من دراسة المسرح، جاء إلى الفنون التشكيلية من دراسة الحقوق، وجمعنا الإيمان بوحدة المعرفة ووحدة الفنون، والإيمان بالحريات الثلاث: حرية الفنان وحرية المتلقى وحرية الناقد.
عرفت من خلاله فى تلك الشقة الفسيحة التى كانت تطل على ميدان مصطفى كامل المرحوم حامد ندا وفنانين كباراً آخرين مثل صالح رضا ورمزى مصطفى ومحمد طه حسين، وعرف من خلالى المرحوم ممدوح شكرى وسينمائيين كباراً آخرين مثل غالب شعث ومحمد راضى ورأفت الميهى ومدكور ثابت ومحمد كامل القليوبى وخيرى بشارة.
وتطول الذكريات مع أحمد فؤاد سليم الذى جعل المركز الثقافى التشيكى فى النصف الثانى من الستينيات مركز إشعاع لا مثيل له للمسرح والسينما والرسم والنحت والموسيقى، حيث تبنى التجريب فى مصر بعد هزيمة 1967، وفى تشيكوسلوفاكيا أثناء ربيع براج، وحتى تدخل الجيش السوفيتى عام 1968. وهى صفحة مشتركة من تاريخ البلدين صاغها سليم وهو يدير المركز «الأجنبى» الذى أصبح مصرياً أيضاً بفضله، ولم تكتب بعد.
وعندما التحق الصديق، المبدع فى لوحاته وكتاباته معاً، للعمل فى وزارة الثقافة، وتولى إدارة مجمع الفنون فى قصر عائشة فهمى بالزمالك جعله بالفعل مجمعاً لكل الفنون، بل أطلق على إحدى قاعاته اسم «السينما والفنون» تحية إلى الجريدة التى أصدرتها الجمهورية مطلع عام 1977 وكنت رئيساً لتحريرها، وتم إغلاقها بعد ثمانية شهور فى سبتمبر مع المنابر الأخرى التى أغلقت تمهيداً لزيارة السادات إلى إسرائيل.
وكانت المقاييس التى وضعها لقاعات إخناتون للفنون التشكيلية صارمة ومتشددة على نحو جعل العرض فى أى منها مرتبة عالية لكل من عرض فيها.
وعشت مع الفنان الذى عزف بالريشة والقلم، ورسم الموسيقى فى لوحاته، قصة حبه مع عازفة البيانو، مارسيل متى، حتى تزوجا ولم يطلب منها تغيير ديانتها، وأنجبا «أميرة» التى أصبحت مغنية للأوبرا فى مدن مصر وأوروبا. قلبى معهما ومع كل عارفى قيمته الكبيرة التى لا تعوض.