لا أعرف بالتحديد أول من قال إن أكثر من نصف شرور العالم تأتى من عديمى الموهبة الذين يرون عزاءهم الوحيد فى التنكيل بأى موهوب.. ومن الذين يزعجهم ويخيفهم ألا يكون لهم دور أو مكان فيبحثون عن الأضواء بأى ثمن.. وبالتأكيد هناك مسؤول ما فى الاتحاد الآسيوى لكرة القدم من هؤلاء الباحثين عن أى دور.. فقد فوجئت أمس الأول بالاتحاد الآسيوى يعلن رفضه القاطع لتأجيل مباراة بيروزى الإيرانى والنصر السعودى، المقررة إقامتها فى طهران الأسبوع المقبل.. وأوضح الاتحاد الآسيوى أيضا فى بيانه الرسمى رفضه أى خلط بين السياسة وكرة القدم، وكون السعودية تحارب الحوثيين فى اليمن المدعومين من إيران فهذا ليس مبرراً كافياً لتأجيل هذه المباراة.. وقد يبدو لك هذا مجرد خبر عادى أو طبيعى.. وقد تحترم قرار الاتحاد الآسيوى أيضا ورفضه تأجيل هذا اللقاء السعودى- الإيرانى..
لكننى أود أن أعرف رأيك حين أقول لك إنه لا النصر السعودى طلب تأجيل هذه المباراة ولا بيروزى الإيرانى أيضا.. إنما هو فقط مسؤول فى الاتحاد الآسيوى رأى العالم كله وإعلامه مهتماً بالحرب فى اليمن فقرر أن يكون له دور ونصيب من الاهتمام.. ولا يدرى هذا المسؤول أنه بهذا البيان يخلق حساسية زائدة دون داع أو مبرر.. وهو نفسه الذى يحيل مباراة كروية عادية إلى كتلة من نار وغضب.. بل ولم ينتبه هذا المسؤول واتحاده القارى الكبير إلى أن المنتخب الأوليمبى السعودى الآن فى طهران يشارك فى التصفيات المؤهلة لبطولة أمم آسيا تحت 23 سنة.. ولعب بالفعل مباراتين أمام أفغانستان ونيبال.. ولم يكتف الاتحاد الآسيوى فقط باختراع أى دور إعلامى له فى حرب اليمن إنما يهرب أيضا من دوره الحقيقى وهو الدفاع عن كرة القدم اليمنية.. فالحوثيون يكرهون كرة القدم سراً رغم إعلانهم الدائم عن رغبتهم فى إعادة تنظيم وتطوير الكرة اليمنية..
وسبق لهم منع جماهير الكرة من دخول ملاعبها.. وسبق لهم أيضا احتلال مقر اتحاد الكرة اليمنى وإغلاق أبوابه.. وقاموا باقتحام مسلح لبيت أحمد العيسى، رئيس اتحاد الكرة اليمنى، وقتلوا أحد حراس البيت.. وقاموا بتخريب استاد عمران شمال صنعاء وأحالوه إلى معتقل ضخم، وأغلقوا الاستاد الدولى فى المدينة الرياضية جنوب صنعاء، ثم وافقوا على اللعب عليه دون جمهور.. وقاموا باحتلال ملاعب ومبانى نادى اليرموك رافضين الخروج منه.. ومع كل ذلك لم يتحرك الاتحاد الآسيوى لكرة القدم أو يهتم ويصدر حتى بيان رفض وإدانة.. ولست أقصد بالطبع أن الاتحاد الآسيوى لكرة القدم متواطئ مع الحوثيين، إنما أتوقف فقط أمام الهروب من الواجب واختراع أى أدوار أخرى.. وأتوقف أيضا أمام تلك العلاقة المرتبكة والغامضة بين الحوثيين وكرة القدم.. يرونها حراماً لكنهم يخشون تحريمها لأن إيران تلعبها وتحبها.. يسمحون بلعبها إقناعاً للعالم بتحضرهم الزائف لكنهم لا يريدون أن يراها أى أحد فى أى ملعب.. علاقة شائكة تستدعى التوقف والاهتمام دفاعاً عن كرة القدم وكل معانيها.