طالب الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، بمزيد من تفعيل آليات التنسيق بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب.
وأكد في كلمته أمام الدورة الـ26 للقمة العربية المنعقدة في شرم الشيخ، أن مشروع الجماعات الإرهابية في المنطقة العربية مشروع واعد، وهو تقويض سلطة الدولة ونشر الفوضى، وهو مشروع أشد خطرًا وتأثيرًا على أمننا واستقرارنا من التهديدات الأخرى، وفيما يلي نص كلمة الرئيس التونسي:
«وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا».. صدق الله العظيم
فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية
أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة
«يسعدني بداية أن أتوجه بخالص عبارات الشكر والتقدير إلى أخي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، على استضافته قمتنا العربية ولما حظينا به من حفاوة استقبال وكرم منذ حلولنا بشرم الشيخ بهذه الأرض الطيبة التي تربطنا بها أواصل عريقة وعلاقات تعاون نتطلع لمزيد منها وتعزيزها خدمة لمصالح بلادنا وشعبينا الشقيقين متمنيا لكم دوام التوفيق ولمصر وشعبها التقدم والرقي، كما يسعدني أن أعبر لأخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة، عن بالغ تقديري للجهود التي بذلها طيلة فترة رئاسته لقمتنا في دورتها المنقضية ولإسهاماته في خدمة قضايا أمتنا العربية ليكون بحق قائد العمل الإنساني ولا يفوتني أن أنوه بالجهود المتواصلة التي بذلتها الأمانة العام لجامعة الدول العربية وعلى رأسها معالي الأمين العام الدكتور نبيل العربي للنهوض بالعمل العربي المشترك وتطوير آلياته وتفعيل مؤسساته».
«أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. قبل أيام طالت يد الإرهاب الغادر تونس باستهداف متحف باردو الأثري أحد أهم معالم ذاكرتها الوطنية ورمز من رموز انفتاحها على مختلف الحضارات الإنسانية وفي محاولة لضرب القطاع السياحي وخلفت هذه العملية الشنيعة شهداء تونسيين نترحم على أرواحهم الزكية وضحايا من السواح الأبرياء نعبر لأسرهم ودولهم عن أحرى تعازينا وخالص تعاطفنا ونشكر كل من ساندنا ودعمنا في هذا الظرف الخاص»
«إن مشروع الجماعات الإرهابية في المنطقة العربية مشروع خطير وهو تقويض سلطة الدولة ونشر الفوضى وهو مشروع أشد خطرًا وتأثيرا على أمننا واستقرارنا من التهديدات الأخرى ويستدعي من دولنا التعبئة العامة واتخاذ كافة التدابير الكفيلة بدحره قبل استفحاله وانتشار آثاره المدمرة حفاظا على سلامة دولنا وأمن شعوبنا.. ومن المجدي في هذا السياق مزيد تفعيل آليات التنسيق بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب لرفع هذا التحدي الكبير.. ذلك أن قناعتنا راسخة بأن كسب معركتنا الجماعية ضد الإرهاب رهينة اعتماد مقاربة شاملة للتركيز على التعاطي الأمني والقضائي الصارم وعلى استراتيجية استباقية تعالج أسباب الظاهرة من خلال تجديد الخطاب الديني وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ومقاومة الغلو والفكر المتطرف والكراهية ونشر قيم الوسطية والتسامح»
«أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. إننا نعبر عن بالغ قلقنا وانشغالنا لما آلت إليه الأوضاع في اليمن مؤكدين دعمنا الكامل للسلطة الشرعية في هذا البلد الشقيق والحفاظ على أمنه واستقراره واستقرار المنطقة ونحن إذ نتفهم تمامًا للإجراءات المتخذة من دول المنطقة لدعم الشرعية الدستورية في اليمن تعبيرا عن الإرادة العربية في حل الأزمة اليمنية بمنأى عن التدخل الأجنبي، نهيب الأطراف اليمنية باستئناف الحوار لإيجاد تسوية سياسية وفقًا لنتائج مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ونرحب في هذا الصدد بمبادرة خادم الحرمين الشريفين باستضافة هذا الحوار في الرياض».
«أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. إن ما تشهده منطقتنا من تحديات ومخاطر لا يمكن أن يشغلنا عن القضية الفلسطينية التي تظل قضيتنا الأم وهي تحتاج منا مزيدًا من الدعم والمساندة ووضع حد لمعاناة أبناء شعبنا الفلسطيني لإيقاف الأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضي والأموال ومحاولة تهويد مدينة القدس، ومن هذا المنطلق نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته لاستصدار قرار أممي يعجل باستئناف مفاوضات سلام جادة ومحددة بسقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ولا يسعني في هذا الاطار إلا أن نسجل تأكيد الإدارة الأمريكية على لسان رئيسها باراك أوباما التزامها بحل الدولتين باعتباره خطوة إيجابية في اتجاه دعم طموحات الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وتأمين الاستقرار بالمنطقة»
«أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. إن ما يحدث في ليبيا الشقيقة مثير جدا للانشغال في تونس بحكم علاقات الجوار المباشر وتأثيرات الوضع في هذا القُطر على أمننا واقتصادنا وإذ نؤكد وتؤكد تونس مجددا تضامنها الكامل مع ليبيا حفاظا على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها فإننا نجدد دعوتنا للحكومة الليبية ولجميع الأطراف السياسية الليبية للاحتكام إلى الحوار والالتزام به سبيلا لتجاوز الخلافات وأن يكون الحل نابعا من إرادة وطنية ليبية حرة تعمل على تغليب مصلحة الشعب الليبي وحقن دمائه وتفادي مزيد من الفوضى والاضطراب الأمني والسياسي ونرحب في هذا الصدد بعودة الأطراف السياسية الليبية إلى طاولة الحوار برعاية مبعوث الأمم المتحدة ونعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح يتعين دعمها ومساندتها معبرين مجددا عن استعدادنا لمساعدة الأشقاء الليبيين في هذا الاتجاه من خلال آلية دول الجوار».
«أصحاب الجلالة والفخامة.. تستمر معاناة الشعب السوري الشقيق في ظل تواصل عمليات القتل والعنف والدمار وغياب آفاق الحل السياسي وإننا نؤكد دعمنا للجهود الدولية الهادفة لإيجاد تسوية سياسية لهذه الأزمة التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى وشردت الملايين بين نازحين ومهجرين وسط تدهور الأوضاع الإنسانية في المخيمات وزيادة الأعباء على دول الجوار، وفي هذا الصدد لا يفوتني أن أشيد بمبادرة أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، باستضافة المؤتمر الثالث للمانحين للاجئين السوريين ونأمل في هذا السياق أن يسود الاستقرار كامل منطقتنا العربية حتى تتفرغ دولنا للتنمية وللبناء وتحقيق تطلعات شعوبنا في العيش الآمن الكريم».
«أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. إن احتضان تونس للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة نابع من إيماننا بأهمية كسب رهانات التنمية في المنطقة العربية ونحن نتطلاع إلى لقاء أشقائنا قادة الدول العربية آملين في دعمهم لتوفير مقومات النجاح لهذه القمة»
«وختاما آمل أن تفضي قمتنا إلى نتائج ايجابية على درب مزيد تعزيز تضامننا.. راجيا من الله تعالى أن يوفقنا في جهودنا من أجل تحقيق غد أفضل لشعوبنا ودولنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».