أحرز مسلحو جماعة «الحوثيين» اليمينة الشيعية، بدعم من قوات موالية للرئيس السابق على عبدالله صالح، مزيدًا من التقدم على الأرض، حتى أنهم باتوا على مشارف عدن، التى باتت عاصمة مؤقتة مؤخرا جنوب اليمن، بعد انسحاب «اللجان الشعبية» الموالية للرئيس عبدربه منصور هادى، من مدخل المدينة الشمالى، فى وقت تضاربت فيه الأنباء حول مكان تواجد «هادى» وما إذا كان قد غادر البلاد.
وسيطرت قوات الحوثيين، صباح أمس، على مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، جنوب اليمن، على بعد 50 كلم عن مدينة عدن، التى يتخذها «هادى» مقرًا لحُكمه، وذلك بعد أن فرض الحوثيون سيطرتهم دون مقاومة على قاعدة «العند» العسكرية الاستراتيجية الواقعة أيضًا فى لحج، والتى تعد أكبر قاعدة عسكرية فى الجنوب، وتسيطر على الطريق بين تعز وعدن.
وكانت تلك القاعدة مقرًا للقوات الأمريكية المنوط بها تدريب قوات مكافحة الإرهاب اليمنية، لكن واشنطن سحبت آخر 100 من جنودها المرابطين فى القاعدة فى 21 مارس الجارى.
وبعد دخولها الحوطة قامت قوات الحوثيين باعتقال بعض كبار قيادات الجيش الجنوبى الموالين لـ«هادى»، وعلى رأسهم اللواء محمود الصبيحى، وزير الدفاع اليمنى، واللواء فيصل رجب، قائد اللواء 119 فى لحج، حيث اقتادوهما «لجهة غير معلومة»، بحسب مصادر أمنية، وذلك بعدما شارك «الصبيحى» فى المعارك التى دارت أمس الأول بين مسلحين حوثيين ومقاتلى اللجان الشعبية فى لحج.
وبات الحوثيون يضيقون الخناق بشكل كبير على عدن، التى أعلنها «هادى» عاصمة مؤقتة للبلاد، بسبب سيطرة مسلحى الجماعة الشيعية على صنعاء. كما أنهم يسيطرون أيضًا على مناطق فى تعز، المدينة الكبيرة شمال عدن، وعلى مناطق فى الضالع ولحج المحيطتين بعدن، كما بدأت عناصر من الجماعة تتوافد على ميناء المخاء المطل على باب المندب غرب عدن.
جاء ذلك فيما انسحبت اللجان الشعبية (مسلحون قبليون)، الموالية للرئيس اليمنى من المدخل الشمالى لمدينة عدن، دون اشتباكات مع الحوثيين، بحسب مصدر فى اللجان، فى وقت أجبر فيه أعضاء «اللجان» موظفى المؤسسات الحكومية والخاصة فى عدن على العودة إلى منازلهم، بعد ورود أنباء تفيد باقتراب مسلحى جماعة «الحوثى» مدعومين بقوات موالية لـ«صالح» من المدينة، فى حين أفادت مصادر أمنية وملاحية بإغلاق مطار عدن ووقف حركة الملاحة فى المدينة «لأسباب أمنية».
وفى محافظة تعز، أصيب العشرات أمس بسبب إطلاق الحوثيين الرصاص الحى وقنابل الغاز السامة على مئات الآلاف من المتظاهرين الرافضين لتواجدهم فى المحافظة، فيما قُتل 10 مسلحين حوثيين فى مواجهات مع عناصر اللجان الشعبية التابعة للحراك الجنوبى فى محافظة الضالع، جنوبًا، وأفاد شهود عيان بأن قصفًا نفذته قوات موالية للحوثيين بالمدفعية والدبابات فى الضالع، خلّف قتلى وجرحى بينهم نساء وأطفال.
جاء ذلك فيما تضاربت الأنباء حول مصير «هادى»، فمن ناحيتها أكدت جماعة الحوثيين أنه هرب من عدن إلى جهة غير معلومة، وأعلنت عن مكافأة قدرها 20 مليون ريال يمنى (حوالى 93 ألف دولار أمريكى) «لمن يلقى القبض على هادى»، وبعدما قال مصدر أمنى من الرئاسة اليمنية لوكالة الأنباء الفرنسية إن «هادى» غادر عدن إلى خارج البلاد على متن مروحية، نفى مساعدون لـ«هادى» ومصادر مقربة منه أن يكون الرئيس اليمنى غادر البلاد، مؤكدين أنه نُقل إلى «مكان آمن فى عدن»، وأنه «لا يعتزم الرحيل» رغم تقدم الحوثيين نحو المدينة الجنوبية.
كان الرئيس اليمنى حض مجددًا، أمس الأول، على تبنى «قرار ملزم» من أجل وقف تقدم الحوثيين إلى عدن، وذلك استنادًا إلى الفصل السابع الذى يتيح استخدام القوة العسكرية.
وفى رسالة إلى رئيس مجلس الأمن، السفير الفرنسى فرانسوا ديلاتر، رسم «هادى» صورة قاتمة للوضع. وقال إنه يخشى أن «يستغل تنظيم القاعدة عدم الاستقرار الحالى من أجل زيادة الفوضى وجر البلاد نحو مزيد من العنف والتفكك». وبعد أن تحدث عن «مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه فى شرعة» الأمم المتحدة، طلب الرئيس اليمنى من مجلس الأمن «اتخاذ تدابير تحت الفصل السابع لردع الميليشيات الحوثية». ودعا «جميع الدول التى ترغب إلى تقديم مساندة فورية للسلطة الشرعية بجميع الوسائل والتدابير اللازمة لحماية اليمن وردع عدوان الميليشيات الحوثية المتوقع فى أى ساعة على مدينة عدن».
وفى وقت لاحق نفذت طائرة حربية غارة على مجمع القصر الرئاسى فى عدن، مطلقة 3 صواريخ باتجاهه «وصدتها المضادات الأرضية»، وذلك بُعيد إجلاء الرئيس لـ«مكان آمن»، وفقًا لمصدر أمنى من الرئاسة اليمنية، فيما شُوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المكان دون أن يتبين سقوط ضحايا.