x

عاصم حنفي والريشة على رأس القاضى..! عاصم حنفي الثلاثاء 24-03-2015 21:23


خيبتى القوية أننى رومانتيكى حبتين.. صدقت أسطورة أن رجال القضاء غلابة دقة.. وأنهم رهبان فى محراب العدالة.. فإذا بالحكاية ليست رومانسية أبداً.. وإذا بالقضاة من الفئات المستثناة من الحد الأعلى للأجور.. بما يعنى أن القاضى على راسه ريشة.. وأنه فوق الوزير والرئيس شخصياً.. وأنهم مواطنون فوق العادة.. وأنهم طبقة جديدة فى طريقها لحكم مصر..!

وعرفت الآن لماذا يسعى القاضى ليكون ابنه قاضياً.. وعرفت لماذا يحيطون المهنة بالأسوار الشائكة التى تمنع أبناء العامة من التسلل إليها.. وزمان سمعنا وقرأنا حكايات ألف ليلة عن القضاة وتجردهم وترفعهم عن المكاسب والأرباح.. والقاضى الذى كان ينزل من الأتوبيس فى المحطة التى تسبق المحكمة حتى لا يراه المتقاضون وحتى لا يخل بهيبته وهو يركب المواصلات العامة.. وحلم أسرة القاضى بامتلاك سيارة 128، ومن الواضح أنها حكايات أبيض وأسود لا محل لها من الإعراب فى زماننا الراهن والسعيد.. ولا وجود لها أبداً على أرض الواقع المعيش..!

رفض القاضى الواضح والصريح لخضوعه للحد الأقصى- يعنى أنهم يكسبون كثيراً.. أكثر من خبراء البورصة والبنوك.. وأعلى من راتب الرئيس والوزير الخاضع للحد الأقصى.. فلوس القاضى ودخله الشهرى فوق الحساب والمراجعة.. لا رقيب للشعب والضرائب وأجهزة الرقابة عليهم.

يا دين النبى.. يعنى القاضى الذى أحترمه وأقدره على اعتبار أنه رسول العدالة يتقاضى كل أول شهر فوق الأربعين ألف جنيه كراتب ثابت.. بالإضافة للعلاوات والبدلات والمكافآت والحوافز والأوفر تايم والسفريات.. وبدل العلاج وحده يقفز إلى ثلاثة آلاف جنيه شهرياً.. يتقاضاها القاضى فوق راتبه الهائل.. سواء كان مريضاً أو سليماً.. حاجة كده تشبه المنحة التى كان يتقاضاها الموظف زمان ثم توقفت بفعل فاعل.

فى إنجلترا لا يصرفون للقاضى راتباً ثابتاً.. يصرفون له دفتراً للشيكات ليأخذ منه ما يرى أنه مناسب وعادل له.. لكنهم لاحظوا هناك أن القاضى متواضع فوق العادة.. يأخذ باستمرار أقل من المتوقع له.. هو قاض يعرف التجرد والترفع والنزاهة الشخصية.. ولهذا يعدون القاضى هناك من محدودى الدخل.. عكس الحال فى بلاد أخرى يرفض فيها القاضى الالتزام بالحد الأقصى للأجور.. مع أنه يعرف أن رغبته وسعيه فى الاستثناء يفتح الباب للآخرين لطلب الاستثناء.. بما يؤدى لتفريغ القانون.. قانون الحد الأقصى للأجور من مضمونه والهدف منه.. وهو تحقيق العدالة الاجتماعية!

الخيبة أننا بهذا الشكل ونتيجة لتزايد أعداد ونوعيات الفئات المستثناة من تطبيق الحد الأقصى للأجور.. وخذ عندك القضاة ورجال البنوك والشركات الاستثمارية والشركة الحكومية للاتصالات.. أقول إن كثرة الاستثناءات تعنى أن القانون سوف يطبق فقط على الموظف المربوط على الدرجة السادسة.. وعلى العامل الغلبان.. بما يعنى أن القانون لن يطبق أبداً.. والعدالة الاجتماعية فى خبر كان.. بفضل حضرات السادة القضاة!!

من العيب أن أقول إننى لن أثق فى عدالة القضاة بعد اليوم.. لمطالبهم فوق المشروعة وإصرارهم على وضع ريشة تميزهم عن باقى عموم الشعب المصرى.. هم متحمسون جداً للدفاع عن مطالبهم.. أما مطالب الآخرين فالتأجيل والتسويف هو القانون.

كنت أحسب أنه لا يجوز للقاضى الحقيقى أن يتكالب أو يسعى للمكاسب.. والمفترض أن نحقق زيادة أجور ورواتب ومكافآت القاضى فى الآخر.. بعد أن تتحقق العدالة لكل الفئات وللجميع..!

تفسير القضاة فى رفضهم الخضوع للحد الأقصى للأجور.. أنه قانون يطبق فقط على الموظفين.. وهم ليسوا موظفين.. ويحكمهم كادر خاص.. ماشى يا سيادة القاضى.. لكنك نسيت فى الزحمة أن الدولة تفتح لك أبواباً.. تعمل مستشاراً لهيئات الحكومة والوزارات وتتقاضى مكافآت مقابل ذلك، ولهذا ترفض الحد الأقصى.. وساعة الجد والمحاسبة تنفى عن نفسك صفة الموظف.. وهذه ازدواجية فى المعايير يا سيادة القاضى المحترم والنزيه.. وقد خدشت عندى الصورة الرومانتيكية.. وكنت أحسبك تنتمى إلينا.. فإذا بك تنتمى لطبقة الباشوات وعلى رأسهم ريشة..!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية