قالت محكمة جنايات الجيزة في حيثيات براءة اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، من تهمة الكسب غير المشروع إن المحكمة استقر في يقينها بعد سماع الشهود ومناقشة ضباط الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة عدم وجود جريمة الكسب غير المشروع، أو جدية التحريات، أو عمل لجنة التقييم المشكلة من الجهاز لتقييم ممتلكات المتهم، لعدم مراعاة ظروف وقت الشراء والبيع وارتفاع الأسعار والظروف الاقتصادية.
وأكدت المحكمة أن التحريات لم تكن جدية، حيث ورد أن المتهم متزوج من سيدة أجنبية (ألمانية الجنسية) تدعى «أنوشكا كارولين»، وبالتحقيق معها بهيئة الكسب غير المشروع بجلسة 12 يونيو 2011 نفت زواجها من العادلى، وأكدت أنها كانت متزوجة من آخر ولها منه أبناء، وتم رفع التحفظ عن مسكنها وسيارتها.
أضافت الحيثيات أن تحريات هيئة الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة أثارت الشك في جديتها، لأن دور التحريات هو الوقوف عند حد إثبات ممتلكات المتهم، وواقعة الزواج مادية تثبت بالمستندات الرسمية وليس بالقول المرسل، خاصة أنها تمثل خوضاً في سمعة الآخرين، بما يشكك في سائر ما تتضمنه التحريات من أقوال.
وأشارت المحكمة إلى أن المحقق أمر لجنة بتقييم الممتلكات، وتم التقييم على أساس وقت المعاينة، ولا شك أن في هذا افتئاتاً على العقل والمنطق وإهمالاً وتناسياً للظروف الاقتصادية، ذلك أنه لو كان الشخص في إمكانه شراء سلعة أو عقار أو شىء آخر بثمن ما، ثم ارتفعت الأسعار بشكل كبير وأصبح ما اشتراه بالأمس ذا قيمة وسعر مضاعف، فلا يمكن أن ينسب إليه أنه اشترى ما لا يقدر عليه، فالعبرة بقدرته عند الشراء لا عند التقييم، كما أن القضاء الدستورى استقر على مبدأ أن «المتهم برىء حتى تثبت إدانته».
وأكدت حيثيات براءة العادلى أن القانون 62 لسنة 1975 الخاص بالكسب غير المشروع نص في الفقرة الثانية من المادة الثانية منه على أنه «تعتبر ناتجة بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أو السلوك المخالف، كل زيادة في الثروة تطرأ بعد تولى الخدمة، أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القانون».
وأوضحت المحكمة أنها لاحظت وفق الثابت بالأوراق أن محاضر التحريات سواء من الرقابة الإدارية، أو من مباحث الأموال العامة، كان شغلها الشاغل هو إثبات ممتلكات الخاضع، وهى غير منكورة منه، ولم يكن شاغلها إثبات أن هذه العقارات قد تحصل عليها الخاضع بطريق غير مشروع، وهو أساس عملها وواجبها، كما أنها غفلت أو تغافلت عن مصادر ثروة بناته الثلاث وزوجته.
وتابعت الحيثيات أن تحريات الشرطة أوردت أن الخاضع تحصل على الكثير من العقارات استناداً إلى سلطة وظيفته، ولم تذكر التحريات أن أغلب تلك العقارات قد تحصل عليها الخاضع بوصفه ضابط شرطة من جمعيات تعاونية تابعة لأجهزة الشرطة المختلفة للنشاط الزراعى والعقارى، وهو بهذه الصفة عضو في هذه الجمعيات وله الحق في أن يكون له نصيب في نشاط تلك الجمعيات، كما أن كل الأراضى التي وردت بالأوراق مملوكة للخاضع وأولاده، بوصفه عضواً في هذه الجمعيات، ومن ثم لا يمكن القول إنه استغل وظيفته على مثل هذه العقارات.
ونوهت الحيثيات بأنه ثبت بالمستندات المقدمة من إلهام السيد سالم شرشر، زوجة العادلى، أنها اشترت مجوهرات بتاريخ 6 يناير 1995 من أحد المحال بإمارة دبى بملغ مليون و162 ألف دولار، كما اشترت من ذات المحل بتاريخ 23 أغسطس 1995 مجوهرات بمبلغ مليون و219 ألف و500 دولار، ويكون مجموع ثمن ما اشترت من مجوهرات 3 ملايين و31 ألف دولار، وذلك قبل زواجها من الخاضع، كما ثبت بالمستندات المقدمة منها حصولها على نفقة شرعية بتاريخ 1 فبراير 1992 قدرها مليون و980 ألف جنيه من زوجها السابق، وباعت مجوهرات بتاريخ 3 أغسطس 2000 بمبلغ 3 ملايين و609 آلاف جنيه، وباعت لذات المحل مجوهرات بتاريخ 23 سبتمبر 2004 بمبلغ 7 ملايين و500 ألف جنيه، وباعت بتاريخ 9 يونيو 2005 لذات المحل السابق مجوهرات بملغ 6 ملايين و391 ألف جنيه، فيكون جملة قيمة ما باعته من مجوهرات في غضون 5 سنوات هو مبلغ 27 مليون جينه، وذلك بعد زواجها من الخاضع، كما تعاقدت على شاليه في قرية المعمورة السياحية منذ عام 1999، قبل زواجها من العادلى، ودفعت مبلغ 285 ألف جنيه، ثم تنازلت عنها لابنها القاصر شريف بتاريخ 10 يونيو 2004.
وتابعت الحيثيات أن العادلى له 3 بنات بخلاف ابنه القاصر شريف، الأولى جيهان متزوجة من طبيب يعمل بمركز الأبحاث الطبية في واشنطن، ولا شك أن يحصل منه على دخل كبير، والثانية داليا متزوجة من رجل أعمال يعمل حالياً بإحدى شركات البترول، ويتقاضى راتباً طيباً من عمله، ينعكس بالضرورة على زوجته، أما الابنة الثالثة رانيا فتعمل سكرتيراً ثالثاً بجامعة الدول العربية، ولاشك أنها تتقاضى راتباً طيباً، وهذا لا يعد كسباً غير مشروع ينسب لأبيهن.
وأضافت الحيثيات أن الثابت بأقوال صلاح الدين عبدالخالق، عضو هيئة الرقابة الإدارية، بالتحقيق أن معظم الأملاك المدونة بإقرار الذمة المالية المؤرخ 1 يناير 2004 تملكها الخاضع عن طريق عضويته لجمعيات خاصة بضباط الشرطة، ولم تتوصل تحرياته إلى أن هناك استغلالاً للسلطة أو الصفة، كما ثبت بأقوال مدير حسابات شركة سان استيفانو أن الخاضع اشترى شقة بمشروع الشركة سدد ثمنها، ثم قام ببيعها مرة أخرى إلى الشركة، وتقاضى الفارق، كما ثبت بأقوال المهندس الزراعى بهيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية أن الخاضع يمتلك 20 فداناً سنة 1991، وتخصيص هذه المساحات كان متاحاً له ولغيره، كما أنه عمل ضابط شرطة وترقى إلى درجة مساعد وزير الداخلية لأمن الدولة، ثم وزيراً، وشغل خلال فترة وزارته منصب عضو بمجلس الشورى، ولاشك أن تلك المناصب كانت تدر له دخلاً مشروعاً وكبيراً.
وأشارت الحيثيات إلى أن الشاهدة الـ 13 رابحة سعد مقبول، مدير عام القرى السياحية ببنك الإسكان والتعمير، قالت إنه تم تخصيص الفيلات للعادلى وزوجته وبناته خلال عامى 1998و2004 بناءً على طلب قدمه لإدارة التسويق بالبنك، ولا يوجد ما يمنع تخصيص أكثر من فيلا لعائلة واحدة، ولا ما يمنع أي شخص من اختيار الفيلا التي يرغبها، حيث تزداد قيمتها طبقاً لدرجة التميز، وأيدها محمد فتحى منصور، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بالبنك.
وأوضحت التحريات أن الشاهد الـ 14 متولى إسماعيل جابر، مدير عام حسابات العملاء بشركة إسكان المعمورة، قال إن المحاسب جابر فتحى على، رئيس القطاعات المالية والدراسات الاقتصادية بالشركة، تقدم بمذكرة لرئيس مجلس إدارة الشركة في ذلك الوقت اللواء على حسنى، اقترح عليه تفويضه في تخصيص وحدات مشروع مكسيم بقرية المعمورة الجديدة لكبار الشخصيات، ووافق مجلس الإدارة على ذلك، مشيراً إلى أن العادلى تقدم بطلب لتخصيص وحدة لبناته جيهان وداليا ورانيا، ثم عُدل الطلب ليكون صادراً من بناته، وتقدمت السيدة إلهام شرشر بطلب، وتنازلت لابنها، وتم سداد ثمن الوحدتين بواقع 285600 جنيه للوحدة، وأكد أن وزير الداخلية الأسبق لم يستغل وظيفته.