x

جيهان فوزي نتنياهو.. «إما نحن أو هم» ! جيهان فوزي الجمعة 20-03-2015 02:39


تعاقبت الحكومات الإسرائيلية المختلفة تباعا وتراوحت بين الصقور والحمائم (اليمين المتطرف واليسار المعتدل)، غير أن سياستها لم تتغير نحو الفلسطينيين على مدار أكثر من 22 عاما وبالتحديد منذ اتفاق اوسلو عام 1993، ففى كل مرة تتشكل فيها حكومة اسرائيلية كان يتجدد الأمل لدى الفلسطينيين بأنها الأفضل، وتعلق عليها آمال كبيرة في تحقيق السلام وسرعان ما يتبدد هذا الأمل مع أول اجراء سياسى للحكومة تجاه الفلسطينيين لتترسخ القناعة بأنهم أوجه متعددة لعقيدة وسياسة واحدة.

ومع ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية التي شهدتها اسرائيل وحسمها بفوز حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو لا شئ تغير، بل يكاد لا يخفى الفلسطينيون رغبتهم الشديدة ببقاء حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية التي تضم غلاة المتطرفين مثل وزير الخارجية افيجدور ليبرمان على سدة الحكم، بسبب حجم الضرر الدولى الذي لحق باسرائيل في عهدهم، من قبيل تزايد المقاطعة الاقتصادية والاكاديمية والثقافية، وفتور علاقاتها الدبلوماسية حتى مع أقرب حلفائها مثل امريكا وفرنسا وغيرها، فبقاء نتنياهو في الحكم سيزيد من مقاطعة العالم لاسرائيل واعترافهم بدولة فلسطين .

لكن في حال فاز المعسكر الصهيونى المعتدل فإن الرئيس الفلسطينى محمود عباس سيتعرض يقينا إلى ضغوط امريكية، وسيكون مضطرا للعودة إلى المفاوضات تحت ذريعة أن هناك حكومة منتخبة في اسرائيل أكثر اعتدالا عن سابقتها يمكن التفاوض معها والوصول إلى نتائج!!- رغم أن هذا المعسكر الصهيونى أيضا لا يختلف عن منافسه الليكودى المتطرف ولا يقبل بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس- وهذا سيؤدى بالضرورة إلى تجميد الخطوات الفلسطينية مثل رفع الدعاوى القضائية ضد قادة اسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، ووقف التنسيق الأمنى مع اسرائيل والعودة إلى مجلس الأمن للمطالبة باعتراف دولى بدولة فلسطين، خاصة وأن نتنياهو قدم للفلسطينيين فرصة ذهبية لاستخدامها على الحلبة الدولية في حال عودته إلى الحكم، فقد أعلن بوضوح رفضه التام إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

مواقف نتنياهو المعلنة من الفلسطينين بمثابة سلاح قوى في يدهم لأنها تظهر لامريكا وغيرها من الدول الغربية التي كانت تضغط على الفلسطينيين للعودة إلى المفاوضات بأنهم كانوا على حق، وأن هذه المفاوضات ماهى إلا مضيعة للوقت فالجميع بات على معرفة تامة بالوجه الحقيقى لنتنياهو، ولم يبق للفلسطينيين من طريق سوى طرق أبواب المجتمع الدولى بلا كلل وربما المطالبة بعقد مؤتمر دولى للسلام يفرض العالم في نهايته حل الدولتين على الجانبين .

فوز حزب الليكود اليمينى في الانتخابات البرلمانية كان صراعا وجوديا على البقاء، استل فيها نتياهو كل ما لديه من أسلحة للعزف على مشاعر أنصار اليمين بالتحريض العنصرى، فأطلق نداءات الاستغاثة بغلاة المتطرفين في الشارع اليهودى لاستنهاض هممهم لمنع سقوط اليمين تحت شعارات «إما نحن أو هم»، مدعيا بأن هناك حملة دولية ومؤامرات لاطاحة حكم اليمين، وحذر من خطورة تهافت العرب على صناديق الاقتراع للتصويت في هذه الانتخابات بأعداد هائلة، الأمر الذي يشكل خطرا داهما على الوجود الاسرائيلى ومصلحة اسرائيل العليا، لأن تصويتهم بكثافة يعنى زيادة في عدد مقاعدهم في البرلمان، وقوة تأثير ضد سياسات الحكومة المقبلة تجاه الفلسطينيين .

رغم أن النتائج جاءت بانتصار كاسح لنتنياهو، لكن تبقى ولايته القادمة كرئيس للحكومة مهزوزة لأنها ستكون الأخيرة، سيحاول من خلالها الحفاظ على كرسيه قدر المستطاع بانتهاج سياسة مشحونة بالتطرف، ورغم أن الاسرائيلين قد سئموه خصوصا في أوساط واسعة كانت مع ليكود بالأمس القريب وانتقلت إلى أحزاب أخرى اليوم، إلا انه استطاع إقناعهم بأنه هو الأنسب لقيادتهم، ونجح نتنياهو بقوة في إدارة حملته لاقناع الناخب اليمينى بتفضيل ليكود على سائر أحزاب اليمين الصغيرة كى يخرج حزبه الأول في الانتخابات، ويتم تكليفه بتشكيل حكومة تضم كل أحزاب اليمين والمستوطنين .

أما بالنسبة للفلسطينيين وإن أبدوا رغبتهم الشديدة في رحيل نتنياهو وإصابتهم بخيبة أمل شيديدة لظهوره في الحياة السياسية مرة أخرى، لكنهم في الوقت ذاته لا يأملون الكثير فيما لو وجد البديل، فقد عودتهم الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على الحكم أن السياسة تجاه الفلسطينيين واحدة لا تتغير، فهى من سئ إلى الأسوأ، وإن كانت حكومات نتنياهو منذ عودة حزبه «ليكود» إلى الحكم عام 2009، قد شكلت معاناة قاسية للفلسطينيين خصوصا في مجال التوسع الاستيطانى الذي وصل إلى مرحلة تقويض أسس حل الدولتين، فإن نتنياهو في السنوات الأربع المقبلة من حكمه، سيعمل جاهدا على تهويد مدينة القدس بما يحول دون عودتها للفلسطينيين في أي حل سياسى، وإحكام السيطرة على ما تبقى من مساحة الضفة الغربية، ومواصلة عزل قطاع غزة وفصله عن الضفة الغربية، وحسم السيطرة على غور الأردن، الأمر الذي يعنى إطلاق رصاصة الرحمة على حل الدولتين، وربما إغلاق ملف المفاوضات إلى الأبد، فقد كشفت الانتخابات الاسرائيلية مناخ التطرف والعنصرية الذي يزداد في المجتمع الاسرائيلى وقواه الفاشية، تغذيه حالة العجز الفلسطينى والعربى والتواطؤ الدولى في إدارة الصراع مع الاحتلال .

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية