x

«القضاء الإداري»: من حق الأم الحصول على وثيقة ميلاد طفلها

الخميس 19-03-2015 11:20 | كتب: أ.ش.أ |
تصوير : آخرون

أعطت محكمة القضاء الاداري بالإسكندرية «الدائرة الأولي بالبحيرة»، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، للأم المصرية ضمانة جديدة، وانتصرت لحقها في الحصول على وثيقة الميلاد لطفلها وحصنتها ضد تعسف الأب.

وأكدت المحكمة أن الطفل باعتباره إنسانا منذ ولادته له الحق في الشخصية القانونية، وأن التصاق الطفل بالأم جعل المشرع الدستوري يلزم الدولة بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة الذي لم يذكر الأبوة والطفولة، كما أوضحت أن المشرع الدستوري كذلك ألزم الدولة بكافة أجهزتها الإدارية والتنفيذية والتشريعية بتغليب مصلحة الطفل الفضلي في جميع الإجراءات التي تتخذ حياله، وشددت المحكمة على أن الخلافات الزوجية بين الزوجين وعائلتيهما لا يجب أن تؤدي إلى حرمان الطفل من الأوراق الثبوتية لشخصيته وقيده في شهادة الميلاد، وإلا عد هذا التجاوز نوعا من الايذاء البدني والنفسي للأم على أخص ما منحه الدستور لطفلها من حقوق في الوجود والحياة.

ذلك ما سطرته المحكمة في حكم لها بشأن عائلين متناحرتين لزوجين حديثين، إذ تجرد الاب من عاطفة الأبوة كيدا في زوجته نتيجة الخلافات بين العائلتين، وأخطر مكتب الصحة بعدم الموافقة على قيد طفله إلا من خلاله أو عم الطفل أو جد الطفل، فحررت له الزوجة محضرا في الشرطة، واستجابت الحكومة للأب وضاع الطفل بينهم، إلا أن المحكمة أنصفت الأم وانتصرت لحقها في الحصول على وثيقة الميلاد التي أثبتت العلاقة الزوجية بعقد شرعي دون الاعتداد باعتراض الأب أو عائلته.

وقضت المحكمة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاوري، نائبي رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار الحكومة السلبي بالامتناع عن إثبات واقعة ميلاد ابن إحدي الزوجات الطفل في السجلات المعدة لقيد المواليد، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام الحكومة بإثبات واقعة ميلاد الطفل المذكور في سجلات المواليد وتسليم والدته شهادة قيد ميلاده دون الاعتداد باعتراض والده وعائلته باعتباره إيذاء بدنيا ونفسيا للأم وألزمت الحكومة المصروفات وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.

قالت المحكمة إن المشرع الدستوري ارتقي بحقوق الأم تجاه وليدها كاشفا عن حقه الطبيعي في أن يكون له اسم يميزه عن غيره وأوراق ثبوتية، وأنه لا يجوز للحكومة الاستجابة للأب كيدا للأم لحرمان طفلها من حقه الدستوري في تمتعه بأدلته الثبوتية لشخصيته، فالخلافات الزوجية والعائلية لا يجب أن تمتد لحرمان الأم التي التصق بها طفلها من حقه الطبيعي بحكم الطبيعة التي خلقها الله عزوجل، في أن يكون له وثيقة ميلاد دالة على إنسانيته وتحمية من غدر الزمان، ذلك أن التصاق الطفل بأمه هو التعبير الصادق عن العلاقة الربانية التي تفوق وسائل التواصل البشري بالكلمة أو النظرة بين كائنين متصلين حسيا أحدهما في قيد الحياة والآخر في الأحشاء، وذلك الاندماج الوجداني والجسدي هو الذي جعل المشرع الدستوري يلزم الدولة بتوفير الحماية والرعاية للأمومة والطفولة وليس الأبوة والطفولة، وليس ذلك تقليلا من الأب ولكن تعظيما لشأن الأم، ومن ثم وجب تفضيل دور الأم على دور الأب، مما كشف عنه الإعجاز العلمي في العصر الحديث في قوله تعالي: «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلى المصير» الآية 14 سورة لقمان.

وأضافت المحكمة أن المشرع الدستوري أيضا ألزم الدولة بكافة أجهزتها الإدارية والتنفيذية والتشريعية تغليب مصلحة الطفل الفضلي في جميع الإجراءات التي تتخذ حياله، ويأتي على قمتها حقه أن يكون له الاسم الدال على شخصيته القانونية، وأن هذا الالتزام الدستوري ليس واجهة للتباهي وإنما يعد التزاما على جميع سلطات الدولة يقتضي منها نزولها على أحكامه، فالاسم ليس مجرد بطاقة أو رقم قيد، وإنما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود والحياة، فالله منحه الحياة فلا ينبغي لأحد سواه جل علاه أن يحرمه من حق أصيل له في الوجود وفي الحياة، وبهذه المثابة فإن حرمان الأم من يكون لطفلها وثيقة ميلاد يعد نوعا من الإيذاء البدني والنفسي للأم، وعدوانا على أخص ما منحه له الدستور من حقوق.

وذكرت المحكمة أن قانون الطفل لم يقصر الإبلاغ عن ميلاد الطفل لوالده فقط، بل جعل ذلك الحق كذلك للأم شريطة إثبات العلاقة الزوجية، بل عقد المشرع للأم الأفضلية في التبيلغ عن وليدها عن جميع أهل الزوج، وإذ قدمت الزوجة عقد الزواج الشرعي وما يفيد ميلاد الطفل على فراش الزوجية، ومن ثم تتقدم الأم على جميع أهل زوجها في الإبلاغ عن وليدها والحصول على وثيقة ميلاد طفلها، وأنه على الرغم من صدور قانون الطفل منذ 18 سنة إلا أن الحكومة تجاهلت حق الأم الدستوري تجاه وليدها والذي يعد كاشفا عن حقها في الشريعة الغراء وما كان يجب عليها أن تخالفه تمييزا للأب على خلاف الفطرة الإنسانية.

واختتمت المحكمة حكمها أن الثابت من الأوراق أن الخلافات الزوجية دبت بين زوجين حديثين أشعلتها عائلة كل منهما، على إثرها تركت الزوجة منزل الزوجية وهي حامل وعندما وضعت طفلها أراد الأب أن يكيد لها فأبلغ مكتب الصحة برفضه تسجيل ابنه إلا من خلاله أو عم الطفل أو جده فقط دون الزوجة أو أهلها، وأنه لم ينكر نسب الطفل إليه، هادفا تركيع زوجته أمامه، فاستجابت الحكومة للأب ضد الأم ووليدها، فاضطرت الأم إلى تحرير محضر للأب في مركز شرطة دمنهور برقم 4758 لسنة 2013، ثم لاذت بهذه المحكمة طالبة الحماية والإنصاف، وقد أخطرت المحكمة زوجها للحضور أمامها ليبين أسباب عناده تجاه الأم ووليدها، إلا أنه رفض المثول، ومن ثم يكون امتناع الحكومة عن قيد الطفل وتسليم والدته وثيقة ميلاده يعد مخالفا للدستور مخالفة صارخة ومعتديا عدوانا سافرا على ما هو ثابت للطفل من حق دستوري في أن يكون له اسم وأدلة ثبوتية لشخصيته ومشوبا بعيب جسيم ومعتورا بعوار مشين يهوي به إلى حد العدم مما يتعين معه إلزام الحكومة بتسليم الأم وثيقة ميلاد وليدها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية