x

أنور الهواري مؤتمرُ خادم الحرمين الشريفين أنور الهواري الثلاثاء 17-03-2015 21:47


هو القائدُ العربى الكبير، الذى آمن بأن مصر هى العروبةُ، والذى آمن بأن مصر هى الإسلام، والذى أعلن أن المساس بأمن مصر هو مساسٌ بأمن السعودية، وهو ما لا يقبل عليه المساومة، ولا يقبل حوله النقاش، تحت أى ظرف من الظروف.

هو جلالةُ المغفور له- بإذن ربه- الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الذى دخل قلوب المصريين، فى لحظة تنكر لهم فيها القريبُ والبعيد.

هو الآن فى دار الحق، ولو كُنتُ من أهل المشورة لربما اقترحتُ أن ينعقد المؤتمر الاقتصادى تحت ظلاله الكريمة، تكريماً لروحه العروبية الجميلة، التى وقفت مع مصر- بكل تضحية وعطاء وفداء- فى لحظة العُسرة التى زاغت فيها الأبصارُ، وبلغت فيها القلوبُ الحناجر:

مُرشدُ الإخوان يدعو الملايين للنزول إلى الشوارع فى دعوة صريحة لم يكن لها إلا أن تدفع البلاد والعباد نحو أتون حرب أهلية إذا بدأت- فى لحظة- فلن تنتهى قبل سنوات، تكون قد أكلت ما بقى من يابس فى البلاد أو أخضر.

الأمريكان ومن يخدمهم فى الإقليم يشدون أزر الإخوان بكل قوة، يلعبون على الغموض، ويواصلون الفصول الجديدة من حروب الفوضى الخلّاقة، ولم يكن يعنيهم فى شىء أن يقتتل المصريون مثلما يقتتل غيرهم من الشعوب العربية هنا أو هناك.

الاتحاد الأوروبى يتصرف معنا كما لو كنا لانزال مستعمرة، وكما لو كان لايزال استعماراً يملك الحق فى أن يقرر لنا مصائرنا ويفرض علينا ما يشاء، فمبعوثته تأتى لتفتش علينا وتتدخل فى أخص شؤوننا كأننا دولة ليس لها أى قدر من الاستقلال.

نائب رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية- الدكتور محمد البرادعى- يعلن استقالته ويترك ظهورنا مكشوفة أمام ضغوط دبلوماسية هائلة وتحت قصف إعلامى يضربنا بالمدفعية الثقيلة من كل اتجاه.

فضلُ خادم الحرمين لا يمكن حصره فى مواقف أو تصريحات، خلال الفترة من 30 يونيو 2013م إلى يوم التحاقه بالملأ الأعلى فى 23 يناير 2015م. بل هو موقف بطولى لا يجرؤ عليه إلا فارسٌ نبيل، فقد اختار- دون تردد- أن يواجه العالم كله، ليقف مع مصر، وكان- فى إمكانه- أن يميل مع الريح، وكان فى إمكانه ألا يدخل- من أجل مصر- فى مواجهة صريحة مع: الأمريكان، الاتحاد الأوروبى، الأتراك، القطريين، بل مواجهة مع تنظيم الإخوان فى كل مكان، وهو التنظيم الذى عاش فى خير المملكة منذ الملك المؤسس- المغفور له بإذن ربه- عبدالعزيز آل سعود.

خادمُ الحرمين حارب- بالفعل- حرباً حقيقية، بكل معنى كلمة حرب، مع مصر، ومن أجل مصر، حارب فى مقدمة الصفوف الأولى، بادر بنفسه، ولم ينتظر دعوة من أحد، ولم ينتظر إذناً من أحد، ولم يطمع فى رضا من أى قوة دولية، بل لم يأبه بغضب أحد، ولم يحسب أى حساب لما سوف يترتب على موقفه الفريد من عواقب، فلم يكن- فى باله- غير الفراسة السياسية التى ألهمته أن وقوع مصر لن يعقبه إلا وقوعُ العروبة بأكملها والإسلام بأكمله.

فى يوم جمعة، من منتصف أغسطس 2013 م، كانت العاصمةُ تندلع فيها النيرانُ فى أكثر من موقع، وكانت حواضرُ الأقاليم تسرح فيها أشباحُ الانتقام، وفضائيات العالم تنقلُ بوادر الحرب الأهلية، وعواصمُ العالم تتفرج على مصر وهى على وشك الاحتراق، فى هذه اللحظة أذاع خادمُ الحرمين أقوى بيان صدر عن حاكم عربى منذ الحرب العربية مع إسرائيل فى أكتوبر 1973م.

وصف مصر بأنها وطنه الثانى، عبّر عن الأسى العميق لما يُكاد لها ويُدبر من عواصم المكر والخديعة، ثم قال كلماته الخالدة التى كسرت حواجز الصمت المُريب:

أولاً: أُهيبُ برجال مصر والأمتين العربية والإسلامية، والشرفاء من العالم، وأهل الفكر والوعى والعقل والقلم، أن يقفوا وقفة رجل واحد، وقلب واحد، فى وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة لها فى تاريخ الأمة الإسلامية والعربية مكانُ الصدارة مع أشقائها من الشرفاء، وألا يقفوا صامتين غير آبهين لما يحدث، فالساكتُ عن الحق شيطانٌ أخرس. وهذه كانت إدانة واضحة للصمت العالمى.

ثانياً: ليعلم العالمُ أجمع أن المملكة العربية السعودية، شعباً وحكومةً، وقفت وتقف مع الأشقاء فى مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وهذه كانت إشارة صريحة للإخوان.

ثالثاً: وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية، وحقها الشرعى لردع كل عابث أو مضلل لبسطاء الناس، وليعلم كل من تدخل فى شؤونها الداخلية أنهم بذلك يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذى يدعون محاربته، آملاً منهم أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان، وكانت هذه رسالة تحذير صريحة للولايات المتحدة الأمريكية ومعها الاتحاد الأوروبى.

رابعاً: مصرُ الإسلام، مصرُ العروبة والتاريخ المجيد، لن يغيرها موقف أو قول هذا أو ذاك، وإنها قادرة- بحول الله وقوته- على العبور إلى بر الأمان، يومها سيدرك هؤلاء أنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم.

خلاصةُ الكلام: هذا القائدُ العربى الكريم كان لسان الحق الذى تكلم باسم مصر فى لحظة كاد ينقطع فيها لسانُ مصر، وكان سيف الحق الذى قاتل باسم مصر فى لحظة أراد فيها من أراد أن ينكسر سيفُ مصر، هذا قائد، وهذا موقفه، ادخرتهما الأقدار- من أجل مصر- فى لحظة كانت مصائرُ مصر مرشحة للذهاب فى كل الاحتمالات المجهولة.

الحديثُ مُستأنفٌ.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية