x

سليمان جودة الاستثمار اليتيم! سليمان جودة الثلاثاء 17-03-2015 21:47


قرأت خلال أيام مؤتمر شرم أن الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة، قد وقع اتفاقاً مع شركة جنرال إلكتريك، لإنشاء نظام مؤسسى داخل وزارته، وأن منظمة الصحة العالمية سوف تكون شريكاً فى الموضوع.

وقد ظللت طوال أيام المؤتمر الثلاثة أبحث عن استثمار مماثل، سواء على مستوى الوزارة نفسها، أو على مستوى وزارات التعليم الأربع عندنا، فلم أعثر على شىء، ولذلك يبقى هذا الاتفاق بين «الصحة» والشركة العالمية فريداً من نوعه حقاً، ويبقى أن يقدم لنا الدكتور عادل معلومات أكثر عنه، وعن قيمته، وعن حجمه، وعما إذا كان هناك استثمار مشابه له أم لا؟

وإذا كان هناك معنى لمثل هذا الاتفاق، الذى وضع الوزير توقيعه عليه، فهذا المعنى هو أن الاستثمار فى مجال الصحة كان وارداً، ولذلك أيضاً فالسؤال هو: لماذا لم يكن استثماراً موسعاً؟ ولماذا لم يكن له نصيب كبير يناسبه بين الأرقام الهائلة التى خرجنا بها من هذا المؤتمر الناجح؟!

كنت أنتظر أن يكون هناك استثمار أوسع فى ميدان الصحة بشكل خاص، ثم فى اتجاه التعليم بشكل أخص، وكنت أنتظر أن تكون أرض مطار إمبابة- مثلاً- بمساحتها التى تزيد على مائتى فدان، من بين المشروعات المطروحة أمام المستثمرين الذين حضروا، بما يؤدى إلى تحويلها لمجمع مدارس متكامل، وبما ينقذ القاهرة من زحامها، ويعطى الطلاب فيها فرصة التواجد فى مجمع تعليمى صحى خارج صخب العاصمة.

لا اعتراض لأحد على أن يكون من بين المشروعات التى أقرها المؤتمر، مشروع عقارى ضخم فى مدينة الشيخ زايد، يتخلله برج سوف يكون هو الأعلى فى البلد، غير أن السؤال هو: هل نحن فى حاجة إلى برج من هذا النوع، بينما برج العاصمة الذى يأخذ شكل زهرة اللوتس هو الأشهر، وهو الأجمل، وهو الذى كان وقت إنشائه الثانى ارتفاعاً على مستوى العالم؟!

ومع ذلك، فليكن عندنا برج آخر، وبرجان، وثلاثة، بشرط أن نراعى فى المستقبل ما نحتاجه من وجوه الاستثمار فعلاً، وما لا نحتاجه، أو ما يمثل استثماراً أساسياً بالنسبة لنا، ثم ما يمثل نوعاً من الترف بالنسبة لبلد فى ظروفنا.

إن الاستثمار فى الصحة مربح، إذا ما كان الأمر متعلقاً ببحث المستثمر عن الكسب، وإلا ما كانت «جنرال إلكتريك» قد وقعت اتفاقها مع الوزير عدوى، ثم إن الاستثمار فى التعليم أكثر من مربح، إذا ما كان الأمر متعلقاً كذلك ببحث صاحب المال عن تحقيق مكاسب من وراء استثماره.

والسؤال هنا على النحو الآتى: هل يستثمر صاحب المال الأجنبى، على أرضنا، ما يريده هو أم ما نحتاجه نحن؟!.. إذا تركنا المسألة لما يريده هو فسوف نفاجأ بناطحات سحاب، وأبراج، وعقارات ضخمة، و... و... إلى آخره، وإذا ما تعلق الموضوع بما نحتاجه فسوف يكون التوجه مختلفاً تماماً، بحيث تكون الأولوية لمشروعات الإنتاج لا الاستهلاك، وللاستثمار فى البشر قبل الحجر، وللإنفاق فى مجالى الصحة والتعليم قبل غيرهما.. وهكذا.. وهكذا!

مؤتمر شرم باب عظيم ينفتح لنا، ونريد أن ندخله حسب ما نحتاج فى حياتنا، ولمستقبلنا، لا حسب ما يريده المستثمر ويرغب فيه، خصوصاً إذا كان ربحه هو مضموناً فى الحالتين، ولا تأثير عليه إذا ما استثمر أمواله فيما يمثل لنا قيمة مضافة، وفيما يطور من قدرات البشر لا الحجر.

الاستثمار اليتيم الذى سيتم بين «الصحة» والشركة إياها يجب ألا يبقى يتيماً، وأن تنشأ إلى جواره استثمارات عديدة من نوعه، وأن يكون التعليم، ومعه الصحة، أولوية لدى الدولة وهى توجه الاستثمارات، وتنظمها، وتوزعها، وتطرحها.

الاستثمار فى الإنسان أولاً.. وعاشراً!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية