قال رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير إن نجاح مصر ضرورى لتحقيق أمن الدول الغربية، نظرا لأهمية دور القاهرة في الأزمات التي تشهدها بعض دول منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف بلير، في حلقة خاصة مع الإعلامى عبداللطيف المناوى، ببرنامج «بين نقطتين»، على قناة «ten»، مساء الخميس، أنه كان يتابع ما يحدث في مصر، و«هذا الاستحواذ المنظم على كل المؤسسات من قِبَل جماعة الإخوان كان وسيلة للوصول إلى غاية وليس ممارسة الديمقراطية». وأوضح: «المشكلة هي أن الغرب (يجهل تماما) ما يحدث في الشرق الأوسط»، مضيفا: «نحن الآن في فوضى كارثية»، وإلى نص الحوار..
■ في 7 يوليو 2013، كتبتَ مقالا لصحيفة «الأوبزرفر»، واتخذتَ موقفا مؤيدا لتدخل الجيش المصرى للوقوف بجانب الشعب في الإطاحة بالإخوان، الآن كيف ترى المشهد؟
-أعتقد أن بعضنا ممن دعموا ثورة يونيو يشعر بأننا اتخذنا القرار الصحيح، فمصر كانت في حالة أزمة، وأعتقد أنها كانت تنزلق إلى الهاوية، ولابد من نزول ملايين الناس إلى الشوارع، لأنهم عرفوا ما الإجراءات التي يجب اتخاذها حيال هذا الوضع، ورغم وجود الكثير من التحديات، فإننى أعتقد أن الدولة الآن في طريقها إلى المستقبل.
■ لم يكن كل شخص في بريطانيا يتفق مع ما قلتَه في المقالة، وأعتقد أنه تم توجيه انتقادات لك من الكثيرين من وسائل الإعلام وسياسيين بريطانيين، فكيف واجهتَ هذا النقد؟
- اعتدت على هذا النقد من الإعلام، خاصة إذا كنت تتمتع بخبرة عريضة، فيجب عليك استخدام هذه الخبرة لتقول للناس ما الذي تفعله، وقد يكون ما تقول يراه البعض ليس الحكمة الأصيلة، وبالنسبة لى كنت أرى وأشعر بما يحدث في مصر، وأرى هذا الاستحواذ المنظم على كل المؤسسات من قِبَل الإخوان كوسيلة للوصول إلى غاية وليس ممارسة الديمقراطية، ومهمتى أن أقول للناس احذروا ذلك، واستيقظوا، فليس سهلا أن يستمر هذا الوضع.
■ إن رؤيتك مختلفة عن رؤية الساسة البريطانيين، فلماذا تبنيتَ مثل هذا الموقف؟
- أعتقد أن المشكلة هي أن الغرب يجهل تماما ما يحدث في الشرق الأوسط، وأضم نفسى لهذه المجموعة، لكن بعد مغادرتى عملى في الحكومة، وانشغالى بعملية السلام في الشرق الأوسط، أصبحت الآن قادرا على أن أركز في هذه المشكلة، وخرجت برؤية أن هناك سوء فهم أصيلا لما يحدث في هذا الجزء من العالم، فالإخوان ليسوا الحزب الديمقراطى المسيحى في ألمانيا، فهذا الاعتقاد يدعو للسخرية، إنها منظمة تختلف تماما، والغرب فشل في رؤية ذلك، فهناك فجوة بين حقيقة ما يحدث في الشرق الأوسط وما يفهمه الغرب.
■ أثير مؤخرا أنك تعمل مستشارا للرئيس عبدالفتاح السيسى.. فما حقيقة هذا الادعاء؟
- لست مستشارا، أنا داعم، فلابد أن ينجح، وما أستطيع أن أقدمه لمصر وأقوله للناس في الغرب: إنه من الضرورى لأمننا أن تنجح مصر، فإذا نظرتَ إلى المنطقة، سواء كان للقضية الفلسطينية- الإسرائيلية، أو ما يمارسه تنظيم «داعش»، أو الأزمتين الليبية واليمنية، فسوف تجد أنه لا يمكن لأى من هذه المشاكل والأزمات أن تتحسن إذا لم يكن السيسى موجودا، وكان الإخوان هم الموجودون، والأساس في أمننا أن تنجح مصر.
■ عندما التقيتَ السيسى لأول مرة، هل كان كما توقعت؟
- أستطيع أن أقول لك كيف كان مختلفا، لقد كانت له رؤية واضحة: أين تتجه مصر؟ للأمام، وليس للماضى السحيق أو القريب، وأنه لابد أن تتمتع مصر بالتسامح الدينى، وهو كمسلم صالح ضد تسييس الإسلام، وأعتقد أن المختلف الذي وجدته لدى السيسى هو هذا الوضوح الشديد الذي أراه رائعا.. فهو يصلح اقتصاد مصر ويطوره ويرسى قواعد التسامح الدينى.
■ أنت متابع جيد للقضايا المصرية وداعم رئيسى للسيسى وتتمنى له النجاح، فكيف ترى التقدم الذي تحرزه مصر الآن، وهل تعتقد أن السرعة والطريقة مناسبتان؟
- أعتقد أن التوجه صحيح، وأرى أن الرئيس والحكومة يتخذان إجراءات اقتصادية سريعة، كما رأينا في عدد من دول العالم، والإصلاح عملية صعبة، والمستفيدون منه غير معلومين، فهم في المستقبل، أما الخاسرون منه فهم موجودون الآن، ومن الطبيعى أن يغضبوا، وعلينا أن نعرف أن المفتاح الرئيسى بالنسبة لمصر بمنتهى الوضوح هو الأمن.
■ ما الأولويات في رأيك لمصر؟
- أعتقد أن إصلاح مصر لابد أن يكون في مجال الأعمال، والبنية التحتية، وإيجاد الوظائف، والتعليم، ونظام الرعاية الصحية، والأمن شىء مهم.
■ إذا عدنا قبل 12 عاما حين دخلت في حربكم على العراق.. هل تعتقد أنه قرار صائب.. وألا ترى أن ما نواجهه الآن في المنطقة هو نتيجة طبيعية لهذه الحرب؟
- سؤال جيد، وأرى أننا اتخذنا قرار دخول العراق، بعد مناظرات كثيرة، والسؤال الآن هو: ما مدى مسؤوليتنا عما يحدث في مجال الإرهاب وما يقوم به «داعش»؟ وما أقوله حيال ذلك هو أن ما بدأ حدوثه منذ عام 2011، أوضح أن هناك العديد من الديكتاتوريات الضخمة التي أصبحت في مواجهة مع شعوبها، فأنا أقول للناس: نعم، أنا تعلمت درسا، عليك إزاحة هذا الديكتاتور المسؤول عن الكثير من أعمال القتل، وبعدها يحدث فراغ، ثم تظهر الصراعات الدينية والعرقية والقبلية، وعلى سبيل المثال، ما حدث في ليبيا وسوريا، ولذلك أنا قلت: انظر إذا كنت تستطيع الحصول على اتفاق بشأن الانتقال المرحلى للسلطة، وفى مصر على سبيل المثال، استطاع الرئيس الأسبق مبارك أن يبذل قصارى جهده في إقرار السلام، لكن لابد من الاتفاق على نظام للسلام وإلا ظهر الأشخاص الذين يضرون بهذا السلام، ورؤيتى حول ما حدث في العراق أننا قد تورطنا في هذه العملية، وكان لدينا إيران تدعم الشيعة، والقاعدة تدعم السنة على الجانب الآخر، وانظر إلى ما فعلناه، عام 2003، ودعنا نقل: ماذا لو أن صدام كان موجودا عام 2011، فهل كان الموقف أفضل في التعامل مع هذه المشاكل؟ أرد بقولى: انظر إلى سوريا، وهى نفس المشكلة الموجودة في العراق، وإذا كانت هناك فائدة واحدة، فهى أن العراق ينال دعم السعودية، وهذا كان مستحيلا إذا كان صدام لايزال في السلطة.
■ كيف ترى مسؤولية الغرب في استئصال الإرهاب من المنطقة، وما شكل التعاون؟
- هناك شيئان لابد أن نفعلهما بوضوح، إذ لابد أن نحدد من هم حلفاؤنا، وندعمهم، ولا أقول: ندعم بلا نقد، ويكون هناك الحد الأدنى والأساسى من الدعم، ويجب أن نكون مستعدين للمرحلة التي يجب أن نتدخل فيها، ونعاون حلفاءنا لهزيمة الإرهاب، والحقيقة أننا تعلمنا الكثير من خبراتنا في العراق وأفغانستان، وأولها تلك الاستراتيجية العسكرية، التي يجب استخدامها لهزيمة هؤلاء الناس، فلابد من وجود أفراد عسكريين على الأرض وليس بالضرورة أن يكونوا منا.
■ يجب أن يكونوا من المنطقة وليس من «الناتو» أو قوات فرنسية أو بريطانية؟
- لا أعتقد أننا سنعود لنفس الموقف في العراق أو أفغانستان، وليست هذه الرؤية الوحيدة، لكن رؤيتى هي ما قاله أعضاء البرلمان في بريطانيا، وهو أننا يجب أن نجابه داعش، فهذا التنظيم لا يؤثر في روسيا أو الصين أو الغرب فقط، بل في الجميع. كما يجب العمل على السبل التعليمية، سواء التعليم الرسمى أو غير الرسمى، ونساعد الدول على أن تنشئ مؤسسات حكومية، وعلى خلق بيئة للعمل، وأن تعلم الناس استخدام التكنولوجيا، وأن تنشئ بنية أساسية مناسبة، فهذه التغيرات لابد أن يسهم بها الغرب، لأن ذلك هو الضمان لتأمين مستقبلنا.
■ بخصوص القضية الفلسطينية، أنت عضو في الرباعية الدولية وتبذل جهدا كبيرة في عملية السلام، فهل تعتقد أننا نتجه نحو حل أم صراع آخر؟
- أعرف أن موضوع القدس مشكلة، لكن هناك تلالا من الحلول، والمشكلة في رأيى أنه لابد أن تخلق الظروف التي تجعل المفاوضات ناجحة، عبر تحقيق ثلاثة أشياء، أولا: الحقائق على الأرض لابد أن تتغير كليا، وهذا يتطلب أن تقوم إسرائيل بإيجابية نحو تطوير حياة الفلسطينيين وطريقة معاملتهم وعيشهم واقتصادهم، فإذا شعر الفلسطينيون بأنه لا مستقبل لهم فإنهم لن يسعوا نحو السلام، ثانيا: توحد القيادات الفلسطينية، أما الثالث: فلابد للمنطقة أن تكون مؤهلة أكثر نحو حل هذه المشكلة.