x

هاني رسلان وثيقة التفاهم حول النيل الشرقى هاني رسلان الخميس 12-03-2015 21:05


فى نهاية الأسبوع الماضى جرى الإعلان عن أن اجتماع وزراء الخارجية والرى بدول النيل الشرقى مصر والسودان وإثيوبيا الذى انعقد فى الخرطوم، قد توصل إلى اتفاق على مبادئ حول تقاسم مياه نهر النيل ومشروع إنشاء سد النهضة الإثيوبى. وكان هذا ما عكسته برقية وكالة أنباء الشرق الأوسط، التى ذكرت أيضا امتناع الوزراء عن ذكر أى تفاصيل سوى الحديث الفضفاض بالمترادفات الدبلوماسية المعتادة عن التوافق والتعاون، وأن هناك صفحة جديدة.. إلخ. غير أن جريدة الشروق (7مارس) ذكرت بعض التفاصيل التى تشتمل على المقدمة الإنشائية التى تتضمن مترادفات لغوية يمكن لكل طرف استخدامها فى دعم وتبرير مواقفه.. فما هو الجديد فى الوثيقة؟

الجديد هو العبارة التالية «تحديد أطر استخدام المياه عقب إنشاء سد النهضة وبدء تشغيله». وذلك عبر «وضع قواعد فنية يتوافق عليها خبراء الدول الثلاث لتجنب الإضرار ببعضهم البعض، والتعامل مع الملف وفق مبادئ القانون الدولى، واتفاقية الأمم المتحدة للأنهار الدولية المشتركة». هذا النص يوضح أن مصر قد وافقت على سد النهضة بسعته التخزينية الحالية، الأمر الذى يثور معه سؤال بديهى: فى مقابل ماذا؟.. الإجابة أن المقابل لم يتم تحديده أو الاتفاق عليه، بل سيتم ترحيل ذلك إلى لقاءات مستقبلية عقب بدء تشغيل السد، حيث يتم وضع قواعد فنية يتوافق عليها الخبراء. وهذا يعنى أنه ستكون هناك مفاوضات عسيرة بسبب اختلاف تفسيرات كل طرف لمبادئ القانون الدولى واتفاقية الأمم المتحدة للأنهار، وأى من هذه المبادئ سوف يُعطى الأولوية، هل هو مبدأ عدم الضرر الذى تطالب به مصر؟ أم مبدأ الاستخدام المنصف والعادل الذى تقول به إثيوبيا، والذى يعطيها مساحات واسعة للمناورة واعتبار أى نقص فى المياه المتجهة إلى مصر لا يمثل ضررا. كما أنه فى حالة ثبوت الضرر فإن إثيوبيا سوف تعتبره ضررا غير بليغ كما تكرر كل التصريحات الإثيوبية صباح مساء. والسؤال الثانى: ما دام هناك اعتراف بالقانون فأين هو مبدأ الإخطار المسبق؟

المعنى الواضح لهذه الوثيقة هو أنها موافقة مصرية على سد النهضة دون مقابل تحت لافتات خادعة سوف تلحق ضررا هائلا الآن وفى المستقبل بموقف مصر فى أزمة المياه التى سوف تصاحب الأجيال القادمة، لأن سد النهضة هذا لن يكون نهاية المطاف، ولأن الموافقة المصرية بهذا الشكل القاصر وعديم الجدوى أيضا- سوف تكرس ما تقول به إثيوبيا من حقها فى التصرف المنفرد على النيل الأزرق أو غيره من الروافد دون النظر إلى الأضرار التى سوف تلحق بدولة المصب وهى مصر.

قد يجادل البعض بطريقة متهافتة: وما العمل فى ظل تعنت إثيوبيا وتأييد السودان لها؟ والرد على ذلك أن أى اتفاق يجب أن يتضمن ترتيبات دائمة توضح الحقوق والالتزامات فى حوض النيل الشرقى للدول الثلاث، على أن ينصرف ذلك للوضع الحالى وللمستقبل، لاسيما أن مصر تبدى مرونة تامة فى إطار معادلتها عن حق الآخرين فى التنمية فى مقابل حق مصر فى الحياة. وإذا رفضت إثيوبيا ذلك، فسوف يكون هناك نزاع طويل وذا أجل ممتد، لا ينبغى أن تترد مصر فى خوضه دفاعا عن حق شعبها فى الحياة، وبوسائل عدة ليس من الضرورى أن يكون من بينها الحرب. وإن كانت الظروف الحالية لمصر لا تساعد، فلا يجب أن نصادر على المستقبل، خاصة أننا نوافق دون مقابل واضح.. فما الذى تكسبه مصر الآن!! وما المخاطر المقابلة لهذه التوافقات عديمة الجدوى؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية