أودعت محكمة جنايات القاهرة أسباب حكمها الصادر مؤخرا بمعاقبة الناشط علاء عبدالفتاح وشخص آخر بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات لكل منهما، وتغريمهما 100 ألف جنيه، ومعاقبة 18 متهما آخرين بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وتغريم كل منهم 100 ألف جنيه، وبراءتهم من الاتهام الخاصة بسرقة خاص اتصالات لاسلكية بضباط شرطة.
صدر الحكم برئاسة المستشار حسن محمود فريد، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا وفتحي عبد الحميد الرويني، بحضور أحمد الموجي ومحمد فؤاد وكيلي النيابة.
وقالت المحكمة في أسباب الحكم إن ثورة 25 يناير 2011 قام بها شباب أطهار هدفهم تحقيق الحرية والعدل والمساواة، رافضين الظلم والفساد، مضحين في سبيل ذلك بالغالي والنفيس، فحق القول عليهم بالثوار، فهم نبراس لكل ثائر على الفساد.
وأضافت المحكمة إنه وفي إطار ما تنشده الدولة من إعلاء سيادتها وبسط سلطانها علي أقطار البلاد والتصدي إلى كل ما عساه أن يؤدي إلى زعزعة أمنها، فقد وضعت تنظيما لحق التظاهر والمتمثل في (قانون التظاهر) تضمن به الممارسة الصحيحة لهذا الحق وتحمي به المتظاهرين وسائر المواطنين من اثاره من خلال إصدار القوانين التي تنظم الحقوق وممارسة الحريات و تجرم التجاوزات ووضع الضوابط والإجراءات التي من خلالها تحقيق الاستقرار وممارسة الحريات، والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 24 نوفمبر 2013 و بدأ العمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره، والذي تضمن حظر تنظيم التظاهرات قبل الإخطار عنها للجهات الأمنية المختصة لاتخاذ شئونها نحو القبول أو الرفض ونظم حق التظلم منه.
وأكدت المحكمة أن قلة أبت الاستقرار وتحدت عمدا هيبة الدولة، وساد بينهم اعتقاد بالحشد لنشر الفوضي في البلاد وترويع الآمنين بغرض فرض رأيهم بالقوة معتقدين صحته، متناسين أن القانون هو الذي يكفل وينظم لهم حقوقهم وحرياتهم، وأن التظاهر بدون انضباط أو تنظيم سيؤدي سلبا إلى الدمار والتخريب والاعتداء على حقوق الآخرين، متجاهلين أن حرية ممارسة الحق يقابله واجب بالالتزام بعدم الاعتداء على حقوق الآخرين.
وأوضحت المحكمة أن المتهم علاء عبدالفتاح اعتراضا منه على ما تقدم، وتحديا منه لقانون التظاهر الذي صدر متزامنا مع مناقشات لجنه الخمسين التي كانت مكلفة حينها بإعداد دستور البلاد، وحال مناقشة اللجنة للمادة التي تسمح بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري؛ فقد دبر تجمهرا من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر بغرض تعطيل تنفيذ القوانين والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم بالقوة والعنف.
وذكرت المحكمة أن المتهم علاء عبدالفتاح قام في 24 نوفمبر 2013 بدعوة المتظاهرين - بواسطة حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك - على الصفحة المسماة (لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين) لوقفة احتجاجية أمام البوابة الرئيسية لمجلس الشوري يوم 26 نوفمبر 2013 في الساعة الرابعة مساء، لرفض إقرار المحاكمات العسكرية للمدنيين في الدستور، وأضاف إلى دعوته عبارة (انزل تحدى قانون التظاهر الباطل واضغط لوقف إقرار المحاكمات العسكرية الباطلة في الدستور)، أما الدعوة الثانية فقد كانت مدونة على الصفحة المسماة (جبهة طريق الثورة)، والذي يعد المتهم الأول عضو مؤسس لها ونظمت ذات الدعوة الأولى.
وأضافت المحكمة أن علاء عبدالفتاح قام أيضا بنشر تغريدات أخرى بذات التاريخ تضمنت (وقفة لرفض المحاكمات العسكرية في الدستور.. حضوركم مهم جدا)، وكذا استجابة الحركات المتضامنة معه لنشر هذه الدعوة، مضافا إليها تعمدهم إضافة عبارة (هنتظاهر غصب عنهم ونازلين مظاهرة يوم الثلاثاء ضد إقرارهم في الدستور المحاكمات العسكرية للمدنيين متحدين قانون التظاهر).
وقالت المحكمة إنه لبى الدعوة للتظاهرة ما يربو على 350 شخصا، حيث اصطفوا على الرصيف المقابل لبوابة مجلس الشورى، رافعين اللافتات التي تندد بالقانون وكذا محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، حال كون اللجنة قد سبق لها استضافة بعضهم في دعوة مفتوحة بجلسات الاستماع التي عقدتها للوقوف على آرائهم واعتراضاتهم قبل البت في النص الدستوري، غير أنهم أبوا على اللجنة سوى تبني وجهتهم، واستعانوا على فرض رأيهم جبرا بالاشتراك في التظاهرة.
وأضافت: «في الوقت الذي كان فيه رجال الشرطة من القوات النظامية بزيها الرسمي وكذا بعض رجال البحث الجنائي بالملابس المدنية، قد توجهوا لمكان الأحداث لملاحظة الحالة الأمنية سواء من المعينين بالخدمات الأمنية بمجلس الشورى والمقار الرئيسية المحيطة به، أو ممن صدرت إليهم الأوامر بالتوجه لتكثيف التواجد الأمني تحسبا لما عسى أن تسفر عنه التظاهرة من تجاوزات أخرى بخلاف كونها قد اخترقت قانون التظاهر بتنظيم التظاهرة، والذي ألزم بموجبه بإخطار قسم الشرطة المختص لمن أراد تنظيم تظاهرة قبل موعدها بثلاثة أيام».
وقالت المحكمة إن المتهمين تحدوا القانون بالنزول وعمل التظاهرة دون الحصول على ثمة موافقات أمنية أو تقديم إخطار كتابي لقسم شرطة قصر النيل، باعتبار التظاهرة قد وقعت بدائرة اختصاصه ليبينوا مكان التظاهر وخط سيرها وميعاد بدايتها وانتهائها والغرض منها وأسماء الأفراد القائمين بها أو الجهة المنظمة لها، وهو الأمر الذي يرقى إلى مرتبة الإخلال بالأمن والنظام العام لكونه قد حجب جهات الأمن عن اتخاذها الإجراءات الكفيلة بسلامة التظاهرة للتأكد من خلوها مما يهدد الأمن والسلم العام حسبما خولها القانون.
وذكرت المحكمة أن المتظاهرين استهلوا وقفتهم بترديد الهتافات المعادية للشرطة والقوات المسلحة، مما حدا بالقائد الميداني من رجال الشرطة أن يطلق على مسامعهم عبارات التحذير عبر أحد مكبرات الصوت بوصفهم قد اخترقوا قانون التظاهر، ودعاهم إلى الإنصراف وحدد لهم طرق وممرات آمنة حددها لهم، وأتاح لهم فسحة من الوقت كي يبادروا بالانصراف، غير أنهم أبوا الانصياع للإرشاد ولم يحركوا ساكنا، وقد تجاوز بعضهم حدود الرصيف الذي قاموا باعتلائه، وافترش البعض الآخر نهر الطريق في تحد صريح ومباشر لرجال الأمن الذين اتخذوا من الرصيف المقابل المحازي لمجلس الشوري تمركزا لهم.
وأكدت المحكمة أن ما أتاه المتجمهرون تجاوز منهم لارتكابهم أفعال يعاقب عليها القانون، لقطعهم الطريق وتعطيلهم حركة المرور أمام مجلس الشورى والتي كانت تسير بصورة طبيعية قبل افتراش المتجمهرين لنهر الطريق والسب والقذف في حق الشرطة والجيش، والتحدي للأمن وتكدير رجال الشرطة والإخلال بالأمن والسلم العام والسكينة وخرجوا عن السلمية وبالاعتداء على رجال الشرطة، حسبما أظهرتهم كاميرات المراقبة الخاصة بمجلس الشورى وغيرها من المقاطع المصورة التي قدمتها النيابة العامة والتي عرضتها المحكمة وشاهدتها بناء على طلب الدفاع وسمحت المحكمة للدفاع بالتعليق على كل مقطع.
وأضافت المحكمة أن تلك التصرفات التي ارتكبها المتهمون، كانت لها دلالات كشفت عن زيف حجيتهم وأزاحت الستار عما يضمرون منهم وحسموا أمرهم بإما النزول على رأيهم وإما إشاعة الفوضى وتكدير الأمن والسكينة العامة، في تحد لهيبة الدولة.
وقالت المحكمة إن رجال الشرطة قد أحكموا ضبط النفس في مسلكهم، وطالبوا المتجمهرين بالانصراف، وهو ما لم يصادف هواهم وقاموا بتصعيد موقفهم وزيادة الأمور تعقيدا باختلاق مواجهة بين رجال الشرطة القائمين على تنفيذ القانون، فكان لهم ما أرادوا حيث اضطرت قوات الحماية المدنية إلى استخدام خراطيم المياه لتفريقهم وإعادة فتح الطريق الذي قطعوه، ثم اندفع رجال الشرطة نحوهم وتمكنوا من ضبط المتهمين الماثلين على مسرح الأحداث حال تجمهرهم، في حين لاذ الآخرون منهم بالفرار.
وأضافت المحكمة أن المتهمين قاوم منهم من قاوم، حيث تعدى المتهم الأول (علاء عبد الفتاح) وبرفقته آخرين من المتجمهرين بالضرب على مقدم الشرطة عماد طاحون، بالإدارة العامة لمباحث القاهرة، وأسقطوه أرضا وأحدثوا به كدمات متفرقة بالجسم، حسبما أورد بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى هيئة الشرطة، وكذا تعدوا بالضرب علي الشاهد التاسع المجند أحمد محمد عبد العال من قوه قطاع المرج بالأمن المركزي، محدثين به كدمة بالكوع الأيسر على النحو الوارد بالتقرير الطبي، كما تم ضبط أداة مما تستخدم بالاعتداء على الأشخاص بحوزة المتهم الثاني دون أن يكون لحملها أو حيازتها مسوغ قانوني.