x

طارق عباس «داعش» صناعة أمريكية طارق عباس الجمعة 27-02-2015 20:57


فى يقينى أن ما يسمى تنظيم «داعش» ليس تنظيما إسلاميا ولا علاقة له بالإسلام بل هو الذراع الثانية للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط بعد إسرائيل، ويعول عليه الأمريكيون كثيراً فى حماية مصالحهم وتنفيذ مخططاتهم الرامية لرسم حدود جديدة للشرق الأوسط، مبنية على القبلية والمذهبية والعرقية، ومغايرة لما سبق أن أقره الاستعمار فى معاهدة «سايكس بيكو» عام 1916، وما الحرب التى تخوضها الولايات المتحدة ضد هذا التنظيم حالياً إلا محاولة منها لتجميل الصورة فقط وإعطاء الشعب الأمريكى خصوصاً، والعالم عموماً، انطباعاً بأن الولايات المتحدة تحارب الإرهاب وترغب فى القضاء عليه، علماً بأنها من وجهة نظر الكثيرين من المحللين تمثل الداعم الأول لهذا الإرهاب، وعندى فى هذا الخصوص عدد من الأدلة، لعل أبرزها:

أولاً: ولادة تنظيم داعش فجأة ونموه بشكل سريع وزيادة عدد المتطوعين فيه من 31500 مقاتل إلى أكثر من 200.000 حسب تقرير (CIA) الصادر مؤخراً، تعنى أن الضربات التى توجهها الولايات المتحدة، ومن خلفها التحالف الدولى ضد هذا التنظيم، لا تشكل مطلقاً خطورة عليه ولا على بنيانه بقدر ما تعطيه مزيداً من الوقت كى تنمو قوته ويتأكد حضوره كلاعب أساسى فى تحديد التوازنات المستقبلية بمنطقة الشرق الأوسط.

ثانياً: أبرز قيادات التنظيم «أبوبكر البغدادى» كان معتقلاً فى سجن «جوانتانامو» ثم أفرج عنه بعفو من الولايات المتحدة نفسها، وبعد 6 أشهر فقط من رؤيته النور نجح فى بناء جيش جرار يحمل اسم «جيش الدولة الإسلامية بالعراق»، وبمجرد اندلاع الثورة السورية ضد النظام هناك تحرك أفراد هذا الجيش فى وضح النهار وتحت بصر الأمريكيين والعالم كله إلى سوريا، ومع ذلك أصرت أمريكا على الفرجة ولم تتخذ إجراءً عسكرياً واحداً ضد هذا التنظيم يثبت جديتها فى محاربة الإرهاب.

ثالثاً: لم يمارس هذا التنظيم عمليات القتل والتخريب إلا ضد المسلمين أو العرب، فى الوقت الذى لم يبدِ فيه أى مقاومة للعمليات الإجرامية الإسرائيلية فى فلسطين، بل لم يصدر بياناً واحداً يدينها أو يدين الفيتو الأمريكى الذى توظفه أمريكا دائماً فى مواجهة أى قرار دولى يصدر فى غير صالح الصهاينة.

رابعاً: عندما طالبت مصر بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بعد ذبح 21 مواطناً مصرياً فى ليبيا على يد هذا التنظيم الإرهابى لم تتفاعل واشنطن مع الغضب المصرى واكتفت برفضها أى حل عسكرى ضد التنظيمات الإرهابية المسلحة، فى إشارة منها إلى اعتراضها الضمنى على الضربة الجوية التى وجهتها مصر ضد معاقل داعش فى ليبيا.. علماً بأن القانون الدولى يكفل لأى دولة تتبع من يهددون أمنها وتوجيه ضربات مباشرة لهم. ومصر لم تفعل ما فعلت إلا من منطلق حقها القانونى فى إطار الدفاع الشرعى عن النفس.

.. والسؤال الذى يفرض نفسه علينا جميعاً، ما الذى ستستفيده الولايات المتحدة من صناعتها لداعش؟

يعلم الأمريكيون أن هذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية المتأسلمة لا شغل لها ولا شاغل غير السلطة والبحث عن السلطة والجاه والمال، لذلك صمتت على استيلاء تلك الجماعات على النفط فى ليبيا والعراق، وسمحت بتصديره إلى تركيا وإسرائيل، كما لم تحرك ساكناً إزاء الاستيلاء الفاضح على البنك المركزى العراقى فى الموصل، وكذلك قدمت الدعم التقنى والعسكرى والمعلوماتى والمخابراتى لهذه الجماعات، بما يضمن تفوقها على جيوش الأنظمة العربية الموجودة.. كل ذلك فى مقابل توظيف داعش فى إذكاء الصراعات على أساس دينى، سواء مع الجماعات الإسلامية الأخرى أو مع الليبراليين والعلمانيين، أو مع القبائل، وكذلك توظيف هذا التنظيم كورقة ضغط على العرب والمسلمين، مرة على مصر بزرع أعضائه فى حدودها الشرقية أو الغربية، ومرة ضد العراق وهو ما حدث تحديداً ضد المالكى رئيس الوزراء العراقى السابق لكونه تابعاً لإيران التى كانت ولاتزال تساوم الغرب بشأن قدراتها النووية، ومرة ضد النظام السورى من أجل إسقاط الجيش، وفى الوقت نفسه إضعاف حزب الله، حائط الصد الأول فى سبيل مقاومة إسرائيل.

إن نسبة تنظيم داعش إلى الإسلام هى مخطط أمريكى- إسرائيلى بامتياز، من أجل تشويه الإسلام فى إطار الحرب على الإسلام، وسوف يثبت التاريخ أن المنتمين لهذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية ليسوا إلا مجموعة من المرتزقة، تم جلب معظمهم من أوروبا وتدريبهم على يد المخابرات الأمريكية كى يكونوا جيش أمريكا ووكلاء إسرائيل فى الحرب ضد العرب والإسلام، وتحويل الصراع العربى- الإسرائيلى إلى صراع عربى- عربى، كى تكون إسرائيل الأقوى على الإطلاق.. فهل هناك حياة لمن ننادى؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية