x

من حق الشعب أن يعلم وأن يفخر بالاشتراك فى مهرجان فينسيا

الإثنين 21-09-2009 23:00 |

كتب أحمد عاطف فى «الأهرام» يوم السبت الماضى مقالاً تحت عنوان «أزمة المسافر فى فينسيا»، جاء فيه أن الفيلم الذى عرض فى مسابقة مهرجان فينسيا حصل على المركز الأخير فى الاستفتاء اليومى بين 22 ناقداً فى نشرة المهرجان، وأن وزارة الثقافة قامت بإنتاج الفيلم بـ20 مليون جنيه من دون إقامة مسابقة، وإنما «قرأ السيناريو الناقدان سمير فريد وعلى أبوشادى وأعجبهما، ورشحاه لوزير الثقافة فقرر إنتاجه».

واختتم الصحفى والناقد والمخرج والمنتج الشاب مقاله قائلاً: «من الذى اختار المشاركين فى الوفد الذى رافق الفيلم فى المهرجان وعلى أى أساس ولأى هدف»، وقال: «من حق الشعب المصرى كله أن يعرف الملابسات حول فيلم (المسافر) بدءاً من قرار إنتاجه ووصولاً إلى الآن، ويبدو أننا بصدد (ووترجيت) جديدة للثقافة المصرية» فى إشارة إلى فضيحة التنصت التى وقعت فى أمريكا أثناء انتخابات رئاسية!

تجاهل عاطف أن 12 من الـ22 ناقداً الذين يمنحون نجوماً من 5 إلى 1 للأفلام لم يشاهدوا الفيلم، وإنما شاهده عشرة منهم فقط، وأن العشرة منحوه نجوماً تتراوح بين 3 وواحدة، وقد نشرنا تفاصيل هذه النجوم فى رسالة «المصرى اليوم» من فينسيا.

واختلاف النقاد سواء المصريون أم الأجانب حول فيلم «المسافر» وهو أول فيلم طويل يخرجه أحمد ماهر ليس غريباً، لأن النقاد غالباً ما يختلفون حول أى عمل فنى «مجدد»، والفيلم جديد تماماً بالنسبة للسينما المصرية، ولو لم يكن كذلك لما كان هناك ما يبرر إنتاجه بواسطة وزارة الثقافة. ومجرد اختيار الفيلم للعرض فى مسابقة مهرجان فينسيا إنجاز كبير للسينما المصرية لم يحققه من قبل سوى يوسف شاهين طوال 66 دورة من دورات أعرق مهرجانات السينما فى العالم.

لم تكن مباراة مع إسرائيل

وعدم فوز «المسافر» بجائزة من جوائز المهرجان لا يقلل من إنجاز اختياره للمنافسة مع 25 فيلماً من أكبر صناعات السينما فى كل القارات. وقد سبق اشتراك يوسف شاهين مرتين فى فينسيا، ولم يفز فى أى منهما، كما سبق اشتراك أحمد بدرخان وصلاح أبوسيف وكمال الشيخ وهنرى بركات ويوسف شاهين فى مسابقات مهرجان كان، ولم تفز أفلام أى منهم بأى جائزة. وفى مسابقة فينسيا هذا العام لم تفز أفلام جاك ريفيت وباتريس شيرد ومايكل مور وجوزيبى تورناتورى وورنر هيرزوح وغيرهم من أعلام السينما فى العالم.

الاشتراك فى مسابقات المهرجانات الدولية الكبرى الثلاثة (كان وبرلين وفينسيا) إنجاز لأى صناعة سينما، والفوز إنجاز أكبر، ولكن الاشتراك فى المهرجانات ليس المقياس الوحيد ولا المقياس الأهم لتقييم الأفلام، وكذلك الفوز ولعل أكبر دليل على ذلك أن الفيلم الذى فاز بالأسد الذهبى هذا العام رفض فى برلين وكان فى نفس العام، وهو الفيلم الإسرائيلى «لبنان» إخراج شامويلى ماوز، ومن الغريب القول إننا هزمنا فينسيا أمام إسرائيل، فلم نكن فى مباراة كرة مع إسرائيل، وإنما فى مسابقة مع 24 فيلماً من 11 دولة منها أمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والصين واليابان.

الوزارة بين الدعم والإنتاج

أعلنت وزارة الثقافة عن أول مسابقة لدعم إنتاج سيناريوهات مختارة بمبلغ 20 مليون جنيه، وشكلت لجنة لاختيار السيناريوهات الفائزة من على أبوشادى وكمال رمزى ويحيى عزمى ورؤوف توفيق وكاتب هذه السطور. وفازت سيناريوهات لكل من المخرجين داوود عبدالسيد ورأفت الميهى وأسامة فوزى ومجدى أحمد على وأحمد غانم وأحمد ماهر عن سيناريو «المسافر».

وليس صحيحاً أننى وعلى أبوشادى قرأنا سيناريو «المسافر» ورشحناه لوزير الثقافة فقرر إنتاجه، وإنما الصحيح أن وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى قرأ السيناريو، وقرر إنتاجه بواسطة صندوق التنمية الثقافية، وطلب رأى بصفتى ناقداً، ورأى أبوشادى بصفته رئيس المركز القومى للسينما والمستشار الفنى للصندوق فوافقنا.

الأصل فى الصندوق أن يدعم إنتاج الكتب والأعمال الفنية ضمن مهام أخرى، ولكن من حق مجلس إدارة الصندوق الذى يرأسه الوزير أن يقوم بإنتاج الكتب والأعمال الفنية أيضاً، ومن دون مسابقات مثل كل الكتب والأعمال الفنية التى تقوم بإنتاجها هيئات وزارة الثقافة الأخرى ورأيى الخاص ألا تقوم الدولة بالإنتاج، وتكتفى بالدعم، ولكنى وجدت أننى سوف أرتكب خطأ فى حق السينما المصرية عندما يوافق وزير الثقافة على إنتاج أول فيلم طويل لمخرج أثبت موهبته فى أفلامه القصيرة، ويطلب رأيى فأعترض بسبب قناعتى بأن تكتفى الدول بالدعم.

ومن المعروف أن أحمد ماهر أتم العمل فى السيناريو منذ سنوات، ولم يوافق على إنتاجه العديد من الشركات لاختلافه عن السينما السائدة، وتكلفة الديكور العالية وقد حصل ماهر من وزارة الثقافة على مبلغ مائة ألف جنيه مقابل السيناريو والإخراج، وهو أجر كومبارس فى مسلسل تليفزيونى من الدرجة الثانية، وعندما كان يقيم فى روما أثناء إعداد الصوت والتحميض والطبع كان يقيم على نفقته الخاصة، ولم تتم دعوته لحضور مهرجان فينسيا منذ بدايته على نفقة الإنتاج مثل كل مخرجى أفلام المسابقة، وإنما لمدة ثلاثة أيام فقط على نفقة المهرجان مثل كل ضيوفه من السينمائيين.

مسابقة مهرجان فينسيا

تناقشت مع ماهر طويلاً فى السيناريو، كما أفعل مع كل من يطلب رأيى فى السيناريوهات أو نسخ العمل من المخرجين المصريين والعرب، بصفة ودية، ومن دون الحصول على أى أموال، وإنما حباً فى السينما، ومساهمة فى تطور السينما المصرية والعربية، وعندما شاهدت نسخة العمل الأولى من «المسافر» خريف العام الماضى فرحت كثيراً بما شاهدته، واستمرت المناقشات حول العديد من التفاصيل.

كنت آنذاك مستشاراً لمهرجان الشرق الأوسط فى أبوظبى قبل أن أستقيل هذا العام، وتصور ماهر أننى سوف أطلب الفيلم للمهرجان، ولكنى قلت له إننى أسعى لتكون أفلام المهرجان عروضاً عالمية أولى، ولكن مع استثناء المهرجانات الكبرى الثلاثة بالنسبة للأفلام العربية، وأن «المسافر» فرصة نادرة للاشتراك فى مسابقة مهرجان فينسيا العام المقبل، لأننى أراه على مستوى ما أشاهده فى مسابقات المهرجانات الثلاثة، وأثق فى أن مدير المهرجان ماركو موللر سوف يختاره.

تناقشت مع موللر أكثر من مرة عبر التليفون، وفى مهرجان «كان» وكانت النتيجة اختيار ثلاثة أفلام مصرية فى البرنامج الرسمى داخل وخارج المسابقة، وهو ما لم يحدث من قبل فى أى من المهرجانات خارج العالم العربى، وما يستوجب فخر كل الشعب المصرى بذلك الإنجاز لـ«المسافر» فى المسابقة، و«احكى يا شهرزاد».. إخراج يسرى نصرالله خارج المسابقة، و«واحد صفر» إخراج كاملة أبوعلى فى برنامج «آفاق» وهى أول مخرجة مصرية يعرض لها فيلم فى مهرجان دولى كبير.

أما عن مسألة الوفد الصحفى الذى شكلته وزارة الثقافة لحضور عرض الفيلم فى فينسيا، وعلى أى أساس تم تشكيله ولأى هدف، فهذان سؤالان ترد عليهما الوزارة، وكل ما أعرفه أننى التقيت هناك مع زملاء أعزاء. وقد اعتذرت عن عدم قبول دعوة كريمة من الوزارة للاشتراك فى ذلك الوفد، لأن المهرجان يوجه لى الدعوة كصحفى منذ سنوات طويلة.

هذه شهادتى عن إنتاج فيلم «المسافر» بواسطة وزارة الثقافة، وعرضه فى مسابقة مهرجان فينسيا. فمن حق الشعب الذى أنفق 20 مليوناً لإنتاج الفيلم أن يعرف كل شىء كما قال أحمد عاطف فى مقاله ومن حق الشعب أيضاً أن يعرف أن ما نشر عن اشتراك الفيلم فى المسابقة والاشتراك المصرى فى المهرجان بصفة عامة يساوى أكثر من مائة مليون جنيه، وليس فى الأمر «ووترجيت» أو فضيحة أو أزمة من أى نوع للثقافة المصرية، وإنما على العكس تماماً، فالعالم يتحدث عن فينسيا 2009 كبداية نهضة جديدة وعصر ذهبى جديد للسينما المصرية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية