التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الإثنين، بوفد موسع من رجال الأعمال الإيطاليين، برئاسة كارلو كالِندا، نائب وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي، وضم رجال المال والبنوك ومؤسسات التمويل واتحادات الصناعات وكبريات الشركات الإيطالية العاملة في مختلف المجالات، منها الصناعات الثقيلة والزيوت والطاقة والإنشاءات والسكك الحديدية والأقطان والتأمين والمصايد السمكية.
وأشار الرئيس في مستهل اللقاء إلى العلاقات الوثيقة التي تجمع بين مصر وإيطاليا على المستويين الرسمي والشعبي، منوها إلى أن هذا الاجتماع يأتي في إطار استكمال ومتابعة لقاءاته مع مجلس الأعمال المصري الإيطالي خلال زيارته لروما في نوفمبر الماضي.
وأوضح السيسي أن مصر تعمل من خلال 3 محاور على الصعيد الاقتصادي، هي صياغة قانون الاستثمار الموحد، ومعالجة المشكلات التي واجهها قطاع الاستثمار مصر جراء الأحداث التي شهدتها خلال السنوات الأربع الماضية، وتيسير إجراءات التعاقد مع المستثمرين الذين ينفذون مشروعاتهم في مصر.
واستعرض الرئيس عددا من المشروعات القومية العملاقة التي تنفذها مصر حاليا، وفي مقدمتها مشروع حفر قناة السويس الجديدة، منوها إلى أن معدلات التنفيذ الجارية تؤشر على النجاح في إنجاز المشروع في الموعد المحدد له، ولفت إلى مميزات المشروع وما سيتيحه من توفير لزمن مرور السفن، فضلا عن المشروعات التي سيتضمنها لتنمية منطقة القناة، كما نوه إلى مشروع شبكة الطرق القومية الذي سيربط بين مختلف المحافظات والمناطق الاستثمارية بمصر، ومن المستهدف الانتهاء منه خلال العام الجاري.
وأضاف السيسي أن الحكومة تعمل حاليا على تنمية القدرة الاقتصادية لمصر، وتستهدف ضمن عدة إجراءات أخرى، زيادة الاستثمارات العربية والأجنبية المباشرة، مشيرا إلى أن المؤتمر الاقتصادي الذي ستنظمه مصر مارس المقبل سيوفر فرصة مناسبة للتعريف ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري خلال السنوات الأربع القادمة، كما سيتم طرح ما بين و15 و20 مشروعا تم دراستها بشكل كامل، والانتهاء من إعدادها للعرض على المستثمرين الذين سيشاركون بالمؤتمر، ومنها مشروعات الطاقة والبنية التحتية.
وأوضح الرئيس أن مصر تعد نافذة على السوقين العربية والأفريقية، أخذا في الاعتبار اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمتها مع العديد من التجمعات الاقتصادية، لافتا إلى أن مصر والسودان وإثيوبيا تمثل مجتمعة سوقا استهلاكية ضخمة تناهز 200 مليون نسمة، فضلا عن السوق الأفريقية مجتمعة والتي تقارب مليار نسمة، ومن ثم فإن مصر حريصة على تواجد مكثف وحضور قوي وفاعل لشركائها الاقتصاديين وأصدقائها الدوليين في المؤتمر الاقتصادي.
وأشار السيسي إلى آلية فض المنازعات التي استحدثتها الحكومة المصرية، للتوصل إلى تسويات ودية للمنازعات الخاصة بالاستثمار، ونوَّه إلى سداد مصر جزءا من مستحقات الشركات الأجنبية المستثمرة فيها، مؤكداً أنها لم تتخلف يوما عن سداد تلك المستحقات أو عن الوفاء بالتزاماتها الدولية.
وعلى الصعيد الدولي، أكد الرئيس إلى أن مؤسسات التمويل الدولية رفعت درجة التصنيف الائتماني لمصر من سلبية إلى مستقرة، كما يتوقع البنك الدولي أن يحقق الاقتصاد المصري نموا قدره 3.1% خلال عام 2015، ويرتفع تدريجيا ليصل إلى 7.5% بحلول عام 2020، مؤكدا أن الحكومة المصرية تعمل بدأب وتسعى باجتهاد لتحقيق هذا المعدل قبل حلول عام 2020.
من جانبه، قال منير فخري عبدالنور، وزير التجارة والصناعة، إن مصر تثمن علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع إيطاليا، باعتبارها أكبر شريك تجاري أوروبي لمصر، بفضل قربها الجغرافي والتكامل الاقتصادي بين البلدين، مضيفا أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة تمثل الأساس الذي يقوم عليه الهيكل الإنتاجي في إيطاليا، وأشار إلى رغبة مصر في الاستفادة من التجربة الإيطالية في هذا الصدد.
ولفت الوزير إلى ارتباط أمن مصر بمنطقة المتوسط، منوها إلى أن خطر الإرهاب الذي يتهدد البلدين واحد، ولفت إلى الدلالة الرمزية لتهديدات الجماعات الإرهابية، والتي تؤكد على الارتباط الوثيق بين أمن دول شمال وجنوب المتوسط.
واستعرض أشرف سالمان، وزير الاستثمار، ملامح التوجهات الاقتصادية لمصر، وأهمها التزامها بالاقتصاد الحر وآليات السوق، والسعي نحو تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة تتناسب مع معدلات الزيادة السكانية، بما تفرضه من متطلبات يتعين على الدولة الوفاء بها إزاء مواطنيها.
وأضاف الوزير أن مصر توفر مناخا جاذبا للاستثمار، حيث تعد من أكثر الدول تحقيقا لعوائد الاستثمار، فضلا عما تتيحه من موقع جغرافي متميز وموارد طبيعية وبشرية وسوقا ضخمة، كما أنها تحرر معظم القطاعات الاقتصادية بما فيها قطاع الطاقة.
من جانبه، أكد رئيس الوفد الإيطالي تضامن بلاده مع مصر ووقوفها إلى جانبها في جهود مكافحة الإرهاب، ومواصلة عملية التنمية الشاملة، وأشاد بجهود الحكومة المصرية لتيسير الاستثمار وإنجاح مهمة الوفد، منوها إلى حرص الجانب الإيطالي على أن يتضمن تشكيل الوفد مسؤولي مختلف القطاعات الصناعية والتمويلية وأن يضم عددا من الشركات الإيطالية العاملة بالفعل في مصر وأخرى راغبة في الاستثمار بها، حيث يمثل أعضاء الوفد 80 شركة ومؤسسة مالية يبلغ إجمالي حجم رؤوس أموالها 150 مليار يورو، مؤكدا حرص بلاده على مشاركة فاعلة في المؤتمر الاقتصادي المقبل، وأضاف أن بلاده تتطلع لتعزيز علاقاتها مع مصر على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وفي ختام اللقاء، أكد الرئيس أن مصر ستتبوأ مكانتها الطبيعية وستتطور على شتى المناحي، بما في ذلك الصعيد الديني، عبر رفض فكر التطرف والإرهاب وتنقية الدين الإسلامي من أية أفكار مغلوطة، فضلا عن أن موقعها في العالمين العربي والإسلامي سيتيح لها الفرصة لنشر فكر الاعتدال والتسامح والوسطية في المنطقة.
وأضاف السيسي أن المرحلة المقبلة ستشهد طرح فرص واعدة للعمل والاستثمار في مصر، التي ترحب دائما بالاستثمارات الإيطالية، على المستويين الرسمي والشعبي، داعيا مجتمع الأعمال الإيطالي للاستفادة من تلك الفرصة وزيادة استثماراتهم في مصر.