x

الجامعة العربية: التطرف الديني يمزق النسيج الاجتماعي

الإثنين 23-02-2015 12:49 | كتب: أحمد يوسف, خليفة جاب الله ‏ |
مؤتمر «نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف» بمكتبة الإسكندرية، 3 يناير 2014. مؤتمر «نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف» بمكتبة الإسكندرية، 3 يناير 2014. تصوير : محمود طه

حذر الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، من تهديدات تواجه الوطن العربي، وتستهدف كيانه وهويته وتنوعه.

وقال «العربي»، في كلمته أمام مؤتمر الأمن الإقليمي والتحديات التي تواجه المنطقة العربية، الاثنين، بجامعة الدول العربية، إن الوطن العربي يشهد في المرحلة الحالية تهديدات جساما لها تداعيات كبرى تمثل تهديدا لكيانه وهويته وتنوعها، وتتطلب مراجعة شاملة لكل مسارات الحياة الاجتماعية على اتساعها، لتدبر ومعرفة أين الخطأ، لافتا إلى أن ثقافة التطرف والأصولية تؤدي إلى إشاعة العنف الدموي، وما تحمله من مخاطر وتهديد للأمن القومي العربي.

وأضاف الأمين العام أن الغلو الديني والتطرف الفكري يمثلان إحدى أكثر القضايا التي تؤرق المجتمعات العربية، وتشكل تهديدا خطيرا لنمائها واستقرارها وتطورها وتقدمها، ما يجب مواجهته وإحباطه وعكس مساراته، لافتا إلى أن الغلو الديني والتطرف الفكري ظلا المصدر الأساسي لتفكك المجتمعات وتمزيق النسيج الاجتماعي والمنبع الرئيسي للعنف والإرهاب، وتكريس آليات التخلف عبر التاريخ.

وأشار «العربي» إلى أن الحركات الإرهابية تتشح برداء ديني وتقترف أبشع الجرائم، وتمثل أكثر موضوعات الساعة خطرا وأبعدها أثرا، لافتا إلى أن المنظمات الإرهابية شهدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة من 2011 حتي 2014، تحولات نوعية كالتحول من خلايا صغيرة تحمل أسلحة فردية محدودة وترتكب أعمال إرهابية منفردة إلى جيوش نظامية، تسيطر على أراض وتملك أسلحة ثقيلة متطورة ودبابات ومدرعات وصواريخ مضادة للطائرات، ما لم يكن متاحا للمنظمات الإرهابية التي برزت في الثلث الأخير من القرن العشرين.

وأوضح أن التطور النوعي الذي شهدته المنظمات الإرهابية في عدد من الدول العربية أدى إلى رفع كفاءتها القتالية وقدراتها التنظيمية في الاستقطاب والحشد، واستغلال تطور نزاعات المنطقة وتحولها إلى صراعات مسلحة شديدة الدموية، وأصبحت تمثل ضغوطا متزايدة شديدة الخطورة على الأمن القومي لمجمل المنطقة العربية، لافتا إلى أنه فضلا عن ذلك فإن المستجدات التي طرأت في الدول العربية، التي تشهد النزاعات المسلحة، منحت المنظمات الإرهابية ثقلا إضافيا، تمثل في قدرتها على تمزيق النسيج الاجتماعي لهذه الدول، خاصة الانقسام المذهبي والعشائري والقبلي الذي شهدته مع اشتداد حدة الصراع والفرز الطائفي الذي رافقها.

وأكد «العربي» أن مواجهة التطرف الفكري والمنظمات الإرهابية تتطلب وضع استراتيجية شاملة تتسم بالفاعلية والقدرة، تسهم في تحديدها كافة القوى الحية في المجتمع من خلال حوار واسع تشارك فيه المؤسسات الحكومية المعنية، والمنظمات الأهلية والمفكرين والخبراء والسياسيين، لبحث أفضل السبل لصياغة الاستراتيجية وتحديد أولوياتها وأهدافها.

وأوضح أن هذا التجمع يضم المفكرين والمثقفين العرب من مشارب مختلفة وتيارات متباينة، قادر على وضع معالم جديدة لصياغة مشروع نهضوي شامل لا يفصل الفكري عن السياسي والثقافي عن الاجتماعي، ويشمل تحديث البرامج التعليمية في المدارس والجامعات، ويعمل على الارتقاء بالخطاب الديني ويحد من الشوائب التي تبثها بعض وسائل الإعلام ضمن منظور واسع تتداخل فيه كل التوجهات والرؤى ليكون دافعا لتقدم الأمة، ومحاربة الإرهاب، والدعوة إلى قيم العدالة والإنصاف والمساواة والمواطنة وصولا إلى القواعد الأساسية للحكم الرشيد، وإعادة الاعتبار لمكارم الأخلاق التي تمثل الأساس المتين والجوهر الكامل للرسالة الإسلامية.

وشدد على أن ما تشهده بعض دول الوطن العربي من تداعيات كبرى تفرض علينا ضرورة إعادة النظر في المنظومة الفكرية العربية بأسرها، بما في ذلك الفقه والاجتهاد والثقافة والتعليم والإعلام والفنون والآداب، ووضع المقاربات التي تكفل تحرير هذه المنظومة من ما علق بها من غلو وتطرف أسهما على نحو غير مسبوق في تكريس آليات التخلف والتقهقر الثقافي، الأمر الذي يتطلب ضرورة إحياء منظومة فكرية جديدة تتسم بالقدرة على التنوير والتفاعل مع روح العصر.

وتحدث «العربي»، عن دور الجامعة العربية، قائلا: إن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري تدارس في دورته الـ142، التحديات الماثلة التي يواجهها الأمن القومي العربي، وكيفية حمايته وصيانته من المخاطر المحدقة به، واتخذ المجلس القرار رقم (7804)، وتضمن اتخاذ الإجراءات اللازمة والتدابير الكفيلة بحماية الأمن القومي العربي والتصدي لجميع أشكال التطرف والمنظمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي.

وأكد القرار أيضا عزم الدول الأعضاء على مواصلة الجهود لتعزيز الأطر القانونية والمؤسسية لجامعة الدول العربية في مجال تعزيز الأمن القومي ومواجهة الإرهاب، والتزام الدول العربية باتخاذ جميع التدابير لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلم إلى نصابهما استنادا إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي العربي، كما أكد ضرورة بلورة مقترحات محددة وإجراءات عملية قابلة للتنفيذ تمكن من التصدي للإرهاب واجتثاث جذوره والتعامل مع ما يحمله من تحديات ومخاطر على الأمن القومي العربي.

وأوضح أن المجالس الوزارية العربية المتخصصة تواصل أيضا بحث السبل الكفيلة لإيجاد الآليات المناسبة لمقاومة الإرهاب والقضايا ذات الصلة بتطوير الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، واتفاقية الرياض للتعاون القضائي، والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وغيرها من الاتفاقيات التي تكفل إيجاد آليات فعالة لمقاومة الإرهاب، حيث اتخذ مجلس وزراء الخارجية العرب قرارا مهما في 7 سبتمبر الماضي، يقضي بدعوة الدول العربية المصدقة على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى تطبيق بنودها دون إبطاء وتفعيل الآلية التنفيذية للاتفاقية، وحث الدول العربية على وضع استراتيجيات وطنية وإقليمية للوقاية من الإرهاب، لاسيما تدابير وقائية لمنع التطرف الفكري والتحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية.

وأشار «العربي»، إلى أن الأمانة العامة للجامعة أسهمت على نحو فعال في مؤتمرات عقدت في المنامة والكويت وتونس والرياض والقاهرة، وكرست جميعها لبحث الآليات التي تكفل دحر الإرهاب، سواء كانت في مجال التمويل أو التسليح أو الاتصال الإلكتروني أو الإعلام والدعوة، كما أجريت اتصالات واسعة ومباحثات مكثفة مع عدد واسع من المؤسسات العربية المعنية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، وأعدت الأمانة العامة دراسة تضمنت تحليلا معمقا لظاهرة الإرهاب في الوطن العربي، ودورها في تهديد الأمن القومي العربي، واستعرضت التطورات التي شهدتها الظاهرة والتحولات النوعية في ممارساتها التي أدت إلى التهديد الفعلي بتقويض أركان الدولة الوطنية الحديثة، وهدم هياكلها وتعريض سيادة الدول واستقلالها ووحدة ترابها الوطني لمخاطر حقيقية تعصف بكيانات الدول واستقرارها وأمنها.

وتوصلت الدراسة إلى نتائج بلورت في اقتراحات محددة تتضمن التدابير والإجراءات المطلوبة على المستويين الوطني والقومي لدحر الإرهاب، ما يقتضي تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي لعام 1950، والبروتوكولات الملحقة بها.

وخلص «العربي»، في ختام كلمته، إلى التأكيد على أن محاربة الإرهاب في أي مكان يكون من خلال المعالجة الناجعة للبيئة التي تحتضنه وللأسباب الدفينة التي تدفع شخصا إلى الإقدام على أعمال إرهابية، وبالتالي فإلي جانب العمل العسكري والأمني المباشر من الضروري معالجة المسببات العميقة والعديدة التي تؤدي إلى الحالة الخطيرة، ويكون ذلك من خلال التسويات السياسية للنزاعات وإحقاق العدالة والأمن والاستقرار للجميع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية