x

د. عبد المنعم عمارة يكتب: «دقيقة حداد» على مونديال الشباب

السبت 19-09-2009 23:00 |
تصوير : other

المشهد السياسى والرياضى

طيب اسمح لى أن أعود بك للوراء مع أن المقالة كلها تتحدث عن المستقبل.. يعنى بعد إذنك حاول تفتكر بداية القرن الواحد والعشرين، حظك وحظنا حلو، فنحن عشنا لهذه البداية، ومن فضلك لا تقل لى ده قرن مهبب وربنا يستر علينا وعلى مصر.. يا سيدى أبيض إسود لا تفرق.. المهم إنك حضرت بداية قرن. أنا شخصياً أغمضت عينىّ ودعوت لى ولأسرتى ولبلدى، أكيد كثيرون فعلوا ذلك وأكيد أيضاً ملايين لم تهتز شعرة من رؤوسهم، قرن جديد قديم لا تفرق، فالمشاكل فى القرن العشرين مثلها فى القرن الواحد والعشرين.

حضرات القراء

فى أمريكا قام بعض المفكرين ووضعوا برنامجاً اسمه القرن الأمريكى الجديد New America Century وقدموه للإدارة الأمريكية. هم قالوا إن الحضارات إلى زوال، فالحضارة الفرعونية بالسلامة، واليونانية شرحه، والرومانية أكلتها القطة. واليونانية بترقص على أنغام أغنية فيلم زوربا، والصينية بتاكل الطعام الصينى.. يعنى بخ.. يعنى مفيش حضارات ولن تبقى إلا الحضارة الأمريكية، هم وضعوا برنامجاً حتى سنة ثلاثة آلاف.

يا رب عقبالنا، أنا شخصياً أحاول تجميع بعض المهتمين بالبلد ومن يقولون على أنفسهم إنهم مفكرون وسياسيون لمحاولة وضع شىء مماثل أو حتى شبه مماثل، ولكنى مازلت أكلم روحى حتى الآن.

حضرات القراء..

نحن والمستقبل أعداء، لا نحب أن نفكر فى بكرة، نحن نخاف من هذا البكرة، ونقول بخيابة: «يا عمى.. احيينى النهارده وموتنى بكرة»، تصوروا.

بالذمة ده كلام، لكن تقول إيه ماهو ده الكلام فى المحروسة.

وهنا يحضرنى أننى كنت أدرس بعض الوقت فى جامعة جورج تاون فى أمريكا، التى تخرج فيها عظماء مثل الرئيس كلينتون.. إنهم طلبوا منى بحثاً عن العالم فى القرن الواحد والعشرين.. والوقت الذى كنت فيه كان منتصف الثمانينيات. وساعتها كنت باكلم نفسى وأقول إيه الجنان ده وبرضه كنت أقول: «يا عمى.. احيينى النهارده وموتنى بكرة».

عزيزى القارئ..

أنا شخصياً معجب ببرنامج الرئيس مبارك، فهو يريد أن يلزم نفسه ومسؤوليه بأداء برنامج محدد معروف يخدم المصريين ويحاسب نفسه عليه ونحاسبه نحن عليه فى الانتخابات القادمة.

وهذا كله جميل ما اقدرش أقول حاجة عنه، ولكن يا سلام لو كان يرافق هذا البرنامج مشروع حالم طويل يغطى كل هذا القرن حتى بداية القرن المقبل ونسميه.

New Egyptian Century

أى القرن المصرى الجديد، وأعتقد أن مصر تستحق وجود مثل هذا البرنامج.

حضرة القارئ..

اعذرنى فى هذه الشطحة المستقبلية، وهل هناك أجمل من النظر فى المستقبل، وهل هناك أحلى من أن نحلم.

باختصار أنا أريد أن أسأل حضراتكم: هل هناك فرق بين المشهد السياسى والمشهد الرياضى فى مصر خلال الخمسين سنة الماضية.

قد يرد البعض ويقول: يا سيدى المسألة لا تفرق، سياسى، رياضى عنابى كله واحد.

المشهد السياسى مع ثورة يوليو، كانت الشرعية الثورية أهم من الشرعية الدستورية، يعنى الدستور كان واخد جنب ومستريح أو همّا ريحوه وتركوه بجوار الحائط، فالثورية تعنى عمل كل شىء مادام لصالح الثورة.

والأولوية كانت للوطن ولحمايته، فهو الأهم قبل احترام المواطن وحقوقه.. يعنى الوطن أولاً والمواطن بعدين مع أن المواطن هو الذى يملأ ويحيى هذه الأرض التى عليها الوطن.

الدولة كانت ذراعاها طويلتين، فهى تفرض قانوناً للطوارئ وتتدخل فى إنشاء الأحزاب واختيارها. وتفرض رقابة شديدة على تنظيمات المجتمع المدنى، مع أنه هو السيد وهو الذى يجب أن يأتى أولاً قبل مجلس الشعب أو الشورى فهو الجمعية العمومية للشعب المصرى. فنحن عموم الشعب أو عموم الوطن، المفروض أننا الذين نأتى بالحكام والوزراء والمحافظين والنواب.

ولابد هنا أن نعترف أنه قد طرأت تطورات على المشهد السياسى، فلدينا الآن حركات احتجاجات واعتصامات غاضبة مثل ما حدث مع الصحفيين والأطباء والمهندسين والمدرسين وخبراء وزارة العدل.

وبرزت الصحافة المستقلة أو الخاصة سمّها كما تشاء، فالبعض يفضلها مستقلة حتى يقول إنه لا يدور فى فلك الحكومة.

والآخرون يقولون إنها خاصة قامت بفلوس أصحابها ولاشك أن جريدة المصرى اليوم توزع مائة وخمسة وسبعين أو مائتى ألف عدد فى اليوم يعنى نجاح كبير لم يتوقعه أحد.

وبرز تيار الإخوان المسلمين وحصلوا على حوالى ثمانية وثمانين مقعداً فى مجلس الشعب، ويقول بعض المدافعين عن الحزب الوطنى إنهم «اتاخدوا على خوانة» وهذا العدد مفاجأة غير سارة لم يتوقعوها، ونسوا أن ذلك سببه فشل وضعف أداء الحزب والصراع بين أعضائه.

آخر هذا المشهد.. سؤالى هو:

ما مستقبل الحياة السياسية فى مصر فى القرن الواحد والعشرين؟

حضرات القراء..

طيب.. وهل فى رأيك هناك فرق بين الحياة السياسية والحياة الرياضية، ولاّ كله زى كله، وأحمد مثل الحاج أحمد، ويارب كما خلقتنى، يعنى كله أبيض، صفحة خالية بيضاء.

يعنى سؤالى هو:

ما مستقبل الحياة الرياضية فى مصر فى القرن الواحد والعشرين؟ وهل كما نطلب وجود الديمقراطية فى الحياة السياسية نريدها فى الحياة الرياضية؟

وهل الحركة بطيئة فى الرياضة كما فى السياسة أو يبقى الحال كما هو عليه، أو نظل محلك سر دون أن نتقدم للأمام.

يا جماعة.. إذا كنا مصرين على محلك سر فهل هى تصلح للنظرة المستقبلية، بصراحة مطلوب ألا نهرول فقط ولكن نجرى بالخطوة السريعة.. مفروض أن تكون مصر كأبطال الماراثون العالميين.

فى ظنى، ولعل كثيرين يتفقون معى على أن المشهد الرياضى لم يتحرك كثيراً، فاتحاد الكرة الحالى لا يختلف عن سابقيه فى الخمسين سنة الماضية سوى أن الأعضاء السابقين كانوا هواة والحاليين محترفون.

السابقون لم يكونوا من رجال الأعمال ولا من رجال الفضائيات فى الماضى، صراع الأهلى والزمالك كان، والآن مازال، الأندية أقوى من المنتخب والوضع كما هو الآن. الأندية الشعبية زمان لم تكن تتلاشى بينما هى سنصوّت عليها قريباً وسنقيم لها جنازة ولا كل الجنازات.

فى السياسة برزت الصحافة المستقلة وفى الرياضة هبطت علينا الأندية المستقلة وهى أندية الحكومة والشركات. صوتها أصبح عالياً مثل أصوات وكتابات الصحف المستقلة. هى أندية ولدت وفى فمها ملعقة من ذهب بينما القديمة كان لاعبوها يعيشون على شوية «يوسفى أفندى» وزجاجة «لبن سيكلام»، فهى أندية ضعيفة كما الأحزاب المصرية الحالية.

اللوائح القديمة للرياضة تبدلت وتغيرت مع كل وزير ومع ذلك لم تعجب أحداً لا فى الأندية ولا فى الاتحادات.

التشابه هو فى دخول رجال الأعمال فى السياسة تماماً كما دخلوها فى الرياضة، رجال الأعمال فى السياسة ازدادوا غنى وازدادوا سطوة ونفوذاً وقوة.

سيداتى سادتى..

المعنى أننى أسأل حضرتك: هل هناك فرق بين المشهد السياسى والرياضى أم الشبه واحد أم هما كالتوأم حسام وإبراهيم حسن؟

فى النهاية أنا واثق أنه بالنسبة للمشهد السياسى لم يعلق أحد أو يتحدث أحد، أما فى المشهد الرياضى فحدث ولا حرج.

أما أنا فلن أعلق على ما ذكرته عند القرن الجديد القرن الواحد والعشرين فالنتيجة المتوقعة أنه لن ينجح أحد.

حظر النشر وممنوع من التداول

إذن قررنا فى مصر فرض حظر النشر، وبدلاً من أن نغرق أرض المحروسة عن هذه البطولة كتبنا ملصقات افتراضية تقول إن هذه البطولة ممنوعة من التداول.

ففى الوقت الذى يحول فيه العالم بطولات كرة القدم التى تقام على أرضه إلى عيد ومهرجان قومى، قررنا أن نجعلها جنازة صامتة وقررنا أن نقف دقيقة حداد على هذه العزيزة التى قتلناها بأيدينا.

ويا ليت الاحتفالية كانت جنائزية، فالجنازات فى الخارج لها طقوس واحتفالات وزهور وورود وسيارات آخر طراز.

أذكرك بجنازة مايكل جاكسون أو أى رئيس أمريكى سابق أو جندى أمريكى عادت جثته من العراق أو أفغانستان.

عزيزى القارئ..

الرعاة عندنا ـ وأنا بصراحة أحب هذه السمة لأنها تذكرنى بأفلام رعاة البقر التى كنت ومازلت أعشقها. ولكن رعاة عن رعاة تفرق.. الرعاة فى مصر صدعوا رؤوسنا بأنهم يرعون المهرجان الفلانى والمطرب العلانى والفريق الترتانى، ولكن ثبت أن كله كلام فى كلام، ففى الرياضة بالذات إعلاناتهم هزلية وتافهة ولا تستحق المشاهدة.

من فضلك قارن إعلاناتهم فى الرياضة بتلك التى فى الفن وفى المسلسلات بالذات.. هناك فرق وفرق كبير.

حضرات القراء

طيب هل حضراتكم تشعرون بأنه بعد أيام ستبدأ عندنا بطولة من أهم بطولات كرة القدم فى العالم، بطولة العالم للشباب، هل لمحت أى إعلان مستخبى أو مخفى أو مكسوف فى أى شارع أو كوبرى فى مصر.. طيب هل تعرف أسماء فريق مصر، وهل لديك أمل فيه؟!

ولعل ما زاد الطين بلة ما خرجت علينا به الصحف من أن البطولة التى تقام فى مصر لن تذاع فى مصر، يعنى ممكن لنا أن نشاهد مباريات مصر من قنوات البرازيل أو إيطاليا أو أمريكا.

وعندما تسأل عن السبب تعرف أن التخلف هو السبب، فالكاميرات بالية عفى عليها الزمن والسيارات تعبانة وليست ديجيتال، أمال فين التطوير الذى نسمع عنه كل يوم من رجال التليفزيون، أمال فين الريادة التى صدعوا رؤوسنا بها؟

قد يردون عليك يعنى إيه شوية كورة، كفاية علينا الزبالة التى أغرقت الجيزة والقاهرة.. يقولون ذلك حتى تصدق أو تتصور أنهم حاربوا القمامة ونظفوا البلد مع أن القمامة على قفا من يشيل، يعنى يقولون لأنفسهم نضيّع وقتنا مع شوية عيال بيلعبوا كورة ونترك القمامة؟

طيب من فضلك اصبر شوية وشوف لو مصر وصلت إلى الدور قبل النهائى أو المباراة النهائية، وانظر لحضرات هؤلاء المسؤولين ماذا يفعلون وكيف يتصرفون، كلهم واقف زنهار، الجميع يجهز البدلة المناسبة لهذه المناسبة المهمة، كل واحد سيشعرك أنه السبب فى هذا النجاح وسننسى اللاعبين والجهاز الفنى واتحاد الكرة.

بصراحة أنا قلبى مع حسن صقر ومع هانى أبوريدة ولجنته ومع الفريق والجهاز الفنى.. فهل تركناهم يلعبون وألقيناهم فى البحر وربطنا أيديهم وأرجلهم وقلنا لهم عوموا أو اسبحوا والجدع يصل للشاطئ.

حضرات القراء

فى بعض، أو قل فى كثير من الأحيان أستعجب على حالنا وأقول لنفسى: ليه يا ربى نفعل فى أنفسنا كل ذلك؟

وفى كل الوقت يصعب على قلبى وأغنى قائلاً: يا قلبى مالك كده حيران، حيرت أفكارى هيه أفكارى بس، قل كل شىء.

إذن هى بطولة خفية تلبس طاقية الإخفاء أو هى بطولة صامتة كالتمثيل الصامت.

باختصار هى بطولة عنوانها لابد أن يكون:

«ممنوعة من التداول».

مشاعر

■ عبداللطيف المناوى، رئيس الأخبار بالتليفزيون.. طموح غير محدود، لم يرصد من هم بداخل التليفزيون، ولم يتألق بالدرجة الكافية أمام الرأى العام، نجح أكثر أمام مسؤولى التليفزيون، المطلوب لينجح أكثر أن يتجاوز ذاته.

■ طارق العشرى، المدير الفنى لحرس الحدود.. بعد فشله الكبير فى أفريقيا، قال إن المناخ والحرارة والأمطار المستمرة سبب، والصيام سبب، والرعب من الحالة الأمنية المتردية وقُطاع الطرق سبب، وخطف البيض سبب، والإصابات سبب، والحكم سبب!!

كان يمكن أن ينجح لو استحضر روح صديقه ومثله الأعلى المدير الفنى جوزيه.

■ الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة.. جديته وشدته تشعرنى بأنه أصبح «جنرال عسكرى كبير» وأن جميع الوزراء جنوده، أقترح أن ينعم عليه برتبة اللواء كما حدث مع الفنان الراحل محمد عبدالوهاب.

■ المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة.. أفتقده بشدة هذه الأيام، كنا نتواصل تليفونياً بانتظام.. أفتقد صوته وحواراته وآراءه. رحم الله الراحل العظيم.

■ حسام حسن.. أشعر بآلامه ومعه حق، أسأل دائماً كيف ستبرد ناره، وكيف سيأخذ بتاره، ومن سيعطيه حقه؟! فقط يمكن إذا أصبح نائباً فى مجلس الشعب أو عندما يصبح رئيساً لاتحاد الكرة.

■ حسام بدراوى، عضو أمانة السياسات.. هل هو على طريق الدكتور زكريا عزمى فى إعجاب قيادة المعارضة به؟! أعتقد أن الفرق لايزال بعيداً، فشعبية زكريا عزمى فى الشارع تفوق مرات شعبية حسام البدراوى.

■ الدكتور فتحى سرور والمستشار ممدوح مرعى.. ما حدث بينهما بشأن خبراء وزارة العدل هل هو حوار لم يتم ولن يتم، هل هو صراع؟! لا أعتقد، ما يحدث هو وضع مكتوم ودائم بين الحكومة ومجلس الشعب، حيث تكسب الحكومة دائماً.

■ حسام البدرى.. بصراحة لو استمر أداء الأهلى كما كان مع فريق الجيش لمدة ثلاث أو أربع مباريات، ساعتها سنعلن مولد مدير فنى مصرى جديد، وسيكسب النادى الأهلى مديراً فنياً دائماً.

■ رجاء الجداوى، حسن حسنى، عزت أبوعوف.. لو قلت إنهم فاكهة التمثيل فى مصر، ممكن، توابل وملح التمثيل أيضاً ممكن، هم على بعضهم سلطة فواكه حلوة، ممكن، ومع ذلك كل منهم له طعم خاص.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية