توافد المئات من المحافظات، لتقديم واجب العزاء لأسر الشهداء الذين ذبحهم تنظيم داعش فى ليبيا، بالمنيا.
وأعلن الأنبا بفنوتيوس، أسقف سمالوط، عن موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسى على إنشاء كنيسة تحمل اسم الشهداء بقرية العور، إضافة إلى الموافقة على صرف 100 ألف جنيه لكل أسرة من أسر الشهداء، كما تبرع أحد رجال الأعمال بـ100 ألف جنيه أخرى لكل أسرة أيضاً.
وأشاد بالضربة الجوية التى وجهتها القوات المسلحة لتنظيم داعش الإرهابى فى ليبيا.
وتحولت قرية العور بمركز سمالوط إلى ساحة عزاء كبيرة، وامتلأت قاعات العزاء بكنيسة السيدة العذراء بالقرية ومنازل الشهداء بالمعزين، بعد توافد المصريين من جميع المحافظات لتعزية أسر 20 شهيداً ضحايا داعش الإرهابية بليبيا، حيث توافد لليوم الثانى على التوالى وفود من تنفيذيين وحقوقيين وشباب جاءوا لتعزية ومؤازرة الأسر المكلومة وأمهات جئن لمواساة أمهات الشهداء.
وتواصل وقوف سيارات الإسعاف بمدخل القرية لنقل المصابين من أهالى الشهداء، بعد توالى سقوط العشرات منهم مصابات بهبوط حاد وصدمات وتشنجات عصبية، وأغلبهم من السيدات والأطفال، ومازال عدد منهم محتجزاً فى مستشفيى «الراعى الصالح» و«سمالوط العام» لتلقى العلاج.
وقال الأب إسطفانوس شحاتة، وكيل مطرانية سمالوط، إن قرار الرئيس السيسى بالضربة الجوية المصرية على ليبيا برد قلوب الأهالى وأسر الشهداء، وأثبت أن دم المصريين ليس رخيصاً، مشيراً إلى أن هذه الضربة أكدت الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، مطالباً بمواصلة الأخذ بالثأر من القتلة.
وأضافت زينب شرقاوى، أم الشهيد محمد عبدالله، الذى توفى فى أحداث مجلس الوزراء 2011، أثناء مشاركتها فى العزاء: «أشعر بلهيب قلب كل أم، وأحضر لأواسيهن، لأننى مثلهن، ولابد أن نتكاتف لنشد من أزر بعضنا البعض»، وشددت: «المصريين (كده) وهيفضلوا طول عمرهم مع بعض فى الحزن قبل الفرح».
ولم يختلف الحال كثيراً فى شوارع 5 قرى بمركز سمالوط هى: العور التى ينتمى إليها 13 من الشهداء، ودفش، والجبالى، والسوبى، وسمسون.
وفى منزل الشهيد لوقا نجاتى أنيس، جلست السيدات فى العزاء ينظرن للطفلة الرضيعة مريم، ابنة الشهيد، التى لم تر والدها منذ أن فتحت عينيها على الدنيا قبل 9 أشهر، وقال شنودة نجاتى أنيس، شقيق الشهيد لوقا، والمقيم بقرية الجبالى بمركز سمالوط، إن شقيقه الشهيد عمره 27 عاماً، وإنه حضر إلى القرية قبل عام واحد لإتمام زواجه، ورزقه الله بطفلة، تدعى مريم، عمرها 9 أشهر، ولم يشاهدها.
وفى منزل الشهيد مكرم يوسف تاضروس، 35 سنة، جلست أرملته بأبنائها الأربعة، وأكبرهم فى المرحلة الإعدادية، شاردى الذهن يتذكرون لقاءاتهم بوالدهم وذكرياته معهم فى السنوات القليلة التى قضوها معه، والذى كان يعيش فيها هو وأولاده وزوجته فى غرفة واحدة داخل منزل والده.
وقالت أرملة الشهيد مكرم إنه سافر منذ 8 أشهر، وكان يتصل كل شهر ويقول: احنا خايفين.. الأوضاع غير مستقرة، ومش قادرين ننزل، وآخر اتصال حدث بينهما ليلة رأس السنة، حيث قال: «(ادعوا لنا ان ربنا يسترها علينا، بعد ما اتخطف مننا 7 من كام يوم)، ومن ساعتها ماسمعناش صوته تانى».
وأضافت: «زوجى سافر غصب عنه، علشان يوفر لعياله قرشين يبنى لنا بيت ويا ريته ما سافر».
ولم يختلف الحال كثيراً لدى أربع أبناء آخرين تركهم الشهيد هانى عبدالمسيح (3 بنات وولد واحد)، وتقول ماجدة عبده، أرملة الشهيد: «ماكانش عندنا حاجة.. سافر علشان يعلم ولاده، يعلمهم بس، مش عشان نجيب أى كماليات! ده لقمة وتعليم يا ناس.. تضيع فيها رقبته؟!»
ووقف بيتر، 6 سنوات، وإيرين، 4 سنوات، وشقيقهما الأصغر بولا، عامان، يتابعون موقف الحزن فى كل مكان بالقرية، فلا يستطيعون الهروب للعب من مشاهد الملابس السوداء والصراخ الذى يخرج من المنازل، فالحزن أحاط بهم من كل الجهات، بعد أن فقدوا والدهم الشهيد صموئيل ألهم ولسون، 32 سنة، سباك.
وبعث عدد من أهالى سمالوط برسالة لمؤسسات الدولة وللجيش: «إحنا معاكم ومستعدين نمسك سلاح، والجيش المصرى قوى وإحنا وراه».
ووجهوا أيضا رسالة للرئيس السيسى: «ربنا يقويك ومعاك»، وطالبوا بتوفير جسر جوى وطائرات لعودة باقى الجالية فى ليبيا حتى تسهيل عودتهم لمصر.
وبدأ أهالى وأسر الضحايا من أبناء مراكز سمالوط ومطاى وبنى مزار رحلة البحث عن الحصول على شهادة الوفاة لأبنائهم، لإنهاء الإجراءات لصرف التعويضات والمعاش الاستثنائى، مطالبين الخارجية ووزارة الصحة بإصدار شهادات وفاة للشهداء.
وأجلت مديرية التضامن الاجتماعى بالمحافظة صرف الإعانة العاجلة التى قررها رئيس الوزراء، وتبلغ 100 ألف جنيه لكل أسرة، وأيضا وقف صرف المعاش الاستثنائى الشهرى لحين تقديم شهادات الوفاة.
وطالب كل من أنيس عبده وسمير بدار إسحاق وميلاد سنيوت هندى المسؤولين فى الدولة بسرعة استخراج شهادات الوفاة للحفاظ على حقوق الشهداء، حيث يوجد أطفال رضع يحتاجون الرعاية، مؤكدين أن الخارجية والدولة اعترفتا بالوفاة، والأهالى استقبلوا العزاء، وأن وزارتى الخارجية والصحة هما المسؤولتان عن استخراج شهادات الوفاة.
وطالب كل من ميرى يوسف فكرى، زوجة الشهيد عزت بشرى نصيف، وماجدة عزيز كامل، زوجة الشهيد هانى عبدالمسيح بشهادتى وفاة لزوجيهما للحفاظ على حقوق أطفالهما.
واتهمت ملكة عياد سمير، زوجة الشهيد تواضروس سمير، والتى أصبحت ترعى 3 أطفال تركهم الأب فى أعمار من 7 إلى 13 سنة بمراحل التعليم، الخارجية بعدم الجدية فى التعامل مع ملف المختطفين والتراخى فى استخراح شهادات الوفاة بعد رحيلهم.
من جانبه، قال مصطفى عبدالله، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالمحافظة، إنه تم صرف الدفعة الأولى من المعاش الاستثنائى بواقع شهرين بمبلغ 2400 جنيه، وإن صرف الإعانات التى قررها رئيس الوزراء من صندوق الإغاثة واستمرار صرف المعاش الاستثنائى يحتاج إلى شهادة الوفاة وفقا لنصوص القانون، مطالبا الخارجية والصحة بسرعة استخراج شهادات الوفاة لصرف التعويضات ومستحقات أسر الشهداء.
وفى الإسكندرية، قال الدكتور سمير النيلى، المتحدث الرسمى باسم مديرية التربية والتعليم فى الإسكندرية، إن جمعة أنصارى ذكرى، وكيل أول الوزارة، قرر تجميد جميع الاحتفالات الخاصة بختام الأنشطة الطلابية والاحتفال بأوائل الشهادات التعليمية داخل المدارس بالمحافظة، حداداً على الشهداء، مشيرا إلى أن تجميد الأنشطة سيستمر لمدة أسبوع.
وطالب «بيت العائلة المصرية» بالمحافظة بسرعة تعقُّب قوى التطرف والإرهاب وتقديمهم للعدالة والقصاص العاجل، ودعا المصريين جميعاً إلى التيقظ والحذر والوقوف صفاً واحداً فى وجه الإرهاب.
وفى الشرقية، قدم المحافظ الدكتور رضا عبدالسلام إبراهيم واللواء مليجى فتوح مليجى، مدير الأمن، واللواء سامح الكيلانى، مدير الأمن السابق، العزاء للأقباط فى مطرانية الزقازيق.
وفى السويس، دعا الدكتور كمال بربرى، وكيل وزارة الأوقاف، الشعب إلى الالتفاف حول القوات المسلحة فى محاربتها الإرهاب لدحره والقضاء عليه.
وفى جنوب سيناء، نظم عدد من النشطاء بشرم الشيخ وقفة بالشموع بخليج نعمة على أرواح الشهداء، وأشعلوا الشموع أمام صور الشهداء التى تم رفعها فى خليج نعمة، وشاركهم عدد من السياح.
وفى دمياط، أعلن قصر ثقافة دمياط تأجيل جميع الأنشطة الثقافية والفعاليات والندوات الشعرية والمؤتمرات والمهرجانات بجميع فروع قصر الثقافة بجميع أنحاء المحافظة، حدادا على أرواح الشهداء.
وفى قنا، قدم المحافظ اللواء عبدالحميد الهجان، يرافقه عدد من القيادات الشعبية والتنفيذية وعلماء الدين الإسلامى، واجب العزاء بمطرانية قنا، لنيافة الأنبا شاروبيم، أسقف قنا وتوابعها.
وفى سوهاج، نعى المحافظ الدكتور أيمن عبدالمنعم ضحايا الحادث الإرهابى، وأمر بتنكيس الأعلام لمدة 7 أيام، حدادا على أرواحهم وإيقاف جميع الأنشطة الاحتفالية خلال فترة الحداد.
وقدم الدكتور أحمد حمادى، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة سوهاج الأزهرية، العزاء، يرافقه وفد من علماء ومشايخ المنطقة، للأنبا باخوم، أسقف مطرانية الأقباط الأرثوذكس بالمحافظة.
وفى أسيوط، أكد عبدالفتاح أبوشامة، وكيل وزارة التربية والتعليم، أنه تم تنكيس الأعلام بمدارس المحافظة، حدادا على الشهداء، مشيراً إلى أن المدارس وقفت أيضا دقيقة حداداً على أرواح الشهداء.
وأصدر بيت العائلة المصرية بالمحافظة بيانا أكد فيه أن مصر شعب واحد ونسيج واحد ودماء واحدة ولن تهزمها أى محاولة لزعزعة استقرارها، معلناً الوقوف صفا واحدا خلف الرئيس عبدالفتاح السيسى وقيادة القوات المسلحة.
وفى بنى سويف، عقد الأئمة والدعاة، بالاشتراك مع قساوسة الكنيسة، مؤتمرا فى مركز النيل للإعلام، ووقفوا فى بدايته دقيقة حدادا على الشهداء، ونظموا وقفة بعد انتهائه لدعم الجيش والشرطة والقيادة السياسية فى حربها على الإرهاب.
وفى أسوان، قدم المحافظ اللواء مصطفى يسرى، على رأس وفد من قيادات المحافظة، العزاء لنيافة الأنبا هدرا، مطران أسوان، وأكد المحافظ خلال أداء العزاء أنه كلف مديرى التربية والتعليم والشباب والرياضة بالذهاب إلى سمالوط بالمنيا لتعزية أهالى الشهداء وأيضاً قيادات الكنيسة والمحافظة، مشيراً إلى أن العديد من أهالى المحافظة أجلوا حفلات الأفراح والزفاف فى مشاركة وجدانية تؤكد روح الترابط والتماسك بين المصريين وقت الشدائد.
من جانبه، أكد الأنبا هدرا أن قرار المحافظ بإلغاء الاحتفالات بتعامد الشمس، مع إيفاد قيادات من الجهاز التنفيذى لتقديم واجب العزاء لأهالى الشهداء وللكنيسة بسمالوط بالمنيا هو موقف إنسانى مشرف يعكس مدى التلاحم بيننا.