x

سليمان جودة للفقراء بنك فى ذمة محلب! سليمان جودة الثلاثاء 17-02-2015 21:38


بشكل أو بآخر، يبقى ذنب الـ21 مصرياً الذين نحرهم «داعش» فى ليبيا معلقاً فى رقبة مسؤولين بيننا، لم يعملوا بما يكفى فى اتجاه توفير فرصة عمل لهم، فلم يكن أمامهم ولا أمام غيرهم، ممن هم فى مثل ظروفهم، إلا أن يدفعوا حياتهم ثمناً للبحث عن فرصة عمل!

مثلاً.. جاء محمد يونس، صاحب بنك الفقراء الشهير فى بنجلاديش، إلى بلدنا هذا الأسبوع، مبشراً من جديد بفكرة البنك الذى أسسه هو، ونال عن فكرته جائزة نوبل.

وحين حضر المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمر مؤسسة الأهرام، الذى حضره يونس، قال رئيس وزرائنا إن حكومته تدرس فكرة إنشاء بنك فقراء عندنا.

ولست أرجو من رئيس الحكومة شيئاً سوى أن يكون موقفه من الفكرة مختلفاً عن موقف رؤساء حكومات كثيرين سبقوه، منذ أوائل التسعينيات إلى اليوم، ولم يكن هناك تفسير لموقفهم الهارب دوماً من الأخذ بالفكرة سوى أنهم يرون أنه لا فقر ولا فقراء عندنا، وأن على أصحاب الفكرة الأساسيين أن يبحثوا عن بلد آخر يكون فيه فقر، ويكون فيه فقراء!.. ولا أعتقد أن رئيس حكومتنا يرى هذا!

وقبل أيام، كنت قد تلقيت رسالة من الدكتور حافظ الغندور، نقيب التجاريين بالقاهرة، يروى فيها مشواره الطويل مع الفكرة، منذ كان عضواً فى مجلس إدارة البنك الأهلى، مع المصرفى الكبير محمود عبدالعزيز، شفاه الله، ثم إلى أن صار نقيباً للتجاريين، وفى الحالتين، حالة البنك، وحالة النقابة، كان يجاهد من أجل أن ترى الفكرة النور، ولكن مسؤولينا الذين يعنيهم الأمر كانوا يتعاملون معها على أنها شىء لا يلزمنا، ولا نحتاجه!

إننى أتصور أن يكون المهندس محلب جاداً فيما قاله عن أن الفكرة موضع دراسة جادة أيضاً، وبما أن الأمر كذلك فإننى أتخيل أن يستدعى هو الدكتور حافظ الغندور، وأن يسمع منه لعشر دقائق ماذا قطعنا من قبل، فى اتجاه تجسيد البنك على أرضنا، وماذا علينا أن نفعل الآن ليكتمل الموضوع.

أتخيل أن يبادر رئيس وزرائنا بخطوة كهذه من جانبه، حتى لا نبدأ من الصفر، وحتى نبنى معه، ويبنى هو، على كل الجهود السابقة فنختصر الوقت، إذ لا وقت عندنا نضيعه.

من جانبى، أعرف من زمان أن الأمير طلال بن عبدالعزيز، رئيس برنامج الخليج العربى للتنمية «أجفند»، قد حاول مراراً أن تكون القاهرة تحديداً هى صاحبة أول بنك للفقراء، من سلسلة البنوك التى أنشأها برنامجه فى منطقتنا، وحول العالم، لولا أن مسؤولينا كانوا باستمرار يتعاملون مع الموضوع بطريقة أقل ما توصف به أنها طريقة غير جادة، وغير مسؤولة، فكانت النتيجة أن الأمير طلال قد راح ينشئ بنكاً وراء بنك للفقراء، فى الأردن تارة، وفى البحرين تارة أخرى، وفى الفلبين تارة ثالثة، ثم فى المغرب مؤخراً، ونحن نتفرج، أو نهرب.. لا فرق!

ولقد سألت الأمير طلال، ذات يوم، عما يريده من وراء بنوك الفقراء فى المنطقة، وفى العالم، فقال إنه يريد أولاً تمكين المرأة الفقيرة، ويريد ثانياً إدماج الفقراء فى عملية التنمية، ويريد ثالثاً مواجهة وجوه الخلل الاقتصادى والاجتماعى المختلفة، بحلول عملية، ومنجزة، وواقعية.

وأظن أن كل بنك من بنوكه، التى بلغ عددها 11 بنكاً حتى اليوم، قد ذهبت إلى تحقيق هذه الأهداف الثلاثة من أقصر طريق.

وإذا كان الدكتور يونس قد جاء يبشر بفكرته بيننا، للمرة الألف ربما، فالأمير طلال كان قد سبق بتعريبها، وتطويعها عربياً، ولابد أنه أقرب إلينا، كما لابد أنه صادق النية تماماً فى أن يقدم شيئاً لمصر التى عاش فيها سنين طويلة من عمره، ولا يكاد يغادرها حتى يعود إليها.

إننى أشعر من كلام المهندس محلب بأنه مقتنع بالفكرة، ولذلك أدعوه إلى أن يحوِّل اقتناعه إلى فعل، وبسرعة، وألا يضيع وقتاً، وأن يمد يده، من خلال بنك هذه هى أهدافه وطبيعته، إلى كثيرين من فقرائنا، يتطلعون إليه فى كل صباح، لعله يمنحهم الأمل فى حياة أفضل، ولعله ينقذهم من الموت فى بلاد الله، سعياً وراء هذا الأمل!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية