x

صلاح منتصر عبارة مجاملة تعيّن على أمين بالأهرام! «٣» صلاح منتصر الإثنين 16-02-2015 21:20


فى الثانية والنصف بعد ظهر السبت الثانى من فبراير خرج محمد حسنين هيكل من باب مبنى الأهرام الذى بناه طوبة طوبة وكحلم عاش معه منذ أن ترك مؤسسة أخبار اليوم، ولعله قبل أن يبتعد ألقى نظرة وداع على المبنى الشامخ الذى بالتأكيد أحبه وكان يتمنى ألا يفارقه.

فى داخل المبنى كانت المفاجأة والحيرة هما بطلا الموقف. المفاجأة فيما حدث والحيرة عما سيحدث. وبالنسبة لى شخصيا فقد كانت المفاجأة أكبر. فعلاقتى بالدكتور عبدالقادر حاتم الذى اختاره السادات ليخلف هيكل فى رئاسة الأهرام، كانت قد قويت منذ كان نائبا لرئيس الوزراء فى وزارة الدكتور عزيز صدقى الذى تعرفت عليه هو الآخر وتوثقت علاقتى به منذ أصبح وزيرا للصناعة فى عام 1956. وكان من المفارقات أننى كنت فى زيارة الدكتور حاتم فى منزله بالزمالك ظهر يوم الجمعة السابق أول فبراير. وقد تحدثنا فى موضوعات مختلفة كان من بينها جملة قالها لى لم تستوقفنى إلا فيما بعد فقد قال لى بهدوء «الظاهر الشدة جامدة بين الاتنين. مقالاته مش مريحة». وعندما سألت الدكتور حاتم بعد ذلك إذا كان وقت زيارتى له كان يعرف أنه سيتولى الأهرام أقسم لى أنه وإن أشار لى إلى «الشدة التى بين هيكل والريس» إلا أنه لم يعرف عن قرار السادات إلا فى الثامنة مساء الجمعة.

وقد لعبت المصادفة دورها يوم السبت فى سير الأحداث، فحسب اتصال بين هيكل وحاتم صباحا اتفق الاثنان على أن يذهب هيكل إلى الأهرام لجمع أوراق له ثم يصل حاتم للأهرام فى وجود هيكل ليقدمه إلى كبار معاونيه فى المؤسسة بحيث تجرى عملية التسليم والتسلم بطريقة حضارية. وفى أثناء انتظاره فى بيته تلقى د. حاتم اتصالا تليفونيا من الأستاذ على أمين يبلغه أنه بعد ساعات سيسافر إلى لندن، وأنه سعيد جدا بتولى حاتم مسؤولية الأهرام ويريد أن يمر عليه فى الأهرام ليهنئه شخصيا قبل أن يسافر. وأجاب حاتم إنه يرحب بتهنئته أما إذا كان على زيارته فإنه يفضل أن تكون فى بيت حاتم وليس فى الأهرام حتى لا يتم تأويلها فى هذه الظروف. وبالفعل تم الاتفاق أن يكون على أمين ضيف حاتم على الغداء بعد عودة حاتم من الأهرام.

وفى الأهرام تمت عملية التسليم والتسلم بين حاتم الرئيس الجديد للأهرام وهيكل الرئيس السابق فى دقائق، قدم له هيكل خلالها فى مكتب هيكل بالدور الرابع كلا من د. فؤاد إبراهيم المدير العام، وعبدالله عبدالبارى مدير الإعلانات، وعلى حمدى الجمال مدير التحرير وعبدالملك عودة الأستاذ الجامعى وخبير الشؤون الأفريقية، وكان يتولى التنسيق بين الإدارة والتحرير فى ضوء تعليمات هيكل، وبعد ذلك غادر هيكل الأهرام ثم بعد نصف ساعة غادر حاتم هو الآخر الأهرام إلى بيته، حيث كان فى انتظاره على أمين الذى استقبل حاتم بفرحة كبيرة قائلا له إنه على استعداد أن يقدم لحاتم أى معاونة حتى لو احتاج الأمر أن يعمل معه سكرتيرا لتحرير الأهرام. وقبل أن يجيبه حاتم دق جرس التليفون، وكان الرئيس السادات على الطرف الآخر يسأل حاتم عن أخبار الأهرام. أجاب حاتم إن أمامه وهو يكلمه من البيت الأستاذ على أمين الذى جاء لزيارته قبل سفره إلى لندن «وقد قال لى إنه على استعداد أن يعمل معى سكرتيرا للتحرير مع أنه رئيس تحرير كبير ويستاهل يكون أكتر من كده».

كانت العبارة كما حكى لى د. حاتم عبارة مجاملة لعلى أمين، إلا أنه فوجئ بالسادات بعد أن سكت لحظات يقول له بالحرف: لأ.. سكرتير تحرير لأ. اسأله يقدر يكون معاك مدير تحرير؟

التفت حاتم لعلى أمين يسأله: الريس بيسأل تحب تكون مدير تحرير. ولم ينتظر على أمين فقد أجاب برأسه وبلسانه فى وقت واحد مؤكدا قبوله وامتنانه. وعاد الدكتور حاتم يبلغ الرئيس بموافقة على أمين. وانتهت المكالمة الصدفة التى بسببها أصبح على أمين مديرا لتحرير الأهرام فى نفس يوم خروج هيكل منه، وبالطبع تسابق الكثيرون لتأكيد أنها «كانت مخططة ومرسومة» بينما الحقيقة أنها الصدفة. وهكذا تم إبلاغ كبار محررى الأهرام أنهم على موعد فى الخامسة والنصف مساء لاجتماع سيعقده معهم الدكتور حاتم الذى جاء ومعه أكبر مفاجأة شاهدها المحررون: على أمين!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية