x

الرمز المفقود..رواية «دان براون» الجديدة .. مئات القراء أمام المكتبات وآلاف الطلبات على الإنترنت والكل يبحث عن نسخة

الأربعاء 16-09-2009 23:00 |
تصوير : other

الطوابير الطويلة التى احتشدت بالمئات من القراء فى انتظار الحصول على نسخة أولى من رواية «الرمز المفقود» للكاتب دان براون، والآلاف من طلبات الشراء عبر الإنترنت التى انهالت على المكتبات قبل صدور الرواية بفترة طويلة، وحالة السرية المطلقة التى فرضتها دار النشر على مخطوطة الرواية، لضمان عدم تسرب أى معلومة عن أحداثها، كانت جميعاً بمثابة الاستفتاء الشعبى على مدى الأهمية والشعبية التى أصبحت تحظى بها كتابات دان براون منذ صدور روايته القنبلة «شفرة دافنشى» منذ ما يقرب من ست سنوات كاملة. خلال هذه السنوات اكتسب دان براون شعبية طاغية،

خاصة مع الجدل الذى أحاط برواياته التى تحولت اثنتان منها إلى أفلام سينمائية ناجحة، ولهذا فإن صدور أول رواية للكاتب الأمريكى بعد «شفرة دافنشى» هو حدث يستحق التوقف عنده، ولسنا فقط من يفعل ذلك، ولكن أيضاً ملايين القراء حول العالم الذين يسعون لقراءة الراوية، والعشرات من دور النشر التى تستعد لترجمتها للغات المختلفة، حتى دون أن يعرف أحد شيئاً عن مضمونها، لكنها تحمل ختم الجودة والتميز: اسم «دان براون».

أخيراً وبعد ست سنوات من الانتظار صدرت الرواية الخامسة للكاتب دان براون، التى حملت اسم الرمز المفقود lost symbol وأزيح عنها الستار فى تمام الثانية عشرة ظهراً يوم الثلاثاء الماضى وسط آلاف من المعجبين الذين وقفوا فى صفوف من السابعة والنصف صباحاً أمام المكتبات يحملون أكواب القهوة والساندويتشات أملاً فى أن يكونوا أول من يحصلون على نسخة من الرواية فى مشهد وصفه أصحاب المكتبات بانه لم يحدث إلا مع الجزء الأخير من رواية هارى بوتر للكاتبة جى كى رولنج، لدرجة أن العاملين سهروا فى المكتبات فى سابقة هى الأولى من نوعها داخل المكتبات حتى منتصف الليل ليستطيعوا استيعاب آلاف من الطلبات عبر الإنترنت.

وقد صاحب صدور رواية الرمز المفقود دعاية ضخمة باعتبارها المغامرة الثالثة للبروفسير روبرت لانجدون بطل الرواية الأشهر شفرة دافنشى وفرضت حالة صارمة من السرية على تفاصيل الرواية، ولم تحمل الإعلانات أى تفاصيل سوى أنها مثل روايات براون تقع أحداثها فى فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز 12 ساعة فقط داخل العاصمة الأمريكية، وهى المرة الأولى التى يبتعد فيها لانجدون عن أوروبا فى مغامراته.

ووصلت حالة السرية المفروضة على الرواية إلى وجود حراسة ضخمة على الأصل أثناء الطباعة واستمرار هذه الحراسة أثناء وجودها فى المخازن حتى لا تتسرب أى نسخة الدعاية للكتب الجديدة التى يتم فيها توزيع نسخ على النقاد فى الصحف الكبرى قبل ميعاد الصدور الرسمى إلا أن هذا لم يحدث مع «الرمز المفقود» التى ظلت تفاصيلها مجهولة حتى لحظة رفع الستار عنها فى أرفف المكتبات.

تبدأ أحداث رواية الرمز المفقود بوصول «روبرت لانجدون» إلى العاصمة واشنطن مدعواً من صديقه بيتر سليمان لإلقاء خطاب داخل مبنى الكابيتول إلا أنه يفاجأ لحظة وصوله بان الدعوة وهمية ويجد صديقه مقتولاً داخل القاعة وتحمل جثته رسم ماسونى وإشارة إلى لوحة جورج واشنطن التى تظهره كإله وثنى كما لو أن القاتل أراد أن يشرك لانجدون بشكل مباشر فى خيوط الجريمة، وكالعادة يجد لانجدون نفسه أمام عشرات من الألغاز التى تتعلق بإحدى الاخويات القديمة وهى الماسونية، والتى تعد واحدة من أقدم الاخويات فى التاريخ، وهى ليست منظمة دينية على عكس الشائع بل إنها لا تشترط على أعضائها أن يكونوا أصحاب ديانة محددة إلا أن بعض من طقوسها يحمل شعائر وثنية وتضم فى عضويتها أسماء بارزة مثل فولتير وموتسرت وجورج واشنطن، وخلال أحداث الرواية يسعى لانجدون وقاتل صديقه بالإضافة إلى إحدى الجماعات الخاصة للوصول إلى كنز ماسونى فى قلب العاصمة واشنطن.

رغم اعتباره واحداً من أهم مائة شخصية مؤثرة فى العالم كما جاء فى تقييم مجلة التايم الأمريكية، إلا أن دان براون شخص خجول للغاية نادراً ما تراه يتحدث فى وسائل الإعلام، حيث يفضل الابتعاد عن الأضواء التى تتسلط دائماً على أعماله، إنه الروائى «دان براون» مؤلف «شفرة دافنشى» الرواية التى تعد الأكثر جدلاً ومبيعاً فى العالم بنسخها التى تجاوزت الـ80 مليون نسخة مترجمة إلى 51 لغة.

المدهش أن الشهرة التى حققها براون جاءت أغلبها بالصدفة التى لعبت دوراً فى تغيير مسار حياته من ملحن ومغنى إلى كاتب عالمى مرموق.

بعد تخرجه من جامعة أمهرست عمل فترة كمدرس للغة الإنجليزية، ولكن الرغبة فى احتراف الفن سيطرت عليه فالتحق بالأكاديمية الوطنية لكتاب الأغانى، وتمكن فى عام 1993 من إصدار أول CD غنائى يحمل اسمه، وقدم فيه بصوته أغنيات مثل if you believe in love وبعدها أصدر CD آخر بعنوان angels & demons وضم أغنية if you believe والتى حققت نجاحاً محدوداً جداً أدرك بعدها «دان براون» أنه سيفشل فنياً خاصة أن خجله الشديد يمنعه من الوقوف على المسرح ليغنى أمام الجمهور،

وبالصدفة البحتة وأثناء قراءته لرواية «خديعة يوم القيامة» لسيدنى شيلدون أحس بأنه يمكن أن يستغل موهبته فى كتابة الروايات بدلاً من كتابة الأغانى وبدأ بالاشتراك مع زوجته استاذة تاريخ الفنون فى كتابة قصص هزلية عن علاقة الرجل بالمرأة تحت اسم مستعار وهو «دانيال براون» فى الوقت الذى بدأ فيه الاستعداد لكتابة أولى رواياته الشهيرة «الحصن الرقمى» digital fortress والتى صدرت بالفعل عام 1998 وحققت نجاحاً متوسطاً مقارنة بما حدث بعد ذلك ولكنه معها أدرك أن كتابة الروايات هى مهنته التى يجب أن يقضى بقية حياته لها.

لم يكن ذلك الأمر هو التغيير الكبير فى حياته، بل تغيرت أيضا نظرته للأمور من حوله ومعها إدراكه أن لا شىء يحدث بشكل عشوائى فالرموز والعلامات موجودة فى كل شىء، وهذه الرؤية حملت الملامح التى أصبحت المحور الرئيسى فى رواياته التالية والتى أصبحت أكثر جرأة لنبش أسرار الماضى وربطها بالأحداث الحالية، وتعيد إحياء منظمات وجماعات نسيها التاريخ ضمن أحداث من خياله، وفى عام 2000 صدرت رواية ملائكة وشياطين angels & demons وهى أول ظهور لشخصية البروفسير «روبرت لانجدون» استاذ الرموز التاريخية، الذى يتورط مع جماعة المستنيرين المعادية لسلطة الكنيسة الدينية التى تحاول تدمير الفاتيكان ليلة اختيار البابا الجديد وقتل الكرادلة الأربعة المرشحين لمنصب البابا والمدهش أنه رغم تعرض براون فى هذه الرواية لسلطة الكنيسة إلا أن أحداً من الكنيسة لم يلتفت لها،

بعدها بعام أصدر رواية نقطة الخديعة deception point ولم تحقق أيضاً نجاحاً كبيراً، خاصة مع الكساد الذى أصاب سوق النشر عقب أحداث 11 سبتمبر، الأمر الذى جعل براون يبحث خلال عام كامل إمكانية نشر روايته «شفرة دافنشى» التى كان قد قارب على الانتهاء من كتابتها، إلا أنه استطاع التعاقد مع دار نشر دبل داى وصدرت الروايه فى 2003 لتنقلب حياه دان براون رأسا على عقب.

وتعد رواية شفرة دافنشى da vinci code امتداداً لمغامرات البروفسير روبرت لانجدون لكنه هذه المرة يتعرض لواحدة من أهم ركائز العقيدة المسيحية وهى علاقة السيد المسيح بمريم المجدلية وترى الرواية أنهما تزوجا لتقوم جماعة سيون السرية بالمحافظة على سرية نسل السيد المسيح والتى تسعى الكنيسة للقضاء عليه حتى لا تنهار سلطتها الدينية، ومنذ اليوم الأول لصدور الرواية بدأت كنائس العالم فى التنديد بها بل تنشر كتباً لتفنيد ادعاءات براون، واعتبرته الكنيسة معاد للمسيحية ومنعت بعض الدول دخول الرواية لأراضيها أوعرضها فى المكتبات، بل إن الكنيسة دعت المسيحيين فى جميع أنحاء العالم لمقاطعة الرواية والكاتب، ولكن هذه الأسباب تحديداً ساهمت بشكل كبير فى انتشار الرواية التى كان يتم إدخالها بطرق غير شرعية، خاصة فى الدول العربية مثل مصر.

وخلال أشهر من هذا النجاح كانت روايات دان براون القديمة تعود للظهور وتتصدر قوائم الأكثر مبيعاً، وبالطبع تحولت حياة دان براون على المستوى الشخصى، حيث حقق ثروة هائلة لكنه كذلك أصبح يستيقظ يومياً فى الرابعة صباحاً ليجلس فى مكتبه الخالى من أى وسيلة اتصال بالعالم الخارجى سواء إنترنت أو تليفون فقط للقراءة والكتابة، كما أصابته لفترة عقدة النجاح فكان يمسك بالقلم وكلما استعد لكتابة جملة توقف وقال لابد من التركيز فهنالك ملايين فى العالم سيقرون هذه الكلمات مما كان يصيبه بالشلل ويمنعه من الكتابة على الإطلاق، لكن تدريجياً بدا يقنع نفسه بأنه نفس الشخص الذى يكتب القصص ويحقق النجاح لتولد روايته الأخيرة وسط هذه الظروف.

المثير أن تعرض دان براون مرتين للكنيسة الكاثوليكية فى رواياته جعل الصحفيين يسألونه دائماً عن ديانته وفى كل مرة كان يراوغ فى الرد فيقول إنه مسيحى، وأنه كان شديد التدين عندما كان طفلاً، وفى إحدى المرات قرأ عن نظرية الانفجار الكبير الذى أدى لنشأة الكون فسأل مدرسه عن هذا التعارض بين النظرية العلمية والكتاب المقدس الذى يقول إن الله خلق الكون فى سبعة أيام وكانت النتيجة أن نهره استاذه وطلب منه عدم التفكير فى هذه الأمور، كما أن قراءته عن العديد من الأديان أطلق الكثير من الأسئلة داخله وهى الأسئلة التى انعكست فى رواياته.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية