قال المهندس إبراهيم محلب، فى لقائه مع الصحفيين، عقب زيارته للإمارات العربية، أمس الأول، إن أى مصرى يحاول إفشال المؤتمر الاقتصادى الذى سينعقد مارس المقبل، ليس مصرياً، ولم يرضع من أم مصرية، ولا أكل من طين مصر!
وكان رئيس الوزراء يقول هذا الكلام تعليقاً على ما يقال، عن أن هناك عدداً من معدومى الضمائر الذين أنشأوا موقعاً إلكترونياً بهدف الترويج لإفشال المؤتمر!
ومن قبل كان الرئيس السيسى قد وصف المؤتمر، فى تصريحاته بعد تفجيرات سيناء الأخيرة، بأنه- أى المؤتمر- يُمثِّل «دراع مصر»، على حد تعبير الرئيس، وأن الذين يتصورون أن تفجيرات سيناء، أو أى تفجيرات غيرها، يمكن أن تعطل المؤتمر أو تغلق الطريق للذهاب إليه، إنما هم واهمون!
وقد كان هناك من يربط دائماً بين بدء انتخابات البرلمان وبين نجاح المؤتمر، على أساس أننا إذا كنا نريد من خلال جلساته أن يأتى إلينا المستثمرون من كل أرض، وأن يعملوا، وأن يتيحوا فرص عمل، فلابد أن نطمئنهم أولاً، بالجدية فى إجراء الانتخابات، وفى تشكيل برلمان يراقب أعمال الحكومة، كما تتعين أن تكون الرقابة، ويُشرِّع القوانين، كما يقول الكتاب.
ورغم أن الوزير سامح شكرى قد أكد، ذات مرة، أنه لم يحدث أن ربطت أى دولة مشاركة فى المؤتمر بينه وبين البرلمان القادم، إلا أنه من الواضح أن البدء فى انتخابات مرحلته الأولى قبل انعقاد المؤتمر بأيام، يُراد من ورائه توصيل «رسالة» معينة إلى الذين قد يربطون بين هذا، وبين ذاك.
ولابد أن إنجاح المؤتمر يكون بالإعداد له جيداً، وإتاحة الأجواء العامة المساعدة لأعماله، ثم يكون بإخراج قانون استثمار جديد وفريد، المفروض أنه يجرى الانتهاء من صياغاته النهائية هذه الأيام، فعندها، لن يكون فى إمكان أحد إفشال المؤتمر، سواء رضع أو لم يرضع من أم مصرية، ولن نكون نحن فى حاجة أصلاً إلى أن نذهب إلى هذه العاصمة أو تلك، لإغراء المستثمرين هناك بالمجىء، لأنهم سوف يأتون، والحال هكذا، من تلقاء أنفسهم!
ولهذا، فربما أدعو المهندس محلب إلى أن يراجع قناعاته عن أن المصرى الذى رضع من أم مصرية، حقاً، لن يعمل على الإساءة للمؤتمر، ومحاولة إفشاله.. إذ المؤسف، فى لحظتنا هذه، أن أغلب الذين يسعون لإفشال البلد، وليس المؤتمر وحده، مصريون رضعوا من أمهاتهم حتى الفطام.. أو هكذا نفترض!
بل يدهشك أن يكون هناك أشخاص، ليسوا مصريين، ولا رضعوا من أمهات مصريات، ومع ذلك فإن حرصهم على إنجاح تجربة هذا الوطن، لا المؤتمر وحده، يستحق الإعجاب حقاً!
مثلاً.. قابلت الأستاذ جهاد الخازن فى دبى، وكان بينى وبينه نقاش طويل، على مدى عدة أيام، وكانت كل الطرق عنده، وفى كلامه، تنتهى إلى مصر، وقد سمعته بأذنى وهو لا يكاد يلتقى مع أى مسؤول إماراتى، على هامش القمة الحكومية التى انعقدت هناك، إلا ويكون سؤاله الأول عن العلاقة مع مصر، وكيف أنها لابد أن تكون فى أحسن حال دائماً، لأن قوة القاهرة- فى تقديره- إنما هى قوة مضافة لكل عربى، قبل أن تكون مضافة لنفسها هى!
وليس هذا كله جديداً على الأستاذ جهاد، فالذين يتابعون مقالته اليومية على الصفحة الأخيرة من صحيفة «الحياة» اللندنية، سوف يكتشفون أنه كما قال يوماً، يقف مع مصر، ظالمة أو مظلومة، وأن دعمه الدائم لها مسألة مفروغ منها عنده تماماً!
ولو أن أحداً عاد إلى أرشيف صحيفة «الحياة»، واستعرض ما جرى به قلم جهاد الخازن فى حقنا، فسوف يكتشف أن أصحاب أقلام مصريين كثيرين، لم يكتبوا ما كتبه هو، وأن رهانه على مصر، وعلى نجاحها، وعلى نهضتها، لا يعرف التراجع، ولا الفصال، وأنه وقف إلى جوارنا، فى كل مرة كتب فيها، وما أكثر ما كتب، كما لم يقف أو يكتب مصريون رضعوا من أمهات مصريات!.. وقد كان ذلك من جانبه راجعاً إلى أنه يعرف جيداً ماذا يعنى اسم مصر، ويعرف القيمة الحقيقية لبلدنا، فى وقت لا يدرك فيه مصريون رضعوا من أمهاتهم المصريات، القيمة نفسها، ولا يصل إلى وجدانهم معناها!
جهاد الخازن مصرى حقيقى، رغم أنه لم يرضع من أم مصرية، ولو كانت هناك جائزة فى المقام، لنالها هو دون منافس!