من شجرة التين يتعلم المرء المثل، فمتى لانت أغصانها، واخضرت أوراقها يعرف الناظر أن الصيف قريب، وعندما يتحدث عضوان متنفذان فى الكونجرس الأمريكى عن المطالبة بالتواجد العسكرى الأمريكى على الأرض فى الشرق الأوسط، يدرك المحلل المحقق والمدقق أن الحروب الأمريكية بدورها قريبة.
منذ بضعة أيام كان رئيس لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ السيناتور الجمهورى جون ماكين، والديمقراطى ديان فينستين، يطالبان بإرسال قوات أمريكية «على الأرض» إلى الشرق الأوسط، وفرض حظر جوى على سوريا، وتعزيز تواجد الحضور الأمريكى ولاسيما فى اليمن، وما خفى كان أهول.
كيف لسيناريو هذه الحروب أن يجد طريقه على أرض الواقع؟
الشاهد أن واشنطن قد أجادت العزف من أجل تقسيم العالم إلى فسطاطين، واحد للحرب وآخر للسلام، كما يحدثنا مؤخراً جورج فريدمان، رجل الاستخبارات الأمريكية العتيد، ومؤسس «ستراتفور»، التى تعد استخبارات الظل للاستخبارات المركزية الأمريكية.
هذه المرة لن تمضى واشنطن بمفردها، بل ستجد غالبية- إن لم يكن كل- دول أوروبا فى صفها، بما يعنى أن المشهد قد تغير عن مارس 2003 وغزو العراق، ذاك الذى رفضت المشاركة فيه كل من فرنسا وألمانيا.
المشهد لن يقتصر على الأوروبيين، بل سيمتد لجهة الآسيويين، فاليابان مفجوعة من داعش بعد ذبح مواطنيها، وروسيا الاتحادية تفضل مواجهة الإسلامويين فى الشرق الأوسط وعلى أرض العرب، عوضاً عن نقل ميدان المعركة إلى الجمهوريات الإسلامية «السوفيتية سابقاً»، ولديها فى الشيشان ما يكفى، كما أن الصينيين قد رأوا بأعينهم انضمام عناصر من الإيجوريين الانفصاليين إلى تنظيم الدولة الإسلامية.. ماذا يرتب ذلك؟
قطعاً سيسهل من مهمة المشاركين فى قمة واشنطن بقيادة أوباما، فى التواصل مع الأمم المتحدة، واستصدار قرارات أممية من مجلس الأمن تعطى رخصة شرعية لمثل تلك الحروب القادمة.
هل بدأت فصول الحروب الجديدة مسيرتها حتى وقبل انعقاد مؤتمر واشنطن؟
أغلب الظن أن ذلك كذلك، فما بين داعش والقاعدة وشارلى إبدو تحركت من جديد أعمال التحالف الاستراتيجى الاستخبارى القديم بين واشنطن ولندن، والذى كشفت أبعاده مؤخراً، من خلال الوثائق التى أصدرتها دائرة المحفوظات الوطنية فى بريطانيا.. ماذا عن ذلك؟ إلى لقاء آخر وحديث تحالف العيون الخمس.