x

الاقتصاد: أحلام «ناصر» الكبيرة انتهت إلى مدينة صناعية «ميتة»

الأحد 08-02-2015 23:29 | كتب: عمر عبدالعزيز, محمد أبو العينين |
عبد الناصر مع الزعيم السوفيتى خروتشوف عبد الناصر مع الزعيم السوفيتى خروتشوف تصوير : اخبار

بدأت العلاقات الاقتصادية المعاصرة بين مصر وروسيا مبكرا فى عهد الملك فاروق، حين تم توقيع اتفاقية بين الجانبين فى أغسطس 1948 تقضى بمقايضة القطن المصرى بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتى.

وبلغت العلاقات الاقتصادية بين البلدين ذروتها فى فترة حكم الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، حين ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر فى إنشاء السد العالى فى أسوان ومصنع الحديد والصلب فى حلوان ومجمع الألومنيوم، ووصل عدد المشروعات الصناعية التى أنشئت بتكنولوجيا ومعونة سوفيتية وقتها 97 مشروعا صناعيا.

وعلى الرغم من التوتر الذى شهدته العلاقات فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات وانقطاعها تماما حتى سبتمبر 1981، فقد عادت للتحسن التدريجى فى عهد الرئيس الأسبق مبارك.

«واقع الجانب الاقتصادى فى علاقة البلدين خلال السنوات الماضية لايزال يحتاج مزيدا من الجهد» بحسب الهيئة العامة للاستعلامات، التى نشرت تقارير عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين. يشهد بصحة تعليق الهيئة حالة المدينة الصناعية الروسية التى كان من المقرر إنشاؤها فى منطقة برج العرب فى الإسكندرية قبل سنوات.

«مدينة صناعية روسية على مساحة مليون متر مربع، تهدف إلى عمل مشروعات لإنتاج السيارات والصناعات الغذائية وأجزاء الطائرات والمعدات المتعلقة بإنتاج الطاقة والكهرباء والبترول ومحطة تحلية مياه البحر». كان هذا نص تصريح المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق عام 2007. وقتها تم توقيع بروتوكول إنشاء المدينة بحضور وفد روسى برئاسة أساتور كسينيا. وبمرور نحو 8 أعوام على هذا البروتوكول، قال مستثمرون بمدينة برج العرب: إن المشروع إلى الآن لم ينفذ، وإن المشروعات الروسية بإنشاء مدن صناعية «حبر على ورق».

أمير واصف، أحد مستثمرى مدينة برج العرب الصناعية قال: «سمعنا الكلام ده كتير عن المدينة الروسية،

والروس تراجعوا لأسباب غير معروفة، وسمعنا كلاما بعدها عن مدينة قطرية وتركية، وقت حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، ولم يتم تنفيذ شىء».

ورفض «واصف» فكرة إنشاء مدينة صناعية تحمل اسم دولة، واعتبر أنها غير مجدية. مرجحاً أن يكون سبب توقفها مرتبطا بما سماه «أبعادا سياسية وقت حكم مبارك». وقال: «الحكومة خصصت الأرض فعلاً بجوار قطاع الأمن المركزى فى برج العرب بمساحة مليون متر مربع، لكن الأرض الآن محل نزاع بعد أن كثرت عليها الإشغالات والتعديات». مؤكدًا أن الحكومة وعدت عدة دول وجهات بمنحها هذه الأرض لإقامة مشروعات لم يتم أى منها.

وأضاف أن ما أعلن عن المدينة الصناعية الروسية كان يفيد بأنها ستتخصص فى صناعة القطارات وأجزاء السيارات وصناعات البترول.

وقال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية فى القاهرة، إن الاستثمار الروسى فى مصر تقلص بعد حرب 1973، خاصة مع اتجاه الحكومة للتعامل مع الغرب ودول شرق آسيا، بالإضافة إلى أن تفكك الاتحاد السوفيتى فى رأيه أدى إلى «انتهاء المشروعات الروسية فى مصر».

وحول المدينة الصناعة الروسية، قال شيحة: «لم يتم تنفيذها لأسباب غير معروفة». واعتبر أن المدينة كانت «مجرد تصريح وهمى» لرشيد محمد رشيد.وبرر «شيحة» عدم تنفيذ المدينة الصناعية الروسية فى مصر بسبب ما سماه «الإمكانيات الاقتصادية الضعيفة لدول الاتحاد السوفيتى السابق، والتى لا تسمح بعمل اتفاقيات اقتصادية قوية»، وفق قوله.

وقال إن وجه الاستفادة الذى يمكن أن تحققه مصر يجب أن يكون فى مجالات الأقمار الصناعية، والقمح والغاز والبترول، بجانب التكنولوجيا النووية.

أحمد الدسوقى، رئيس جهاز مدينة برج العرب، قال، رداً على سؤال حول المدينة الصناعية الروسية فى الإسكندرية: «ما تسألونيش عن حاجه معرفهاش، مفيش حاجة عندنا فى برج العرب اسمها المدينة الصناعية الروسية، ده كان كلام «كومو فلاش»، حسب تعبيره، ولا نعلم أى شىء عن البروتوكول الذى وقعه «رشيد».

الهيئة العامة للاستعلامات، قالت فى منشور لها، بمناسبة زيارة الرئيس فلاديمير بوتين لمصر، إن الحكومة المصرية قامت بتخصيص منطقة صناعية للجانب الروسى فى برج العرب عام 2007، إلا أن الجانب الروسى لم يتقدم حتى الآن بمشروعات لإدخالها فى هذه المنطقة.

وأشار منشور الهيئة إلى أن الجانب المصرى أكد على استعداده تخصيص قطعة أرض أخرى بنظام «المطور الصناعى» ببرج العرب أو العاشر من رمضان، إلا أنه لم يتم تفعيل هذا الموضوع حتى الآن.

وجرت مناقشة مشروع المدينة الصناعية الروسية فى مصر فى اجتماعات رسمية خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى السابقة لروسيا. إ

إلا أن الحديث تطرق بين الرئيسين إلى إنشاء مدينة صناعية كجزء من مشروع «محور قناة السويس».

وقال بيان للهيئة العامة للاستعلامات إن هناك عجزا فى الميزان التجارى بين البلدين، يميل لصالح روسيا. وبلغ قدر العجز 2.87 مليون دولار فى عام 2012، بنسبة تبادل تجارى لا تتعدى 3.5 % من إجمالى حركة تجارة مصر الخارجية.

واتسمت الاستثمارات البينية بين مصر وروسيا بالضعف، فلم تتجاوز الاستثمارات الروسية فى مصر بنهاية 2013 حاجز 66 مليون دولار، ولم يتخط عدد الشركات الروسية العاملة فى مصر 383 شركة يعمل معظمها فى القطاعات الخدمية المتصلة والإنشاءات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتمويل. بالإضافة لاستثمارات قليلة فى القطاعين الصناعى والزراعى، لتحتل روسيا المرتبة 46 من حيث الدول المستثمرة فى مصر.فى المقابل، بلغ حجم الاستثمارات المصرية فى السوق الروسية حوالى 7 ملايين دولار حتى نهاية 2012، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات. وتتركز معظمها فى قطاع الأخشاب التى يتم تصديرها لمصر، بالإضافة إلى بعض الاستثمارات العقارية.

وبحسب تقدير العامة للاستعلامات، تمثل السوق الروسية فرصة كبيرة لزيادة الصادرات المصرية وتحسين وضع الميزان التجارى. وتستشهد الهيئة بصادرات البطاطس المصرية التى زادت كمياتها بنسبة 250% تقريبا. حيث ارتفعت من 65 ألف طن عام 2007، إلى 237 ألف طن عام 2011. كما تعتبر منتجات الأثاث والأسمدة وزيت الزيتون والأجهزة المنزلية والأحذية والخضروات والفواكه والحقائب والرخام والسجاد والسيراميك وورق الطباعة من المنتجات ذات الفرص التصديرية المرتفعة.

من جانب آخر، تعتبر روسيا أكبر مصدر للسياحة إلى مصر، حيث وصل العدد إلى نحو 3 ملايين سائح روسى فى يناير2011، من إجمالى 14.5 مليون سائح، بحسب بيانات وزارة السياحة. وتصدرت مصر المرتبة الأولى فى ترتيب البلدان التى زارها السياح الروس فى 2014.

أما فيما يتعلق بملف استيراد القمح من روسيا والميزان التجارى بين البلدين، فإن الصادرات الروسية لمصر تتخطى فى مجملها مبلغ مليارى دولار، وقد تصل أحياناً إلى 3 مليارات،

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية