x

فوضى البوتوكس

الخميس 10-09-2009 23:00 |

من حق كل امرأة أن تتجمل، ومن حق كل رجل أن يبدو وسيماً، ولكن ليس من حق أحد أن يجعل من وجهه قناعاً شمعياً بلاتعبير، فقد خلق الوجه لكى يكون مفردات لغة وجسر رسائل، غضب وفرح وبهجة وحزن وتحذير وترغيب وإنذار وإغواء... إلخ،

طوفان من الرسائل والتعبيرات يرسلها الوجه بتقطيباته وابتساماته وحتى بتجاعيده، والتمثيل مهنة تستلزم أقنعة التعبير، ولكنها تحولت مؤخراً إلى مهنة أقنعة الجبس التى تذكرنا بـ«الماسك فيس» لمريض الباركينسونزم أو الشلل الرعاش، وكل هذا الجبس والشمع يعود إلى الاستعمال الخاطئ للبوتوكس، موضة التجميل الجديدة التى أتمنى ألا تتحول إلى لعنة العصر الحديث.

البوتوكس مادة مستخلصة من بكتيريا تعرف باسم «كلوستريديَمْ بوتولانيَمْ» وبدأ استخدامها فى بداية الثمانينيات، وتستخدم لتثبيط تحريك الأعصاب للعضلات ولذلك فحقنها يفرد التجعيدة وكأنه يشد الوجه خاصة فى نصف الوجه العلوى وما بين الحاجبين، وله استخدامات نافعة أخرى مثل علاج بعض الأمراض العصبية التى فيها تشنج عضلى، وأيضاً زيادة إفراز العرق وحول العين... إلخ، وقد أصبح هذا البوتوكس مشكلة بعد أن أصبح استعماله وحقنه فوضى يستطيع حقنه كل من هب ودب،

 فمن يستطع شراء سرنجة صار طبيب تجميل يحقن البوتوكس، وزادت المشكلة أكثر حين انتشرت شوطة حقن البوتوكس بين فنانى مصر حتى الفنانات اللاتى لم تتجاوزن العشرين، فصرنا نشاهد شاشة مليئة بروبوتات درامية ووجوه كاوتشوكية مكوية ومنفوخة مثل الشخصية الكارتونية «مس بوجى» بعد أن أضيفت إليها الحقن المالئة أو مايسمى «الفيلرز»، فصار الجميع يقلد، وتذهب الفتاة إلى بوتيكات التجميل التى يفتتحها حلاق معتزل أو سباك غنى حرب لكى تكوى وتنفخ فتخرج مشوهة الملامح وكأن لغماً أو قنبلة نابالم فرقعت فى وجهها!

حقن البوتوكس لابد أن يحقنها طبيب متخصص، حتى لايتم الحقن فى عصب مهم أو منطقة حساسة فى الوجه، ولكن لابد من التنبيه على أن كثيراً من الأطباء للأسف تقودهم المريضة وتحدد لهم الجرعات حسب مزاجها، ويرضخ الطبيب لأوامرها فالزبون دائماً على حق، والطبيب الضعيف الذى لايحترم مهنته يهمه الزبونة ولا يهمه العلم أو المصلحة، فهى تريد أن ينفخ وجهها على 40 مثل كاوتش السيارة لامانع!، هى ترغب فى شل كل العضلات بالبوتوكس لدرجة عدم القدرة على الابتسام أو الكلام.. تحت أمرها!

الطبيب الذى يتعامل مع المريضة على أنها زبونة فقط يجرم فى حقها وحق نفسه وحق مهنته، والبوتوكس ليس لبان «شيكلتس» حتى يؤخذ بداع وبدون داع، والحقن المالئة فن لايتقنه إلا المتخصصون، والبشر يحتاجون إلى وجوه إنسانية معبرة ولايحتاجون إلى ماسكات معدنية باردة صامتة، الوجه ليس جورباً أول سايز يتسع لصندوق حقن بوتوكس أو فيلرز، وإنما هو رادار حساس يرسل ويستقبل فلا تحولوا هذا الرادار إلى قطعة خردة .

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية