يتمتع بسجل وتاريخ سياسى لا أحد يستطيع إنكاره، ودفعه طموحه المتوهج الذي يتحدى به دائما تقدمه في السن، إلى المنافسة على كرسى الرئاسة، واليوم يفاجئ الجميع بقرار عدم الترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ليفتح موقفه فصلا جديدا من الصراحة والوضوح وتقييم الوضع السياسى في مصر، وكان ذلك هو الباعث وراء جلسة أخرى ساخنة- بعد عزوف عن التصريحات الصحفية والإعلامية- مع عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين لوضع الدستور «المنتهى عملها»، أمين عام جامعة الدول العربية السابق، ليخرج عن صمته، ويكشف عدم ارتياحه من الترشح في ظل الشكل الحالى، والذى وصفه بـ«المتفرق»، مؤكدًا رفضه أن يكون للتيار المدنى 3 أو 4 قوائم انتخابية.
وشدد موسى خلال ندوة «المصرى اليوم» على عدم حصول أي حزب على الأغلبية أو حتى ما يمكن تسميتها بـ«الأكثرية» بالمعنى الحقيقى، مشيرا إلى أن البرلمان الجديد هو «نحن»، وسوف يعكس كل ما في المجتمع من مزايا واضطراب وقلق، فضلا عن انتقاده قائمة «فى حب مصر» على اعتبار أن المنتمين إليها ليسوا هم فقط من يحبون البلد، موضحاً أن الانطباع العام عن قائمة «الجنزورى» أو «فى حب مصر» أنها قائمة الدولة «مجرد انطباع»، وفى اللغة الإنجليزية «الانطباع أقوى من الحقيقة».
وتطرق السياسى المخضرم إلى أداء الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الـ7 شهور الماضية قائلا: «أرى أن الدولة أصبحت في عهد السيسى نشيطة بعد أن كانت خاملة»، مشددا على أهمية نجاح الرئيس، لأن أي فشل سيأتى على «دماغنا جميعا»، حيث إننا الآن في فترة نقاهة ممتدة، ويجب ألا نحمل أنفسنا عبئا كبيرا، لأن الوقت دقيق جدا وحساس ولا تزال مصر تجاهد كثيراً للخروج من عنق الزجاجة، محذراً من أن شباب مصر ثائر وغاضب ويريد تحقيق آمال كثيرة، والإسراع بالانتخابات المحلية بعد البرلمانية سوف يشعرهم بأنهم جزء من إدارة الأمور، وبحكم خبرته وباعه الطويل في عالم السياسة الخارجية، كان للقاء مع موسى وقفة عند محطات دولية مهمة وقضايا أخرى ملحة، وإلى نص الحوار:
■ هل ننتظر عمرو موسى في برلمان 2015؟
- قررت ألا أترشح في الانتخابات المقبلة، لأننى لا أستطيع الترشح في قائمة مدنية تنافس قائمتين أو 3 مدنية أيضا، وقد حاولت في اجتماعى مع رؤساء الأحزاب، في آخر محاولة، وجلسنا ودعوتهم إلى الاتفاق فيما بينهم، ولا أعلم ما الذي يمكن أن يتم بعد هذا اللقاء، وأنا متفائل في هذا الاجتماع من الناحية العامة، وأرى أن الود عاد بينهم، ولكننى لم أتفاءل من الناحية التطبيقية المحددة.
■ قررت عدم الترشح.. هل يعنى الأمر قبولك التعيين في البرلمان؟
- نحن الآن في مرحلة الانتخاب، وإذا أردت أن تدخل مجلس النواب فإن باب الترشح مفتوح، أما التعيين فبعيد جدا، وهو موضوع له قواعده، والله هو أعلم بمن سيختارون للتعيين، وأرى أن الانتخاب بشكله الحالى، والذى لا أريد أن أقول عنه «تشرذما» وإنما هو «تفرق»، يخلق جوا لا يريحنى، فلماذا يكون هناك أكثر من قائمة مدنية، فلابد أن تكون هناك أسباب أخرى لهذا وهى لا تناسبنى ولا تطمئننى، فلماذا أضع نفسى في موقف أنا غير مرتاح له وأترشح في هذا المناخ.
■ إذن، كيف ترى الانتخابات المقبلة؟
- الوقت دقيق جدا وحساس، ولاتزال مصر تجاهد كثيرا عن ذى قبل للخروج من عنق الزجاجة، وتتحرك نحو المستقبل، والحدث الأكبر الآن هو الانتخابات البرلمانية، ولا يقارن به أي تطور آخر، لأنه يتمم خارطة طريق تم الاتفاق عليها من أجل المستقبل، وتشمل الدستور ثم الرئيس، فالبرلمان، وبانتخاب البرلمان تكون المؤسسات قد اكتملت، وبالتالى يكون البلد مستعدا للبناء والمستقبل، سواء كان على مستوى التشريع أو الرقابة ومحاربة الفساد، وسياسات النظر والدراسة لمشروعات القوانين الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، بما نص عليه الدستور، والتعامل مع القوانين القائمة أو السابقة والتى تحتاج إلى إعادة نظر.
■ وكيف ترى المشهد الانتخابى وما يفرزه من تحالفات وصفقات سياسية؟
- لقد عقدت اجتماعاً مع عدد من قيادات ورؤساء الأحزاب منذ أيام، من المشرفين على تحالفات وقوائم، من بينهم الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، والدكتور محمد أبوالغار، رئيس حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، القياديان في تحالف «الوفد المصرى»، وكذلك الدكتور عبدالجليل مصطفى، المشرف على قائمة «صحوة مصر»، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية والصحفية، وبما أن القوائم تمثل 120 مقعدا فقط من 540 في مجلس النواب الجديد، فكان من الطبيعى أن يتطرق حديثنا في هذا الاجتماع إلى الـ«420» مقعدا المخصصة للمقاعد الفردية، وليس القوائم فقط، وتحدثنا عن كيفية التعاون والتنسيق على مستوى الدوائر الفردية، ولمست تصاعد الاهتمام لدى الأحزاب بالمقاعد الفردية، وأعتقد أن السبب هو أن المستقلين أصبحوا كثيرين، وبدا لى خلال اللقاء أن الأحزاب بدأت في التنسيق على الدوائر الفردية حتى لا يضر بعضها البعض.
■ وماذا عن القوائم؟ وهل يمكن أن نرى قائمة تجمع «الوفد المصرى» و«صحوة مصر»؟
- فيما يخص القوائم، سبق أن قلت منذ شهور، في بيان مقتضب، إنه من غير المقبول أن يكون أصحاب التفكير المتشابه من أنصار الدولة المدنية والوطنية وأنصار تفعيل الثورة من خلال تقدم المجتمع للأمام أن يفرزوا 3 أو 4 قوائم انتخابية، فإن هذا تيار واضح ويعتبر تيارا واحدا حتى لو كان من اليمين أو اليسار أو تيار الوسط، ففى النهاية هم في إطار واحد وهو «المدنى»، وكان لى شرف المحاولة والإصرار على أن يتوحدوا، ولم أنجح، ونحن الآن أمام على الأقل 3 قوائم رئيسية من التيار المدنى.
■ البعض كان يردد أنك الداعم الرئيسى لقائمة الدكتور عبدالجليل مصطفى؟
- أنا أتعاون مع مصطفى والبدوى، وأريد للقائمتين أن يندمجا وينسقا في الانتخابات.
■ كيف تعلل تفرق الأحزاب من وجهة نظرك؟
- المطامع الحزبية، وهناك انعدام أو قلة الثقة بين الأحزاب التي بلغت العشرات، ولكن هل هذه الأحزاب الجديدة والكثيرة لها أرضية على مستوى الشارع، فقد لاحظت مبالغة من الكثير من الأحزاب في تقييم قوتها ودورها.
■ هل تتوقع حصول حزب معين على الأغلبية؟
- لا أعتقد، وهناك نقطة يجب الإشارة إليها، وهى أن الدستور نص على طريقة تشكيل الحكومة، وكثيرون لم يقرأوا بدقة ما يخص هذه الجزئية، فهذه المادة من أبدع مواد الدستور، وتتحدث عن أن صاحب الخيار الأول في اختيار رئيس الوزراء هو رئيس الجمهورية، ويعطى البرلمان لرئيس الوزراء فرصة 30 يوما ليقدم نفسه وبرنامجه إلى القبة، فإذا صوت البرلمان لصالح هذا البرنامج، يحصل رئيس الوزراء على الثقة، وإذا لم يوافق، يسمح للبرلمان بـ30 يوما أخرى ليقع الاختيار على رئيس آخر للوزراء، فإذا كان البرلمان بلا أغلبية ولا أكثرية على الأقل، فإنه لا يمكن أن يختار رئيس وزراء خلال 30 يوما، وإذا حدث هذا يعتبر مجلس النواب منحلًا، وهذا ما يجب أن تتنبه له الأحزاب.
■ لماذا اختفى زعيم الأغلبية، ومن يحرك النواب مثلما كان في الماضى؟
- في برلمان زمان، كان زعيم الأغلبية يرفع يده، فيرفع باقى هيئته البرلمانية أياديهم، وهذا كان يحدث وقت كمال الشاذلى، ومن بعده على أيام أحمد عز، ثم عصام العريان أيضا في برلمان 2012، وكان الجميع يتبعهم، أما هذه المرة فلن يحدث هذا، وسنشهد شيئا جديدا على الساحة السياسية.
■ كيف تقيم قائمة «فى حب مصر»؟
- ليسوا هم فقط من يحبون مصر، وكنت أفضل أن يكون هذا الاسم صفة لكل القوائم التي تخوض الانتخابات، فجملة «فى حب مصر» لا يصح الاعتراض عليها، وإنما لا يصح ادعاء الانفراد بها.
■ قائمة «الجنزورى» كانت توصف بأنها قائمة الدولة، والآن «فى حب مصر»، فما قراءتك لهذا المشهد؟
- الانطباع العام عن قائمة «الجنزورى» كان هكذا، وهى أنها قائمة الدولة، لكننى لا أعلم حقيقة الأمر، وفى اللغة الإنجليزية «الانطباع أقوى من الحقيقة»، وهذا يشمل «فى حب مصر» الآن، والرئيس السيسى ليس رئيسا لهم فقط بل رئيس لكل المصريين، ونفى في اجتماعه بالأحزاب أي علاقة له بأى قائمة من القوائم، فالكل مصريون والكل يريدون الخير لمصر، وربما تكون هناك قائمة أفضل من تلك، والأمر النهائى منوط بالناخب نفسه.
■ هل الاجتماع الذي عقدته مع الأحزاب جاء بعد استشعارك الخطورة من قائمة «فى حب مصر»؟
- لا.. إن دعوتى للأحزاب جاءت قبل إعلان القائمة.
■ هل يمكن تزوير الانتخابات بشكل أو بآخر لصالح قائمة أو تيار سياسى؟
- أرجو عندما نتحدث عن مصر، أن نتذكر أن ثورة عظيمة اشتعلت في 2011 وأخرى في 2013 ضد الأوضاع الخاطئة، ومن لحظة 25 يناير أصبح الرأى العام «صاحى» ومستعد للعب دوره على الدوام، وجميعنا نتمنى أن يكون هذا الدور إيجابيا، وأحد أبرز هذه الأدوار هو انتخاب برلمان، وممثلين يعبرون ويراقبون ويشرعون باسمه، وأرضية الرأى العام تغيرت عما كانت عليه من ذى قبل، وهناك تطور كبير في تركيبة الشعب المصرى، خصوصا مع ارتفاع وعى الشباب، وأرى أن الجو العام في مصر أصبح مختلفا، في ظل التطور نحو المستقبل من منظور ديمقراطى والمطالبة باحترام حقوق الناس.
■ البعض يتخوف من شكل البرلمان المقبل.. ما رأيك في هذا؟
- الانتخابات المقبلة مرحلة أساسية ويجب إعطاؤها الاهتمام اللازم، ونتيجتها ستكون مجلس النواب المنتخب، وهو انعكاس لوضع المجتمع، وبالتالى لا يجوز أن نقول إننا «خائفون من البرلمان المقبل» لأنه اختيار وتعبير عن إرادة واتجاه المجتمع والناخبين، والبرلمان الجديد هو «نحن»، وسيعكس المجلس الجديد كل ما في المجتمع من مزايا واضطراب وقلق، فضلا عن كونه المؤشر الحقيقى على الديمقراطية، وأظن أن هناك توافق آراء واسع المدى بين المصريين، بدليل الأغلبية الهائلة التي اعتمد بها الدستور، وطريقنا هو الديمقراطية، ومواجهة الخلل الذي ضرب مصر نتيجة سوء إدارة الحكم.
■ نزلت تيارات من الإسلام السياسى الملعب مثل حزب النور وجماعة الإخوان ولكن بشكل مستتر.. هل تثير اللقطة مخاوفك؟
- هم يؤكدون باستمرار أنهم لا يصدرون عن فكر دينى بقدر ما يصدرون عن برنامج سياسى، وأعلم أن هناك قضايا مرفوعة متعلقة بهذا الشأن، وقد يبت فيها قريبا، ويجب أن ننتظر رأى القضاء، والدستور واضح في أن الأحزاب الدينية محظورة، أما السياسية فأصحاب البرنامج الواضح والذى يدفع إلى الأمام، حتى لو كان فيها الآفاق الدينية واسعة، دون أن تترجمها بما يتعارض مع الدستور، فلا مانع منها، لأن الأمر مرهون بالناخب، وأعتقد أن البرلمان المقبل سيكون واضحا تمام الوضوح، لأن المزاج المصرى يصب معظمه في الدولة المدنية والنظام الديمقراطى وإصلاح الخلل الحاصل في مصر والذى استمر حتى عام 2013.
■ هل تتوقع إقبالا جماهيريا على التصويت؟
- أتمنى وأتوقعه، فمن المهم والضرورى أن يصوت الشعب وفق آرائه، لأن المهم هو المشاركة، وأنا سوف أؤدى واجبى الانتخابى وأذهب إلى التصويت، وأطالب الشعب بالمثل.
■ ما رأيك في إجراء أحمد عز الكشف الطبى للترشح؟
- طالما يسمح القانون بذلك، يصبح الأمر بيد الناخب، لأنه صاحب القرار، والأمر سيستفز بعض الناس.
■ ما رأيك في دعوات البعض بمقاطعة الانتخابات؟
- أنا ضد المقاطعة، وأعتقد أن هذه الدعوات لن تؤثر، فهناك 100 حزب من بينها 20 فاعلة، ولا مانع أن تكون 19 فقط.
■ وماذا عن شبح الإرهاب وتأثيره على العملية الانتخابية؟
- إذا كنت تقصد الجرائم والحوادث والتحديات، والاستناد إليها في تأجيل الانتخابات، فبذلك نكون وقعنا في فخ الإرهابيين وحققنا لهم أكثر مما كانوا يتصورون، وبالتالى لابد من إجراء الانتخابات بصرف النظر عن أي شىء.
■ هل ترى أن القوى المشاركة في 30 يونيو بدأت تتصدع؟
- لاتزال مؤيدة للرئيس السيسى في عمومها، ويجب أن ننشغل بأوضاعنا.
■ ما مواد الدستور التي ترى ضرورة تعديلها؟
- أنا على وعى بالانتقادات في الدستور، وسبق أن قلت ونحن داخل لجنة الخمسين إن هناك مواد وافقنا عليها اليوم سوف تحتاج إلى تعديل قريب في الدستور، وفى رأيى أن إلغاء مجلس الشيوخ يجب تعديله، لأننى أعتقد أن العمل التشريعى المصرى سيكون أفضل بكثير، في ظل وجود هذا المجلس.
■ ولماذا تم إلغاؤه إذن؟
- الخطأ في المجتمع السياسى وفى بعض صفوف الإعلاميين، فأثناء عملنا في لجنة الخمسين تحدثنا عن عمل غرفة أم غرفتين للبرلمان، وكان رأيى أن غرفتين أفضل، وكان رأى آخرين أن غرفة واحدة تكفى، وعندما تحدثت في جلسة علنية للجنة ذكرت الدوافع التي تدفعنى إلى المطالبة بمجلسين، وخرج أحدهم وقال عمرو موسى يريد مجلسين حتى يعين في مجلس الشيوخ ويتولى رئاسته، وهذا الأمر يمكن أن يحددنى في الكلام حتى لا اتهم بمثل هذا الاتهام، إلا أننى أكملت طريقى وطالبت بغرفتين للبرلمان، مجلس للنواب وآخر للشيوخ، وتم طرح الأمر للتصويت، ولكنه خسر، وجاء بعدها أنصار الشيوخ من أعضاء الخمسين وأنا منهم وطلبوا منى إعادة التصويت، فقلت لهم من المستحيل أن أعيد المادة للتصويت، الذي يجب أن يكون مرة واحدة فقط، وقد تم وخسرنا، وقلت أتوقع أن يكون هذا الموضوع هو البند الأول الذي يخضع لطلب التعديل.
■ وهل من مواد أخرى ترى ضرورة تعديلها؟
- هناك عدد من المواد الانتقالية وسوف تأخذ وقتها وتنتهى، وهناك مواد لا أرى ضرورة تعديلها الآن ومنها النسب المخصصة من الميزانية التي نص عليها الدستور للصحة والتعليم وغيرهما، والمهم أن نكون «حسنى النية ولسنا دعاة هدم»، وأرى أن اللجنة التشريعية الجديدة يمكن أن تناقش ما يجب تعديله، ولا يمكن ولا يصح أن يدعو أحد إلى التلاعب بالدستور.
■ هناك جدل حول المادة «156» من الدستور التي تحتّم على البرلمان إقرار كل القوانين التي صدرت بشكل استثنائى من رئيس الجمهورية خلال 15 يوما ويناقشها ويقرها.. كيف يتم هذا ونحن أمام ما يقرب من 200 قانون خرج إلى النور؟
- ربما يتطلب الأمر وقتا أكثر من 15 يوما، ولكن كل شىء له تصرف ومخرج، وسوف نرى، وكانت فلسفتنا في هذه المادة أن يسرع البرلمان في دراسة القوانين وإقرارها.
■ هل تعتقد أن البرلمان الجديد سينجح في تعديل هذه المواد؟
- ليس شرطا، ولا يجب هذا، لأن المسألة ليست عاجلة، وهناك ما هو عاجل، وهو ما يخص حياة الناس وخدماتهم وتنظيم الدولة التي تعرضت إلى تدهور كبير في السنوات الماضية.
■ وكيف ترى الهجوم عليك أثناء التفكير في إنشاء غرفتين للبرلمان واتهامك بأنك ترغب في تولى رئاسة الشيوخ؟
- لا أفهمه، وإذا كان هذا صحيحا، فهل أصبح الطموح سبة؟ بل تم التطرق إلى مسألة السن أيضا، فعندما يصبح الطموح نقيصة قل على البلد السلام.
■ في ظل التوقعات بعدم قدرة فصيل معين على تحقيق الأغلبية في البرلمان.. ما المواصفات التي يجب توافرها في رئيس المجلس الجديد؟
- مواصفات خاصة يستطيع بها أن يدير هذه المؤسسة التي ستصبح خطيرة جدا، والحديث عن أي ترشيحات لا يجوز إثارته الآن وقبل تشكيل البرلمان.
■ ثمة من يتحدث عن خرق الدستور من بعض المؤسسات؟
- لا أرى خرقا خطيرا للدستور حتى الآن، وربما هناك بعض الممارسات واهتزاز في العمل الحكومى، والدستور لم يوضع موضع التنفيذ الكامل، لأنه كى ينفذ يجب أن يترجم في صورة قوانين، فالدستور لا يطبق مباشرة.
■ البعض كان يرى ضرورة تعديل مدة الرئيس لتزيد على 4 سنوات.. فما رأيك؟
- أعتقد أن الرئيس الحالى أمامه 8 سنوات وليس 4، لأننى أرى أنه سيتم انتخابه فترة رئاسة ثانية، أما فيما يخص مجلس النواب، فإذا رأى بعد عام أو اثنين تعديل المدة، فلا توجد مشكلة، وبأى حال من الأحوال، فهى فترتان فقط، ولا يمكن أن تزيد على هذا.
■ وهناك رأى قائل إن السيسى ما زال يعيش في «دستور 71» ويمارس سلطاته كما كان الوضع في الماضى.. هل ترى هذا صحيحا؟
- أنا أنأى بالرئيس عن هذا، لأن الانتخابات تتم على أساس الدستور الجديد، وما سيكون صحيحا هو لحظة انتخاب البرلمان وانتقال سلطاته له كاملة، ويكون هو المسؤول الأول عن سلطة الرقابة، ويكون هذا في ظل وجود رئيس دولة يجب عليه أن يقود، ونحن جميعا يهمنا نجاح هذا الرئيس، لأن «أى فشل سيأتى على دماغنا جميعا».
■ كنت مستشارا للرئيس أثناء حملته في الانتخابات الرئاسية.. الآن بعد 7 شهور من وصوله للحكم ما تقييمك للتجربة؟
- أرى أن الدولة أصبحت نشيطة في عهد السيسى، بعد أن كانت خاملة، وفى بعض الأوقات بالتعبير المصرى «مرنخة»، والآن أرى روحا أخرى مختلفة، وأعتقد أنه سيكون في الذكرى الأولى للرئيس كشف بالإنجازات، والنتيجة في الوقت الراهن جيدة، والمسيرة ستبدأ كاملة بعد ولادة البرلمان.
■ وماذا عن موقف البرلمان المتوقع من قانون التظاهر؟
- قد يؤيده، أو يعدله، أو حتى يلغيه، ويهمنا أن تسير الأمور بشكل جيد وإنهاء حالة الاحتقان والغضب.
■ وكيف تقرأ الحكم بالمؤبد على الناشط أحمد دومة و229 آخرين مؤخرا؟
- لماذا حكم القاضى بهذا الحكم؟ ومن أي منطلق؟ وما هي أسبابه؟ القاضى وحده مَن يُجيب.
■ ما الذي تحتاجه المنظومة القضائية حتى تكون أكثر انسجاما مع المعايير الدولية؟
- السلطة القضائية محترمة، وقائمة على نظام واضح، وهناك عدم فهم لبعض ما يصدر عن القضاء المصرى، مثل حكم الإعدام على 200 شخص، وكنت في أمريكا وقت الحكم على 500 شخص في المنيا، وقلت في الكونجرس، إن القضية تعرض على المفتى، ويكون الحكم غيابيا، وأن من طبق عليهم 7 تقريبا فقط، وذهبوا إلى محكمة النقض والتى تحيله بدورها إلى دائرة أخرى، وبالتالى هناك درجات في التقاضى، والعدالة يجب أن تكون ناجزة.
■ كيف رأيت مقتل شيماء الصباغ؟
- انزعجت كثيرا، ولا أرى مبررا لما حدث، ولا بد من الإسراع في التحقيقات، لنعلم الحقيقة من القضاء دون غيره.
■ هناك من يتحدث عن عودة القيود والقمع مرة أخرى؟
- حديث الرئيس الأخير ينافى ذلك.
■ هل ترى أن هناك أزمة بين الدولة والشباب في الفترة الحالية؟
- الشباب ثائر وغاضب، ويريد تحقيق آمال كثيرة، وأرى أننا يجب أن نسرع بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية في إجراء الانتخابات المحلية، والتى تتكون من 25% من الشباب، من هنا سيشعر الشباب بأنه جزء من إدارة الأمور.
■ تحدث الكثيرون عن تمكين الشباب في برلمان 2015، ألا تخشى أن يصبح المجلس بلا خبرة؟
- سيحصل الشباب، في إطار فئة عمرية محددة، على عدد مناسب من المقاعد كما نص على ذلك الدستور، ولنأخذ في الاعتبار تشكيل القوائم، أما انتخاب الشباب من الدوائر، فالأمر يرجع إلى الناخب وهو صاحب اليد العليا.
■ البعض يتخوف من المساعدات الخليجية بأن تكون ورقة ضغط علينا لتبنى موقف معين تجاه دولة معينة.. فمثلا لا نستطيع التحرك في القضية السورية بحرية مثلا!
- نحن لا نتحرك في القضية السورية بحرية في كل الأحوال، ونحن الآن نحاول، والموقف من سوريا في عمومه سليم، ومصر لا تستطيع أن تلعب اليوم أي دور بالمعنى التي تلعبه تركيا وأمريكا أو دول الجوار، ونحن ما زلنا حتى الآن في فترة نقاهة ممتدة، ويجب ألا نحمّل أنفسنا عبئا كبيرا.
■ وكيف ترى العلاقة «المصرية- السعودية»؟
- منذ أيام الملك عبدالعزيز آل سعود، مرورا بكل الملوك، ومصر والسعودية قوة مشتركة، وأى صدام أو خلاف بينهما يؤدى إلى ضعفهما، وفى معظم الحركة السياسية المصرية والسعودية كنا على وفاق، وأرى أننا من الضرورى الحفاظ على هذا الوفاق، لأنه حماية للأمن العربى.
■ هل تتوقع نجاح المؤتمر الاقتصادى في مارس؟
- أرجو، وأنا أول من طالب بعقد مثل هذا المؤتمر.
■ وهل انتهى دور الجامعة العربية؟
- لا، لم ينته، ولكن التغيير في منطقة الشرق الأوسط يحتاج إلى نظام إقليمى جديد.
■ هناك قلق من تنامى الدور الإيرانى في بعض الدول.. كيف يمكن مواجهته؟
- كان من الملحوظ تنامى الدور الإيرانى في المنطقة، وما أزعج الجميع كان تصريح أحد المسؤولين الإيرانيين عن أن طهران لها الكلمة العليا، أو تتحكم في 4 عواصم، ولها تأثير كبير، وهى بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
■ كيف ترى العمليات الإرهابية المتكررة وآخرها حادث سيناء؟
- هذا هو الإرهاب، والآن نحن نرى ما الذي يفعله تنظيم داعش، كما نرى الوضع في ليبيا وسوريا واليمن، وهذه سياسات إقليمية سلبية، والإرهاب أصبح دوليا وإقليميا وداخليا، وبالقطع وراءه من يموله، وسياسات، بل في بعض مراحل من تاريخنا كان يحظى بغطاء وتأييد من الحكومات.
■ البعض تحدث عن مخطط أمريكى جديد للمنطقة.. فهل نحن أمام «سايكس بيكو» جديدة؟
- لا توجد «سايكس بيكو» جديدة، ولا يصح أن تكون، ولا يصح أن يسمح بأن تكون، فمن المعروف الآن أن الولايات المتحدة كانت تؤيد حكم الإخوان المسلمين، ومع ذلك أسقط الناس الإخوان، وليس بهذه السهولة أن تفرض علينا «سايكس بيكو» جديدة.
■ وكيف ترى الموقف الأمريكى بعد مرور هذه الفترة على سقوط الإخوان؟
- لم يتغير كثيرا، ولكننى أرى أنه رهن التغير، ومستحيل أن يفرض على مصر حكم لا تريده، وطريقة إدارة الأمور بهذا الشكل خطأ كبير، والعرب في حالة ضعف، ولكنه مرحلى، وممكن أن يستمر، إذا لم نفعل ما يجب لإنقاذنا وتطوير بلادنا.
■ كيف تفسر لقاء الخارجية الأمريكية مع وفد إخوانى؟
- لم يكن يصح، وليس كل ما يتم يكون مدروسا، فهناك لخبطة كبيرة.
■ هناك من يردد عبارة «طظ في أمريكا».. هل تؤيدها؟
- لست مع هذا الرأى، فهذا كلام لا يصح أن يقال، فأمريكا هي الدولة العظمى الأولى، وأنا شخصيا لا أتفق معها، ولكن لا أقول «طظ فيها»، لأننا لا نستطيع، ومثلا الهند أصبحت كبيرة، ولها تأثيرها، ومع ذلك تطرق أبواب الدول الكبرى.
■ كيف ترى ترشح مصر في الأمم المتحدة لشغل موقع عضو غير دائم؟
- يتم بالترتيب، وسنكون أعضاء، لأننا مرشحون عن المجموعة الأفريقية، وتم الاتفاق على ترشيح دولة عربية من المقاعد الثلاثة المخصصة لأفريقيا، على أن يكون هذا لمدة عامين، والعامان التاليان تكون الدولة العضو من آسيا.
■ والمصالحة مع قطر؟
- أرجو أن تستمر المواقف المهدئة بين الجانبين، وما أعرفه أن الأمير حمد يذوب عشقا في مصر، ولكن قطر تريد لعب دور أكبر، وقناة الجزيرة مارست دورا سيئا للغاية في إثارة الناس، وهو ليس بعيدا عن الحكومة، وبالتالى المصالحة التي توسط فيها العاهل السعودى الراحل عبدالله بن عبدالعزيز كانت مهمة جدا.
■ يزور الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مصر غدا.. ماذا عن هذا المشهد؟
- أحيى الرئيس بوتين، وأرحب به في مصر، لكن لا تتخيل أننا ننشئ محورا جديدا، فعلاقة أمريكا بمصر شىء، وروسيا شىء آخر، وفرنسا وأوروبا شىء ثالث، وروسيا دولة كبيرة، والتعاملات مستمرة بيننا.
■ وتركيا!
- لم تتطور بعد، وكما هي لم تتغير، ونهاية الأزمة معها أمر ضرورى أن يحدث، لأنها دولة كبيرة، ومصر أيضا، وليس من المصلحة أن تكون العلاقات بينهما متوترة باستمرار، ولذلك أطالب تركيا بوضع نهاية للتعبيرات المستفزة المعتادة، لأنه لا يصح أن تستمر، ونحن الآن أمام علامة استفهام حيال السياسة التركية في الشرق الأوسط.
■ وماذا تريد من مصر؟
- كانت تنظر للمنطقة من منطلق عودتها إليها، على أساس أنها تعود كدولة متقدمة، بعد أن غادرت المنطقة وهى مهزومة وضعيفة، وتعود للشرق الأوسط بقوة، وتحلم بالزعامة، ولكن تركيا وإيران لا تستطيعان زعامة العالم العربى أبدا، وبالتالى كان لا بد من شراكة مع مصر، حتى يتحقق الهدف في الشرق الأوسط.
■ وهل الأزمة مستمرة مع وجود الرئيس التركى رجب طيب أردوجان في الحكم أم أنها سياسة دولة؟
- هي سياسة حزب حاكم في تركيا.
■ هل تغيرت وجهة نظرك في الربيع العربى؟
- لا يوجد شىء اسمه «ربيع عربى»، وإنما «نهضة عربية»، ولا نستطيع أن ننكر أن هناك تغييرا جذريا منذ 25 يناير.
■ هل يمكن أن تتركنا أمريكا نتحول من مستهلك إلى منتج خاصة في السلع الأساسية والسلع التي تساهم في هذه النهضة؟
- إذا افترضنا أن كل دولة طولها متر، ونهضت من الصفر حتى 50% فهذا جيد، أما عندما تصل إلى 80% يبدأ هنا الكلام وما إذا كنت صديقا أو غير ذلك، ويسمح لك أو لا، وتركيا مثلا وصلت إلى 95% من هذا المتر، ولم يتعرض لها أحد، كذلك الهند وغيرهما كثير، وعندما تكون دولة حساسة هنا يمكن أن يتغير المنظور.
■ كيف ترى مستقبل الإخوان؟
- لا أرى أن مصر، وغيرها من الدول الكثير، على استعداد للتعامل مع هذا الفصيل المستخدم للعنف الذي يقضى، ويخطط للوصول للحكم بأى وسيلة، ولو ينظرون للأمر من زاوية أخرى ذكية، وهى الدخول في العملية السياسية، ومثلما أخذنا الحكم بالنظام الديمقراطى، يمكن أن نتقبلهم مرة ثانية، أما استخدام العنف والإرهاب ضد المجتمع، فهذا يعنى أنه لا مستقبل لهم، ولو كان لديهم بعض العقل ما وصلوا لما وصلوا إليه الآن، فالدولة كانت تعانى من الخلل، وقامت الثورة، وركبها الإخوان، ونجحوا في الانتخابات، وانتخب رئيس من الإخوان، وكان رئيسا لدولة مهزومة، وهو ما كان يفرض عليهم محاولة إنقاذ البلد، وهو ما لم يحدث، وأنا لم أّثُرْ عليهم لأنهم إخوان، وإنما لسوء الأداء.
■ ما الدول التي يمكن أن تفكر في إعادة إحياء الجماعة؟
- إذا لم يكبر الإخوان من خلال مجتمعهم، فلا قوة في العالم يمكن أن تعيدهم، ويجب أن يعملوا لصالح مصر.
■ كيف ترى أزمة سد النهضة؟
- أعانى من آثار التعتيم في هذه الأزمة، ولكن التواصل مع إثيوبيا على مستويات مختلفة، رئاسية ووزارية برلمانية أمر جيد، ولا بد من التعاون الاقتصادى، ونذكر جميعا أزمة اللحوم الإثيوبية مثلا التي تم التراجع عنها، ولولا دور فايزة أبوالنجا ما كانت تمت، فيجب البحث بيننا عن مصالح مشتركة، وبدأنا في اتباع أسلوب جديد، وأصبح الجميع مهتما بمتابعة قضية السد، وأرجو أن ينتج هذا موقفا جديدا يخدم الجانب المصرى، والأساس هو أنه لنا حقوق في المياه ولإثيوبيا حقوق في التنمية، ويجب على الأمرين أن يلتقيا في إطار مصلحتك ومصلحتى، فنحن لسنا ضد التنمية، ولا يصح أن يزايدوا على الحصة المصرية في المياه.