ينظر عالم الساحرة المستديرة لانتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» التي ستجرى في 29 مايوالمقبل على أساس أنها قد تكون خطوة لـ «تعديل المسار»، في وقت تنهال فيه اتهامات الفساد أكثر من أي وقت مضى على المؤسسة الكروية التي يقودها السويسري جوزيف بلاتر صاحب الـ78 عاما منذ 1998.
وأُغلق باب الترشح بعد أن تقدم للمنافسة على المنصب كل من نجم الكرة البرتغالية المعتزل لويس فيجو ورئيس الاتحاد الهولندي مايكل فان براج ونائب رئيس «فيفا» الحالي، الأمير الأردني على بن الحسين، بجانب بلاتر نفسه.
وأيا كانت هوية الفائز، فإنه سيواجه أمامه مجموعة من التحديات التي سيجب عليه التعامل معها بكل حذر نتيجة لمجموعة كثيرة من العوامل والظروف المحيطة.
ويتمثل أول تحد قد يضطر الرئيس المقبل لـ«فيفا» للخوض فيه هو كيفية التعامل مع ملف مونديالي روسيا 2018 وقطر 2022 مع كل شبه الفساد المفترضة التي أحاطت بهما وهل ستظهر مستجدات وضغوطات جديدة.
إذا ما فاز بلاتر فإن هذه النقطة بكل تأكيد لن يتم تناولها فالموضوع بالنسبة له محسوم ومنته، ولكن اذا حصل أي من فيجو أو فان براج أو الأمير الأردني على المنصب، فقد تختلف الأمور خاصة على ضوء استقالة مايكل جارسيا رئيس لجنة الأخلاقيات المستقلة التي كلفها (فيفا) بالتحقيق في الشبهات التي أحاطت بمنح قطر وروسيا حق تنظيم البطولتين.
كان السبب وراء استقالة جارسيا هو اعتراضه على قيام «فيفا» بنشر ملخص من 42 صفحة لتقريره حول الأمر مع العلم بأن الأصلي مكون من 430 ورقة، واعلان أن التحقيق توصل فقط لوجود «بعض السلوكيات غير الملائمة» لكن دون أدلة كافية لسحب تنظيم المونديالين من روسيا وقطر، وهو الأمر الذي رفضه المحقق الأمريكي وأدى بالتبعية لمزيد من الشكوك في قرار الاتحاد النهائي.
وحتى لو لم تضطر الظروف الرئيس الجديد للتعامل مع أي من شبهات الفساد المفترضة بخصوص ملف الموندياليين، فإن هنالك نقاطا شائكة أخرى ستكون بانتظاره تتعلق بالحدثين، فبالنسبة لقطر 2022 لا تزال مسألة اذا ما كانت ستقام البطولة شتاء أم صيفا محل مناقشات وجدل كبير لم يحسم بعد.
ولا تقل المسألة صعوبة فيما يتعلق بروسيا 2018 خاصة مع أنها البطولة الأقرب وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد الأوروآسيوي في الوقت الحالي وتدخلاته المفترضة في الأزمة السياسية بأوكرانيا وهو الأمر الذي قد يتطور في أي وقت لنزاع أكبر قد يهدد بطولة كأس العالم.
وتعد آلية منح الكرة الذهبية من ضمن النقاط التي قد يضطر الرئيس الجديد للتعامل معها وتعديلها، حيث أنه منذ اندماج جائزة مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية مع «فيفا» لأفضل لاعب لم تتوقف الانتقادات بخصوص نتائجها.
وتتعلق الانتقادات بسبب عدم وجود معايير محددة واضحة لاختيار الفائز، حيث لا يظهر اذا ما كان الأمر يتعلق بالانجازات الفردية للاعب أم الجماعية التي ساهم في تحقيقها مع فريقه، هذا بجانب ما أثير أكثر من مرة خاصة خلال الأعوام الثلاثة الماضية بخصوص وجود وقائع تغيير في تصويتات عدد من اللاعبين أو التلاعب بها.
وتواجه الكرة الذهبية في الوقت الحالي اتهامات بأنها تحولت من أهم جائزة في عالم الساحرة المستديرة، إلى مجرد جائزة ذات أهداف دعائية وتسويقية تنحصر فقط على الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو.
ومن ضمن الأفكار التي قد يلجأ لها الرئيس الجديد، اذا لم يكن بلاتر هو الفائز بالطبع، اعتماد نظام نقاط معين خاص بالانجازات الفردية أو الجماعية التي يحققها اللاعب المرشح يضاف إلى عدد الأصوات التي يحصل عليها من قبل الصحفيين المتخصصين ومدربو وقادة المنتخبات بحيث يحصل صاحب أعلى مجموع على الكرة الذهبية.
وتشمل قائمة التحديدات التي ستواجه الرئيس الجديد أيضا التعامل مع المقترحات المتجددة والمستمرة لتعديل مجموعة من لوائح كرة القدم مثل فكرة البطاقة البيضاء الخاصة برئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «ويفا» الفرنسي ميشيل بلاتيني.
ويرى بلاتيني أنه يمكن إدخال هذه البطاقة في عالم كرة القدم لاستخدامها في طرد أي لاعب يرتكب مخالفة لا تستحق حقا البطاقة الحمراء مثل النقاش مع الحكم بصورة غير مناسبة، وذلك لمدة 10 دقائق يعود بعدها للمستطيل الأخضر، على غرار ايقاف الدقيقتين في عالم كرة اليد.
ولن يقتصر تعامل رئيس «فيفا» المقبل مع بلاتيني على مثل هذه الأمور فقط، بل سيضطر أيضا لتحمل أي «ضربات تحت الحزام» قد توجه له من قبل رئيس «ويفا»، خاصة وأن الجميع يدرك أن الفرنسي عينه على مقعد رئاسة الاتحاد الدولي ولكنه ينتظر فقط اللحظة المناسبة.
وبالعودة للمقترحات الجديدة التي سيتوجب على الفائز التعامل معها، فإن من أبرزها ما طالب به على سبيل المثال المدير الفني لريال مدريد الإسباني، الإيطالي كارلو أنشيلوتي بضرورة سن قاعدة بعدم جواز اشهار البطاقة الحمراء حال احتساب ركلة جزاء، لأن الأخيرة تعد في حد ذاتها عقوبة قصوى على الفريق الذي ارتكبها.
وسيجد رئيس «فيفا» المقبل من ناحية أخرى مشكلة أخرى يجب التعامل معها تتمثل في الاجابة عن السؤال الذي أصبح يتردد كثيرا: هل يجب الاعتماد بصورة أكبر على التكنولوجيا في كرة القدم؟.
كان بلاتر عقب سنوات طويلة من الشد والجذب وافق قبل مونديال 2014 بالبرازيل على اعتماد تكنولوجيا خط المرمى للبت فيما يطلق عليه «الأهداف الشبحية»، لمعرفة إذا ما كانت الكرة عبرت الخط فعلا أم لا.
وسيتوجب على الفائز، حتى ولو كان بلاتر، الإجابة على الكثير من التساؤلات المتعلقة بهذا الأمر مثل.. وماذا عن دور التكنولوجيا في ركلات الجزاء المثيرة للجدل والأهداف التي تأتي من تسلل أو أخطاء واضحة أو بطاقات كانت يجب أن تحتسب ولم يشهرها الحكم لأنه لم يشاهدها ولكن التقطتها عدسات الكاميرات؟