النصيحة المُخلصة التى أود أن أقدمها لكل مسؤول جديد: «احذر الحاشية» وأصحاب المصالح الشخصية، فهؤلاء يقدمون السم فى الكلام المعسول، والأفكار الهدامة فى باقة من الزهور، والحقد على الآخرين فى ابتسامة غير صادقة.. وهنا أود أن أسجل مثالا من أعمال المنافقين وأصحاب المشورة الرديئة: حدث فى فترة حبرية البابا يوساب الثانى (1946- 1956) البطريرك 115، أن كان لديه تلميذ يُسمى «مِلك جرجس»، وهذا التلميذ سبب للبابا متاعب كثيرة مع الآخرين، لكن البابا كان متمسكاً به!! انظروا ماذا كان يفعل هذا التلميذ حتى يحتفظ بثقة البابا فيه؟.. فى إحدى المرات قبل أن يقوم الطاهى بتقديم وجبة الطعام إلى البابا- وكانت أكلة سمك- قام «مِلك جرجس» بتسميم ثلاث سمكات، وأخذ طبق السمك بأكمله وقدمه للبابا. وقبل أن يبدأ البابا فى تناول طعامه، نهض التلميذ مسرعاً وقال للبابا: «هل تثق فى كل ما يُقدم لك من طعام؟ اجعلنا نختبر هذا الطعام أولاً!!». وانصاع البابا لمشورة تلميذه!!
قام التلميذ بأخذ السمكات الثلاث المُسممة وألقاها إلى مجموعة من القطط- التى كان قد أحضرها خصيصاً لهذا الغرض- وبعد فترة بدأت أعراض التسمم تظهر على القطط ثم ماتت بعد حين. وهنا نظر التلميذ إلى البابا وقال له: (لقد أنقذك الله من المؤامرة الشريرة!)، ثم قام بحمل الطبق إلى المطبخ وعاد بطبق آخر قدمه إلى البابا وقال له: (يمكنكم الآن تناول الطعام وأنتم مطمئنون!!). وبذلك ازدادت ثقة البابا فى تلميذه. لكن الشعب كان يعلم فساد هذا التلميذ الذى كان يتقاضى الرشاوى، ويسرق مال البطريركية وممتلكاتها، ويتقرب لأهل الحظوة، ويباعد بين البابا وأفراد شعبه، وانتهى الأمر بقيام جماعة بخطف البابا وإيداعه إحدى الأديرة، وتشكلت لجنة من الأساقفة لإدارة شؤون الكنيسة، وعندما تم الإفراج عن البابا، خرج من الدير إلى المستشفى القبطى بالقاهرة، حيث مكث به عدة أيام، عاد بعدها إلى البطريركية بالأزبكية وفى اليوم التالى الموافق 13 نوفمبر 1956 توفى من الحزن الذى تملكه بسبب تلميذه الغشاش والمنافق والأحمق.
أرجو من المسؤولين الحاليين والمسؤولين الجُدد أن يبتعدوا عن أصحاب المشورة الرديئة وينصتوا لصوت الحكمة والمشورة الصادقة، حتى ولو كان هذا الصوت وهذه المشورة ضد رغباتهم الشخصية، وأتمنى التوفيق لهم جميعا وأطلب من الله أن يُبعد عنهم الأشرار وشبه الأشرار.
د. مينا بديع عبدالملك- أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية