تنتظر الجماهير المصرية كل تصفيات لكأس العالم، على أمل تحقيق نتيجة مغايرة، وتحقيق المنتظر والعودة إلى المونديال مرة أخرى، بعد غياب منذ 1990 وحتى الآن، ورغم أن الفراعنة كانوا قريبين من تحقيق الحلم في 2010 و2014، إلا أن اللقطة الأخيرة كانت دائمًا ما تكون عكس ما يتمناه المصريون.
وللتأهل إلى كأس العالم، تحتاج إلى بناء أجيال كروية شابة ومتميزة لبناء منتخب قوي قادر على قيادة الفريق للتأهل إلى البطولة الأكبر في العالم، والتي تقام كل أربع سنوات.
فالإمارات استعدت منذ 2005 لكأس العالم 2018، ببناء فريق قوي من الصفر، أثبت جدارته بالمنافسة الدائمة على كل البطولات التي شارك بها منذ نشأة منتخب مهدي على للشباب، وحتى صعود المدرب بمعظم قوامه للفريق الأول وتحقيق الانتصارات والبطولات على كافة الأصعدة والبطولات الآسيوية والأولمبياد وقبلهم كأس العالم للشباب.
وألمانيا التي بدأت خطة لبناء قاعدة ناشئين قوية للعودة للهيمنة على كرة القدم العالمية، فكانت النتيجة أن الجيل الأول الذي بناه ماتياس سامر منذ 2006، هو من استطاع تحقيق كأس العالم 2014 الأخيرة في البرازيل، وقادر على مواصلة الهيمنة على كل البطولات الأوروبية والعالمية لعشر سنوات مقبلة.
واستعدت قطر مبكرًا لكأس العالم المقام على أرضها في 2022، فقامت أكاديمية «أسباير»، بإستقدام الخبراء في تربية وتطوير الناشئين، وذلك لتدريب وتنمية المواهب القطرية الصغيرة، وأرسلت تلك المواهب إلى الأندية الأوروبية الكبرى لتقضي فترات معايشة، وتعتاد على الأجواء الإحترافية، لبناء جيل قادر على تشريف «العنابي» في المونديال الذي سيقام على أرضها.
ويبدو أمر بناء منتخب مصري قوي للتأهل إلى مونديال 2018 شبه مستحيل، فقبل أقل من سنة ونصف على إنطلاق التصفيات المؤهلة للبطولة، لا يوجد حتى الآن منتخب مصري، ولا مدير فني، ولا حتى مدير فني للاتحاد، لذلك قررنا البحث والسؤال حول استعدادات مصر ليس لمونديال روسيا 2018، بل للمونديال القطري في 2022، فالوقت مازال سانحًا للإعداد.
وكانت البداية مع الدكتور جمال محمد على، المدير الفني السابق لمنتخب مصر تحت 17 عامًا، والذي تم تسريح منتخبه بعد الفشل في التأهل لكأس أمم أفريقيا للناشئين، في قرار عجيب، إن علمنا أن هذا المنتخب من المفترض أن يكون لاعبوه أحد نواة منتخب مصر في 2022.
وعند سؤال الدكتور «جمال»، إن كانت هناك خطة قد تم وضعها من قبله لإعداد هذا المنتخب قبل تسريحه للتأهل إلى قطر 2022، فكان الرد: «كان من المخطط أن يستمر هذا المنتخب ولاعبوه في اللعب مع بعضهم البعض والاستمرار وتصعيدهم في الدرجات السنية حتى الوصول إلى الفريق الأول مستقبلًا».
وأضاف: «ولكن ما حدث أنه مع الفشل في الصعود لكأس أمم أفريقيا ومعها ضياع حلم المشاركة في مونديال تشيلي 2015 للناشئين، تم تسريح المنتخب، وهو خطأ كبير من اتحاد الكرة»
وتابع «كان من المفترض أن يستمر المنتخب، وإعداده بالمشاركة في المنافسات سواء ودية أو بطولات شمال أفريقيا والبطولات العربية».
وعند توجيه نفس السؤال لحسام البدري، المدير الفني للمنتخب الأوليمبي، نفى وجود أي خطة من اتحاد الكرة لإعداد منتخب لقيادة مصر لكأس العالم 2022.
وقال البدري «لا يوجد خطة من اتحاد الكرة حول كأس العالم 2022، وإن وجدت فلم يخبرني أحد بها، ومهمتي الحالية والتي تم تكليفي بها من الاتحاد هي بناء منتخب قوي قادر على التأهل إلى الأولمبياد القادمة».
والجدير بالذكر، أن المنتخب الأوليمبي الذي يقوده «البدري»، سيكون معظم لاعبيه هم أهل الخبرة في منتخب المصري، الذي سيشارك مستقبلًا في تصفيات كأس العالم 2022، والتي تنطلق بعد ست سنوات من الآن، مع اقتراب معظم لاعبيه من سن الثلاثين في حينها.
وأكد حمادة المصري، عضو الاتحاد المصري لكرة القدم، على ما قاله «البدري»، بأنه لا يوجد حتى الآن خطة، سوى لإعداد المنتخب الأوليمبي للأولمبياد المقبلة.
وقال المصري: «لا يوجد حتى الآن خطه لبناء منتخب لتصفيات كأس العالم 2022، وننتظر تعيين مدير فني جديد للمنتخب الأول في المستقبل قبل البدء في وضع خطة معه».
وتابع، «حاليًا التركيز مع المنتخب الأوليمبي، وإعداده للتأهل إلى بطولة الأولمبياد المقبلة في ريو دي جانيرو».
وبعيدًا عن اتحاد الكرة والمديرين الفنيين لمنتخباته الشابة، فتم توجيه نفس السؤال إلى حازم خيرت، مدير شركة الكرة بنادي وادي دجلة، أحد الأندية المهتمة ببناء قاعدة ناشئين متميزة، فأكد على وجود مدرسة كرة بدأت منذ سبع سنوات بلاعبين بداية من أعمار 11 سنة في خطة لبناء لاعبين محترفين لتدعيم المنتخبات الوطنية.
وقال حازم خيرت: «بدأ وادي دجلة منذ سبع سنوات في بناء مدرسة رياضية شاملة لإعداد لاعبي كرة القدم بنظام إحترافي ليس فقط داخل الملعب بل وخارجه، فكانت مدرسة داخلية بنشأ بها اللاعب لتعلم كل قواعد الإحتراف ليعتادوا على ذلك منذ الصغر».
وتابع: «ووصل أعمار اللاعبين الذين بدأت بهم المدرسة إلى 18 عام حاليًا، وبدأت في إرسال اللاعبين سواء لنادي ليرس للإحتراف في بلجيكا أو إلى الداخل في نادي وادي دجلة».
وأضاف قائلًا: «هذه المدرسة يتم إدارتها مشاركة مع خبراء فرنسيين مسئولين عن إختيار اللاعبين وإعدادهم وتجهيزهم بشكل إحترافي».
أما مؤمن سليمان، المدير الفني لفريق نجوم المستقبل، فأوضح بأن النادي يمتلك بالفعل قاعدة ناشئين وشباب كبيرة، وقادرة على مد المنتخبات الوطنية باللاعبين المتميزين مستقبلًا.
وقال سليمان «نقوم باستقطاب المواهب الشابة، وتطويرها وتجهيزها للمستقبل».
وأكمل: «كما نمتلك فرق مواليد 1995، 1997 و1999 على أعلى مستوى».
ويعتمد نادي نجوم المستقبل على فريق كامل من اللاعبين يتراوح أعمارهم من 18 إلى 22 سنة، وينتظر الجميع ظهور الفريق الشاب الذي يشارك في دوري المظاليم حاليًا، قريبًا في الدوري الممتاز.
إذا كانت هذه هي إستعدادات اتحاد الكرة المصري، والمسؤول عن إدارة وإعداد المنتخبات الوطنية للمنافسات مع الأندية المهتمة والمتميزة في إعداد اللاعبين الشباب بطريقة إحترافية، فهل تنتهي ببناء منتخب مصري قوي للتأهل إلى مونديال 2022 بعد سبع سنوات، أم تكون النهاية مأساوية إعتيادية بالفشل في الوصول والمشاركة؟