x

الفريق حمدى وهيبة.. رئيس الأركان وقائد الحرس الجمهورى الأسبق: «مبارك» برىء.. و«25 يناير» ثورة عظيمة

الثلاثاء 27-01-2015 22:01 | كتب: محمد البحراوي |
المصري اليوم تحاور «الفريق حمدى وهيبة» ، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصري اليوم تحاور «الفريق حمدى وهيبة» ، رئيس أركان حرب القوات المسلحة تصوير : علي المالكي

قال الفريق حمدى وهيبة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، قائد الحرس الجمهورى الأسبق، إن مبارك لا يمكن إدانته فى جرائم سياسية لأنه حوكم وفقاً للقانون الجنائى الطبيعى، ولم تتم محاكمته بمحاكم ثورية، مشيراً إلى اعتقاده أن الرئيس الأسبق برىء من قتل المتظاهرين، كما أنه لم يتربح، ولا يجب اختصار محاكمة رجل حكم البلاد 30 عاماً فى عدد من الجرائم وقعت خلال 18 يوماً فى ثورة يناير. وأضاف «وهيبة»، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن سياسة الرئيس المعزول محمد مرسى، ونظام الإخوان، كادت تؤدى إلى كارثة حقيقية، لافتاً إلى أن «مرسى» لم يتخذ موقفاً حاسماً تجاه أمن مصر، وأنه كان يعادى القضاء والجيش والشرطة والإعلام، مشيراً إلى أن ثورة 25 يناير حققت كثيرا من المكاسب، لكن تشوبها بعض السلبيات، وفيما يلى نص الحوار:

■ لنبدأ من حيث بدأت أنت.. أعطنا نبذة عن حياتك؟

- أنا خريج المدرسة الثانوية فى الإسكندرية، والتحقت بالكلية الحربية عام 1963 برغبة أن أكون ضابطاً فى القوات البحرية بالإسكندرية، لكن إرادة الله أن ألتحق بالكلية الحربية وأصبح ضابطاً فى القوات البرية، خدمت بعد تخرجى فى سلاح المظلات لمدة 8 سنوات، وحصلت على كلية القادة والأركان وترتيبى الأول على الدفعة، وسافرت فى بعثة للولايات المتحدة الأمريكية للالتحاق على دورة أركان حرب هناك، وبعد عودتى عملت مدرساً بكلية القادة والأركان لمدة ثلاث سنوات ثم بدأت فى الدخول إلى وحدات المشاة قائداً لكتيبة فى فبراير عام 1982، وتوليت جميع المناصب القيادية، وخدمت فى هيئة عمليات القوات المسلحة لمدة عامين ثم رئيساً لأركان الجيش الثانى الميدانى فقائداً للجيش، ومن بعدها توليت قيادة الحرس الجمهورى ثم رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة، إلى أن تركت القوات المسلحة وعينت رئيساً للهيئة العربية للتصنيع عام 2005 حتى 2012.

■ فترة توليك قيادة الحرس الجمهورى جعلتك قريباً إلى حد ما من مبارك.. حدثنا عن هذا الحاكم؟

- أى حد بيشتغل فى الرئاسة فترة حتى لو سفرجى يطلع يقول إنه قريب من الرئيس ويعرفه وكلام من هذا القبيل وهذا غير صحيح، وفى هذه الفترة مبارك لم يكن مثار انتقاد كثير من المواطنين، ولم يكن هناك وجود كبير لابنيه علاء وجمال، وأنت كفرد فى الرئاسة لا تستطيع أن تأخذ من وقت الرئيس إلا ما يخص عملك فقط، وبعد شهر من تولى منصب قائد الحرس الجمهورى، عيننى مبارك سكرتيراً عسكرياً له لأصبح قائد الحرس والسكرتير العسكرى فى الوقت نفسه، وكنت أدخل عليه باستمرار لعرض بعض الأوراق الخاصة بالقوات المسلحة وغيرها، ومن خلال كلامى معه لم ألاحظ عليه أى شىء سلبى خلال هذه الفترة، عندما أدخل عليه بتقارير أو أوراق تحمل مطالب تتعلق بالقوات المسلحة كان يسألنى «هم عايزين إيه قولى باختصار» فأشرح له فى عجالة المطلوب فى الأوراق، وفى الحقيقة هو جاملنى منذ أول يوم تم تعيينى قائداً للحرس، حيث أعطانى «ونس»، كان يكلمنى فى البيت فى التليفون «عامل إيه يا حمدى وساكن فين» وهذا أمر مطلوب منه تجاه كل المحيطين به، وسافرت معه 4 مرات وهذا أعطانى الثقة وأشعرنى أننى محل ثقة الرئيس.

■ من أكثر الشخصيات التى كانت دائمة الاتصال بمبارك؟

- بالإضافة إلى رئيس الوزراء والوزراء، كان زكريا عزمى هو أكثر المحتكين بمبارك بصفته رئيس الديوان، ووقت عرض البوستة على الرئيس وهى مهمة رئيس الديوان يكون فى الفواصل بين مقابلاته مع المسؤولين، وهناك أيام لم يكن مبارك يذهب للرئاسة، وعلى العكس كان يحضر فى كثير من أيام الجمعة، وكل من يعملون فى الرئاسة فى هذا الوقت كانوا يتلقون التعليمات من الرئيس وهم فى وضعية «المتلقى»، ولم أتحدث إلى مبارك فى أى موقف طارئ خارج أوقات العمل، كان يستغرق وقتاً طويلاً معى أثناء الإعداد لسفريات الولايات المتحدة الأمريكية لجمع المعلومات ودراستها بشكل جيد، ونتناقش طوال مدة السفر على الطائرة.

■ ألم تكن سوزان مبارك قد ظهرت بشكل كبير خلال هذا الوقت؟

- لم أكن أستشعر الظهور الزائد والكبير، كل ما لاحظته عليها اهتمامها الكبير بالتفاصيل فى إجراءات المراسم والتأمين، وتسألنى عن عدد السيارات المرافقة، ولم أسمع أنها سبّت أو شتمت ضابطا أو جنديا فى الحرس الجمهورى، وإذا كانت هناك ملحوظات على الخدمة فلابد أن يبلغنى بها قائد المأمورية على الفور، لم تكن تحب السيارات الكثيرة أثناء زياراتها العائلية، عندما كانت تزور أخاها كانت تطلب منا بقاء السيارات بعيدة عن المنزل منعاً للإزعاج، وفى مرات كثيرة كانت تخرج دون حرس جمهورى، وفى هذه الحالة يكون الخطر أكبر، ودورى هنا أن أؤمّن من بعيد لبعيد، وعناصرنا تكون ماشية بفاصل كبير عن سيارتها، وبيكون قائد المأمورية على اتصال مفتوح مع قيادة الحرس؛ لأنه لو حدث موقف طارئ لا عذر لى، ودور الحرس التأمين فقط، أما التهديد المحتمل الذى يتعرض له الرئيس فدور هيئة الأمن القومى بالمخابرات العامة، وهى من يحدد نوع التهديد سواء براً أو بحراً أو جواً، وبناء عليه نرسم خططنا، ودائماً سيارة الرئيس مصفحة بشكل يحمى من الرصاص وأى شىء تتحمله السيارة كالرشاش الخفيف، وأصعب مأمورية يقوم بها قائد الحرس هى قيام الرئيس بأكثر من جولة فى نفس اليوم، مثلاً جولة بمنطقة واسعة مثل العوينات وتوشكى، وندرس المنطقة جيداً ونؤمّن البيوت والجبال.

■على أى شىء كان يركز مبارك خلاله اجتماعاته معكم فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟

- غالباً فى مثل هذه الاجتماعات لم نكن نتحدث فى العسكرية لكن فى الأوضاع العامة فى المنطقة دون التطرق للأوضاع الداخلية، نتحدث عن الوضع الإقليمى وماذا يحدث به من جانب إيران أو السودان والعراق وتحركنا إزاء هذه القضايا، وطوال جلساته معنا لم يصدر مشكلة واحدة لنا، وتتاح لنا الفرصة أن نسأله بعض الأسئلة، وفى حرب العراق كانت الجهود المصرية من خلال حديث مبارك معنا رامية إلى إثناء أمريكا عن توجيه ضربة للعراق، وبوش الابن أراد أن تشترك مصر ضمن قوات التحالف لضرب العراق، ومبارك استوعب هذا الموقف ورفض تماماً، لأن هذا قرار خطأ يسىء للعلاقات بين الشعبين، وتحالف الناتو حدث به انقسام حول ضرب العراق؛ حيث رفضت فرنسا الموضوع تماماً، وهناك دول شاركت بـ10 جنود إرضاءً لأمريكا، وما يخصنا أنهم طلبوا منا مزيدا من التأمين لقواتهم العابرة لقناة السويس، وتوقعنا أنه بعد هذه الحرب ستنتج موجة كبيرة من الإرهاب ستطول الجميع؛ وهو ما حدث ونعيش فيه حتى الآن، والأمريكان سألوا مبارك عن الكيان الذى من الممكن أن يعتمدوا عليه عند احتلالهم العراق فنصحهم بالاعتماد على القوات المسلحة العراقية، لكنهم حلوا الجيش العراقى فور دخولهم البلاد وبدأ أفراد الجيش فى قتال الأمريكان لأنهم مدربون.

■ لماذا ظل المشير طنطاوى وزيراً للدفاع حوالى 20 عاماً؟

- مبارك كان رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو من يملك سلطة تغيير أى عضو فى المجلس بمن فيهم وزير الدفاع، ومسألة بقاء وزير الدفاع لفترة طويلة تعنى أنه يثق فيه وله فى ذاكرة الرئيس مساحة كبيرة، هناك بعض الوزراء ظلوا فترات طويلة فى مناصبهم مثل ماهر أباظة وسليمان متولى وفاروق حسنى، والعملية مسألة ثقة فى الشخص.

■ دار جدل كبير حول وجود مخالفات فى الهيئة العربية للتصنيع أثناء وجودك فيها، خصوصاً منح رئيس الجمهورية 5% من إيراد الهيئة؟

- هذا الكلام لم يحدث فى عهدى ولا عهد الرؤساء السابقين للهيئة ولا فى تاريخ الهيئة، أقصى ما نرسله لرئيس الجمهورية «بوكيه ورد» فى عيد ميلاده، ومن أشاع هذا الكلام القيادى الإخوانى حسن البرنس، وقت حكم محمد مرسى، وهو قال إنه نقله عن مصادره بالرئاسة، وحينما قابلت محمد مرسى كان موجودا معنا شخصان هما «أسعد الشيخة» و«أحمد عبدالعاطى»، وأتحدى أياً منهم يثبت أننى قلت هذا الكلام، وتحدثت فى كل وسائل الإعلام وقت حكم محمد مرسى وتحديت أن يخرجوا بشجاعة ويقولوا إننى قلت هذا الكلام ولم يحدث.

■ أُحلت للتقاعد يوم 12 أغسطس 2012، وهو اليوم نفسه الذى تم فيه إحالة قيادات المجلس العسكرى للتقاعد فى عهد محمد مرسى.. كيف ترى شكل هذا الخروج؟

- جهزت نفسى للخروج فى أى وقت، حيث إن قرار تعيينى رئيساً للهيئة مدته 4 سنوات، ينتهى فى 2009، ومنذ هذا التاريخ وأنا مستعد للخروج فى أى لحظة، لكن الرئيس الأسبق مبارك جدد لى مدة عام ثم عام آخر، ثم جدد لى المشير طنطاوى، العام الثالث، أثناء توليه قيادة المرحلة الانتقالية، وأنجزت كثيراً فى الهيئة العربية للتصنيع، وكان مجهودى منصباً على تسهيل مأمورية من يتولى المأمورية من بعدى، حتى إننى اشتريت سيارة مرسيدس لرئيس الهيئة ولم أستعملها حفاظاً عليها ليأتى من بعدى ويجدها جديدة ويستعملها، ولو كان محمد مرسى فاتحنى فى مسألة التجديد لى بشكل «رجولى» لرفضت الأمر، خدمت فى مناصب كثيرة وكبيرة وأريد الاستراحة بعد عطاء كبير وممتد، وكنت على استعداد للجلوس مع الرئيس الجديد للهيئة لمدة 6 أشهر دون مقابل لتعليمه كيفية إدارة الهيئة، أما عن شكل خروج قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة من مناصبهم فهو لم يكن لائقاً.

■ تمر هذه الأيام الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير المجيدة.. ما موقفك منها؟

- هذه ثورة عظيمة لها إيجابيات وسلبيات، من ضمن سلبياتها عدم الاستقرار الذى شهدته البلاد على مدار 4 سنوات كاملة، وعدم الاستقرار شمل كل المجالات وليس الأمن فقط، فتغيير الحكومة باستمرار يضر البلاد، أما الإيجابيات فيكفى أنه رغم الظروف الصعبة والمادية التى لم تتغير كثيراً عما قبل 25 يناير، أن الناس أصبحوا يعبرون عن رأيهم دون خوف أو رعب من أحد. المطالبة بمحاربة الفساد والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية هى مطالب سامية وعظيمة تسعى إليها كل شعوب الأرض وهى قيم إنسانية يجب ألا يتخلى عنها أى إنسان صاحب كرامة وعزة، ويؤسفنى أن بعضا ممن ينادون بهذه المطالب يخرجون عن القانون ويعتدون على المنشآت ويتحدثون بطريقة غير مؤدبة، ولكن يجب ألا نتجاهل خطأ الحكومات الذى يترك أثراً فى نفس الشعب، وإشراك الشباب ووضعهم فى الاعتبار أحد أهم مكتسبات هذه الثورة العظيمة، ولابد أن نظل نفكر كيف نؤهل الشباب وننمى قدراتهم ونؤهلهم للعمل فى وظائف تليق بهم.

■ هل لديك تعليق على فترة حكم الإخوان؟

- هيبة الدولة المصرية ضاعت فى عهد الإخوان، خصوصاً فى سيناء التى تم انتهاكها، ولم يقم محمد مرسى ونظامه بأى إجراءات لدرء التردى الأمنى هناك، صحيح أن هذا التردى منذ نظام مبارك، ولكن غياب الإرادة السياسية فى عهد مرسى كاد يدفعنا إلى كارثة حقيقية، وكذلك حدودنا مع ليبيا كان لابد أن يكون للرئيس موقف واضح ويقوله هو بنفسه «أمن مصر فوق كل اعتبار» لكى يعطى المؤسسة المسؤولة الانطلاقة للتعامل، كما أنه عين الآلاف من الأشخاص الذين لا يملكون مؤهلات كافية فى وظائف لا يستحقونها بهدف إحكام السيطرة على مفاصل الدولة، لماذا يتحدث عصام العريان فى أمريكا باسم الدولة المصرية ويعلن أنه سيتم صرف تعويضات لليهود الذين غادروا مصر، بأى صفة يقول هذا الكلام؟! خلق نظام الإخوان عداوات مع المؤسسة العسكرية بالحديث عن محاكمة قادتها السابقين وكذلك القضاء والإعلام والشرطة، كانوا كلاباً مسعورة على الفضائيات، عندما كان مرسى يأتى للصلاة فى التجمع الخامس بالقرب من منزلى كان ضباط الحرس الجمهورى وكلهم يعرفوننى يطلبون منى الجلوس بجوار محمد مرسى وكنت أرفض كل مرة وأجلس فى الصفوف الخلفية؛ خشية أن يفهم مرسى أننى أريد أى شىء منه.

■ ما رأيك فى براءة مبارك ونجليه؟

- لا أدعى ما لا أراه، مبارك مسؤول عن بعض السياسات الخاطئة، لكنه لم يتربح من وجهة نظرى، وتمت محاكمته وفقاً للقانون الجنائى المصرى دون وجود محكمة ثورية تحاسبه على الجرائم السياسية، لكن البطانة الشريكة فى الحكم معه فاسدة دون شك، وتهمة قتل المتظاهرين أعتقد أنه برىء منها، فليس من المعقول أن نحاكم رجلاً حكم مصر 30 عاماً لمجرد 18 يوماً حدثت فيها جرائم، والقانون المصرى لا ينص على مواد تجرم الفساد السياسى، طبقاً للقانون الذى تمت محاكمة مبارك به لا أستطيع اتهامه بالتسبب فى ترهل الجهاز الإدارى للدولة، أتصور أن الرجل الذى حكم مصر 30 عاماً كان الشعب راضياً عنه على الأقل فى الفترات الثلاث الأولى من حكمه. لا بد من محاكمة من ارتكب جريمة فى عهده بالقانون، ومن لم يتورط من نظامه فلابد من تشكيل لجان استماع وإحضار كل من يعرف معلومة عن هذا الرجل ونسأله «إحكى لنا كيف كان يدير هذا الرجل البلد»، ربما كان مبارك اعترف بخطئه بشجاعة فى هذه الحالة، والشعب المصرى متسامح بطبعه، يجب أن نسجل أخطاءنا قبل مكاسبنا لنتعلم منها، لابد أن نسأل: لماذا ظلم مبارك الناس؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية